الفصل ٣٤ : ‏Do Your Best to Regret

{ الإذن بمناداة اسمها }


" ما رأيكِ في هذا الفستان ؟ إنه تصميم مستوحى من بتلات زهرة التوليب الحمراء."

بمجرد أن أنهت السيدة بلوتو كلامها، أحضر الموظفون فستانًا جديدًا . كان فستانًا جميلاً وكأن بتلات حمراء مشبعة بالماء تتفتح .

" سأشتريه أيضًا."

قال إدوين بمجرد رؤية الفستان . أضاء وجه السيدة بلوتو، بينما ازداد وجه أوليڤيا شحوبًا .

لقد كان هناك بالفعل عدد كبير من الفساتين التي تم اختيارها للشراء، و كلها من تصميمات السيدة بلوتو الفاخرة .

كانت أوليڤيا تعلم جيدًا أن خط "الفساتين الفاخرة" أغلى بخمس مرات من خط الفساتين العادية . فقد كانت الفساتين التي كانت ترتديها في القصر الإمبراطوري كشريكة تُفصل أحيانًا من متجر السيدة بلوتو .

" سموك."

" أليس هناك المزيد من الفساتين ؟ "

لم يسمع إدوين نداء أوليڤيا، و توجه بالحديث إلى السيدة . ابتسمت السيدة ابتسامة عريضة، لكن لم يعد بالإمكان تحمل المزيد . نادت أوليڤيا إدوين وكأنها تطلق إنذارها الأخير .

" إدوين."

تصلب إدوين للحظة عند النداء الخافت . اغتنمت أوليڤيا الفرصة و تحدثت إلى السيدة بلوتو.

" سيدتي، أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من الشاي، هل يمكنني طلب شاي دافئ ؟ "

" بالتأكيد، سيستغرق تحضير الشاي الساخن بعض الوقت، أرجوكِ تفضلي و شاهدي الفساتين ببطء."

لحسن الحظ، كانت السيدة بلوتو سريعة البديهة . في غرفة الاستقبال الفاخرة، حيث غادر جميع الموظفين، لم يتبقى سوى إدوين و أوليڤيا، و وينستر الذي كان يقف كحارس عند الباب.

ألقت أوليڤيا نظرة خاطفة على وينستر . كان وجهه الذي كان يبتسم بمرح وكأنه يشاهد شيئًا ممتعًا، تصلب على الفور كفارس .

على الرغم من أنه تظاهر بأنه لم يفكر في أي شيء آخر على الإطلاق، إلا أن أوليڤيا لم تنخدع .

" هل يمكنك أيضًا أيها السير كالتر أن تغادر للحظة ؟ "

عندما نودي باسمه تحديدًا، نظر وينستر إلى أوليڤيا بوجه مليء بالتردد .

من المؤكد أن شيئًا ممتعًا سيحدث الآن !

ولكن حتى لو تجاهلنا الدوق الأكبر الذي كان يحدق بعينين مفتوحتين بجانبها، كان لكلمات هذه الآنسة الصغيرة قوة غريبة لا يمكن عصيانها .

" … حسنًا، سأنتظر في الخارج إذن."

لم تلتفت أوليڤيا نحو إدوين إلا بعد أن غادر وينستر غرفة الاستقبال . نادت أوليڤيا إدوين بلطف وكأنها تُهدئه .

" إدوين."

" … لماذا يا آنستي ؟ "

على عكس عادته اللطيفة، كان صوته متذمرًا بعض الشيء وكأنه غاضب، لكن بغض النظر عن ذلك، ارتفعت زوايا شفتيه الوسيمتين بخفة .

حاول إدوين أن يسعل و يعدل تعابير وجهه بصعوبة، لكنه انكشف بالفعل . ضحكت أوليڤيا بخفة.

"إذا كنت ستضحك، فما عليك سوى أن تضحك، لماذا تضع هذا التعبير المخيف؟"

" تعبير مخيف ؟ أنا فقط أظهر قليلاً من استيائي."

تظاهر إدوين بالظلم .

" إذا شعرت بالاستياء مرة أخرى، فسأشتري المتجر بأكمله."

" هذه فكرة جيدة ! "

برقت عينا إدوين وكأنه أدرك ذلك للتو . بدا تعبيره جادًا، فسارعت أوليڤيا إلى هز رأسها .

" لقد أخطأت في الكلام، أنا لا أحتاج إلى هذا العدد الكبير من الفساتين."

خاصة إذا كانت فساتين بهذا الجمال .

من الفساتين الوردية ذات الكشاكش الوردية، إلى الفساتين الزرقاء و الفضية المستوحاة من درب التبانة في سماء الليل، إلى الفساتين البيضاء الأنيقة التي قيل أنها مرشوشة بمسحوق اللؤلؤ .

خلفها، اصطفت أكثر من اثني عشر فستانًا، لكن حتى مع كلام أوليڤيا، هز إدوين كتفيه .

" واو، أين ذهبت تلك الجرأة التي قلتِ فيها أنكِ ستختارين الأفضل فقط ؟ "

" آه، هذا …… "

" حتى عندما أطلب منكِ أن تخبريني عن ذوقكِ، لا تركزين."

قال إدوين بعبوس . شعرت أوليڤيا بوخز في ضميرها . كان إدوين محقًا .

على عكس إدوين الذي كان متحمسًا بمجرد دخوله، لم أركز أنا على الفساتين جيدًا، وكنت مشوشة .

زيارة متجر السيدة بلوتو بدون موعد ليس بالأمر السهل حقًا، ومع ذلك لم أنظر إلى الفساتين بجدية .

عندما تذكرت أنني كنت فقط أومئ برأسي حتى عندما طلب إدوين رؤية الخط "الفاخر"، فقدت أوليڤيا القدرة على الكلام .

من خجلها، عبثت أوليڤيا بأصابعها . من أين تبدأ بالكلام ؟

في الواقع، بمجرد رؤية متجر السيدة بلوتو، تذكرت إيسيلا، ولم أستطع التركيز . كانت فكرة أن الخياط كان قد ذهب إلى قصر الدوق تدور في رأسي باستمرار .

لكن قبل أن تفتح أوليڤيا فمها، سمعت ضحكة خاملة .

"لا أستطيع حتى أن أكون غاضبًا منكِ يا آنستي، لماذا تضعين هذا التعبير المُعتذر؟"

" … لأنني آسفة حقًا، لم أكن أتعمد أن أفكر في شيء آخر، لكن الأفكار الأخرى استمرت في الظهور، ولم أستطع التركيز على الفساتين."

اعترفت أوليڤيا وكأنها تفرغ ما في قلبها . بعد أن أومأ إدوين برأسه للحظة، انتشر القلق على وجهه .

"هل أنتِ قلقة بشأن شيء ما ؟ لم تكوني تكذبين عندما قلتِ إنكِ لستِ مُتعبة، أليس كذلك ؟ "

" آه، هذا صحيح، أنا لست متعبة، فقط …… "

ترددت أوليڤيا للحظة . بدا الأمر سخيفًا أن تفكر في أختها حتى بعد مغادرة قصر الدوق، لكن إيسيلا كانت مميزة بالنسبة لها .

"إذا كنتِ لا تريدين التحدث، فلا بأس، هل نواصل اختيار الفساتين؟"

نظرت أوليڤيا إلى إدوين وهو يغير الموضوع بلطف، وفتحت فمها ببطء .

" … لقد حجزت فستانًا لأختي من متجر السيدة بلوتو هذا قبل أن أغادر قصر الدوق، تذكرت ذلك فجأة."

" … كما في المرة السابقة، يبدو أن الآنسة تفكر كثيرًا في أختها."

ابتسمت أوليڤيا ببهتان بدلاً من الإجابة .

كان عليها أن تبدأ في التقليل من التفكير في إيسيلا . شعرت بمرارة ثقيلة لعدم قدرتها على القيام بالأشياء التي اعتادت عليها كجزء من روتينها اليومي . ربما لاحظ إدوين تعبيرها، فتحدث بمرح أكبر .

" … ماذا عن أن تهتمي بي أكثر الآن ؟ انظري، كنتُ سأستاء حقًا لأنكِ لا تنظرين إليَّ باستمرار، لكنكِ ارتحتِ بمجرد أن قلتِ كلمة واحدة "

تظاهر إدوين بالتذمر، لكنه ابتسم و عيناه تضيقان بلطف . نظرت عيناه الحمراوان إلى أوليڤيا بدفء .

في تلك اللحظة، اتسعت عينا أوليڤيا التي كانت تبتسم بلا وعي .

" الآن بعد أن ذكرت ذلك، إدوين أنت لا تناديني باسمي "

قالت أوليڤيا بلا تفكير و رمشت عينيها . الرجل الذي طلب منها أن تناديه باسمه، لم يناديها باسمها … ما هذا الهراء ؟

ضيقت أوليڤيا عينيها و نظرت إليه، لكن إدوين هز كتفيه وقال بوجه هادئ : " هذا لأن الآنسة لم تسمح لي أو تطلب مني مناداة اسمها."

" متى لم أسمح …… "

توقفت أوليڤيا التي كانت تتحدث بشكل تلقائي فجأة .

الآن وقد ذكرت ذلك. لم أسمح بذلك أبدًا، لم يطلب أحد إذني ليدعو اسمي من قبل .

شعرت بخدها يدغدغها بشكل غريب … لا، ربما كان جزء من قلبها يدغدغ .

" آه، يمكنك أن تناديني باسمي "

حتى مع كلماتها التي خرجت بحرج، نظر إدوين إلى أوليڤيا بجدية، ثم ابتسم بلطف وهز رأسه .

" لا يمكنني ذلك، قلت لك، أنا مستعد لفعل أي شيء من أجلكِ يا آنستي، ولكن بمعنى آخر، إذا لم تخبريني بما تريدين، فلا يمكنني فعل أي شيء."

" …… أنت لئيم."

" لئيم ؟ لكن أنا لست قارئ أفكار "

هز إدوين كتفيه و ضيقت عينيه . تهربت أوليڤيا من نظره بسبب ابتسامته الجذابة التي تسحر الناس .

تابعت عيناه الحمراوان عيني أوليڤيا بإصرار، مليئة بالتوقعات .

"يبدو أنكِ تريدين شيئًا الآن، ألن تخبريني به؟"

تنهد صوته المنخفض في نهايته وكأنه يتوسل إلى أوليڤيا .

ما أريد …

تحركت شفتا أوليڤيا. كانت رغباتها غالبًا لا تتحقق . كان من السهل أن أتحمل و أضغط على نفسي و أنتظر الفرصة التالية، لكن بشكل غريب، ازدادت رغباتها أمام إدوين .

لم تشعر أوليڤيا برغبة قوية كهذه من قبل. كلما تحقق توقع، بدت وكأنها تتوقع المزيد .

عندما لم أكن أرغب في العودة إلى قصر الدوق، وعندما أردت أن يقدر أحدهم جهودي عندما رأيت قصر تياجي المزخرف بعناية، وحتى الآن .

ازدادت دقات قلبها قوة . بدت وكأنها تسمع صوت دقات قلبها القوية في أذنيها . قبضت أوليڤيا على قبضتيها بقوة و ضغطت على ركبتيها، ثم، وهي تواجه نظرة إدوين، قالت ببطء :

" أتمنى أن يناديني إدوين باسمي، وأيضًا … "

هل يجوز لي أن أقول هذا ؟

لكن مع هذا الاندفاع، رفعت أوليڤيا زوايا شفتيها بتحدٍ وقالت : " …… بكل لطف "

الأشخاص الذين كنت أتمنى منهم ذلك كانوا ينادونني باسمي بسهولة شديدة . عند التحذير أو وضع الحدود .

لكن أوليڤيا نوديت باسمها بلطف شديد من قبل شخص واحد فقط .

" أوليڤيا، ليڤ، طفلتي "

تذكرت والدتها التي كانت تناديها لدرجة أن قلبها كان يفيض بمجرد سماعها . وفي تلك اللحظة .

" … أوليڤيا "

حبست أوليڤيا أنفاسها للحظة . ابتسم إدوين بأقصى قدر من اللطف، وكأن مجرد نطق اسمها كان عزيزًا جدًا، وكأنه شيء ثمين للغاية .

" كنت أرغب حقًا في نطق اسمك، الآن أنطقه أخيرًا."

" …… "

" إنه اسم جميل حقًا، أوليڤيا."

اسمها المنادى بصوت خافت لم يكن ليُشعرها بذلك العز .

" إنه اسم جميل، أوليڤيا."

فجأة، أدركت أوليڤيا أن ذكرياتها مع ليوبارد، التي جعلتها تعاني من الحب لفترة طويلة، قد تلاشت .

لكنها لم تشعر بالحزن أو الألم، لأنها كانت واثقة من أن ذكريات أكثر قيمة بكثير ستتراكم بانتظام أكثر من الذكريات التي تلاشت، لذلك، ابتسمت أوليڤيا ببهجة .

" أنت أيضًا إدوين، لديك اسم جميل."

" اسمي ؟ "

رمش إدوين عينيه وكأنه يسمع ذلك لأول مرة . وفي هذه اللحظة، علمت أوليڤيا أن هذا هو الوقت المناسب لإخباره بما اكتشفته .

" نعم، عندما أنادي اسم إدوين، ترتفع زوايا شفتاي هكذا، إنه اسم يجعلني سعيدة في كل مرة أنادي به "

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

عند سماع تلك الكلمات، ابتسم إدوين وكأنه زهرة تتفتح ببطء .

ابتسامته العذبة جعلت زوايا عيني أوليڤيا أكثر إشراقًا .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

بدأ المنظر خارج نافذة العربة يصبح مظلمًا أكثر تدريجيًا .

طرق إدوين على مقعد السائق مرتين بهدوء . فهم السائق الإشارة و أبطأ سرعة العربة .

ابتسم إدوين بلطف و نظر أمامه . يبدو أن أوليڤيا كانت متعبة جدًا، فقد بدأت تغفو بمجرد ركوبها العربة . بدأ وضعها المستقيم يرتخي تدريجيًا .

ماذا كانت تحلم ؟ جعدت أوليڤيا أنفها . و تعمقت الابتسامة التي تعلو شفتي إدوين على وجهها الذي ذكره بالأرنب .

" أوليڤيا."

تمتم إدوين باسم أوليڤيا. بدا أن أوليڤيا سمعت اسمها، فأطلقت تأوها صغيرًا من النوم . صمت إدوين على الفور، عندها، عادت أوليڤيا لتغفو .

كان من المبهج و المثير للمشاعر أن تتحول العلاقة إلى علاقة يمكن أن تظهر فيها نقاط ضعف، بدلاً من تلك التي كانت تحافظ على حواجزها الحادة .

إذا حصل على موافقة الإمبراطور، فعليه أن ينزل إلى مقاطعة ڤيكاندر مع أوليڤيا على الفور . أراد أن يجعلها تبتسم بحرية أكبر، و تتمنى المزيد .

" يا سمو الدوق الأكبر "

قال وينستر بصوت منخفض وهو يقترب من النافذة .

" هناك شخص ما عند البوابة الرئيسية."

عند كلمات وينستر، ازدادت حدة عيني إدوين .

هل هو جايد مرة أخرى ؟ هذه المرة، لن يعيده بلطف ما دامت أوليڤيا نائمة، لكن هوية الشخص الواقف عند البوابة الرئيسية كانت غير متوقعة .

شعر فضي مطابق لشعر أوليڤيا، و قلادة الألماس الوردية المألوفة .

دون الحاجة إلى ذكر اسمها، عرف إدوين من هي تلك الآنسة الشابة .

إيسيلا مادلين … كانت أخت أوليڤيا التي تعزها كثيرًا، تقف عند بوابة قصر الدوق الأكبر و وجهها منتفخ من البكاء .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان