الفصل ٦٤ : ‏Do Your Best to Regret

{ إذا لم يكن كل هذا مجرد صدفة }


" … هل، هل لم يعجبكِ ؟ "

فقط عندما سمعت أوليڤيا الصوت الخافت، استعادت وعيها فجأة. كان الطفل ينظر إليها بوجه قلق، وكأنه يخشى الرفض .

هزت أوليڤيا رأسها وقالت : " إنه جميل جدًا."

" حقًا ؟ "

عندما أخذت أوليڤيا الخلخال الخيطي، ابتسم الطفل بابتسامة مشرقة .

داعبت أوليڤيا رأس الطفل بحنان، حيث كان يتمتم بارتياح و يتنهد بخفة، وهو في غاية اللطف . تفاجأ الطفل بالدفء، و نظر إلى الآنسة التي بدت كالملاك .

كان يبتسم بسعادة لأنها أحبت الخلخال، وكان مظهرها جميلاً جدًا، فبدأ الطفل، الممتلئ بالفخر، يتمتم بسعادة : " أنا سعيد جدًا لأن الآنسة قالت أنه جميل، أمي ستكون سعيدة، كانت دائمًا تشكر الآنسة."

" هل يمكنك أن تخبرها أنني أشكرها أيضًا ؟ "

أومأ الطفل برأسه و وجهه محمرّ. قال أحد الأطفال وكأنه يشعر بالغيرة : " أمي تستطيع أن تصنع أيضًا ! أنا أيضًا سأقدم هدية للآنسة لاحقًا ! "

ابتسمت أوليڤيا قليلاً. في تلك الأثناء، نظر الأطفال حول شارع يينيف بحماس، وكأنهم متحمسون للأشياء التي تحدث هنا مؤخرًا .

" لقد كان قرارًا صائبًا القدوم إلى يينيف ! هكذا أستطيع رؤية الآنسة، ولم أعد بحاجة لارتداء رداء، ويمكنني اللعب في النهار بحرية."

" صحيح ! أنا أيضًا ! قالت خالتي إن هذا المكان يمكن الوثوق به، لذلك جئتُ بصعوبة كبيرة."

" لقد جئتُ لأن جدًا ما كان يتحدث عن هذا المكان باستمرار، وهو رائع جدًا ! "

جد ؟ هل كان ذلك الجد أيضًا ذا عيون خضراء ؟

لكن قبل أن تتمكن أوليڤيا من التفكير في الأمر، تغير موضوع حديث الأطفال بسرعة. عند سماع أصواتهم المتكلمة، ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجه أوليڤيا.

أخذ جميع سكان شارع يينيف الذين كانوا يلمحونها تنهيدة ارتياح و ابتسموا في دواخلهم . على الرغم من أن لديهم نفس العيون الخضراء، إلا أن الآنسة كانت نبيلة تستخدم دائمًا الأشياء الجيدة فقط، لذلك اعتقدوا أنها لن تقبل بمثل هذا الخلخال الخيطي .

بينما كان الناس معجبين برؤيتها تنظر إلى الخلخال باهتمام أكبر، كانت أوليڤيا تفكر في شيء آخر وهي تلاعب الخلخال الخيطي .

بغض النظر عن مدى نظرتها إليه، كان يشبه بشكل مذهل إرث والدتها، الذي لم تره منذ أربعة عشر عامًا بعد أن أخذته مربيتها .

على الرغم من أنها بحثت في كل مكان، من شارع ليهرن في العاصمة إلى ورش الحرف اليدوية، لم ترى شيئًا مشابهًا لهذا الخلخال الخيطي .

اعتقدت أن الشيء الوحيد المشترك بين ذوي العيون الخضراء هو لون أعينهم. لم أكن أعلم أن هذا الخلخال الخيطي يصنعه ذو العيون الخضراء فقط .

هل هناك سر آخر يتعلق بولادتها أو بذوي العيون الخضراء ؟

فكرت أوليڤيا بشكل غامض، لكن الفكرة لم تدم طويلاً . ملمس الخلخال الخيطي الذي يلتف حول إصبعها بلطف أعاد إليها ذكريات والدتها وهي تداعب شعرها عندما كانت صغيرة جدًا .

أمي التي كانت جميلة كالزهرة. أمي التي كانت تغني لي دائمًا أغاني جميلة كطائر الكناري .

بحثت أوليڤيا في ذاكرتها، بينما كانت تفكر في نغمات الأغاني التي كانت تغنيها أمها، بدأت تغني بلحن خافت بصوت جميل كطائر الكناري .

" ما هذا ؟ "

" أليست هذه أغنية ؟ "

" إذا فعلنا ذلك، أمي ستوبخنا."

أخذ الأطفال الذين كانوا يعلقون كلمة بكلمة وكأن الأمر غريب يتوقفون تدريجيًا عن الكلام، ثم نظروا إلى أوليڤيا بعيون مليئة بالإعجاب .

" من هذا ؟ من الذي يغني ؟ "

فجأة، صرخ أحدهم من خلف النافذة. عندما التقت العيون، رأت أوليڤيا عيني المرأة التي أخرجت وجهها من النافذة ترتجف بشدة، وكأنها خائفة .

تغير وجه المرأة التي رأت أوليڤيا إلى اللون الأحمر. عندما خرجت المرأة المترددة إلى الشارع، اقترب منها بعض الأشخاص المحيطين بها. لم يتمكن أحد منهم من رفع رأسه، وكأن الجميع يشعرون بالارتباك من هذا الموقف .

" أنا آسفة، لم أكن أعلم أن الآنسة هي من تغني "

" هل الغناء ممنوع في يينيف ؟ "

" لا، ليس كذلك، كنا فقط نتحسب لأي موقف غير متوقع، لأننا …… "

توقفت المرأة التي كانت تتحدث ونظرت إلى الأطفال للحظة .

عندما ابتعد الأطفال الذين كانوا يميلون رؤوسهم وكأنهم لا يفهمون ما قيل، بعد أن ناداهم أحدهم، تابعت المرأة حديثها : " … بما أنهم يصفوننا بأننا من نسل الراقصات، فقد كنا نبتعد عن الغناء و الرقص أكثر، خوفًا من أن نلقى …… "

توقفت المرأة للحظة وهي تراقب رد فعل أوليڤيا.

" … رد فعل أسوأ."

أدركت أوليڤيا جيدًا ما كانت المرأة تحاول حذفه من كلامها .

العنف، الشتائم، أو حتى ازدراء أسوأ من ذلك .

" أنا سأعود إلى المنزل الآن."

انحنت المرأة لـ أوليڤيا و دخلت منزلها. بينما كانت أوليڤيا تنظر إلى ظهرها، تذكرت فجأة ما قاله ديان في السابق .

" … الآنسة هي الوحيدة التي لا تتعرض للاضطهاد من الناس لمجرد امتلاكها عينين خضراوين."

الازدراء الشديد الذي لا يسمح حتى بالغناء، و التحيز ضد "نسل الراقصات".

" … لم يكن لديهم حتى حرية الغناء بسبب لون أعينهم "

تمتمت أوليڤيا بصوت خافت، ثم نظرت إلى شارع يينيف.

تغلغل في قلب أوليڤيا بقوة، كالموجة، حقيقة أن ما يجب تغييره ليس فقط تخطيط هذا الشارع .

نظرت عينيها الخضراوين الهادئتين بدقة إلى سكان الشارع، وإلى الأطفال الذين أصبحوا يركضون الآن كاشفين عن عيونهم . في تلك اللحظة، خطرت لـ أوليڤيا فكرة غريبة .

لا بد من وجود بعض الراقصات بعيون خضراء. ومع ذلك، ليس كل الراقصات لديهن عيون خضراء. ومع ذلك، فإن العيون الخضراء في إمبراطورية فرانز بأكملها كانت موصومة بأنها "نسل الراقصات الوضيعات".

لكن على النقيض، فإن ذوي العيون الخضراء حذرين بشدة من الغناء و الرقص خوفًا من التعرض لنظرات سلبية .

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

لمست مرة أخرى الخلخال الخيطي الذي كانت تمسكه في راحة يدها .

كان هناك شيء لا يتناسب مع هذا المزيج .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

تنهدت فيكي، المرأة التي عادت إلى منزلها، و ألقت نظرة خاطفة من النافذة. كانت الآنسة تنظر إلى الشارع بوجه غارق في التفكير .

لحسن الحظ، لم يكن هناك أي أثر للغضب موجه إليها في تعابير وجهها .

كان يجب أن تعرف أن الأغنية كانت للآنسة منذ أن صمت جميع سكان هذا الشارع الذين كانوا شديدي الحساسية تجاه الغناء .

هي الوحيدة ذات العيون الخضراء التي يمكنها الغناء بحرية .

فيكي، التي كانت تنظر إلى الخارج بعيون مليئة بالإعجاب، استشعرت حركة ما و استدارت .

" جدتي ؟ "

الجدة، التي كانت في حالة ذهول دائمًا بسبب ضعفها العقلي مع تقدم العمر، نهضت من المائدة و وصلت إلى هنا. وفوق ذلك، كانت عيناها تتلألأ ببريق لم يشهده أحد منذ سنوات .

قبل أن تتمكن فيكي من التعبير عن دهشتها، لاحظت أن الجدة كانت تحرك شفتيها وتقول شيئًا .

ركزت فيكي على حركة الشفاه و كررت كلمات الجدة : " الأغنية، يمكنها أن تفتح ؟ ماذا تفتح ؟ "

لكن الجدة، بدلاً من الإجابة على سؤال فيكي، نظرت إلى الخارج من النافذة، و ابتسمت بلطف وكأنها سمعت أخبارًا سارة بعد فترة طويلة جدًا .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

على الرغم من أن شمس الظهيرة كانت دافئة، إلا أن مكتب قصر تياجي لم يكن يعرف أي راحة في أواخر الربيع .

تكدست على الطاولة أوراق "مأدبة الصيف" و طلبات الحضور، وحتى تخصيص الميزانية و المفهوم العام .

أخيرًا، انفجرت ماريا إثيل غضبًا .

" لماذا هناك الكثير من الأشياء التي يجب القيام بها ! "

كان هذا سلوكًا غير لائق لخطيبة ولي العهد . التزمت البارونة سوفرون، التي أبعدت الخادمات مسبقًا، الصمت للحظة .

لو كانت ماريا إثيل قد أنجزت العمل حقًا وقالت ذلك، لربما فهمت السيدة سوفرون ذلك . كانت مأدبة الصيف للأميرة تتطلب الكثير من الاهتمام حقًا، لكن ماريا لم تفعل شيئًا. حتى أنها لم تحدد مفهوم المأدبة .

على الأقل، كان من المعتاد إرسال الدعوات بعد تحديد مفهوم المأدبة، لكن بسبب التأخير الشديد، تم إرسال الدعوات أولاً هذه المرة بشكل استثنائي، لكنها تجد صعوبة حتى في ترتيب طلبات الحضور .

أخيرًا، فتحت السيدة سوفرون، التي كانت مترددة، شفتيها .

" … لم يتبقى الكثير على مأدبة الصيف، قريبًا، عندما تأتي سمو الأميرة، سيتعين عليك حتى إعداد حفلة شاي، ربما يمكنكِ الرجوع إلى مأدبة الصيف التي أقيمت العام الماضي … "

" هل تقولين لي أن أرجع إلى مأدبة العام الماضي ؟ "

قاطع صوت حاد كلمات السيدة سوفرون . اتسعت عيناها الضيقتان اللتان تملؤهما الضغينة و نظرت إليها .

لقد علمت الآن من كان يدير مأدبة الصيف طوال هذه الفترة .

كيف تجرؤ على أن تقول لها، ابنة إثيل الفخورة، أن ترجع إلى مأدبة تلك النصفية !

مررت ماريا يدها بين شعرها بانفعال . اعتقدت أنها أزالت كل شيء لمسته يداها، لكن أينما ذهبت في هذا القصر، كانت هناك آثار لتلك الوضيعة النصفية .

أصبح سبب جعل مأدبة الصيف هذه حفل خطوبتها أكثر وضوحًا. كان عليها محو كل أثر لـ أوليڤيا من القصر الإمبراطوري و تثبيت مكانتها لجميع نبلاء الإمبراطورية .

" ماذا أفعل بهذا المال الضئيل ! "

صرخت ماريا بحده. ميزانية كهذه لمأدبة تستمر لأسبوع ! كان المال غير كافٍ تمامًا لإعداد مأدبة الصيف، ولجعل اليوم الأخير هو حفل خطوبتها .

أجابت السيدة سوفرون بهدوء على النظرة المتعالية التي تطلب تفسيرًا : "… إنها الميزانية المتوسطة لجميع مآدب الصيف."

بمعنى آخر، أوليڤيا مادلين أقامت المآدب بنفس تلك الميزانية. حتى في الأسئلة التي طرحتها، لم تغب قصة أوليڤيا.

مليئة بالإهانة، عضت ماريا على شفتيها و أعادت التحقق من قائمة الحاضرين في المأدبة . وعندما استبعدت الذين لم يرسلوا ردًا، أطلقت تنهيدة مكتومة و تمتمت بصوت خافت : " … أوليڤيا مادلين."

الشخصان الوحيدان اللذان لم تتمكن من التأكد مما إذا كانا قد استلما الدعوة هما الدوق الأكبر وتلك الوضيعة .

لم يكن ذلك مقبولاً أبدًا. تلك الوضيعة أوليڤيا يجب أن تأتي إلى مأدبتها مهما كلف الأمر .

كان عليها أن تأتي، و تراقب بعينيها الخضراوين المبتذلتين من هو الأنسب لمنصب خطيبة ولي العهد .

تألقت عينا ماريا بشغف .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

توقف ليوبارد عن ركوب العربة، و نظر حوله في القصر الإمبراطوري بعينين منزعجتين. كان مستاءً للغاية من موقف الدوق الشاب كونراد مادلين، الذي التقى به أثناء حضوره اجتماعًا في وزارة الخارجية بشأن المفاوضات مع هڤرتي .

" … سأتحقق من ذلك "

عندما أشار إلى عدم تمكنه من التواصل مع أوليڤيا، لم يحصل على إجابة سوى "سأتحقق من ذلك".

ظل يُكرر نفس كلمات والده، كالببغاء .

على أي حال، لم يكن هناك شيء يعجبه في الدوق أو ابنه. لم يتمكنوا حتى من إقناع أوليڤيا، وما زالوا في حيرة حتى الآن .

فضلاً عن ذلك، بدا وكأن خاله، الدوق إلكين، زعيم الفصيل النبيل، يتصرف وفقًا لرغباته .

عبس ليوبارد بشدة و صعد إلى العربة. لم تتحسن حالته المزاجية بسهولة، فقال الكونت هودجز، مساعده، باحترام : " سنتوجه مباشرة إلى قصر تياجي."

قصر تياجي … في تلك اللحظة، اتسعت عينا ليوبارد وهو يتذكر الشخص الذي سيحرس ذلك القصر، لأن الصورة التي خطرت بباله لم تكن لشعر ذهبي مشرق، بل لشعر فضي بارد .

" … يبدو أنني متعب جدًا هذه الأيام، هذا …… "

لم يتمكن ليوبارد من إكمال كلامه. كان هناك شعور غريب بالفراغ يتوسع تدريجيًا في صدره .

****************************

3 تعليقات

  1. غير معرف12 يوليو, 2025

    محتاجة بقيت الفصول الأحداث حلوة اوي 😭✨✨

    ردحذف
  2. غير معرف12 يوليو, 2025

    احداث الروايه ممتعه كثير ❤️شكرا للترجمه

    ردحذف
  3. يقهروا دوبهم يحسوا بقيمتها

    ردحذف
إرسال تعليق
أحدث أقدم

اعلان