" أنا أسأل لماذا سقطت ؟ "
دوى صوت الإمبراطور وهو يضرب المكتب، و ارتعد كبير الخدم من الغضب الذي أصابه بالقشعريرة .
حدّق الإمبراطور في كبير الخدم الصامت، ثم أشار بإصبعه نحو الستار .
كان الستار الذي كان يُسدل دائمًا وكأنه يحجب شيئًا ما مفتوحًا على مصراعيه .
" هل يعقل أن تسقط صورة محمية بسحر الحفظ، ولم يقترب منها أحد ؟ يا كبير الخدم ! "
برقت عينا الإمبراطور بشدة وهو ينظر إلى الجدار الفارغ، و بصوته الحاد كخنجر، وكأنه على وشك قتل أحدهم، رفع كبير الخدم رأسه بجرأة .
" جلالتك، ألا تعلم ؟ أنا الشخص الوحيد الذي يتفقد غرفة نومك "
صرح كبير الخدم بصوت مرتعش . كان الأمر حرفياً . لقد قام كبير الخدم فقط بتفقد غرفة نوم الإمبراطور كالمعتاد .
كل شيء كان مطابقًا لما كان عليه بالأمس، حتى عثر على شيء ما ساقطاً تحت الستار الذي يرمز إلى إمبراطورية فرانز، في أعمق جزء من غرفة النوم .
كان الإمبراطور يعرف هذه الحقيقة أفضل من أي شخص آخر . فمنذ قليل، لم يكن هناك أحد غير الإمبراطور نفسه من كان ينظر إلى الصورة بعد رفع الستار .
هدأت أنفاس الإمبراطور الخشنة التي كانت تملأ غرفة النوم تدريجياً، كانت هذه إشارة إيجابية . عندما خيّم الصمت على غرفة النوم، قال كبير الخدم بخدر :
" … سأستدعي ساحر البلاط ليضع سحر الحفظ عليها مرة أخرى يا جلالة الإمبراطور."
أحنى كبير الخدم رأسه بعمق، وسرعان ما سُمع صوت جلوس الإمبراطور على الكرسي .
" … شكرًا لك، لقد أظهرت جانباً غير لائق مني اليوم."
" لا يا جلالتك."
لقد خدم كبير الخدم الإمبراطور طوال حياته .
لقد رأى بنفسه مدى هوس الإمبراطور بالمرأة في الصورة، وما هي الأفعال التي ارتكبها بسبب ذلك .
كانت هذه هي الصورة الوحيدة لتلك المرأة . لو لم يكن الإمبراطور قد نظر إلى الصورة قبل قليل، لما كان من الممكن التنبؤ بما كان سيحدث، حتى لو كان هو من خدم الإمبراطور .
مسح كبير الخدم رقبته لا إرادياً. شعر ببرودة وكأن رياحاً باردة هبت على رقبته .
" … ارفع رأسك يا كبير الخدم."
" نعم، جلالتك."
رفع كبير الخدم رأسه . تجنب الإمبراطور النظر إلى الصورة الموضوعة بشكل مستقيم على المكتب وقال :
" هل الأميرة تقوم بالتحقيق الذي أمرت به في ڤيكاندر ؟ "
" … تلقينا أخبارًا بأنها تقيم في إقطاعية الفيكونت كاتانغا "
" هل انتهت من التحقيق و عادت بالفعل ؟ لقد عادت أسرع مما كنت أتوقع."
تنهد الإمبراطور بخفة و حاول تغيير مزاجه . لحسن الحظ، كانت إجابة كبير الخدم مرضية إلى حد ما.
كانت الأميرة دائمًا تُحقق نتائج مثالية فيما يتعلق بالمهام الموكلة إليها . بعد أن تأخرت في المغادرة، يبدو أنها كانت تتبع أمر والدها بالتحقيق بسرعة .
" ذلك هو …… "
رفع الإمبراطور حاجبيه . تردد كبير الخدم للحظة، وبدا عليه الضيق وهو يختار كلماته .
" … إنها ليست في طريق العودة، بل في طريقها إلى ڤيكاندر … "
" ماذا ؟ "
عبس الإمبراطور، مظهرًا غضبه بوضوح . صمت كبير الخدم بعد أن قُطعت كلمته .
" حقًا ؟ هل وصلت الأميرة إلى كاتانغا فقط ؟ تلك الإقطاعية تبعد أربع ساعات فقط من هنا."
" نعم، عذراً يا جلالة الإمبراطور، تسبب دوار الحركة الذي أصاب الأميرة في تأخير رحلتها لفترة وجيزة "
" هاها، ها ! "
أطلق الإمبراطور ضحكة فارغة .
دوار الحركة ! وما زالت في كاتانغا بسبب دوار الحركة !
مسح الإمبراطور ذكرى الأميرة عندما مرضت في المرة الأخيرة بسهولة، ولم يتمكن من كبح غضبه .
كان الوضع حرجاً، وكل لحظة ثمينة . بعد رؤية الصورة تسقط، ازداد اليقين بأن منجم الكريستال الأبيض يحتاج إلى إعادة فحص .
ضغط الإمبراطور على قلبه المتعجل و أمر بصوت منخفض : " أرسلوا شخصاً إلى كاتانغا فوراً، أخبروا الأميرة أنني أعطيها مهلة خمسة أيام دون أي أعذار."
كان الطريق من العاصمة إلى مقاطعة ڤيكاندر يستغرق ثلاثة أيام، وحتى بدون التحقيق، كانت الرحلة ذهابًا و إيابًا تستغرق ستة أيام، لكن كبير الخدم لم يشر إلى ذلك، بل أجاب باحترام بأنه سيفعل ذلك .
رفع الإمبراطور يده و مسح وجهه. امتلأت راحتاه بتنهيدة خانقة .
كان لديه عدد لا يحصى من المهام . ومن بينها، كانت المشكلة الأكثر إزعاجاً مؤخراً هي الأميرة الأولى لعائلة مادلين، التي ذهبت إلى مقاطعة ڤيكاندر .
" … أتساءل إن كان الدوق مادلين يؤدي عمله على أكمل وجه "
" سأرسل له رسالة لمقابلتك غدًا "
أومأ الإمبراطور برأسه بتأوه خافت على كلمات كبير الخدم الخبير .
" … أحضر لي كوبًا من الشاي."
أحنى كبير الخدم رأسه و أجاب بالموافقة، ثم غادر غرفة النوم . مع صوت إغلاق الباب، أزال الإمبراطور يده عن وجهه .
مهما حاول أن يتجاهل، لم يستطع . نظر الإمبراطور ببطء إلى الصورة على المكتب وكأنه مسحور .
على خلفية داكنة، كانت المرأة الشقراء الجميلة ذات الفستان الأبيض تنظر بلا تعبير .
كان وجهها الجميل الذي يثير الإعجاب، يشبه تمامًا وجه كلبه المخلص، ابنها الدوق الأكبر ڤيكاندر . الشيء الوحيد المختلف كان عيناها الخضراوين اللامعتين .
رفع الإمبراطور إصبعه بهدوء ومسح الوجه الخالي من التعبير وهو يهمس : " لا بد أنني أخطأت في الرؤية، بالطبع، كيف يُمكن للوحة أن تبتسم ؟ "
ملأت همسة الإمبراطور غرفة النوم ثم اختفت . بالطبع، اللوحة كانت صامتة . مثل هذه المرأة الجميلة التي جُرت إلى القصر الإمبراطوري لحماية إقطاعية ڤيكاندر .
نظر الإمبراطور إلى الصورة بعينين مليئتين بالسخرية .
" … لذلك كان يجب أن تتشبثي بي في النهاية، يا أميرة، لو فعلتِ، لكنتُ أكثر تساهلاً مع ابنك الذي تحبينه كثيرًا "
تعلقت حسرة لم يدركها الإمبراطور نفسه بصوته الخافت الذي بدا وكأنه يعض على كلماته .
امتلأت عينا الإمبراطور بالطمع و الغيرة وهو يواجه المرأة في الصورة التي كانت تنظر إليه بغطرسة .
دوقة ڤيكاندر الكبرى السابقة و أميرة المملكة المنهارة . المرأة الوحيدة التي لم تسمح له بأي جزء من قلبها حتى النهاية، على الرغم من أن الجميع كانوا يحبونها و يحترمونها .
وفوق ذلك، لم تنطق بكلمة واحدة له حتى وهي تحتضر .
" بسببكِ يا أميرة، سيختفي ڤيكاندر، تمامًا كما أصبح شعب مملكة لوڤيل المنهارة يخجلون من نفسهم، هذا لأنكِ لم تختاريني يا إزميرالدا … ! "
أما الدوق الأكبر ڤيكاندر، الذي يشبه وجهها هذا تمامًا، فلن يتبقى له سوى الألم .
عندما تخيل الإمبراطور الأميرة في العالم الآخر وهي تذرف دموع الدم، امتزجت ابتسامة مبهجة على شفتيه .
الإمبراطور، الذي كان يلعن بصوتٍ غاضب، ارتجف و تراجع .
" ما هذا …… ؟ "
بشكل غير معقول، شعر للحظة أن عيني الأميرة الخضراوين في الصورة تسخران منه .
عندما رمش الإمبراطور و عاود النظر إلى الصورة، كانت الأميرة تنظر إليه بلا تعبير كالمعتاد .
لا يمكن أن يكون ذلك صحيحًا . شعر الإمبراطور ببرودة في رقبته وهو ينظر إلى الصورة . قلب الإمبراطور الصورة لا إراديًا .
لم يكن هناك شيء غريب …
سقوط الصورة، و أخبار الأميرة غير المرضية، إنه فقط أكثر حساسية اليوم . ومع ذلك، قبض الإمبراطور قبضته بخفة .
منذ قليل، كان كل شيء في متناول يده . عندما قبض قبضته بإحكام، شعر وكأن كل شيء يتسرب من بين أصابعه . تمامًا كما شعر عندما انفك رباط كلبه، الدوق الأكبر ڤيكاندر .
لا يمكن أن يكون الأمر كذلك . ستتبع الأميرة الحاسمة دائمًا أوامره مرة أخرى، و سيعيد الدوق مادلين الأميرة الأولى التي أسعدت الدوق ڤيكاندر إلى جانب ولي العهد . و سيستخدم ولي العهد الأميرة مادلين كزوجة ليزرع اليأس في قلب الدوق الأكبر ڤيكاندر .
سيعود كل شيء إلى مكانه … كرر الإمبراطور ذلك لنفسه كتعويذة، وكأن هذا القلق ليس بشيء .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
في تلك الأثناء، أرسل كبير الخدم رسالة إلى إقطاعية الفيكونت كاتانغا بناءً على أمر الإمبراطور .
نظر كبير الخدم إلى الخيل و الفارس المبتعد، وابتلع قلقاً غامضًا .
" … أتمنى أن يُحضر الدوق مادلين أخبارًا جيدة على الأقل."
تشتت كلمات كبير الخدم في الهواء بوهن . وعندما استدار كبير الخدم، كانت الشمس تشرق في الأفق البعيد، من سماء مظلمة بشكل خاص .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
كان الفجر قد بزغ .
جلست أوليڤيا و إدوين جنباً إلى جنب في العربة، وقد أسند كل منهما رأسه على الآخر .
كان وقتاً جميلاً، مجرد سماع دقات القلب كان كافياً . على الرغم من أنهما سهرا الليل كله، إلا أنهما لم يشعرا بالنعاس بشكل غريب .
شعرت أوليڤيا وكأن لديها طاقة أكبر من المعتاد .
هل كان ذلك بسبب تفريغها لحمل ثقيل من الكلمات، أم بسبب جلوسها بالقرب من إدوين ؟
ابتسمت أوليڤيا بخفة و نظرت إلى القصر الذي كان يقترب شيئاً فشيئًا، ثم، وكعادة لها، حركت يديها الصغيرتين .
عندما شعرت بشيء صغير و صلب يلامس أطراف أصابعها، أدركت أوليڤيا أنها لم ترتدي قلادة الحجر السحري مرة أخرى.
رفعت أوليڤيا رأسها بحذر، فتبع إدوين حركتها و نظر إلى أطراف أصابع أوليڤيا.
" سأضعها لك."
كان صوته المنخفض الذي بدا وكأنه ناعسًا جذابًا بعض الشيء . عندما أخذ إدوين القلادة من يد أوليڤيا دون تردد، احمرّت وجنتا أوليڤيا قليلاً عند تلامس أصابعهما عرضاً .
لاحظ إدوين احمرار وجنتيها، فتظاهر بعدم الملاحظة، و وضع القلادة ببطء حول عنق أوليڤيا، ثم همس في أذنها :
— الصورة التوضيحية : هـنـا .
" نامي نومًا عميقًا حالما تدخلين، ثم تناولي فطوراً متأخراً، لا تذهبي إلى ينيف اليوم، و تعالي و العبي معي طوال فترة ما بعد الظهر، ما رأيكِ ؟ "
كان اقتراحاً رائعاً، لكن أوليڤيا هزت رأسها .
بمجرد دخولهما، كان عليهما ختم الوثائق . فممتلكات الدوق الأكبر و الدوقة الكبرى هي ملكية مشتركة .
أرادت أوليڤيا أن تتأكد من أن حصة إدوين ستكون مضمونة بشكل أكبر . بالطبع، بشرط أن تكون بيثاني بخير .
لم تستطع أوليڤيا التأكد من حالة بيثاني، فابتلعت كلماتها .
في هذه الأثناء، فتحت بوابة الدوقية القوية، و دخلت العربة إلى داخل الدوقية الكبرى .
' عدتُ إلى المنزل '
هذه الكلمة بدت حقيقية بشكل لا يصدق، فتمتمت أوليڤيا بها في نفسها بلا سبب .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
أردت أن أتأكد من أنها بخير، ولكنها خرجت إلى المدخل بنفسها !
اتسعت عينا أوليڤيا و نادت بيثاني.
بيثاني، التي كانت تبكي بشدة ليلة أمس، وقفت في المدخل بوجه هادئ و استقبلت أوليڤيا و إدوين .
" لقد وصلتما، يا صاحب السمو، و يا آنستي."
" بيثاني ! "
تفاجأت أوليڤيا، وبمجرد نزولها من العربة، هرعت نحو بيثاني و احتضنتها . اتسعت عينا بيثاني قليلاً وكأنها تفاجأت، ثم احتضنت أوليڤيا بحنان .
" وأنتِ أيضًا يا آنستي، هل كانت رحلتكِ موفقة ؟ "
" نعم، هل أنتِ بخير ؟ "
همست أوليڤيا بسؤالها، فابتسمت بيثاني و أومأت برأسها. كان هذا مطمئنًا. الآن، لم يعد هناك سبب للتردد .
قالت أوليڤيا لبيثاني بحذر ولكن بثقة : " إذن، أرجوكِ، انقلي منجم الكريستال الأبيض هذا إلى ملكية مشتركة الآن "
توقعت أوليڤيا بالطبع أن تبتسم بيثاني وتقول نعم . كما توقعت أن تتأثر لدرجة أنها لن تتمكن من الإجابة لبعض الوقت، فرحةً بعودة الإرث الثمين الذي بكت من أجله، لكن الإجابة التي جاءتها تجاوزت توقعات أوليڤيا بكثير .
" للأسف، يا آنستي، هذا مستحيل "
أمام هذه الإجابة التي كانت كصاعقة، نظرت أوليڤيا إلى إدوين لا إراديًا .
ابتسم إدوين ابتسامة مشرقة و أومأ برأسه، كما لو كان يعرف ذلك .
****************************
معلومة إضافية من عندي، لما بحثت عن معنى أسم إزميرالدا أم إدوين من الفضول طلع :
معنى اسم إزميرالدا : يعني "الزمردة" أو "حجر الزمرد الكريم". يُشير هذا الاسم إلى الجوهرة الخضراء الثمينة، و يرتبط غالبًا بالجمال، التألق، و الندرة . لذلك، فإن الفتاة التي تحمل اسم إزميرالدا غالبًا ما تُوصف بأنها جميلة، لامعة، و نادرة الوجود كحجر الزمرد نفسه .
حبيت المعلومة حرفيًا يوصفها 😭😭💗 حابين أصير أضيف معلومات زي كذا ؟
المعملومات هتبقي فكرة لذيذة اوي بس انا عايز الفصول بسرعة الوضع حماس مش قادرة استني
ردحذفالمعلومات فكره حلوه و الله ، استمري🤭💕
ردحذف