عبست الأميرة عند سؤال مربيتها، البارونة روهاس، الحذر .
" بالطبع، أنا أخطط للاستفادة من ماريا إثيل "
تسبب ما قالته بصوتها الخافت في شعور البارونة روهاس بالقلق .
هل نسيت المشاكل التي واجهتها بسبب ماريا إثيل في المرة الماضية ؟
كانت فتاة ساذجة ولكنها ماكرة في نفس الوقت . كانت تتذكر بوضوح كيف كانت تقف في وجهها في قصر الأميرة بكل وقاحة، وكيف تصرّفت بجنون عندما أعلنت خطوبتها في مأدبة الصيف .
لو كان الأمر مجرد ذلك، لكانت البارونة روهاس ستدعم الأميرة أيضًا، لكن صورة الأميرة الآن لم تعد جيدة في المجتمع النبيل وحتى بين صديقات طفولتها المقربات . إنها تحاول إثارة مشكلة أخرى في وقت كان يجب عليها فيه أن تتصرف بحذر .
" إذًا، هل لا تزال ماريا إثيل في قصر أخي الأكبر ؟ "
لاحظت الأميرة تردد البارونة روهاس، وحثتها على الإجابة .
" حسنًا … سأتحقق من الأمر مرة أخرى."
" تحققي و أخبريني، وأيضًا، أخبريني بكل تحركاتها الأخيرة."
أومأت البارونة روهاس برأسها، ثم بدأت الأميرة في السير مرة أخرى . بينما كانت تتبعها، استدعت البارونة روهاس أقرب وصيفة لها .
" … اذهبي إلى قصر ولي العهد واجمعي كل المعلومات عن وضع الآنسة إثيل، كل تحركاتها "
" نعم، يا سيدتي "
ذهبت الوصيفة الذكية بسرعة إلى قصر ولي العهد. وبينما كانت تراقبها، فكرت البارونة روهاس وكأنها تواسي نفسها : ' إذا تعاونت السيدات المقربات من الإمبراطورة، فإن خطة الأميرة ستنجح بالتأكيد، مهما كان الأمر، الأميرة هي زهرة المجتمع الراقي '
كان القلق يتصاعد في قلبها مثل شعلة شمعة، لكن البارونة روهاس تجاهلته عمدًا، و واصلت السير خلف الأميرة .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
نظر الإمبراطور بغضب إلى الباب الذي خرجت منه الأميرة .
" لا تقلق بشأن ماريا إثيل، يا جلالة الإمبراطور، أنا أراقبها عن كثب من خلال كبير الخدم في قصر ولي العهد، يقولون إنها تقضي أيامها في النوم و النظر من النافذة."
تذكر الإمبراطور ما قالته الإمبراطورة الليلة الماضية. إذا كان الوضع هكذا، فعلى الأقل يمكنها أن تحل مشكلة ماريا إثيل، حتى لو لم يكن الأمر مرضيًا تمامًا .
لقد اختفى كل أمل كان لديه في الأميرة منذ فترة طويلة . كان من المؤلم بالنسبة للإمبراطور أن يعترف بأن الأميرة التي كانت تعمل بجد، و قديسة الإمبراطورية الفخورة، لم تكن سوى قشرة فارغة .
ومع ذلك، كان تسليمها مسؤولية إنهاء هذا الأمر يعني أنه يجب عليها أن تتصرف بما يتناسب مع مكانة الإمبراطورية. فإذا كانوا يريدون عقد تحالف زواج مع دولة أجنبية، فيجب أن تظهر شيئًا ما على الأقل أثناء وجود الوفد .
ولي العهد ……
مسك الإمبراطور رأسه الذي كان يؤلمه و هز رأسه.
لا يفهم لماذا يسبب له أبناؤه، الذين كبروا، كل هذه المتاعب الآن . ولي العهد لا يفعل شيئًا سوى السيطرة على ماريا إثيل في هذا الوضع .
قبل المفاوضات الأولى مع وفد هڤرتي اليوم، كان عليه استدعاؤه للتأكد من ما قيل بشأن الأميرة مادلين .
تنهد الإمبراطور بدلاً من أن يصرخ، كانت تنهداته حارة جدًا لدرجة أنها كانت تغلي من بين شفتيه .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
كان ينبغي أن يلاحظ منذ أن كان يرى أن عيون الأميرة مادلين الخضراء تذكره بالأميرة، لكن الإمبراطور، الذي كان أعمى بسبب الانتقام، تجاهل النقطة الأكثر أهمية .
" ماذا لو كانت الأميرة مادلين تمتلك هي الأخرى قوة غامضة ؟ "
مجرد التفكير في هذا جعل فمه يجف، لذلك، الليلة الماضية، بمجرد دخول الدوق مادلين الذي وصل إلى القصر، سأله دون أن يسمح له بالتحية :
" شكرًا لك على المجيء في وقت متأخر، استدعيتك لأسألك بضعة أسئلة، هل سبق أن لاحظت أي شيء غريب على ابنتك الكبرى ؟ "
" … ماذا تقصد بشيء غريب ؟ "
" أي شيء، شيء غريب أو غامض، أو أنها تتصرف مثل راقصة، على سبيل المثال …… "
لكن الدوق مادلين كان يضع على وجهه تعبيرًا غريبًا فقط على سؤال الإمبراطور الغامض . بدا وكأنه مشتت أو لم يفهم السؤال جيدًا .
وفي النهاية، نفد صبر الإمبراطور واضطر إلى السؤال بشكل مباشر : " … هل كانت تستمتع بالغناء ؟ "
بعد سؤاله، شعر الإمبراطور بالندم . فكر في نفسه 'هل يمكن للدوق أن يعرف العلاقة بين الغناء و العيون الخضراء ؟'، ولكنه لم يستطع أن يخفف من حذره .
على أي حال، كان الدوق مادلين هو الأب البيولوجي للأميرة و عاش معها لفترة طويلة .
وبعد إلحاح متكرر من الإمبراطور، قال الدوق مادلين كلمة واحدة فقط : " … لا أعرف "
" إذًا، ما هي ذكرياتك عن والدتها ؟ "
قبل أن يكمل كلامه، وجه الدوق غضبه الواضح نحو الإمبراطور .
" أيها الدوق …! كيف تجرؤ على النظر إليّ بهذه النظرة الوقحة ! "
على الرغم من غضب الإمبراطور، فإن الدوق انحنى رأسه فقط ولم يقل حتى كلمة "آسف". تنهد الإمبراطور بغضب و نظر إلى الدوق بنظرة عدم رضا، لكن الإمبراطور كان هو من ذكر والدة الأميرة مادلين أولاً، على الرغم من أنه كان يعلم أن هذا الأمر يثير حفيظة الدوق .
لكن الإمبراطور كان يريد أن يعرف الحقيقة عن والدتها. إذا كانت الأميرة تمتلك عيونًا خضراء واضحة، فمن المؤكد أن والدتها كانت كذلك أيضًا .
هل يمكن أن تكون قريبة الأميرة لوڤيل ؟
على الرغم من غضبه و محاولته تهدئته، لم يفتح الدوق مادلين فمه .
كان الصداع يسبب له دوارًا شديدًا، ومن الوقاحة أن الدوق مادلين غادر بمجرد أن طُلب منه ذلك .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
اعتقد الإمبراطور أن مشكلة المنجم هي الأكبر، ولكن قد تكون هناك مصيبة أكبر قادمة في طريقه. بينما كان يطلق أنفاسه الثقيلة، سمع صوت طرق على الباب من الخارج .
" يا جلالة الإمبراطور، هناك نبلاء يطلبون مقابلتك اليوم "
دخل كبير الخدم المكتب وقدم تقريره بكل احترام. وبالمناسبة، كانت أشعة الشمس التي تمر عبر النافذة الزجاجية مشرقة الآن .
" الوزير يطلب لقائك لفترة وجيزة قبل المفاوضات مع الوفد في فترة ما بعد الظهر، وأخيرًا …… "
توقف كبير الخدم الذي كان يقرأ الأسماء بوضوح للحظة، ونظر إلى الإمبراطور وتابع : " … الدوق إلكين يطلب مقابلة جلالتك، وهو أمام قاعة الاستقبال الآن "
الدوق إلكين ؟ في اللحظة التي سمع فيها هذا الاسم، عبس الإمبراطور .
" لا أريد أن أراه، على الرغم من أنه جزء من الفصيل النبيل، إلا أنه لم يتمكن من معرفة هذا التصرف المخزي مسبقًا ! "
" يا جلالة الإمبراطور، الأمر ليس كذلك … "
وكأن الأمس كان هو اليوم الذي طرد فيه الدوق إلكين، وها هو يأتي مرة أخرى. لم يكن هناك ما يسمعه.
لوّح الإمبراطور بيده، لكن كبير الخدم، الذي كان يطيعه دائمًا، تردد و تلعثم واقترب من الإمبراطور وهو يتعرق.
وأضاف بصوت حذر جدًا : " … جلالة الإمبراطور، يقول الدوق إلكين إن لديه شيئًا مهمًا ليخبرك به "
" مهما كان، اذهب وأخبره أنني لا أريد أن أراه الآن."
" يقول إن الأمر يتعلق بالأميرة مادلين الكبرى، يا جلالة الإمبراطور."
أغمض كبير الخدم عينيه وهو يتحدث. وعندما سمع ذلك، لمعت عيون الإمبراطور التي كانت بلون البحر .
قائد الفصيل النبيل كان يخفي نواياه الشريرة، لكنه لم يكن ليقول شيئًا خطيرًا دون سبب .
*
*
" أخبرني أولاً كيف يعرف الدوق أي شيء عن الأميرة مادلين الكبرى "
بمجرد دخوله المكتب، صدر صوت الإمبراطور البارد كالثلج .
كان هذا سؤالاً طبيعيًا من إمبراطور شديد الشك. كيف لقائد الفصيل النبيل أن يعرف أي شيء عن أميرة من الفصيل الإمبراطوري لا علاقة له بها ؟
لكن الدوق إلكين، على عكس ابتسامته، كان يختار كلماته بعناية. شعر وكأن حلقه يحترق .
' إذا أقنعتُ الأميرة مادلين، كيف سيكون رد فعل الإمبراطور ؟ '
فجأة، تذكر الدوق مادلين الذي كان أول من زار قصر الإمبراطور في الصباح الباكر . كان عليه أن يرمي الطعم الأقوى .
" في الواقع، لقد لعبتُ دورًا كبيرًا في إنجاب الأميرة مادلين."
" ماذا ؟ "
أمام الإمبراطور الذي رفع عينيه متعجبًا، ابتسم الدوق مرة أخرى، و روى له ما حدث في ذلك اليوم.
" في الليلة التي حُبل فيها بالأميرة، كان الدوق مادلين يشرب معي، كان ينبغي ألا أتركه يذهب لوحده، لكنني لم أذهب معه، أعتقد أن هذا هو السبب في أن الأميرة وُلدت "
" اقضي ليلة مع هذا الرجل "
" من هذا الرجل ؟ "
" ليس من شأن شخص وضيع مثلك أن يعرف، وظيفتك الوحيدة هي أن تعتني بهذا الرجل جيدًا."
تذكر الدوق إلكين صوته في ذلك اليوم وأضاف بعض التعديلات . كان على الدوق مادلين أن يكون ممتنًا له. فقد كان هو من أعد تلك المرأة التي لم تكن راقصة قط، لتبدو كواحدة .
تذكر للحظة تلك المرأة التي كانت ترتدي ملابس راقصة وكأنها استسلمت بعد أن قيل لها إن جميع ديونها سيتم تسويتها .
" لقد مر وقت طويل، لكنني أتذكر بعض اللحظات، ربما التقيت بها صدفة، والدة الأميرة التي كانت تشبهها كثيرًا."
" … رأيت والدتها ؟ "
انخفض صوت الإمبراطور بشكل حاد. شعر الدوق بالرضا من رد الفعل هذا. على الأقل، أصبح الإمبراطور أكثر اهتمامًا بقصته من المرة السابقة .
خفض الدوق إلكين صوته أكثر : " نعم، يا جلالة الإمبراطور، ليس من المفترض أن تُخفي الأميرة نسبها على أي حال، أنوي التحدث معها عن والدتها و إقناعها "
كان تعبير الإمبراطور غريبًا. لاحظ الدوق إلكين بخبرة أن زاوية فم الإمبراطور ارتفعت .
' كما توقعت، لقد نجحت فكرة إقناع الأميرة مادلين '
لذلك، كشف الدوق إلكين عن نيته الأساسية لكسب رضاه .
" ألن تفتح الأميرة قلبها لي، بدلاً من والدها القاسي، إذا تحدثت معها عن والدتها التي تشتاق إليها ؟ "
فرك الإمبراطور ذقنه. بينما كان ينتظر إجابة في توتر .
" … هذه قصة مثيرة للاهتمام حقًا، ولكن أيها الدوق."
" نعم، يا جلالة الإمبراطور."
في اللحظة التي انحنى فيها الدوق إلكين استجابة لرد الفعل الإيجابي .
" كيف كان مظهر والدتها التي تقول إنك رأيتها ؟ "
" كانت … تشبه الأميرة مادلين، كانت عيناها خضراوين، وكانت جميلة جدًا "
أجاب الدوق إلكين بعد تفكير قصير، وكأن السؤال لم يكن متوقعًا. عند سماع الإجابة، تنهد الإمبراطور، ثم صفّى صوته .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
قاعة الاجتماعات الكبرى في القصر الإمبراطوري .
هذا المكان الذي يتدفق فيه جو غريب، هو الآن مكان للتفاوض حول مسؤولية هڤرتي عن الهزيمة .
نظر الإمبراطور إلى وفد هڤرتي الذي كان يراقبه في توتر، وقال بوقار : " حسنًا، بما أن هذه هي الجلسة الأولى، لنتحدث بصراحة، التعويض عن الأضرار التي نطلبها من هڤرتي، سيتحدث عنه الدوق إلكين أولاً "
صفّى الدوق إلكين صوته، و أخرج وثيقة طويلة، وبدأ يتحدث : " ما تريده إمبراطوريتنا هو معاهدة سلام ودية و التزام هڤرتي بالحفاظ عليها، لذلك، من أجل الحفاظ على استقرار هڤرتي، نطالب بالأراضي الممتدة من شبه جزيرة نيكلرن التابعة لهڤرتي إلى جزر أراين …… "
بينما كان الدوق إلكين يتابع كلامه، بدأت وجوه بعض أعضاء وفد هڤرتي في الشحوب . نظر الإمبراطور إليهم، و ابتسم في الخفاء .
ما كان يطلبه الإمبراطور الآن هو الأراضي الأكثر خصوبة في هڤرتي، و مناجم المعادن التي هي المادة الخام للسيوف، وحتى إغلاق أكاديمية الفرسان التي تُدرّب الفرسان، لإضعاف الجيش .
كان هذا الأمر بمثابة وصم لهڤرتي المتغطرسة بصورة دولة مهزومة حتى لا تستطيع التجرؤ على المقاومة مرة أخرى .
كانت هذه المطالب هي الأكثر تعسفًا التي طُلبت من أي دولة مهزومة حتى الآن. ومع ذلك، لم يقل النبلاء في الإمبراطورية شيئًا. بل كانوا يتبادلون النظرات وكأنهم يعرفون الأمر بالفعل .
كل شيء كان يسير على ما يرام. من ولي العهد الذي كان يضبط الأجواء، إلى الدوق إلكين و النبلاء الآخرين .
" … لقد تضررت كلتا الدولتين بسبب الحرب الطويلة، وبموجب بنود معاهدة السلام، يبدو من الضروري إعادة النظر في التعويضات "
في تلك اللحظة، جاء صوت رائع بشكل مفاجئ وصب الماء البارد على الأجواء الهادئة .
عدّل النبلاء الذين كانوا يراقبون بهدوء وضعهم، وفي الوقت نفسه، عبس الإمبراطور .
— الصورة التوضيحية : هـنـا .
لقد كان ذلك الوغد مرة أخرى … الدوق الأكبر ڤيكاندر .
****************************