الفصل ٨ : ‏Do Your Best to Regret

{ التوقعات في يوم الموعد تشبه حلوى القطن }


" أختي، إلى أين ستذهبين ؟ "

كان يوم اثنين مشمسًا . نزلت إيسيلا الدرج ورأت أوليڤيا، فتألقت عيناها .

بدت أوليڤيا، التي كانت ترتدي فستانًا أخضر داكنًا، مبتهجة بشكل خاص اليوم . لم يكن وجهها يبدو بهذا الشكل إلا في أيام الأربعاء من كل أسبوع حيث كان لديها موعد مع ولي العهد .

قالت أوليڤيا بلا مبالاة : " فقط، لدي مكان لأذهب إليه لفترة قصيرة."

" ماذا تقصدين بفقط يا آنستي، كنتِ في طريقكِ للخارج لأن سمو ولي العهد طلب موعدًا خاصًا "

قالت سالي، بدلاً من أوليڤيا، بفخر شديد .

" يا إلهي ! يبدو أن سمو ولي العهد يحبك كثيرًا يا أختي، كنت أعرف أن هذا سيحدث ! "

كانت عينا إيسيلا مليئة بالثقة وهي تنزل الدرج بسرعة، فابتسمت أوليڤيا بخفة .

" أختي …… "

فجأة، تأوهت إيسيلا .

" ماذا ؟ "

" بجدية، ضحكتكِ جميلة جدًا يا أختي ! بهذا الشكل، ألن يقع سمو ولي العهد في حبكِ مرة أخرى اليوم ؟ "

" صحيح ! ضحكة الآنسة تبدو وكأنها جنية حقًا ! "

شعرت أوليڤيا بالخجل من كلمات إيسيلا المليئة بالمودة والتي أضافت عليها سالي بالمديح وكأنها تهتف، فلم تكن تعرف كيف تتفاعل .

شعور بالبهجة المتجمعة، و البريق، و الحرارة، و الحلاوة استمر في الصعود من زاوية في قلبها .

كان الأمر أشبه بـ … نعم … مثل حلوى القطن . كان حلوًا جدًا . كم سيكون رائعًا لو رآها ليوبارد بنفس الطريقة .

تنهدت إيسيلا فجأة وهي تنظر إلى أوليڤيا بصمت .

" أختي."

" نعم ؟ "

" أختي، بالطبع، الألوان الداكنة جميلة أيضًا، لكن الألوان الزاهية و المشرقة ستليق بك حقًا أيضًا، لنذهب لنجرّب الفساتين معًا في المرة القادمة ! "

أومأت سالي برأسها بقوة موافقة .

" صحيح يا آنسة، أنتِ تحبين الألوان الداكنة فقط، لكن الألوان الزاهية و المبهرة ستكون جميلة عليكِ."

ابتسمت أوليڤيا بشكل غامض و لعبت بحافة فستانها . تذكرت جزءًا من ذكرياتها مع ليوبارد، كانت قد كتبته في مذكراتها منذ زمن بعيد .

" الأميرة ليست من النوع المشرق "

كانت هذه كلمات ليوبارد لها في يوم خطوبتهما وهي في الرابعة عشرة من عمرها، عندما كانت ترتدي فستانًا أبيض .

عادت أوليڤيا إلى المنزل و وضعت الفستان الأبيض جانبًا وكأنها تختمه، ولم ترتدي فستانًا بلون فاتح مرة أخرى أبدًا.

"همم، إذًا ماذا عن هذا؟"

خلعت إيسيلا فجأة عقدًا به حجر كريم وردي، و وضعته حول عنق أوليڤيا .

دفعت إيسيلا أوليڤيا نحو المدخل دون أن تتاح لأوليڤيا فرصة للرفض .

" انظري، قلتُ لكِ أن شيئًا مشرقًا كهذا يليق بكِ حقًا ! عودي بأمان و أخبريني عن الموعد بالتأكيد ! حسنًا ؟ "

قبل أن تغادر من الباب، استدارت أوليڤيا نحو إيسيلا، و حركت شفتيها لفترة طويلة ثم قالت :

" شكرًا لإعارته، سأعود بأمان "

ابتسمت إيسيلا بلطف . قالت إيسيلا لخادمتها الشخصية فيرونيكا، بعد أن لوحت بيدها حتى ابتعدت العربة التي كانت فيها أوليڤيا :

" إعارتي العقد لأختي هو سر، تعلمين ذلك، صحيح ؟ "

لو عرف إخوتها، لسوف يضايقون أختها مرة أخرى . استنشقت إيسيلا باستخفاف و رسمت خطة كبيرة .

على الرغم من أنها لا تزال تتراجع بسبب تدخل إخوتها، إلا أنها بمجرد أن تحضر حفلها الأول الناجح، فلن تبتعد عن أختها .

ابتلعت فيرونيكا تنهيدة وهي تنظر إلى الآنسة التي تبتسم ببراءة . حقيقة يعرفها الجميع، وفي نفس الوقت حقيقة لا تعرفها الآنسة فقط، والحقيقة التي يجب ألا تعرفها أبدًا في المستقبل .

" إيسيلا يجب ألا تعرف أبدًا "

لا يزال أمر الدوق الذي سمعته في أذنيها عندما أصبحت خادمة الآنسة الشخصية، واضحًا . في الواقع، حتى لو لم يكن أمرًا، لم تكن فيرونيكا ترغب في أن تعرف الآنسة تلك الحقيقة .

هذه الآنسة المشرقة . لم يكن بإمكانها أن تسمح لها بمعرفة ما حدث بسبب أختها التي تثق بها و تحبها كثيرًا .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

كان مكان الموعد هو مقهى في شارع ليهرن .

جلست أوليڤيا في المكان المخصص لها و نظرت إلى العقد .

كان الحجر الكريم الوردي الذي يلمع برقة جميلاً جدًا .

هل هذا الشيء المبهر حقًا يليق بي ؟

هزت أوليڤيا رأسها مع القلق الذي اجتاحها فجأة . بما أن إيسيلا قالت أنه يليق بها، فلا بد أن ليوبارد سيجده جيدًا أيضًا .

كان هذا أول موعد لهما خارج القصر الإمبراطوري .

ارتسمت ابتسامة على شفتي أوليڤيا وهي تفكر في ليوبارد. لقد قال أيضًا أنه يتطلع إلى اليوم .

تذكرت محتوى البطاقة التي ظلت تنظر إليها طوال الليل . كم سيكون رائعًا لو كان كل يوم مثل اليوم فقط .

فكرت أوليڤيا بصمت . تتحدث هكذا مع إيسيلا، و تخرج في موعد مع ليوبارد، ومن ثم يتناولون الطعام معًا بسلام، و يبتسم لها والدها و إخوتها . استمرت الأفكار السعيدة في الانتشار .

كان الأمر حلوًا جدًا بمجرد التخيل، لم تستطع تخيل مدى سعادتها عندما يصبح حقيقة .

في تلك اللحظة . فُتح باب غرفة الاستقبال التي كانت فيها أوليڤيا .

" جئتِ مبكرًا يا آنستي "

دخل ليوبارد من الباب المفتوح بخطوات واسعة . بدت ملابسه الذهبية الزاهية التي تشبه لون شعره رائعة جدًا عليه .

امتلأ جانب من صدر أوليڤيا بشعور غامر . كان الأمر أحلى مما تخيلت . كان يومًا أشبه بحلوى القطن . ابتسمت أوليڤيا ببراءة .

في تلك اللحظة، التوت شفتي ليوبارد …

" أحيي شمس الإمبراطورية الشاب ولي العهد "

لطالما نظرت أوليڤيا مادلين إلى ليوبارد بهذه الطريقة . عيون تحبه بثبات، امرأة تنظر إليه دائمًا بوجه مليء بالاشتياق وكأنها تتمنى شيئًا، لكنها تبتلع تذمرها، لذلك هي امرأة سهلة .

نظر ليوبارد إلى أوليڤيا بعيون باردة . منذ يوم خطوبتهما الذي أُبلغ به وهو في الحادية عشرة من عمره، لم تعجبه أوليڤيا أبدًا .

" لقد دفع الفصيل الإمبراطوري الأميرة الأولى من عائلة مادلين لتكون خطيبة ولي العهد، هل تعلم ذلك يا ولي العهد ؟ تلك الفتاة الصغيرة ذات العيون الخضراء، كيف تجرؤ على النظر إلى ولي العهد بهذا الشكل "

لم تكن كلمات والدته الإمبراطورة خاطئة على الإطلاق . قال الناس عن أوليڤيا أنها نصف مادلين، لو لم تكن عائلة مادلين قادة الفصيل الإمبراطوري، ولو لم تكن هذه هي الفترة التي كان يجب فيها تحقيق التوازن بين الفصيل الإمبراطوري و فصيل النبلاء، لما تمت الخطوبة أبدًا .

تذكر ليوبارد أوليڤيا التي اقتحمت قصره الأربعاء الماضي بلا هوادة . لم تكتفي بسرقة مكان حبيبته ماريا إثيل، بل سرقت أيضًا الوقت الذي يقضيانه معًا .

جلس ليوبارد على الكرسي .

" أتفهم، سمو الأمير، ولكن اليوم فقط، من فضلك اقضي بعض الوقت مع الأميرة، لأنه تربطك علاقة بعائلة مادلين "

كانت توبيخات مساعده التي سمعها طوال الطريق لا تزال حاضرة في ذهنه . وفقًا للخطة، كان من المفترض أن يقضي بعض الوقت مع أوليڤيا و يتظاهر بتهدئتها، لكن تلك النية قد تلاشت تمامًا . ابتسم ليوبارد ببرود .

" أنتِ دائمًا مجتهدة."

" آه، شكرًا لك …… "

" كنت أنوي الحضور مبكرًا اليوم و انتظارك، متظاهرًا بأنني رجل نبيل، لكنكِ تجعلينني أبدو متأخرًا في كل مرة."

كان الاستياء واضحًا من نبرة صوته . نظرت أوليڤيا المندهشة إلى ليوبارد . كان أحد حاجبيه الوسيمين مرفوعًا بشكل غير متساوي .

شعرت وكأن قلبها ينهار .

ما الخطب ؟ بدا وجه ليوبارد جيدًا حتى لحظة دخوله .

" لم … لم أقصد ذلك، أردت فقط رؤية سمو الأمير مبكرًا."

" هاهاها، كانت مزحة فقط، كم أنتِ ساذجة."

ضحك ليوبارد بصوت عالي و أومأ برأسه .

اقترب خادم كان يقف بجانب الحائط و وضع إبريق شاي ساخنًا و أكواب شاي و حلويات على الطاولة .

بينما كان كل شيء يسير بسلاسة، كانت أوليڤيا وحدها هي من لا تستطيع مواكبة هذا الجو .

حقًا … هل كانت مزحة ؟

فحصت وجهه بصمت . رفع ليوبارد فنجان الشاي بإيماءة أنيقة .

" الرائحة جيدة جدًا "

كان حاجب ليوبارد قد ارتخى بلطف . عندما التقت عيناهما، انحنت زاوية عينيه التي تحمل بؤبؤين أزرقين كالبحر بلطف .

" أعتقد أنك كنتِ تحبين الأشياء الحلوة "

كانت تحبها . في يوم من الأيام عندما كانت في السابعة عشرة، قبل أن يقول ليوبارد أنها بدت وكأنها اكتسبت وزنًا، لكن أوليڤيا ابتلعت هذه الحقيقة و ابتسمت، لأن ابتسامة ليوبارد قضت على قلقها في لحظة .

" شكرًا لك."

نعم، لا بد أنها كانت مزحة حقًا . بخلاف ذلك، لم يكن لدى ليوبارد سبب لذلك .

التقط ليوبارد قطعة من حلوى الكريمة و وضعها في فمه . كان تعبيره لطيفًا، مما يدل على إعجابه بالسكر الكريمي الذي يذوب في فمه بشكل مقرمش .

الحلوى الحلوة المقرمشة بالسكر الكريمي كانت الحلوى الوحيدة التي كان ليوبارد، الذي لا يحب الحلويات، يبحث عنها عندما يشرب الشاي الدافئ .

كان جيدًا أنها أخبرته مسبقًا . شربت أوليڤيا الشاي وهي تشعر بالراحة . كانت رائحة الشاي جيدة بشكل خاص اليوم .

" آه، هذا مفقود، بيرتين "

" نعم، سمو الأمير."

اقترب الكونت هودجز بسرعة من ليوبارد .

ما الذي كان مفقودًا ؟ كانت لحظة كانت أوليڤيا تتفحص فيها الطاولة .

" مربى التين، أحضره بسرعة."

" … نعم."

تأخر رد الكونت هودجز لحظة واحدة . كان التعبير الغريب الذي مر على وجه ذلك الرجل المخلص جدًا يزعجها .

كان ليوبارد يحب مربى التين، ثم تذكرت فجأة، خبر شراء الماركيز إثيل بستانًا جديدًا . قال أنه سيزرع الكثير من التين الذي تحبه ابنته الصغرى العزيزة، ماريا إثيل .

فجأة … شعرت وكأن شخص ما صب عليها ماء بارد .

نظرت أوليڤيا إلى ليوبارد . ضاقت زاوية عين ليوبارد بشكل رفيع . كانت عيناه الزرقاوان، اللتان انحنت أطرافهما بلطف، تحدقان بها بشكل بارد .

كما لو كان يتوقع أي رد فعل ستظهره . لم تستطع التمييز بين ما إذا كانت درجة الحرارة التي تلامس كفيها المحيطة بفنجان الشاي باردة أم ساخنة .

ماذا يريد ؟ ما هو الرد الذي يرغب منها أن تظهره ؟ حتى الآن، لم يكن ليوبارد جيدًا في الوفاء بالوعود، لكنه كان لطيفًا .

كان يرسل الزهور و الهدايا، و بطاقات، عندما لا يستطيع الوفاء بالوعد . وقام بتخصيص وقت من جدوله المشغول لتنظيم هذا اليوم، والأهم من ذلك .

" أوليڤيا إنه أسم جميل "

في عيد ميلاد ليوبارد، عندما التقيا لأول مرة، أظهر لها خلاصًا متألقًا، كان الرجل الذي تحبه، لذلك، كل ما يمكن أن تقوله هو هذا .

" …. كنت أحب التين "

قالت أوليڤيا ذلك بصوت جاف، وكأنها تتحدث عن شخص آخر .

أزالت أوليڤيا يديها عن فنجان الشاي . أطراف يديها التي وضعتهما تحت الطاولة كانت تقرص بعضها البعض بقوة .

" حقًا ؟ "

سأل ليوبارد متظاهرًا بالجهل و أمال رأسه .

" … أنا أستمتع حقًا بتناولها خلال موسم التين "

ضحك ليوبارد باستهزاء . كما لو كان يعلم أن هذا سيحدث . كانت عيناها تحترقان . خشيت أوليڤيا أن تصبح رؤيتها ضبابية قليلاً، فغرست أظافرها في يديها بقوة أكبر . خشيت أن تظهر بمظهر قبيح إذا تهاونت للحظة واحدة، لذا شدت أوليڤيا ظهرها .

" أوليڤيا."

" نعم، سمو الأمير."

كان الصوت الذي خرج من فمها قاسياً، لحسن الحظ . فقد كان البكاء هو الأسوأ على الإطلاق .

" وجنتاك تفتقران إلى الحيوية، هل أنتِ مريضة ؟ "

كان المعنى الحقيقي الكامن وراء نبرة القلق واضحًا . كانت أطراف أصابعها ترتجف، لكنها لم تشعر بالألم .

" تبدين متعبة، لذا لنذهب الآن "

في النهاية، كانت هذه هي نية ليوبارد اليوم .

رمشت أوليڤيا بعينيها بسرعة . شعرت أن رموشها الكثيفة المنحنية على وشك أن تصبح رطبة . وضع الخادم مربى التين على الطاولة . عند رؤية المربى، شعرت بالضحك بشكل مضحك .

" كما توقعت "

" ماذا ؟ "

" … أنت لطيف يا سمو الأمير."

كان من المؤسف أن لطفه لم يصل إليها .

ابتسمت أوليڤيا بخفة، و عبس ليوبارد . نظرت أوليڤيا خلفه . بينما كان الجميع، بما في ذلك الكونت هودجز، ينحنون رؤوسهم، قام أصغر خادم كان يحدق بها وكأنه يتفرج، بخفض رأسه على عجل .

" لقد قمت بتخصيص وقتًا لي اليوم، لذا، ليس عليك إرسال الزهور اليوم "

كان هذا آخر ما تبقى لها من كرامتها . لم تعد ترغب في أن تتلقى الراحة من الزهور .

" زهور ؟ هل تقولين هذا لأنك ترغبين في أن أرسلها ؟ "

عندما ضحك ليوبارد باستهزاء، اعتقدت أوليڤيا مرة أخرى أن هناك شيئًا خاطئًا .

" ما نوع الزهرة التي تريدين أن تحصلي عليها مني حتى تتحدثين عنها بهذه الصراحة، أيتها الأميرة ؟ "

بدا كلام ليوبارد بطيئًا . كانت تلك الزهور هي التي أرسلها ليوبارد … لا، كانت تعتقد ذلك ولم تشك في ذلك أبدًا .

كانت زهورًا قادمة من القصر الإمبراطوري، وكانت هدايا ثمينة وبها بطاقات . لم تستطع التحكم في تعبيرات وجهها .

لحسن الحظ أو لسوء الحظ، ليوبارد الذي كان ينهض من مقعده لم يكن مهتمًا بأوليڤيا .

ليوبارد، الذي رأى أوليڤيا لا تنهض، ابتسم بابتسامة عريضة .

" يا للأسف، خطيبتي ضعيفة البنية أيضًا، استريحي قليلاً ثم اخرجي، و أيضًا أوليڤيا، إذا كنتِ ترغبين في الحصول على زهور، فما رأيك في تعلم كيفية الانتظار حتى أعطيها لك ؟ مثل آنسة نبيلة … "

فجأة، انحنى ليوبارد فوقها . يده البطيئة نقرت على جوهرة عقدها .

" ألم أقل لكِ ؟ الألوان الزاهية لا تناسبكِ حقًا "

فقدت القوة في جسدها بسبب الصوت اللطيف، ثم استدار ليوبارد و غادر .

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

في لحظة مثل موجة انحسار، غادر الجميع .

عندما أُغلق الباب بصوت "تاك"، لم يتبقى في غرفة الاستقبال سوى أوليڤيا وحدها .

في هذا المكان الهادئ، كبتت أوليڤيا شعورها بالمرارة و فكرت في الحقائق فقط .

الهدايا الثمينة التي وصلتها عدة مرات، و الزهور التي ملأت الغرفة حتى لو حاولت إيقافها، حتى لغة الزهور التي جعلتها تشعر بالإثارة و البطاقات التي احتوت على مواساة لطيفة . كل هذا لم يكن من ليوبارد … آه .

اندلع ضحك مكتوم من بين شفتيها . بالتأكيد، حتى صباح اليوم بدا الأمر مثل حلوى القطن، لكنها شعرت وكأنها غرقت في الوحل .

شعرت بالفراغ … لا، شعرت وكأن دمها يتجمد من الفراغ، لأن الزهور و البطاقات التي كانت تعتقد أنها لطف كانت كلها كذب، لأن كل هذا الوقت الذي قضته في التأنق من أجل ليوبارد تم نفيه، لأن تشجيع إيسيلا التي علقت لها العقد تم تجاهله .

وسط المشاعر المتدفقة التي خنقت حلقها، حاولت أوليڤيا أن تجمع رؤيتها الضبابية .

لا تبكي بغباء … أوليڤيا مادلين .

تمتمت أوليڤيا في نفسها . كان عليها أن تكون هادئة .

من تجرأ على استفزازها بهذا الشكل ؟ كان عليها أن تعرف ذلك أولاً .

بعد أن رمشت بعينيها المليئتين بالماء عدة مرات، لمعت عيناها الخضراوان الشفافة بشكل بارد .

نهضت أوليڤيا من مقعدها و سارت نحو باب غرفة الاستقبال . بينما كانت خطوات كعب حذائها متساوية، رتبت أوليڤيا عقلها المشوش .

لم يمر نصف ساعة على موعد اللقاء . كانت قد أعطت سالي بعض النقود و طلبت منها الذهاب للعب، و طلبت من السائق أن يعود بعد عدة ساعات .

كان الحارس الشخصي المختبئ هو كل ما لديها . استعارة عربة من مقهى كانت تنطوي على خطر انتشار الشائعات، و الانتظار لعربة خاصة كان سيستغرق وقتًا .

الطريقة التي يمكنها بها الذهاب إلى قصر ولي العهد دون أن يعلم أحد كانت … كانت أوليڤيا على وشك فتح الباب و مغادرة غرفة الاستقبال .

" آنستي ؟ "

انتشر صوت مألوف في الردهة .

" لقد تقابلنا مرة اخرى ؟! "

كان هو … الرجل ذو الشعر الأسود الداكن و العينين الحمراوين، الرجل الذي كان لطيفًا إلى أقصى حد.

ابتسم الرجل بعينين منحنيتين، وكأنه لا يصدق هذا اللقاء .

" … قلتَ أنك ستعطيني هدية، أليس كذلك ؟ "

تصدع صوت أوليڤيا قليلاً في نهايته . فحصت عينا الرجل أوليڤيا بحذر، و عندما اكتشف علامات أظافر حادة على ظهر يدها، بردت عيناه الحمراوان للحظة بشكل بارد .

" بالتأكيد، يا آنستي، ما الذي يمكنني أن أفعله من أجلك؟ "

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان