الفصل ٦٢ : ‏Do Your Best to Regret

{ الأشياء الثمينة التي وجدت مكانها أخيرًا (2) }


منذ اللحظة التي انزلق فيها الخاتم إلى إصبعها، شعرت أوليڤيا بدفء ينتشر في منطقة عنقها .

لمست أوليڤيا بيدها اليمنى الحجر السحري المعلق حول عنقها، وفي الوقت نفسه نظرت إلى يدها اليسرى .

بالتحديد، إلى الخاتم الذي كان يزين إصبعها البنصر الأيسر .

نظرت أوليڤيا إلى الخاتم الذي يتوهج كاللهب، وحركت شفتيها . أرادت أن تقول شيئًا، لكن الكلمات التي وصلت إلى طرف لسانها لم تستطع أن تخرج أمام بيثاني .

اختارت أوليڤيا كلماتها بعناية، وتمتمت : " … المقاس مناسب تمامًا "

شعرت أوليڤيا بالدهشة قليلاً حتى وهي تتحدث. كان الخاتم يناسب حجم إصبعها تمامًا، وكأنه صُنع لها خصيصًا .

" بالطبع، إنه خاتم صُنع لشخص واحد فقط "

ابتسم إدوين بعينين ضيقتين وكأن الأمر بديهي . ما إن التقت نظراتهما، حتى أزاحت أوليڤيا نظرها بسرعة، و صعدت حرارة حارقة إلى خديها .

كم من الوقت سيمضي حتى أتمكن من مواجهة تلك النظرة الحنونة دون أي ارتباك ؟

تذكرت أوليڤيا العينين الحمراوين اللتين تجعلان قلبها يخفق بقوة و يقفز في صدرها بمجرد رؤيتهما، فابتسمت بخفة .

إدوين أمام عينيها، ومع ذلك تفكر في إدوين . على أي حال، إذا رأته كثيرًا، فسوف تعتاد عليه يومًا ما.

هزت أوليڤيا رأسها و مدت يدها نحو إدوين .

" أليس لديك خاتم يا إدوين ؟ سأضع لك واحدًا."

كانت تتوقع منه أن يبتسم بإشراق و يقدم الخاتم بسرعة وكأنه كان ينتظر، لكن على غير المتوقع، واجهها إدوين بعينين مليئتين بالأسف .

" … هل يمكنكِ قول ذلك مرة أخرى، بعد ثلاثة أيام فقط ؟ "

" ماذا ؟ "

" في الحقيقة، خاتم الزفاف لا يزال قيد الصياغة، سأطلب منهم إحضاره في غضون ثلاثة أيام على الأكثر، لذا هل يمكنكِ الانتظار ثلاثة أيام أخرى فقط ؟ "

نظرت بيثاني، التي كانت خلفهما، إلى إدوين بوجه مليء بالكلمات المكبوتة، لكن إدوين تجاهلها و وضع وجهًا جادًا .

رفعت أوليڤيا الخاتم الذي كان في إصبعها قليلاً وقالت: " وهذا ؟ "

أجاب إدوين بابتسامة رقيقة على سؤال أوليڤيا، التي كانت معتادة على ثقافة الخطوبة حيث يمكن أن يصبح خاتم الخطوبة هو نفسه خاتم الزفاف .

" هذا، كما قلت، خاتم خطوبة، وهو الأثمن بين جميع خواتمي، لطالما تمنيت أن أتقدم به للشخص الذي أحبه بصدق "

الشخص الذي أحبه بصدق .

تذكرت أوليڤيا للحظة المرة الأولى التي رأت فيها هذا الخاتم في متجر السيدة ديتون .

" كيف عرفتِ أن هذا الخاتم لكِ ؟ "

وأيضًا ……

" لقد تأخر الوقت حقًا، لكن بما أن الآنسة تريده، سأفكر بذلك مرة أخرى "

والمرة التي أخرج فيها إدوين الخاتم مرة أخرى داخل العربة التي كانت تقلّها إلى قصر الدوق مادلين .

" أخيرًا، هذا الخاتم وجد مكانه الصحيح "

والآن .

عاد الخاتم بعد دورة طويلة ليستقر أخيرًا في إصبعها .

لمست أوليڤيا الخاتم بيدها الأخرى دون وعي . فُتحت عينا إدوين ببطءٍ لتصرفها الحذر، كما لو كانت تُقدّره .

رفعت أوليڤيا رأسها فجأة.

" هذا الخاتم رائع جدًا، لكن …… "

بدأ قلب إدوين بالهبوط عندما بدأت كلماتها مترددة .

هل هناك مشكلة في الخاتم ؟ أم أنها لم تعجبها ؟

لكن سرعان ما انفجر إدوين في الضحك من إجابة أوليڤيا : " … إذا أردتُ ارتداء خاتم الزفاف أيضًا، فماذا أفعل ؟ "

لمحت أوليڤيا يد إدوين اليسرى . على عكس يدها، كانت يده خالية من أي مجوهرات، وهو ما كان دليلاً واضحًا على أنه أعزب .

كان مجرد تخيل ارتداء نفس الخاتم الذي يرتديه إدوين أمرًا رائعًا. لذلك، الانتظار لثلاثة أيام أو ثلاثة أسابيع، أو حتى ثلاثة أشهر، لم يكن مشكلة. بل إن انتظار ارتداء نفس الخاتم سيتحول إلى شعور بالترقب .

لكن لم تكن تستطيع خلع خاتم الياقوت الأحمر هذا لمجرد أنها ستتمكن من ارتداء نفس الخاتم .

" هاهاهاها."

انتشرت ضحكة قوية و رائعة، فنظرت أوليڤيا إلى إدوين بعينين حادتين .

" لماذا تضحك ؟ "

كانت الخدعة في أن تلك النظرة الحادة نفسها تحولت إلى نظرة ناعمة بمجرد أن التقت عيناها بإدوين.

" إذن، يمكنكِ ارتداء كليهما معًا."

" ماذا ؟ "

اتسعت عينا أوليڤيا مثل الأرنب . في اللحظة التي رأى فيها إدوين ذلك الوجه الجميل، شدّ قبضته على يد أوليڤيا دون وعي .

لقد كانت آنسته حقًا تجعله يقع في حبها بلا حول ولا قوة في كل لحظة .

على الرغم من الحرارة البطيئة التي اجتاحته، ابتسم إدوين بخبث، متظاهرًا باللامبالاة .

" … اعتبِري أنكِ تتدربين مسبقًا، يا أوليڤيا، فسرعان ما سأضع الخواتم في جميع أصابعك العشرة "

" هل تمزح ؟ "

" بالتأكيد لا "

ابتسم إدوين بإشراق وأضاف، وكأنه يمثل دورًا : " أوه، لقد حل الليل، سأرافقكِ إلى غرفتك "

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

كان الليل قد حلّ .

عندما وصلا إلى باب غرفتها، توقف إدوين بخطوات رجولية .

" ليلة سعيدة، و أراكِ في الصباح."

كان إدوين دائمًا يعرض مرافقتها إلى باب غرفتها بعناية، لكنه لم يدخل هذه الغرفة أبدًا .

آه، مرة واحدة فقط … باستثناء عندما ركعت بيثاني أمامي عندما اكتشفت أنني أملك منجم الكريستال الأبيض .

عادةً، كانت ستدخل الغرفة في هذه اللحظة، لكن بطريقة غريبة، لم تكن تريد ترك يده اليوم، لذلك، بدلاً من الدخول إلى الغرفة التي فتحتها بيثاني، حدقت أوليڤيا في وجه إدوين .

ابتسم أجمل وجه في العالم وكأنه سعيد تمامًا بنظرة أوليڤيا .

" لماذا لا تدخلين و تنظرين إليّ هكذا ؟ "

على عكس صوته المنخفض، كانت عيناه تحدقان في أوليڤيا. في الجو الذي كان يزداد كثافة بشكل غريب، انخفضت نظرة أوليڤيا ببطء ثم توقفت . شفاه حمراء جميلة .

لم تدرك أوليڤيا إلى أين تتجه نظرتها، لكنها استمرت في التحديق في شفتي إدوين .

شعرت بالرضا عن هذا الوقت، حيث كانت راحة يدها و داخل معصمها دافئين جدًا وكأنها تحترق. تذكرت على الفور المشي طوال الليل ممسكين بأيدي بعضهما البعض في الكهف .

في هذه اللحظة أيضًا، شعرت بنفس الشعور . لم تكن تريد أن تترك يده طوال الليل. في تلك اللحظة، تحركت شفتا إدوين ببطء .

" إذا استمريتِ في النظر هكذا، فسوف نبقى هنا إلى الأبد، أليس كذلك ؟ "

ببراءة، بدا أن إدوين لم يُفكّر حتى في دخول هذه الغرفة .

في اللحظة التي أدركت فيها ذلك، احمرّ وجه أوليڤيا .

" أوه، هل تشعرين بالحر ؟ وجنتاكِ حمراء "

سأل إدوين بفضول، ثم مد إصبعه بحركة حذرة نحو خد أوليڤيا. مرت حرارة إصبعه على خد أوليڤيا و تركت دفئًا على خدها، مما جعله يحمرّ أكثر .

أفلتت أوليڤيا يد إدوين بسرعة وقالت : " نعم، هذا صحيح، الجو حار قليلاً، إذن … نم جيدًا يا إدوين "

" لقد نسيتِ شيئًا ما "

كان إدوين هو من أوقف أوليڤيا التي أرادت الدخول إلى غرفتها فورًا .

نسيت شيئًا ؟ لم يكن هناك شيء لتتذكره . أوليڤيا، التي أرادت إخفاء ما كانت تفكر فيه، قلبت عينيها الكبيرتين في ارتباك .

ضحك إدوين، وهو يستمتع بنظرتها، ثم اقترب منها بسرعة . مع نفحة من رائحته المنعشة، توتر جسد أوليڤيا .

اقترب إدوين منها وهمس بلطف : " أصبحنا الآن في علاقة تسمح لنا بقبلة خفيفة بعد قول تصبح على خير، أليس كذلك ؟ "

جعل صوته شعر أذنها يقف من الرعشة، و شعرت بقشعريرة من التوتر تسري في عمودها الفقري، لكن إدوين اكتفى بالنظر إليها بوجه وديع، وكأنه لن يفعل شيئًا بدون إذنها .

خفق قلبها وكأنه سينفجر . بدت شفتاه الحمراوتان اللتان كانت تنظر إليهما قبل قليل أكثر وضوحًا .

وأخيرًا، وكأنها تحت تأثير سحر، أومأت أوليڤيا برأسها بخفة . لمعت عيناه الحمراوان اللتان كانتا تبتسمان بشكل فاتن، مع شيء من الإثارة .

في اللحظة التي اقترب فيها إدوين، أغلقت أوليڤيا عينيها بإحكام .

وفي اللحظة التي انتظرته فيها ليقبل شفتيها، قبلت شفتاه الرقيقتان خد أوليڤيا . اختفت القبلة الرقيقة التي شعرت بها على خدها قبل أن تفتح عينيها .

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

" تصبحين على خير "

ابتسم إدوين بإشراق و ابتعد خطوة عن الباب .

الآن … ماذا حدث ؟

رمشت أوليڤيا بعينيها الواسعتين . بينما كانت تشعر بكل هذا الذهول، أغلقت بيثاني الباب .

لمست أوليڤيا خدها بارتباك فقط عندما اختفى إدوين تمامًا عن الأنظار . لم تكن هناك أي علامة لقبلة، لكن الجزء الذي قبّله إدوين كان لا يزال دافئًا و مشتعلاً .

بقي نظرها معلقًا على الباب بسبب شعور غريب بالخيبة. في تلك اللحظة، اخترق الصمت صوت ضحك خافت .

آه، بيثاني !

فجأة، استعادت أوليڤيا وعيها و احمرّ وجهها بشدة .

" لم أرى شيئًا."

كان صوت بيثاني، وهي تتحدث كما لو كانت تغني، مليئًا بالضحك، لكن أوليڤيا كانت تشعر بالخجل الشديد لدرجة أنها لم تعلم ماذا تفعل .

عادة، كانت ستغير ملابسها إلى ملابس نومها و تكتب في مذكراتها ثم تذهب إلى السرير بعد تذمر بيثاني، لكن عقلها أصبح فارغًا تمامًا .

ذهبت أوليڤيا مباشرة إلى السرير دون أن تفكر فيما ستفعل . مع أنها لم تكن مضطرة لإخفاء رأسها كالطائر، إلا أن أوليڤيا سحبت اللحاف فوق رأسها بالكامل .

" آنستي، وملابس النوم ؟ "

يبدو أن بيثاني، وهي تتحدث، كانت تعلم أن أوليڤيا لن تخرج من تحت اللحاف . بدلاً من إخفاء ضحكتها، سمعت صوتها وهي تغادر الغرفة بسرعة دون أن تنادي أوليڤيا مرة أخرى .

داخل الغرفة وحيدة، تمكنت أوليڤيا من ترتيب مشاعرها أخيرًا، و أنزلت اللحاف عن وجهها .

ربما بسبب أنها كانت تحت اللحاف، أو ربما بسبب إدوين حقًا. شعرت بدفء خدها ينتشر في كل زاوية من جسدها .

نظرت أوليڤيا بهدوء إلى خاتمها، ثم وضعت اليد التي ترتدي الخاتم مباشرة على قلبها .

فوق الصمت الذي كان يغمر الغرفة، ارتفع صوت دقات قلبها .

هذا الشعور الجميل الذي يمكن للمرء أن يشعر به عندما يكون قلبه ممتلئًا .

السعادة التي كانت تسير بخطوات واسعة نحو أوليڤيا، قفزت نحوها فجأة .

ابتسمت أوليڤيا على أوسع نطاق، وكأنها تستمتع بذلك الشعور .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

في هذه الأثناء، نظرت بيثاني، التي غادرت غرفة أوليڤيا بنظرةٍ ماكرة، إلى الدوق الأكبر الذي كان يقف أمام الباب، وكأنها كانت تعلم أنه سيكون هناك .

نظر الدوق الأكبر، الذي رافق الآنسة كرجلٍ نبيل، إلى الباب الذي خرجت منه بيثاني بعينين غائرتين تمامًا .

إذا استمر في النظر هكذا، فقد يثقب هذا الباب الصلب. من الواضح أن شيئًا ما قد حدث في غرفة الطعام سابقًا .

ابتسمت بيثاني بارتياح، ثم تذكرت شيئًا وقالت : " لكن يا سمو الدوق الأكبر، لماذا قلت أنك ستُحضر الخاتم خلال ثلاثة أيام ؟ "

ربما لم يكونوا قد استخرجوا الجوهرة بعد .

تذكرت بيثاني ما قاله الدوق الأكبر للبارون ستون، المسؤول عن المنجم، في المرة السابقة : " إنه خاتم سترتديه أثمن سيدة في العالم، لا شك لديّ في أن البارون سيحضر لي أفضل الألماس "

كانت تلك أول مرة يتحدث فيها الدوق الأكبر بهذا القدر من المودة. حتى أنه انتشرت شائعات بأن البارون ستون، الذي كان في غاية السعادة لفكرة رد ثقته به، قد خسر بالفعل بضع بوصات من محيط خصره .

أفضل الألماس … ؟ هزت بيثاني رأسها، عند رؤية حقيقة أن الدوق الأكبر لم يأخذ في الاعتبار أنه قدم بالفعل أفضل ألماس وردي للآنسة في المرة السابقة .

لكن هذا كان كل شيء. في رأي بيثاني أيضًا، كانت الآنسة ثمينة جدًا، تستحق أن ترتدي خاتمًا مصنوعًا من أثمن الأحجار الكريمة .

" صحيح ثلاثة أيام، بعد هذه الليلة سيكون يومان "

" ماذا ؟ "

اعتقدت بيثاني، التي كانت غارقة في أفكارها، أنها سمعت خطأً، لكن إدوين ضحك بخفة وكأنه يستمتع برد فعلها .

" لماذا أنتِ مندهشة هكذا ؟ يومان وقت كافٍ لإحضار خاتم لها، أليس كذلك ؟ "

" لكن لم يصل أي خبر من البارون ستون بعد ؟ "

" لا يجب أن يكون هناك خاتم زفاف واحد فقط، أليس كذلك ؟ "

" حسنًا …… "

انتشرت ابتسامة فهم على وجه بيثاني التي كانت شاردة الذهن، ثم نظرت إلى غرفة الآنسة للحظة .

كان يخطط حقًا لجعل آنسته الثمينة ترتدي خواتم مرصعة بالمجوهرات الفاخرة على أصابعها العشرة .

" سأتصل بالبارون ستون فورًا لأطلب منه اختيار الخواتم المصاغة."

" و ديان سيتولى إحضارها "

" ديان ؟ "

ليس هوارد الذي يُعهد إليه بالمهام دائمًا، بل ديان الذي يتولى حراسة الآنسة ؟

هز الدوق الأكبر رأسه متذمرًا من نظرة بيثاني المتسائلة .

" هذا الشاب، أظن أنه لطيف جدًا بشكل غير متوقع، بمجرد أن يخرج، لا يبتعد عن آنستي أبدًا "

ثم تقدم بخطواته. نظرت بيثاني إلى ظهره وهو يسير بخطوات واسعة، و ابتسامة راضية رسمت ببطء على وجهها .

وذلك وهي تفكر بأن لديها الكثير لتقوله للأميرة في اللوحة اليوم .

****************************

1 تعليقات

إرسال تعليق
أحدث أقدم

اعلان