الفصل ١٣٦ : ‏Do Your Best to Regret

{ من أجل الحفاظ على السعادة الغامرة }


كان هذا غريبًا. فقد بدت قلعة الدوق الأكبر، التي كانت قريبة قبل لحظات، وكأنها تبتعد من جديد .

في ضوء الفجر الخافت، ابتسمت أوليڤيا وهي تنظر من النافذة. كان ديان يبدو مضطربًا و يلقي نظرات خاطفة على العربة. عندما أنزلت أوليڤيا النافذة، اقترب ديان من العربة في حيرة .

" هل نأخذ جولة أخرى، يا آنستي ؟ "

جملة واحدة كشفت عن كل شيء. ابتسمت أوليڤيا و ألقت دعابة : " على أي حال، سكان ڤيكاندر سريعو البديهة و لطفاء للغاية."

كان ديان مرتبكًا. هل يبدو وجهها وكأنها بكت ؟ فلم تسقط دمعة واحدة .

" شكرًا لك، يا ديان."

" … ماذا ؟ "

كانت مجرد كلمة شكر عادية، لكن ديان كان يرمش بعينيه في دهشة. وجدته أوليڤيا مضحكًا لكونه لم يتوقع ذلك، فأضافت رافعة كتفيها :

" لأنك أبعدت الجميع، بفضلك، لم يرى أحد حالتي المزرية."

" ما الذي تقصدينه 'بحالة مزرية' ؟ أليس من الطبيعي أن يغضب الإنسان ويثور و يتصرف هكذا عندما يكون غاضبًا ؟ "

تجمدت ابتسامة أوليڤيا للحظة، دون أن يدرك ذلك، تنهد ديان بارتياح وأكمل : " كنت أظن أنك غاضبة جدًا، لدرجة أنني لم أجرؤ على التحدث إليك."

" … هذا مستحيل."

أجابته أوليڤيا بصوت مرتجف وكأنه يهتز مع الريح، لكن ديان اعتبر ذلك مجرد ردًا مهذبًا وابتسم مجددًا بمرح : " إذًا سنعود مباشرة إلى القلعة، يا آنستي."

*

*

حتى مع بزوغ الفجر، لم تتمكن أوليڤيا من النوم. وقفت في الشرفة و نظرت إلى قلعة الدوق الأكبر المضاءة بالكامل .

على الرغم مما حدث سابقًا، إلا أن الدوق الأكبر السابق لم يستفق بعد. قال الطبيب إن استعادة طاقته ستستغرق وقتًا. قال ذلك بصوت أجش و عينين متورمتين من كثرة البكاء .

يبدو أن القلعة امتلأت بالبكاء أثناء غياب أوليڤيا لتفقد المهرجان. بيثاني أيضًا، التي عانقت أوليڤيا و بكت عندما وصلت إلى القلعة .

" يا إلهي … يا آنستي، كيف يمكن لسموه، كيف يمكن … لابد أن الأميرة توقعت هذا …! "

كان صوت بيثاني وهي تعانقها و تبكي لا يزال حيًا في أذنها. فهمت أوليڤيا مشاعرها التي عادت إلى الماضي فجأة عند سماع كلمة 'سموه'. شعرت بالصدمة التي انتقلت إليها من ظهرها المرتجف .

الحزن لأنه كان قريبًا ولم تدرك ذلك، و الأسف و الندم على الدوقة الكبرى السابقة التي رحلت قبل الأوان، وفوق كل ذلك، الامتنان لوجود الدوق الأكبر السابق على قيد الحياة .

أثناء تفكيرها في كل هذه المشاعر، ارتجف جسد أوليڤيا دون وعي، و شعرت ببرودة تسري في جسدها .

في تلك اللحظة التي كانت فيها ترتجف من البرد غير المألوف، سمعت صوتًا : " … لقد أخبرتكِ، لا تستخفي بليل الشمال."

صوت أجش وكأنه مخنوق، مع دفء يلف جسدها. وضع إدوين، الذي لف الرداء حولها، كوبًا دافئًا على درابزين الشرفة و غمز لها .

على عكس عينيه غير المنتفخين، كانت عيونه الحمراء محتقنة جدًا .

" وخاصة الآن، بدون الحجر السحري، لا يمكنكِ الاعتماد على سحر القلعة فقط."

في تلك اللحظة، لمست أوليڤيا رقبتها الفارغة. لقد وضعت قلادتها على صدر الدوق الأكبر السابق مؤقتًا .

قامت أوليڤيا برفع ياقة الرداء بإحكام لتغطي رقبتها، ثم نظرت مجددًا نحو غرفة الدوق الأكبر السابق وقالت وكأنها تختلق عذرًا : " كنت على وشك الدخول … "

لكنها لم تكمل عذرها، فقد أصبحت النظرة التي يوجهها إدوين إليها أرق .

" شكرًا لك من كل قلبي، يا ليڤ، كان يجب أن أقول هذا أولاً."

كانت المشاعر الصادقة قوية جدًا. عضّت أوليڤيا شفتيها. كانت العلاقة بين الأب وابنه قوية و عميقة .

تمتمت أوليڤيا وهي تحرك شفتيها : " … كل هذا لأن إدوين تمنى ذلك بشدة."

" ماذا تقولين يا ليڤ ؟ لولاك، لكنت أحمقًا لا يعرف بوجود والده القريب."

" …… "

شعرت بدوار. لقد كانت سعيدة حقًا لأن إدوين التقى بوالده. كانت سعادتها صادقة حتى قبل قليل، لكن الآن، اختلطت تلك السعادة بشعور غريب .

هل هو الفرح أم الغِبْطة ؟ أم هي الكراهية التي لم تُحل تجاه الدوق مادلين ؟

" هل التقيتِ بالدوق ؟ كيف كان الأمر ؟ "

يا له من شخص سريع البديهة. كيف يمكنه أن يقول شيئًا يلامس مشاعرها هكذا ؟

بقيت أوليڤيا صامتة وهي تعبث بطرف الرداء ثم قالت : " … لقد غضبت."

" توقعت أنكِ ستشعرين بالارتياح."

" لم يكن ارتياحًا بقدر ما كان شعورًا غريبًا، كان محرجًا، وكأنني قلتُ شيئًا عشوائيًا."

أصبح صوتها المتمتم أكثر خفوتًا. لقد قال ديان أنها غضبت بشكل واضح، لكن وجه أوليڤيا كان مليئًا بالارتباك. لقد ظن أنها ستشعر بارتياح أكبر مما كانت عليه عندما قطعت علاقتها بعائلتها .

تمتم إدوين فجأة : " أوليڤيا، أنتِ لم تغضبِ كثيرًا في حياتك، أليس كذلك ؟ "

" صحيح، لم يكن هناك ما يستدعي الغضب."

نظرت أوليڤيا إلى إدوين بعينين صافيتين. ابتلع إدوين مشاعره الأليمة و عانق كتف أوليڤيا.

" ربما لأنكِ لم تعتادي على الغضب، فالغضب أيضًا يحتاج إلى ممارسة."

التزمت الصمت و تحملت … و تحملت . لم يفكر في أن هذا قد تكون له آثار جانبية. لقد ظن أنها بخير لأنها تحدثت بحزم .

دون أن تعلم أوليڤيا بقلق إدوين عليها، أومأت برأسها بجدية : " إذن فهذه مشكلة، لا يوجد أحد يمكنني أن أغضب عليه هنا."

" هناك شخص واحد."

أشار إدوين بذقنه إلى مبنى منفصل داخل القلعة. كان مكان إقامة الدوق إلكين. ابتسمت أوليڤيا، و ابتسم إدوين أيضًا ونظر بعيدًا .

" غدًا، لنذهب إلى المدينة معًا، أنا السيد، و يجب أن أرى المهرجان الذي أعددته."

ظن أنها ستقبل على الفور، لكن أوليڤيا هزت رأسها بحزم .

" لا، إدوين، إنه يوم الأب، ابقى مع والدك، أنا من سأستمتع بالمهرجان وحدي."

" لكن …… "

" لا يبدو أنك تعرف هذا، لكن هذا المهرجان ليس لك وحدك."

" ماذا ؟ "

" لقد بذلت جهدًا كبيرًا في التحضير للمهرجان، أيها السيد."

أخرجت أوليڤيا لسانها .

" وأنا من سأستفيد من كل هذا الجهد، سأستمتع بالهتافات و المهرجان، هذا ما يسمى بالاستيلاء، أيها الدوق الأكبر الساذج."

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

يا له من مشهدٍ خلاب لا مثيل له في العالم !

حتى بتلات الزهور المتساقطة على الأرض كانت بديعة الجمال. نظرت الطفلة تيبي بانبهار إلى البالونات الملونة وهي تطفو في الهواء، ولم تستطع أن تمنع نفسها من التعبير عن إعجابها الشديد .

كان "مهرجان يوم الأب"، الذي استمر خمسة أيام، أشبه بحكاية خيالية عن أميرة. بتلات زهور متناثرة في كل مكان، و أضواء تتلألأ و تزين السماء، و مسيرة فرسان مهيبة، إضافة إلى العديد من الألعاب الممتعة .

ابتسم الكبار في مدينة "ڤيكاندر" وهم يرحبون بالجميع، و أكدوا أن المهرجان لم يكن بهذا البهاء من قبل، و أعربوا عن أسفهم لغياب سيدهم، لكنهم سرعان ما أضافوا، بابتسامة عريضة :

" على أي حال، لا يمكننا أن نلومه، فالأمر خارج عن إرادته، لقد حدث شيء طارئ في القلعة، لكن يا للمسكين ! لقد بذل كل هذا الجهد في التحضير للمهرجان ولم يستطع أن يستمتع به، لا بد أنه الأكثر حزنًا بيننا ! "

" أتفق معك، ولكن بما أن خطيبة الدوق الأكبر قد حضرت، فلا يوجد أي شيء قد يحزننا."

" هل تعتقد أنهما سيشاركان معًا في مسيرة المهرجان العام القادم ؟ يا إلهي، مجرد التفكير في هذا الأمر يجعلني أشعر بحماس شديد."

" لمَ تفكر في العام القادم فقط ؟ فكر في العام الذي يليه ! لو وُلِد لهما طفل … "

بين ضحكات الكبار، انضم والدها إليهم. كان ينظر حوله وكأنه غريب في البداية، لكنه سرعان ما بدأ يضحك مع الآخرين، فكان منظره جميلاً لدرجة أن عينا تيبي كادتا تدمعان .

" تيبي، لا بأس، لا تخافي لو خلعتِ قبعتك هنا."

لهذا، عندما سُمح لتيبي لأول مرة بخلع قبعتها، لم تكن تشعر بالسعادة فحسب، بل بالخوف أيضًا. فقد كانوا في "البيت" يقولون لها دائمًا أن ترتدي القبعة عندما تخرج إلى العالم الخارجي.

فهل يمكنها أن تخلع هذه القبعة الخانقة ؟ هي الآن تملك بالونات ملونة، وتأكل خبزًا أبيض ناعمًا و ديكًا روميًا .

كانت السعادة التي حصلت عليها فجأة عظيمة جدًا، لدرجة أنها خافت أن تنفجر مثل بالون ممتلئ بالهواء . ولهذا السبب لم تتمكن تيبي من أخذ دمية الدب الجميلة عندما قدمتها لها الآنسة .

" هل هي أقل جمالاً مما كنتِ تتوقعين ؟ لقد أحضرت لك الدمية التي وجدتها الأجمل."

هزّت الآنسة، التي كانت جميلة مثل الأميرة، الدمية وهي تبتسم بعينيها الخضراوين الجميلتين.

" هذه هدية مني لكِ لأنك أيقظتني في ذلك الوقت، شكرًا لك."

شعرت تيبي الصغيرة بالارتباك. كانت تريد أن تأخذها، لكنها شعرت أن السعادة التي كانت تمتلكها ستنفجر إذا أخذ هذه الدمية .

عندما رفضت تيبي أخذ الدمية، انتبه شخص يقف بجانبها، و سارع لأخذ الدمية و وضعها في حضن تيبي .

كانت الدمية ناعمة جدًا، لدرجة أنها تساءلت في نفسها ما إذا كانت تستحق أن تأخذها.

تمتمت تيبي بكلمات خافتة، لذا اقتربت أوليڤيا وخفضت جسدها لتستمع إلى صوتها الذي كان خافتًا كالهمس.

" … هذا ليس حلمًا، أليس كذلك ؟ لن يختفي كل هذا عندما أستيقظ، أليس كذلك، أيتها الآنسة ؟ "

ارتعش صوتها الذي كان يجمع بين الأمل الخافت و القلق .

شعرت أوليڤيا بشعور غريب. كان الأمر أشبه بالنظر إلى نفسها في الماضي البعيد. في ذلك الوقت، عندما كانت تقرص وجنتها كل ليلة و صباح، لتتأكد أن القصر هو حقيقة وليست حلمًا.

" كنت خائفة بعض الشيء من أن يكون كل هذا حلمًا."

تذكرت أوليڤيا الكلمات التي قالتها في ذلك الوقت، و تذكرت أيضًا رد إدوين، ذلك الرد الذي يذكرها بأن اللحظة التي تعيشها الآن هي واقع .

" مستحيل أن يكون حلمًا."

" مستحيل أن يكون حلمًا."

قرصت أوليڤيا وجنة تيبي بلطف. نظرًا إليها وهي تلمس وجنتها بتردد، قالت أوليڤيا بنبرة لطيفة : " هذه السعادة الواقعية لا يمكن أن تكون مجرد حلم."

أصبحت أنفاس تيبي أسرع. ومع أنفاسها المتقطعة، وكأنها على وشك البكاء، تذكرت أوليڤيا اللحظة التي وجدها فيها إدوين في شارع "تورنينج بيل".

" سأجعلك تتأكدين كل يوم أن هذا ليس حلمًا أبدًا … "  الكلمات التي كانت تتمنى أن تسمعها، والتي علّمها إياها إدوين .

" ڤيكاندر ستصبح أقوى وأكثر حزمًا في حماية الجميع من الآن فصاعدًا."

وصلت كلماتها التي تشبه العهد إلى جميع من حولها مع الريح. اتسعت عيون الناس الذين كانوا ينظرون إلى أوليڤيا بإعجاب .

" بالطبع."

سمعت صوتًا رقيقًا بجانب أذنها. استدارت أوليڤيا بدهشة، و رفع إدوين كتفه .

" سمو الدوق الأكبر ! "  علت الهتافات بين سكان الإقليم، بينما غمز إدوين بعين واحدة .

" كيف جئت إلى هنا ؟ "

" لقد تحدثت مع بيثاني، لقد أصرت عليّ أن آتي لأراك."

" بيثاني ؟ "

" لقد وعدتك أن نشاهد الألعاب النارية معًا."

في تلك اللحظة، ازدهر عرضٌ مبهرٌ للألعاب النارية كالأزهار في سماء الليل الحالكة. لفّ إدوين ذراعه برفق حول كتف أوليڤيا .

كان هذا واقعًا .

هذه اللحظات الساحرة التي لا تُصدّق .

وفكرت أوليڤيا أنها يمكن أن تفعل أي شيء لحماية هذا الواقع .

ولكن في تلك الليلة، بينما كانت أوليڤيا تقرأ الرسائل التي أجلتها، ارتجفت يداها لا إراديًا .

كانت الرسالة من إيسيلا، و العبارة المكتوبة داخلها كانت تهدد بتدمير سعادتها، وفي هذه اللحظة بالذات التي كانت فيها في قمة سعادتها .

وكأنها استيقظت فجأة من حلم، نهضت أوليڤيا من مقعدها مسرعة، و ركضت نحو غرفة الدوق الأكبر السابق. كانت متأكدة من أن إدوين سيكون هناك .

ولكن عندما دخلت الغرفة، حبست أوليڤيا أنفاسها .

كان إدوين نائمًا على سرير الدوق الأكبر السابق، و يبدو هادئًا جدًا. وكانت يد الابن التي تمسك بيد أبيه قوية .

قبضت أوليڤيا على يديها بقوة. عليها أن تحمي كل شيء .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

كان ذلك في صباح اليوم التالي لانتهاء المهرجان .

" إدوين، أعتقد أن عليّ الذهاب إلى مخازن تريستان للحبوب لفترة وجيزة."

عارض الجميع في القصر، بمن فيهم الدوق الأكبر، كلام الآنسة. كان القلق يملأ القلوب عليها، فهي لم ترتح للحظة، لا خلال المهرجان ولا خلال الصلوات التي أقيمت من أجل شفاء الدوق الأكبر السابق .

لكن الآنسة أصرت على موقفها، مبررة ذلك بضرورة ترسيخ مكانتها كقديسة، مستندة إلى رسالة أتتها من تريستان. وكما هو متوقع، لم يستطع أحد أن يرفض طلبها .

عندما طلب منها الدوق الأكبر أن تأخذ قسطًا من الراحة ليوم واحد قبل المغادرة، ابتسمت الآنسة في وجهه و انطلقت بعد ظهر ذلك اليوم مباشرة إلى مخازن حبوب تريستان .

ولم يصطحبها سوى اثنان : فارسها الحارس ديان، و الساحرة و وصيفتها أيضًا بيثاني.

كان الخريف الذهبي قد بدأ بالفعل في تريستان الجنوبية. نظر ديان بدهشة إلى حقول القمح الوفيرة. تحديدًا، نظر إلى الآنسة التي وقفت أمام حقول القمح فور وصولهما .

استغرقت الرحلة يومين كاملين للوصول إلى مخازن حبوب تريستان. ورغم أن الآنسة كانت تحب النزهات، فقد أبدت نفاد صبر غير معهود و أسرعت في الرحلة .

وقبل أن ينهي البارون جابرون، القائم بأعمال اللورد، ترحيبه، قالت الآنسة بحزم : " قصر الدوق الأكبر سيوفر لتريستان الخبز و المؤن الأخرى، و ميزانية تكفي لمدة شهر كامل."

أشرق وجه البارون جابرون، الذي كان شاحبًا، بالسعادة . لم يتبقى على الحصاد سوى ثلاثة أسابيع. وإذا توفرت تلك الميزانية وتلك المؤن، فبإمكانه تهدئة سكان المنطقة البائسين باستخدام محصول القمح الجديد فور انتهاء الحصاد .

لقد قدمت عرضًا سخيًا وغير متوقع دون أن تطلع على الوضع حتى !

" قبل ذلك … "

صوت بارد اخترق مسامعه. نظر البارون جابرون إلى القديسة، التي كانت تحدق به بنظرة ثابتة و قوية .

" أيها البارون جابرون، بصفتك قائمًا بأعمال اللورد في هذه المنطقة الشاسعة من تريستان، يجب أن تؤدي قسمًا أولاً."

" أي قسم تقصدين، أيتها الآنسة ؟ "

" أن تعدني بأنك ستكون بجانبي، لمرة واحدة على الأقل، مهما حدث."

" هل هذا أمر قابل للنقاش ؟ أنتِ الآن تنقذين تريستان، سأفعل أي شيء … "

" حتى لو كان ذلك ضد العائلة الإمبراطورية ؟ هل ما زلت عند كلمتك ؟ "

حبس البارون جابرون أنفاسه، فقد شعر أن عالمه ينهار. أمر ضد العائلة الإمبراطورية … مجرد التفكير في ذلك جعل يديه ترتجفان .

" ما هذا الكلام السخيف ! ألم تأتي، أيتها القديسة، لتنقذي منطقتنا ؟ "

كان كلام القديسة، بدلاً من أن يكون خلاصًا، يبدو وكأنه سيدفع تريستان نحو الهاوية. توسل إليها البارون جابرون، لكن أوليڤيا ابتسمت بلطف .

" لماذا اتصلت بي أنا، وليس بالأميرة، المالكة الحقيقية لهذه المنطقة ؟ "

" هذا لأن … "

" لأنك لم تعد تستطيع أن تثق بها، بسبب انعدام الثقة الذي نما في أعماق قلبك، لم تعد تستطيع الاعتراف بالأميرة بصفتها حاكمة هذه المنطقة."

ارتجفت يدا البارون جابرون، فرأته أوليڤيا وهي تتحدث بنبرة خافتة : " أنا أيضًا أشعر بنفس الشيء، لهذا، أتمنى أن تميل قوة تريستان إلى جانبي عندما يأتي وقت الضرورة."

" …… "

" هل فهمت ما أقول ؟ "

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

*

*

" آنستي، ما الذي تقولينه ! أمر قد يكون ضد العائلة الإمبراطورية ؟ "

عندما انتهى الحديث مع البارون جابرون، سارعت بيثاني و ديان بالاقتراب من أوليڤيا و تحدثا إليها بسرعة .

كيف يمكنها أن تقول مثل هذه الكلمات التي تجعل القلوب ترتجف ؟

" سأشرح التفاصيل في طريقنا إلى القصر الإمبراطوري، ليس لدينا وقت."

" آنستي، ماذا تقصدين …؟! "

" وينستر كالتر و هوارد إنترفيلد محتجزان في القصر الإمبراطوري."

بمجرد سماع هذه الكلمات القصيرة، تلاشت كل الأفكار الأخرى من أمامهم . قبضت أوليڤيا على يدها بقوة ثم فتحتها، في محاولة لاستعادة وعيها .

في الوقت نفسه، تذكرت الرسالة التي سقطت من يدها في الليلة الماضية. كانت رسالة بخط يد ولي العهد، الذي لم ترى خطه إلا مرة واحدة .

— لقد قمت باحتجاز وينستر كالتر و هوارد إنترفيلد، اللذين أهانا العائلة الإمبراطورية، إذا لم تحضري في الوقت المحدد، فسوف أتعامل معهما وفقًا لقانون الدولة .

ما جعلها تصدق رسالة ولي العهد التي لا تُصدّق، هو رسالة أخرى كانت مرفقة معها، بخط يد إيسيلا الذي كانت تعرفه جيدًا .

— أختي، لقد أمرني ولي العهد بأن أرفق هذه الرسالة مع رسالتي، أنا آسفة، لكن الأمر يتعلق بالفارس ذي الشعر البني، لذلك شعرت أنه يجب أن أخبرك .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان