" أنا سعيد بمقابلتكِ أيضًا، أيتها الراعية اللطيفة و الغامضة."
كانت أوليڤيا غارقة في مشاعر جياشة لدرجة أنها لم تجد ما تقوله. وعندما سمعت إدوين يصفها بهذه الكلمات، ضحكت و انسابت دموع كانت تحبسها على خديها .
" هل كنت تناديني بهذا الاسم ؟ "
" لا، الاسم الكامل هو : 'الراعية القلقة و الباردة التي ترسل رسائل غامضة، لكن قلبها يفيض بالحنان'."
كان إدوين محقًا. الفارس الذي لم تكن تعرف اسمه، كان هو إدوين بالفعل، تمامًا كما كانت تتمنى .
لم تستطع أوليڤيا السيطرة على مشاعرها بعد الآن. نظر إدوين إلى وجهها الذي امتزجت فيه الدموع بالابتسامة، وقام بمسح دموعها التي كانت تسيل على خدها بحذر .
بعد أن هدأت قليلاً، بدأت أوليڤيا تتحدث ببطء. كانت لديها الكثير من الأسئلة، لكن أكثرها إلحاحًا كان :
" هل كنت تعلم أنني 'ليڤ جرين' ؟ "
تغيرت الأدوار، و أصبح إدوين هو من ينظر إليها بحذر. ابتسمت أوليڤيا بسخرية و سحبت يده التي كانت تمسك بها قليلاً .
" يا للأسف، كنت أتمنى لو أنني أنا من عرفت أولاً، منذ متى وأنت تعلم، يا إدوين ؟ "
" … معصمك شفيت تمامًا، هذا أمر مريح."
" لا تغير الموضوع، لن أغضب لأنك أخفيت الأمر."
" … منذ أول لقاء لنا ؟ "
" أول لقاء ؟ هل تقصد في شارع ليهرن ؟ "
اتسعت عينا أوليڤيا. أراد إدوين أن يصحح الأمر، لكنه أومأ برأسه بدلاً من ذلك .
لقد عرف أن ليڤ جرين هي أوليڤيا مادلين في ساحة المعركة، لكنه لم يرى وجهها قبل أن يلتقيا. لذا، بدا هذا التفسير أكثر منطقية .
في هذه الأثناء، انطلقت أوليڤيا في الكلام بسيل من الكلمات .
" هل كنت صامتًا كل هذه الفترة الطويلة ؟ لقد قلقت كثيرًا عندما توقفت رسائلك فجأة، يبدو أن كل الرسائل وصلت دفعة واحدة، أتذكر أنني استلمتها في اليوم التالي للمأدبة التي كانت لاستقبال الفرسان العائدين من مهمة القضاء على الوحوش."
ضحك إدوين بخفوت، فشفتاها الحمراوان كانتا تتكلمان بسلاسة، وكانتا جميلتين .
" بعدما رأيتُ تلك الرسائل، فكرتُ في الذهاب إلى العاصمة لألتقي بالفارس ولو لمرة واحدة."
عبست ملامح إدوين التي كانت تبتسم بلطف. في ذلك الوقت، لم تكن أوليڤيا قد أدركت بعد أنه هو صاحب الرسائل .
" هل أنتِ جادة ؟ أتقولين أمامي الآن أنكِ فكرتِ في الذهاب إلى العاصمة لأنكِ أردتِ أن تري رجلاً غريبًا ؟ "
بدا وجهه الذي كان يبتسم بلطف، وكأنه منزعج بعض الشيء .
هل بدا كلامي هكذا ؟ ترددت أوليڤيا للحظة، ثم ابتسمت ابتسامة مشرقة و هزت يديهما المتشابكة قليلاً .
" ذلك الفارس كان أنت يا إدوين ! أنت من لم تخبرني، لذا سامحني."
تمنت في نفسها : ' لتسامحني، لتسامحني، لتسامحني.'
قبل أن تكمل تعويذتها في رأسها، ابتسم إدوين ابتسامة عريضة و اقترب. قبل أن تتمكن أوليڤيا من الاستعداد لما سيحدث، تفاجأت من الرائحة الآسرة التي انبعثت منه، و بصوت خفيف، لامست شفتاه خدها ثم ابتعدتا .
رمشت أوليڤيا بعينيها .
" … سأسامحكِ تمامًا."
ابتعد وجه إدوين الجميل الذي كان يبتسم بإشراق، و رفعت أوليڤيا شفتيها ثم ابتسمت معه.
كانت الابتسامة هي أفضل وسيلة لقمع الشعور بالأسف الذي كان يملأ قلبها .
*
*
كان هناك الكثير للحديث عنه .
تجاهل إدوين بريق عيني أوليڤيا، وقام من مكانه بحزم .
" الوقت متأخر يا ليڤ، حان وقت الذهاب إلى النوم."
" لكنني لم … آه، متى غادرت العاصمة ؟ "
" قبل يومين."
" في يومين ؟ "
اتسعت عينا أوليڤيا وهي تكرر كلامه . الوصول إلى مسافة تستغرق ثلاثة أيام في يومين يعني أنه لم يتوقف عن السير ولو للحظة .
أوليڤيا، التي كانت مترددة في مغادرة الأريكة قبل قليل، وقفت على الفور .
" عليك أن تذهب للراحة بسرعة يا إدوين."
كان الممر هادئًا تمامًا، على عكس أصوات الضحك الصاخبة القادمة من قاعة الولائم البعيدة .
" يبدو أن الحفل لم ينتهي بعد."
" لأن بيثاني قدمت نبيذ الفاكهة مبكرًا اليوم."
ضاقت عينا إدوين .
" آه، إنه النبيذ المفضل لدى آنستي."
" للأسف، كنت ممتنعة عن الشرب لأنني كنت أخطط للذهاب إلى وادي سينوا."
لم تكن خطة الذهاب إلى وادي سينوا تعجبه، لكن وجه الآنسة التي كانت تضحك وهي تخبره أنها ممتنعة عن الشرب كان أكثر من رائع .
بطريقة ما، كانت المسافة التي يقطعانها معًا دائمًا تبدو قصيرة .
وقفت أوليڤيا أمام باب غرفتها، و ظلت تنظر إلى إدوين لبعض الوقت. لم تكن تتخيل أنها يمكن أن تشتاق إليه إلى هذا الحد لمجرد أنها لم تره لبضعة أيام .
عندما همت بالدخول إلى الغرفة بخطوات مترددة، سمعت صوته يقول : " لحظة."
" هاه ؟ " اتسعت عينا أوليڤيا.
اقتربت يده من رقبتها و فكت الزر الأول من الرداء. في الممر الهادئ، سقط الرداء على الأرض .
' ماذا ؟ لماذا فجأة ؟ '
لم تستطع فهم قصده. الأفكار التي حاولت استنتاجها لم تكن تليق بإدوين المهذب، مما جعل خدي أوليڤيا يحمران تدريجيًا .
" يا ترى، ما الذي فكرتِ فيه حتى احمر وجهكِ هكذا ؟ أنا فقط أردتُ أن آخذ ردائي الذي كان معكِ."
" … ماذا ؟ "
انفتح فم أوليڤيا قليلاً. هذا الرد الذي لم تتوقعه جعل وجهها يشتعل حمرةً كالنار .
بالرغم من أنه كان يمزح معها عن عمد، إلا أن إدوين تصرف بجدية تامة، وكأنه لم يقصد شيئًا، ورفع كتفيه، ثم التقط الرداء وقال :
" أتمنى ألا تكوني قد اعتبرتيني شخصًا غير مهذب."
" … فكك للزر قبل أن تتكلم، جعل سوء الفهم أمرًا طبيعيًا."
أشارت أوليڤيا إلى الحقيقة بثقة. نظر إدوين إلى وجهها الجميل بابتسامة لطيفة و اعتذر : " آسف، لقد كانت مزحة سخيفة."
لكنها نفخت خديها و رفضت أن تسامحه بسهولة، لذا أضاف إدوين بجدية : " لن أقوم بمثل هذه المزحات مرة أخرى حتى يوم زفافنا، لذا سأتصرف كرجل نبيل حتى ذلك الحين."
لم يكن سرًا أن موعد الزفاف سيتم تقديمه. إنها فقط حقيقة لم يتم الإفصاح عنها بعد .
ابتسم إدوين وهو يخفي كلماته التي لم يقلها بعد. اختفت عيناه الحمراوان، الغارقتان في نظرة رغبة، خلف انحناءة لطيفة. لقد أصبح التصرف كرجل نبيل أمرًا مألوفًا بالنسبة له .
" أحلامًا سعيدة، و نومًا هنيئًا."
" لحظة ! "
استدار إدوين بسرعة بسبب صوتها المستعجل . فجأة، سُحبت ذراعه، و رأى في مستوى نظره المنخفض غير المتوقع … وجهًا جميلاً يبدو متوترًا، و قبلة حلوة جدًا … هذا الموقف كان ساحرًا للغاية .
" وأنت أيضًا يا إدوين، أحـ … أحلام سعيدة."
دخلت الغرفة بسرعة و وجهها أحمر. نظر إدوين إلى الباب المغلق للحظة، ثم مد يده لا شعوريًا .
لم يكن يريد شيئًا آخر، فقط يريد أن يرى ذلك الوجه الجميل مرة أخرى …
في تلك اللحظة، ظهر وينستر فجأة و وقف أمام باب غرفة أوليڤيا. ازدادت نظرة إدوين حدة .
" سابقًا، طلبت مني أن أقوم بإيقافك بأي ثمن إذا بدا أنك ستتصرف كشخص متهور."
ابتسم وينستر وهو يتلقى النظرة الباردة تمامًا .
عندما رأى الوجه الحاد و الغاضب، شعر وكأن تعب اليومين من الركض بجانب الدوق الأكبر قد زال تمامًا .
" لدي فارس نبيل و محترم جدًا."
" شكرًا لك على الإطراء."
أجاب وينستر بابتسامة عريضة، بالرغم من النبرة القاسية التي خرجت من إدوين وهو يجز على أسنانه.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
تذكر إدوين الدوق إلكين الذي رآه في العاصمة .
بالرغم من أن لون شعره كان مثل لون شعر الإمبراطورة و نظرته كانت تتلصص كالأفعى، إلا أنه لم يكن شخصًا يشكل تهديدًا كبيرًا .
" سأستمر في مراقبة سبب مجيئه، و عائلة الدوق مادلين … لقد تجاوزوا مقاطعة الفيكونت كاتانغا."
هز إدوين رأسه بتفهم .
" و يقال إن الدوق إلكين يمر عبر السهول الكبرى متوجهًا إلى مقاطعة ڤيكاندر."
" هذا غريب، آنستي ليس لديها أي اتصال بالدوق إلكين."
" …… "
" هل لديك أي شيء آخر تُبلغني به ؟ "
" أخيرًا، طلب ديان مني أن أخبرك أنه نادم جدًا."
أضاف وينستر وهو ينظر من النافذة. ابتسم إدوين وهو يتخيل ديان، الذي من المؤكد أنه يدور حول ساحة التدريب، و استدار مبتعدًا .
لقد كان أمرًا واضحًا بأن يظل هناك طوال الليل .
ابتسم وينستر بإشراق، وكأنه كان يتوقع ذلك . كانت العقوبة خفيفة مقارنة بالخوف الذي سببه لقلب سيده في منتصف الليل .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ساحة التدريب في منتصف النهار .
" لم نذهب أبدًا إلى وادي سينوا."
" صحيح ! نائب القائد حذرنا بشدة بشأن المناطق المحظورة، لذلك لم ندخلها أبدًا ! "
لا أحد يعرف ما هو سبب الأسئلة حول وادي سينوا.
رفع الفرسان العاديون، الذين كانوا مسؤولين عن المنطقة، أصواتهم لكي يؤكدوا مدى التزامهم بالقواعد .
" شكرًا على مجهودكم، و أشكركم على إخباري."
قالت أوليڤيا بابتسامة لطيفة. احمرت وجوههم التي أسمرتها شمس الظهيرة، ثم عادوا إلى التدريب بعد أن أدوا التحية .
كانت حرارة ساحة التدريب اليوم أكثر اشتعالاً من المعتاد. غافلة عن الأجواء المختلفة، فكرت أوليڤيا للحظة في كلمات إدوين .
" … لنذهب إلى وادي سينوا، أنا، و أوليڤيا، و ديان، و بيثاني، ولكن قبل أن نذهب، دعونا نتحقق أولاً مما إذا كان هناك أي شيء مشبوه لدى أولئك الذين عادوا مؤخرًا من مهمة القضاء على الوحوش."
" آنستي، تفضلي عصيرًا باردًا، الجو حار حتى تحت المظلة."
قاطعت بيثاني أفكار أوليڤيا العميقة، و جلبت لها عصيرًا باردًا . كانت بيثاني قد ألقت عليها محاضرة مطولة في الصباح بسبب نيتها الذهاب إلى مكان خطير، ولكن الآن بدا وجهها هادئًا تمامًا .
ابتسمت أوليڤيا ابتسامة عريضة و أخذت الكأس الزجاجي. لم تكن تفكر إلا في أن إدوين، الذي ذهب إلى المنجم مرة أخرى، سيعود قريبًا، فهو قد غادر قبل ساعة فقط .
' أتمنى أن أجد معلومة مفيدة حتى ذلك الحين.' كانت تفكر للحظة .
في تلك الأثناء، ركض فارس من بعيد على عجل. كانت شارة فارس حرس الجدار الأمامية مثبتة على صدره الأيمن، ولقد كان يبحث عن الدوق الأكبر .
ما الذي يمكن أن يأتي بفارس من حرس الجدار إلى قلعة الدوق الأكبر ؟
نادت أوليڤيا على الفارس . تلقى الفارس النداء بدهشة، و أدى التحية، ثم بدأ يتحدث بحذر : " تحياتي أيتها الآنسة، إنه … لقد جاء ضيف غير مرغوب فيه من العاصمة."
" ضيف غير مرغوب فيه ؟ من هو ؟ "
" قال إنه الدوق إلكين."
الدوق إلكين. الشيء المضحك الذي خطر ببالها في تلك اللحظة كان عائلة الدوق مادلين. ابتسمت أوليڤيا ابتسامة ساخرة .
حتى لو كان إدوين خارج المكان مؤقتًا، لم يكن لديها أي سبب للقاء الدوق إلكين. في هذه الأثناء، تابع الفارس حديثه بوجه محرج :
" أنا آسف، في العادة كنت سأطلب منه أن يرحل، ولكن هناك شيء واحد جعلني آتي لأخبركم."
" ما هو ؟ "
" قال الدوق إلكين … إنه لديه معلومات يعرفها عن والدتك."
توقفت كل الأصوات للحظة، و نظرت أوليڤيا إلى الفارس بهدوء .
فجأة، تذكرت كلمات إدوين : " افعلي ما يحلو لكِ."
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
في رواق قلعة الدوق الأكبر .
كانت القلعة مزينة بأناقة و فخامة تفوق التوقعات. نوافذ زجاجية نظيفة ممتدة من الأرض إلى السقف، و ستائر منسدلة بشكل أنيق، و زخارف و أزهار نضرة على الطاولات الجانبية .
كانت الألوان المتناغمة، مثل لون الكريمة الفاتح، مع الألوان المميزة لڤيكاندر من الأحمر و الأسود، و الفضي و الأخضر، تعطي المكان مظهرًا لائقًا، ولكن ……
نظر الدوق إلكين إلى الخادم الذي يرافقه بنظرة غير راضية .
ليس حتى كبير الخدم، بل مجرد خادم، هذه ضيافة سيئة حقًا .
' بالتأكيد، إنها قلعة الدوق الأكبر، ربما كان سيدهم الدوق الأكبر يجب أن يتعلم أولاً.'
سخر الدوق إلكين وهو يهز رأسه. كان الدوق الأكبر لا يزال في العاصمة، و الإمبراطور يحرص على إبقائه هناك .
' خطتي لاستمالة الأميرة مادلين تسير بسلاسة أثناء غيابه، وحتى الآن، سارت الأمور بشكل جيد، ففرسان الجدار، الذين كانوا يمنعون الدخول، فتحوا الباب بسرعة عندما قلت لهم إنني أعرف والدة الأميرة، وها هي الأميرة الآن أمامي.'
" لقد مرّ وقت طويل يا سمو الدوق إلكين … "
" أوه، أيتها الأميرة."
رفع الدوق إلكين صوته متظاهرًا بسعادة مبالغ فيها . بجانب الأميرة التي لم تظهر أي انزعاج من مقاطعة كلامها، كانت تقف خادمة في منتصف العمر و فارسان شابان فقط .
" لا، ربما يجب أن أقول 'الآنسة' ؟ سمعت أنكِ لا تحبين مناداتكِ بالأميرة مادلين، ولكنني لست معتادًا على ذلك بعد."
ابتسمت الأميرة ابتسامة كأنها دمية. بعد أن نجح في اختباره الأول، شعر الدوق إلكين بالارتياح أكثر .
" لكن قلعة الدوق الأكبر سيئة في ضيافة الضيوف، بالمناسبة، سمعت أنكِ قمتِ بإدارة مأدبة الصيف، يبدو أن مهاراتكِ الرائعة لم تكن كافية للسيطرة على قلعة الدوق الأكبر بعد، أليس كذلك ؟ "
" لقد قيل لي إن لديك شيئًا تريد أن تخبرني به، يا سمو الدوق."
" يا لها من عجلة ! "
كانت لهجتها التي تعبر عن رغبتها في سماع الموضوع مباشرةً هي لهجة شابة صغيرة، ولكن الورقة الرابحة كانت في يده هو .
أراح الدوق إلكين ظهره على الكرسي، ثم ابتسم وقام بتغيير الموضوع : " هذا صحيح، لديّ ما أقوله، ولكن، تعب السفر أرهقني، لا أستطيع أن أتذكر ما كنت أريد أن أقوله، ولكن …… "
أنهى الدوق إلكين كلامه وهو يعبس : " خدم قلعة الدوق الأكبر لا يملكون ذكاءً اجتماعيًا، ما زالوا هنا حتى بعد أن تطورت المحادثة إلى هذا الحد."
" إنها ليست مجرد خادمة، بل هي ساحرة الشمال، وهؤلاء هم حراسي الذين يقفون بجانبي دائمًا."
ساحرة الشمال و فارسان، وجود فارس واحد كان كافيًا للتسبب في إزعاج، فما بالك بساحرة ! تظاهر الدوق إلكين بالانزعاج .
" … هذا صحيح، ولكن هل نحتاج لساحرة و حراس شخصيين في محادثتنا اليوم ؟ أنا هنا بنية حسنة لأقدم لكِ معلومات قد تكون مفيدة لكِ، وجودهم هكذا يبدو وكأنه …… "
أضاف الدوق إلكين بأسلوب استفزازي و متبجح : " … تهديد."
" تهديد ؟ كيف تجرؤ على قول هذا للآنسة …! "
" لا بأس، يا سير سيزيلين."
كان الفارس الذي يقف خلفها على وشك أن يغضب بشدة، لكن الأميرة ابتسمت و غيرت الموضوع : " هل هذه هي زيارتك الأولى لمقاطعة ڤيكاندر ؟ "
" آه، نعم."
" كيف كانت رحلتك ؟ هل استمتعت بالمناظر ؟ "
كتم الدوق إلكين ضحكته، فقد كانت هذه أبسط طريقة للتحدث بين النبلاء .
" حسنًا … الجبال رائعة، و المياه تبدو نقية."
" الجبال هنا رائعة، ولكنها شاهقة و وعرة لدرجة أن مائة شخص من كل مائة شخص يضلون طريقهم فيها في أول زيارة لهم."
" …… "
" كما أن أسوار القلعة قوية و متينة، إنها تحمي المنطقة بقوة أكبر من أي حدود أخرى في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب."
استمع الدوق إلكين لما تقوله، لكنه أدرك أن هناك تحولاً غريبًا في الأجواء، ولكن الأوان كان قد فات .
" لهذا السبب يطلقون عليها في العاصمة اسم "القلعة المنيعة"."
صوتها الذي أصبح أكثر هدوءًا كان يضغط على الدوق. كانت عيناها الخضراوان، اللتان كانتا ثابتتين وكأنهما تخترقان الآخر، تجذب نظرة الدوق بثقة .
" فتحت أبواب القلعة لأنني سمعت أن لديك معلومات عن والدتي … ولكن، إذا أغلقت هذه البوابات، فقد تقضي وقتًا طويلاً في مقاطعة ڤيكاندر يا سمو الدوق."
شعر بانقطاع أنفاسه … هل يمكن أن أكون قد دخلتُ فم الثعبان ؟
" ماذا تعنين …؟ أيتها الأميرة، أنا دوق إمبراطورية فرانز، إذا اختفيت …… "
توقف الدوق عن الكلام بعد أن صُدم من الكلمات التي خرجت منه. "اختفيت". كيف جعلته هذه الفتاة الصغيرة أن يفكر في مثل هذا الاحتمال المخيف ؟ هل كان ذلك بسبب الأجواء فقط ؟
أوليڤيا، التي كانت هي من صنعت هذه الأجواء، هزت كتفيها وكأن شيئًا لم يحدث .
" اختفاء ؟ يا له من كلام مخيف، أنا فقط أفترض ماذا قد يحدث إذا أقمت في مقاطعة ڤيكاندر الرائعة لفترة طويلة."
"افتراض". كان تحقيق هذا الافتراض يعتمد على الدوق إلكين. كانت عيناها الحادتان كالصقيع تبتسمان وكأنهما تؤكدان ذلك .
" … وقد لا يعلم أحد إذا حدث لك شيء سيئ في هذه الأثناء."
شعر الدوق إلكين بالقشعريرة في كل أنحاء جسده . لم يتوقع أبدًا أن الفتاة التي كان يستهين بها يمكن أن تنظر إليه بمثل هذه النظرة المخيفة .
بلع الدوق إلكين ريقه. كانت تلك هي المرة الأولى التي يشعر فيها بغصة في حلقه بهذا الشكل الغريب .
" … حسنًا، هل يمكن أن يسمى هذا تهديدًا ؟ لا أعلم، فأنا بعيدة كل البعد عن التهديد."
مالت أوليڤيا رأسها و ابتسمت بوضوح .
بسبب تغير الأجواء المفاجئ، قبض الدوق إلكين على قبضتيه تحت الطاولة. أوليڤيا مادلين … لا، أوليڤيا. هذه الساحرة الصغيرة …
" أنا فضولية بشأن القصة التي أتت بك إلى هنا، وأنت، لسبب ما، أثرت موضوع والدتي متظاهرًا بأنك تقدم لي معروفًا."
نظرت عيناها الخضراوان الباردتان إلى وضع الدوق إلكين المتصلب. كتفاه المتغطرسان، و ساقاه المتقاطعتان بغرور .
" … هل ما زلت تشعر بالتعب ؟ "
بسبب هذا القلق اللطيف، تمكن الدوق إلكين من الجلوس بشكل مستقيم على كرسيه. كان وضعه المتوتر هذا يرضيها أكثر بكثير .
نظرت أوليڤيا إلى وضعه الأفضل و رفعت طرف فمها بابتسامة وهي تسأل : " إذن، هل تعرف شيئًا عن والدتي ؟ "
— الصورة التوضيحية : هـنـا .
****************************