الفصل ٩٧ : ‏Do Your Best to Regret

{ مصائب لا يمكن إيقافها }


" ما هذه الوقاحة ! أيتها الأميرة، لا بل الآنسة ! أتجرؤين على الضحك أمامي الآن ؟ "

صرخت الأميرة بوجه محمّر وهي تلومها بشدة، لكن أوليڤيا لم تستطع كبح ضحكتها .

يا للعجب ! كيف يمكن أن تكون الأم و ابنتها متشابهتين إلى هذا الحد ؟ بل لو كان الأمر يتعلق بإضحاكها هكذا، فولي العهد أيضًا، الثلاثة كانوا سواء .

توقفت أوليڤيا عن الضحك فجأة، ثم واجهت الأميرة بهدوء . عيونها التي تنظر إليها باستهانة و أوامرها القصيرة و المتغطرسة .

" … كيف لا تتغيرين أبدًا ؟ "

قالت أوليڤيا بصوت خافت. كل الذكريات التي اعتقدت أنها تخلصت منها بدأت تتسلل فجأة إلى الفراغات .

" الوضع مختلف تمامًا الآن عما كان عليه عندما أصدرتِ لي أول أمر، يا سمو الأميرة."

" ماذا ؟ الوضع مختلف ؟! سلمي المنجم فقط، ما كل هذه الثرثرة ! "

كان الوقت يضيق، لكن أوليڤيا كانت تتفوه بكلمات غير مفهومة. صرخت الأميرة في قلق، و ارتسمت ابتسامة خافتة على وجه أوليڤيا.

" لقد فات الأوان، يا سموك."

" … ماذا ؟ "

أدركت الأميرة، بتردد خلف صوتها الرقيق، المعنى أخيرًا .

حدقت الأميرة على الفور في أوليڤيا بعينيها الزرقاوين الحادتين. لو كان بإمكانها القتل بالنظر، لقتلت الأميرة أوليڤيا في الحال .

أصبحت أنفاسها اللاهثة أكثر خشونة، لكن أوليڤيا هزت كتفها بأكثر تعابير الوجه هدوءًا .

" تسليم ؟ لقد حصلت عليه بالفعل كجزء من صفقة."

" صفقة ؟ هذا وقاحة بشأن كنز الإمبراطورية … ! "

بلعت الأميرة، التي كانت تنكر كلام أوليڤيا بشكل قاطع، نفسها فجأة. عند التفكير في الأمر، كانت قد نسيت سبب إعطائها هذا المنجم في المقام الأول بسبب فكرة استعادته .

دارت أفكار لا تُحصى في عيني الأميرة. ابتسمت أوليڤيا وقالت : " نعم، يا سمو الأميرة."

" …… "

" لقد تلقيت منجم الكريستال الأبيض مقابل صمتي عن شؤونك، وقد وعدتك بالحفاظ على السر."

السر … كان لهذه الكلمة الواحدة تأثير كبير .

ارتجفت أطراف أصابع الأميرة. لاحظت أطراف أصابعها المرتجفة، لكن ذلك لم يهم .

" ومع ذلك، إذا استمررتِ في مطالبتي بالمنجم، فهل أخرج إلى الخارج و أكشف أمام جميع النبلاء و الوفود أنني من قمت بترميم أراضي ريتايل خلال موسم الربيع ؟ "

تردد صوت لطيف في الشرفة. نظرت الأميرة، المذعورة، حولها بسرعة، ثم صرخت، مغطية على صوت أوليڤيا : " كيف تجرؤين، أيتها الوقحة ! "

" سموك، أنتِ من علّمني بأن هذا ليس الأسلوب الصحيح لطلب شيء ما "

" أنا أطلب منكِ، أنتِ يا حثالة ؟! "

" هل يليق طلب المساعدة بهذه الطريقة المتغطرسة، يا سمو الأميرة ؟ "

توقفت الأميرة، التي كانت تتراجع مصدومة، للحظة. كانت كلمات أوليڤيا الهادئة هي نفسها الكلمات التي قالتها في يوم مشمس و صافي :

" هل يليق طلب المساعدة بهذه الطريقة المتغطرسة، أيتها الأميرة مادلين ؟ "

كانت طلبات أوليڤيا متشابهة في الغالب . أشياء تافهة مثل مطالبة ولي العهد بالوفاء بوعده بالرقص معها، أو طلب المزيد من المعلومات حول الأراضي .

كانت الأميرة تحتقر أوليڤيا، التي كانت تتبع الآداب بشكل مثالي أكثر من أي شخص آخر على الرغم من أنها من عامة الشعب .

أن تستخدم الكلمات التي استخدمتها لإذلالها الآن !

" هل تنتقمين مني الآن … ! "

توقفت الأميرة، التي كانت تصرخ بعنف، عن الكلام لا إراديًا. كانت العيون الخضراء تنظر إليها بلامبالاة .

هل هذه النظرة من أوليڤيا اختبار لها ؟

تسرب عرق بارد من ظهرها. قبل أن يصل العرق إلى أسفل ظهرها، أغمضت الأميرة عينيها بإحكام، لأنه لم يكن لديها سوى خيار واحد .

" أرجـ، أرجوكِ ! "

تحطم كبرياء الأميرة النبيلة المتغطرسة، و أحنت رأسها لأوليڤيا .

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

" أعيدي إليَّ ذلك المنجم الثمين يا آنسة "

طلبت الأميرة من أوليڤيا متوسلةً، لا تدري ما الذي يخرج من فمها من شدة الخزي الذي منعها من فتح عينيها حتى .

لم تجب أوليڤيا، و استمرت الأميرة في الكلام بعشوائية : " سأدفع أي ثمن مقابل ذلك المنجم ! "

" أي شيء ؟ كل شيء ؟ "

ارتفعت كلمات ممزوجة بضحكة من فوق رأسها. أشرق وجه الأميرة و رفعت رأسها على عجل، ثم تابعت كلامها بسرعة :

" أجـ، أجل ! على أي حال، يبدو أن أخي قد وقع في حبكِ أيضًا، و إذا كنتِ ترغبين في ثروتي، فإن الكونت أوبلر ينتظر أوامري في أي وقت "

ابتسمت أوليڤيا وهي تستمع لكلمات الأميرة . تحول التوسل إلى إغواء في لحظة. وما حملته الكلمات الرقيقة كان شيئًا كانت أوليڤيا تنتظره طوال حياتها .

" بعد هذه المهمة، سأطلب من أخي بالتأكيد أن يرقص الرقصة الأولى معكِ يا آنسة "

الرقصة الأولى مع ولي العهد، شيءٌ لطالما اعتادت على قوله .

" إذا نظمنا المأدبة كما ينبغي، ألا ينبغي لي على الأقل طرح الموضوع لتتمكني من إعادة خطوبتكِ مع أخي فيه ؟ "

حفل الخطوبة الذي كانت تحلم بالوقوف فيه بجانب ولي العهد .

" إذا لم تتمكني حتى من حل هذا الأمر، فما هو السبب الذي يدفعني لدعم الآنسة ؟ هناك العديد من النبيلات اللائي يمكن أن يعتلين منصب ولية العهد حتى لو لم تكن الآنسة."

وذلك الوعد الطفولي بالوقوف بجانب ولي العهد من أجل عائلة مادلين .

" … لذا، أعيدي إليّ المنجم فقط، سأدعم الآنسة لتصبح ولية العهد مهما حدث، أنا حقًا بحاجة إلى هذا المنجم، أثق أن الآنسة تدرك ذلك."

كلما أصبحت كلمات الأميرة أكثر لطفًا، ازدادت ابتسامة باردة على شفتي أوليڤيا.

هذه هي طريقة الأميرة : الإغواء، و التهدئة، و الإقناع، وفي النهاية حتى التهديد للحصول على ما تريد.

لم يتغير هذا النمط على الإطلاق، هذا المظهر المتطابق، وهذا الإغراء المتكرر، كانا يستفزانها باستمرار .

لقد جعلها ذلك تفكر في رد الصاع صاعين، ولو لمرة واحدة، لشخصيتها التي سئمت كل شيء و تركت كل شيء وراءها عند مغادرة العاصمة.

لم يكن الأمر وكأنها لم تقلق من أن تصبح شخصًا مماثلاً، ومع ذلك … لمرة واحدة فقط. كان عليها أن توجه تحذيرًا واضحًا. حتى لا يستهين بها أحد مرة أخرى، لذا، قالت أوليڤيا كلمة بكلمة، وكأنها تضغط عليها :

" لن أسلمكِ ذلك المنجم الثمين أبدًا يا سموك."

" … ماذا ؟ "

للحظة واحدة، شكت الأميرة في أذنيها. الوجه الذي كان يبدو مستعدًا لتلبية طلبها قبل قليل قد تحول الآن إلى تعبير صارم .

نظرت الأميرة إلى أوليڤيا التي بدت وكأن إبرة لن تخترقها، و ارتجفت بوجهها المحمر بشدة.

" كيف تجرؤين ! "

" …… "

" كيف تجرؤين على الاستهزاء بي ؟ "

" هل كنتِ يا سمو الأميرة تسخرين مني في كل مرة ؟ أليس لديكِ سبب ؟ "

" كفى لعبًا بالكلمات ! "

صرخت الأميرة بحدة و رفعت يدها نحو أوليڤيا. شعرت بأنها لن تهدأ إلا إذا صفعت ذلك الخد الأبيض .

كانت اليد التي شقت الهواء حادة، لكن ……

لم تستطع الأميرة التصديق .

كيف، كيف تجرؤ أوليڤيا على إيقاف يدها ؟

كانت قبضة يدها على معصمها مؤلمًا جدًا .

" ألن، ألن تتركيني ؟ "

ارتعش صوت الأميرة بشكل غير لائق. ظلت العيون الخضراء تحدق في الأميرة دون إجابة . فجأة، شعرت الأميرة بالبرد القارس يتسلل إلى ظهرها. لم تستطع مواجهة العيون التي كانت تحمل وقارًا يسحقها.

كان معصمها يؤلمها، و شعرت بحرقة في حلقها وكأنها تعاني من الحموضة . في اللحظة التي بدت فيها حتى أنفاسها عالية جدًا. دفعت أوليڤيا معصم الأميرة جانبًا و حدقت فيها بحدة .

أغمضت الأميرة عينيها بشكل لا إرادي، لكن بعد ثوانٍ قليلة، لم تشعر بأي ألم في جسدها . عندما فتحت الأميرة عينيها ببطء، التقت عيناها مباشرة بعيني أوليڤيا التي كانت تحدق فيها بهدوء .

غمرها الخزي تمامًا . نظرت أوليڤيا إليها دون حراك، ثم ابتسمت وقالت : " لن أمد يدي على سموكِ "

" … تقولين ما هو بديهي يا أميرة، لو فعلتِ ذلك، فسوف تتهمين بالقتل … ! "

" لن اصفع خد سموك، فهذا القفاز ثمين جدًا بالنسبة لي."

" … ماذا ؟ "

تسارعت أنفاس الأميرة مرة أخرى، وبدت منزعجة. كان هذا هو الوقت المناسب، قالت أوليڤيا بجدية :

" لكن، إذا استمريتِ يا سموك في الإساءة إليَّ."

" …… "

" من أجل حماية شرفي، سأطلب مبارزة من سموك في أي وقت."

مبارزة ! حركت الأميرة شفتيها. لم تتفوه أي سيدة في المجتمع الراقي بكلمة "مبارزة" مباشرة. لذا، لم تستطع الأميرة تخمين ما تعنيه أوليڤيا بكلمة "مبارزة".

بينما رأت وجهها المذهول، شرحت أوليڤيا بلطف : " هذا القفاز أثمن من أي جوهرة تمتلكيها يا سموك، لذا، إذا جاء اليوم الذي ألقي فيه هذا القفاز على سموك، فلن أقبل أبدًا أي ثمن بخس لذلك "

حاولت الأميرة بيأس أن تبحث عن أي ثغرة في عيني أوليڤيا، لكن لم يكن هناك أي ثغرة. استمر الأمل في التحول إلى يأس . هذه لم تكن أوليڤيا القديمة حقًا. شدت الأميرة على أسنانها. على عكسها، ابتسمت أوليڤيا بلطف .

" لذا، إذا كنتِ مستعدة، حاولي صفع خدي مرة أخرى حينها "

أحاط جو قوي، لا يمكن العبث به بسهولة، بـأوليڤيا و الأميرة. زفرت الأميرة أنفاسها بحدة وهي تحدق بها .

" إذن، وداعًا "

حتى في هذه الأثناء، حافظت أوليڤيا على وقارها أمام الأميرة . بأدب لا تشوبه شائبة، نظرت الأميرة إلى أوليڤيا بعيون مليئة بالكراهية .

هل تعتقد أنني سأقبل هذه الانحناءة ؟!

لكن أوليڤيا نهضت بفخر، و سارت نحو الستارة، مستديرة بظهرها عن الأميرة. في هذه الأثناء، ظهر قمر صافٍ في الظلام الذي ازداد كثافة، و انصب الضوء الفضي البارد على أوليڤيا وكأنه يحميها .

" كيف تجرؤين ؟! بينما لم أقبل تحيتكِ بعد ! "

صرخت الأميرة بصوت حاد لكن أوليڤيا لم تلتفت. عندما وصلت خطواتها الأنيقة إلى نهاية الشرفة، انفتح الستار كما لو كان ينتظر .

ظهرت ابتسامة الدوق الأكبر وهو ينتظر كأمر طبيعي، ثم أُغلقت الستارة مرة أخرى .

اجتاح الأميرة شعور لا يطاق من الخزي و الإذلال. غضب فاق غضب منجم الكريستال الأبيض و غضب الإمبراطور نفسه .

بينما كان كل شيء أمام عينيها يتحول إلى اللون الأحمر، أطلقت الأميرة صرخة مدوية و اندفعت خارج الستارة .

" أوليڤيا ! أيتها الوقحة … ! "

" سمو الأميرة ! "

في تلك اللحظة، فوق صرخات الأميرة الحادة، سُمع صوت يناديها. ظهرت أمام عيني الأميرة، التي كانت أنفاسها تهتز بعنف، صورتان لشخصين غير واضحين .

" وأخيرًا التقينا بسمو الأميرة ! "

ما هذا ؟ حدقت الأميرة في الشخصين اللذين اقتربا منها .

" … ألا تتذكرين يا سمو الأميرة زوجي الذي خدمكِ في كاتانغا الشهر الماضي ؟ "

كاتانغا … ! شحب وجه الأميرة .

في تلك اللحظة، ترددت كلمات الفارس في ذهنها : " ستواجه سمو الأميرة ثلاث أزمات "

هل هذا كله من تدبير الدوق الأكبر ؟

بينما كانت الرؤية أمام عينيها مشوشة، نظرت الأميرة حولها بسرعة. كانت نظرات النبلاء من حولها تخترقها. في هذه الأثناء، التقت عيناها بعيني الدوق الأكبر اللتين كانتا تنظران إليها باهتمام، وكأنه يرى عرضًا ممتعًا .

" أنت، أيها اللعين ! "

خرجت الكلمات المرتجفة من بين أسنانها. كانت كلمات خافتة لدرجة أنه لم يسمعها أحد.

****************************

4 تعليقات

  1. يونس، شكرااا على الفصل ^o^

    ردحذف
  2. غير معرف02 أغسطس, 2025

    سؤال صغنن قد كدا ليه بقيتي تنزلي الفصول بليل 🥺

    ردحذف
    الردود
    1. اهم حاجة انها تعبت نفسها و بترجمهم ♥️🥺

      حذف
    2. مشرف الموقع03 أغسطس, 2025

      ما عندي وقت محدد، أول ما أخلص من الفصل أنزله .

      حذف
إرسال تعليق
أحدث أقدم

اعلان