الفصل ١٦٦ و ١٦٧ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور

كانت سيرفيليا تتجول وكأنها تائهة في كهف بلا مخرج .

كانت تلهث و تسرع بالركض إلى الأمام باستمرار، لكن الطريق كان بلا نهاية، ولم تصل إلى أي مكان حتى بعد مرور وقت طويل .

تاهت في الظلام الذي لا بصيص فيه من نور، و اجتاحها قلق من أنها ربما لن تتمكن من الخروج من هنا أبداً .

وقت من الفوضى لا يمكنها فيه معرفة كم مضى من الوقت أو كم تبقى .

فجأة، سمعت صوتًا من مكان ما .

" سيرفيل …… "

من يمكن أن يكون ؟

من ينادي اسمها بلطف هكذا ؟

شعرت وكأنها واجهت الشمعة الوحيدة المضيئة في الظلام .

اجتاحها فضول و رغبة قوية في اتباع هذا الصوت . كانت متأكدة أنها ستجد الإجابة إذا اتبعت هذا الصوت .

وهكذا، غيرت سيرفيليا اتجاهها نحو المكان الذي يأتي منه الصوت .

في البداية، كان الصوت يُسمع من مكان بعيد جداً، ولكنه اقترب شيئاً فشيئاً، لهذا أسرعت بخطواتها .

" سيرفيل، أرجوكِ …… "

وعندما أصبح الصوت أخيراً قريباً وكأنه سيصل إلى أطراف أصابعها . فتحت سيرفيليا عينيها .

— شهيق !

نهضت فجأة من السرير وهي تلهث بعنف . كان تنفسها سريعاً وكأنها كانت تركض للتو، وكان جسدها كله غارقاً في العرق .

" هااه، هاااه …… "

" يا أميرة ! يا أميرة، هل استعدتِ وعيك ؟ "

نادى الرجل على أحدهم على عجل، ومن خلال الباب الذي فُتح فجأة، تدفق غرباء بأعداد كبيرة .

بينما كانت لا تزال غير قادرة على استعادة وعيها، امتدت أيادي عديدة نحوها .

ابتلعت الماء الذي وُضع على فمها بشراهة، وشيئاً فشيئاً بدأت تهدأ .

نظرت سيرفيليا بصعوبة إلى جانبها بعينين نصف مفتوحتين . وتأكدت من وجه الشخص الذي كان يمسك يدها طوال الوقت .

" الدوق الأكبر ؟ "

" نعم، يا أميرة، أنا هنا "

عندما نادت عليه، تجاوز لوسيان الأشخاص المحيطين و جلس على السرير . عندما رأته سيرفيليا يقترب، أطلقت تنهيدة صغيرة .

" … لو رآك أحد، لظن أنك أنت من نجا من الموت، وليس أنا "

حالة لوسيان كانت مزرية تمامًا . كان تحت عينيه سواد داكن، و خداه غائران بشكل مريع، بدا أسوأ حالاً من الجثة .

مدت يدها و احتضنت خديه النحيلين . بدا لوسيان وكأنه نسي وجود الآخرين، فاتكأ على يدها و أسقط دموعاً غزيرة .

مع كل قطرة دمعة تسقط، كان قلب سيرفيليا يهوي معها إلى الهاوية . مدت يدها بصعوبة و مسحت دموعه .

" لماذا تبكي ؟ "

" هذه المرة حقًا، ظننت … ظننت أنك سترحلين …… "

لم تكن هذه المرة الأولى التي تكاد فيها سيرفيليا تموت . لقد تجاوزت أزمات عديدة بالفعل، لكن يبدو أنها لم تعتد على الأمر بعد .

" كنت أظن ذلك أيضًا، من المحرج بعض الشيء أن أستيقظ بعد وداعي لك "

حاولت سيرفيليا أن تهدئه بطريقتها الخاصة، ألقت دعابة بصوتها المتصدع . استمر لوسيان في البكاء، لكنه ابتسم بتهكم .

" حقًا … أنا سعيد حقًا "

حتى بدون أن يتحدث طويلاً، كان واضحًا كم عانى . قام أحد الكهنة بإسنادها و أعادها إلى السرير، ثم طلب الإذن برفع الجزء العلوي من ملابسها .

" هاه ؟ "

نظرت إلى بطنها الملفوف بالضمادات . كانت الضمادات التي كان لونها أبيض يوماً ما ملطخة بالدم الأحمر، مما خلق منظراً مروعاً .

عندما فك الكاهن الضمادات بعناية، كانت الحالة بالداخل أكثر خطورة .

كان بطنها قد تحول إلى اللون الأسود وكأنه احترق في نار الجحيم . حتى أن الإصابة غطت كل شيء من يسار سرتها إلى جانبها .

كان المنظر بشعًا لدرجة أن الدهشة فاقت الألم الجسدي .

" …… أنا على قيد الحياة، صحيح ؟ "

قالت سيرفيليا وكأنها معجبة بذلك . لم يكن من الغريب أن تموت على الفور إذا اخترق بطنها بهذه الطريقة، وليس فقط أطرافها .

" إنه لأمر رائع حقاً أنهم تمكنوا من إنقاذي، هل كهنة هاتيسيل أفضل حقًا ؟ "

كانت كلماتها مدحاً للكهنة، لكن لسبب ما لم يبدوا سعداء جداً، بل كانوا يتبادلون النظرات و يتجنبون الإجابة .

' همم ؟ ما هذا الجو ؟ '

وضع الكاهن ضمادات نظيفة بصمت ثم بث فيها القوة المقدسة مرة أخرى . شيء ذهبي تضخم مثل غيمة متجمعة و غطى منطقة إصابتها .

بفضل هذا الدفء، شعرت سيرفيليا أن التوتر في جسدها قد خف تماماً . قل ألم الإصابة أيضاً، وأصبح تنفسها أسهل .

قام الكاهن بترتيب ملابسها مرة أخرى ثم شرح : " مقارنة بمرور أسبوع واحد فقط، فإن سرعة التعافي سريعة، لكن ستحتاجين إلى مزيد من الوقت حتى تختفي الندبة."

" أسبوع ؟ مر أسبوع كامل ؟ "

لقد شعرت وكأنها نامت و استيقظت للحظة، متى مر كل هذا الوقت الطويل ؟

تفقدت سيرفيليا محيطها بسرعة . كانت غرفة غريبة، ولكن بالنظر إلى الديكور تقريباً، بدا أنها في مكان ما داخل المعبد الكبير .

بعد أن انصرف الكهنة، سألت سيرفيليا لوسيان .

" ما هو الوضع في الخارج ؟ الجنود ؟ الشعب ؟ "

" لا تقلقي، تم تسوية كل شيء، الدائرة السحرية تلاشت تمامًا، وتم القضاء على جميع الوحوش المتبقية."

"ما هو حجم الأضرار؟"

" هناك العديد من المصابين، لكن لحسن الحظ، بما أن هناك العديد من الكهنة في المدينة، فلن تكون مشكلة كبيرة."

تنهدت سيرفيليا بارتياح . كانت قلقة من أن شيئاً كبيراً قد حدث بينما كانت نائمة .

' حسنًا، بما أن السبب الرئيسي قد اختفى … '

فجأة، خطر ببالها وجه الرجل الذي كان يشبهها تماماً، والذي كان ينزف دماً حاراً بين ذراعيها .

سألت سيرفيليا بتردد قليلاً : " إذًا ماذا … عنه ؟ "

" تم استلام جثة الأمير ليونارد بشكل منفصل، سأتولى الأمر لذا لا داعي للقلق يا أميرة "

كانت إجابة بسيطة، لكن سيرفيليا تمكنت من فهم الوضع تقريباً .

مات ليونارد على الفور، لكنه لم يدفن بسلام .

كان يجب أن يدخل رأسه العاصمة مع الجيش الشمالي في الصف الأمامي .

شعرت سيرفيليا وكأن الدم تجمد في عروقها .

" هل أنتِ بخير ؟ "

"لقد قتلت ليونارد بيدي، لا أندم على ذلك."

تمتمت سيرفيليا وكأنها تهدي نفسها .

" كان يمكن أن يكون هناك ضرر أكبر بكثير، بفضل قرارك، تمكنا من التوقف عند هذا الحد، لذا لا تلومي نفسك يا أميرة "

كان لوسيان على حق . كان ذنب ليونارد عميقاً بشكل لا يمكن قياسه، ولا يمكن الصفح عنه حتى بالموت .

ألم تقرر التخلص منه، متناسية أي مشاعر شخصية ؟

حتى أن سيرفيليا قطعت علاقتها به بأن قطعت رأسه بيديها .

لم يكن سوى ساحر مجنون دمر القارة، ولم يكن صديقها، ولا شقيقها، ولا أي شيء آخر، لذا لم يكن هناك حاجة للشعور بالذنب .

" صحيح، لقد قمت بواجبي فقط."

ابتسمت سيرفيليا أخيراً بخفة . بهذا، كانت قد تجاوزت أكبر جبل كان عليها أن تتسلقه .

في تلك اللحظة، قفز شيء ما على كتفها . نظر لوسيان في ذلك الاتجاه وقال بصوت معجب :

" لقد كان ذلك التنين عوناً كبيراً في التعامل مع بقايا الوحوش."

" حقاً ؟ لقد عملت بجد."

رفع التنين رأسه بفخر، ثم عض شحمة أذنها برفق . ضحكت سيرفيليا بسبب الشعور بالدغدغة، لكن فجأة توقف التنين عن الحركة بدهشة .

" مهلاً، أنتِ …… ! "

" ماذا ؟ "

قفز التنين من أعلى رأسها إلى مؤخرة عنقها، ثم عاد إلى كتفها، و أطلق تنهيدة طويلة .

" هل اتخذت هذا الخيار في النهاية ؟ لا أستطيع الفهم على الإطلاق."

أمالت سيرفيليا رأسها بسبب كلماته التي لا معنى لها . كان يدق رأسه على خد سيرفيليا عدة مرات، وكأنه مستاء من شيء ما .

" هذا الإنسان الغبي و الأحمق، على ماذا كنت أعتمد …؟ "

" ماذا تقول ؟ ما خطبك ؟ "

" لا يهم، من الأفضل ألا تعرفي."

ترك التنين كلمات غامضة فقط، وكالعادة انزلق في جيبها الأمامي .

كانت تعتقد أنها مجرد كلمات فارغة، لكن في الوقت نفسه شعرت أن هناك شيئاً غريباً .

لم تستطع معرفة مصدر هذا الشعور بعدم الارتياح الذي كانت تشعر به منذ فترة . شعور وكأنها فقدت شيئاً مهماً جداً . شعور وكأن ثقل عاطفي كان يضغط على صدرها قد اختفى .

حدقت سيرفيليا في لوسيان الذي كان يجلس بجانبها، ثم أشارت إليه .

" تعال إلى هنا للحظة."

أحنى لوسيان خصره دون تردد وقدم وجهه لها . أمسكت سيرفيليا فجأة بخديه و حركتهما من جانب إلى آخر .

" همم "

" هل هناك أي مشكلة ؟ "

" لا، ليس هذا، ولكن شعرت وكأنني رأيت شخصًا يشبهك "

" يشبهني ؟ "

عبست سيرفيليا و حاولت جاهدة أن تتذكر .

مرت صورة غامضة في ذهنها، لكنها استمرت في الانزلاق من بين يديها وكأنها تهرب .

يبدو أنها حلمت بلوسيان أثناء نومها … نعم، هذا هو كل شيء .

" سيرفيليا ! "

مرة أخرى، فُتح الباب فجأة و ركضت تشاسترتي ذات الشعر البني المتموج إلى الداخل .

انزلقت على السرير وكأنها ستنهار، و تساقطت الدموع التي تشبه اللؤلؤ من عينيها الذهبيتين الكبيرتين .

عانقتها سيرفيليا و ربتت على ظهرها وكأنها تهدي طفلاً .

" …… مهلاً، لحظة "

عبست سيرفيليا بسبب شعور غريب … لا، لكي تكون دقيقة، لم تعد تشعر بالهالة المقدسة التي كانت تحيط بتشاسترتي دائمًا .

شعور سيء غلف جسدها كله .

" أنتِ، لا يمكن …… "

****************************

الفصل : ١٦٧


شهقت تشاسترتي بدهشة ثم لوحت بيديها .

" ماذا تقصدين ؟ أنا بخير تمامًا، فقط شعرت بالغثيان قليلاً لأن الساحر الذي يُدعى آش كان يقود بتهور، هاها … "

" لا أقصد ذلك."

كانت تبتسم بتكلف على غير عادتها، مما جعلها تبدو مريبة للغاية .

أمسكت سيرفيليا بكتفي تشاسترتي و نظرت إليها عن كثب . لم يتغير مظهرها الخارجي، لكنها حقاً لم تشعر بأي قدر من القوة المقدسة .

عند رؤية تعابير سيرفيليا الجادة، تنهدت تشاسترتي قليلاً، ثم فتحت فمها ببطء.

" حسنًا … عندما وصلت، كانت حالتك خطيرة جداً، لأكون دقيقة، كنتِ على وشك الموت."

" ثم ماذا ؟ "

" لذلك أنا أيضًا … كان عليّ أن أبذل قصارى جهدي إلى أقصى حد."

نظرت سريعاً نحو لوسيان فرأته يهز رأسه موافقاً .

" بالطبع، إذا عالجتك، ستظل روحك محتجزة في حجر الروح، لكن الأولوية كانت لإنقاذ جسدك أولاً، بعد ذلك، كان عليّ أن أترك الأمر لكِ، وبالفعل يا سيرفيليا، لقد عدتِ بسلام ! "

صفقت تشاسترتي وهي تحتفل وكأن كل شيء قد حُلّ على أكمل وجه، ثم تحدثت بسلاسة عن قلقها من عدم عودة سيرفيليا، وفي نفس الوقت عن إيمانها بأنها ستعود بالتأكيد، لكن سيرفيليا لم تكن تستمع إلى كلامها .

أغمضت عينيها بإحباط . كان واضحاً، كما توقعت، أن قوة تشاسترتي المقدسة قد اختفت .

" لقد وضعتِ كل قوتك المقدسة … إذاً ماذا سيحدث لكِ الآن ؟ "

" حسناً، الشخص الذي لا يملك قوة مقدسة لا يمكن أن يُدعى قديسة بعد الآن، أليس كذلك ؟ "

" لا تملكين أي قوة مقدسة ؟ كلها ؟ ولا ذرة واحدة ؟ "

" نعم، لقد اختفت تماماً."

شعرت سيرفيليا وكأن قلبها سقط . لقد أهدرت كل قوتها المقدسة لإنقاذها، ونتيجة لذلك، لم تعد قديسة بعد الآن … !

' هل دمرتُ قديسة المعجزات ؟ ماذا عساي أن أفعل بشأن هذا ؟ '

كان عقلها معقداً كخيوط متشابكة. حتى أن سيرفيليا وصلت إلى حد التفكير فيما إذا كان عليها أن تتحمل مسؤولية تشاسترتي، لكن تعابير تشاسترتي كانت مختلفة تماماً عن توقعاتها .

بدلاً من أن تكون محبطة أو حزينة، بدت مرتاحة وكأنها تحررت من قيود قديمة .

أمسكت تشاسترتي بيد سيرفيليا بإحكام و همست : " شكرًا جزيلاً لكِ لأنكِ سمحتِ لي بإنقاذكِ، وشكراً لعودتكِ بسلام ! "

ابتسمت تشاسترتي بأكثر إشراق من أي وقت مضى، لكن سيرفيليا لم تعرف ماذا تجيب، و عضت شفتيها فقط، ثم اعتذرت بصوت بالكاد يُسمع .

" أنا آسفة، إذا كان عليّ أن أتحمل مسؤوليتكِ، فسأفعل ذلك مهما كلف الأمر."

عند سماع ذلك، انفجرت تشاسترتي بالضحك، بينما شحب وجه لوسيان الذي كان يستمع جانباً و وقف فجأة .

" يا أميرة، ماذا تقولين ؟ "

" لا … أعني، بما أنها فقدت قدراتها بسببي، ألا يجب أن أعتني بها ؟ "

كانت سيرفيليا جادة تماماً، لكن تشاسترتي استمرت في الضحك وكأنها ستنهار . مسحت دموعها بصعوبة وهدأت وقالت :

" آه، هذا سيكون رائعاً حقاً، لكنني لا أملك الثقة لتحمل استياء الدوق الأكبر بيرنز."

نظرت تشاسترتي سريعاً جانباً، لكن لوسيان لم يعترض على كلامها، بل أومأ برأسه مؤكداً بقوة .

" ولطالما حلمت بالهروب من هذا المعبد الكبير منذ زمن بعيد، وبفضل سيرفيليا، تحقق هذا الحلم، لذلك أنا راضية بذلك "

الآن فقط لاحظت سيرفيليا أن تشاسترتي كانت ترتدي ملابس عادية خفيفة بدلاً من الرداء الأبيض الذي كانت ترتديه دائمًا .

عند رؤية مظهرها هذا، بدت أكثر حيوية ونشاطاً من ذي قبل .

" إذاً، ماذا تنوين أن تفعلي الآن ؟ "

"أولاً، سأعود إلى مسقط رأسي، أريد أن أبدأ من جديد هناك."

أمسكت سيرفيليا بيد تشاسترتي بإحكام و ربتت عليها . إذا كان هذا اختيارها، فستحترمه تماماً .

بعد أن تحررت من حياة الاستغلال منذ صغرها، وجدت حريتها أخيراً، و أرادت أن تصفق لمستقبلها .

مسحت تشاسترتي الدموع المتجمعة في عينيها و سرعان ما غيرت موضوع الحديث .

" بالمناسبة، ماذا كان يوجد داخل حجر الروح ؟ كنت فضولية دائماً."

عبست سيرفيليا و حاولت تذكر ذلك .

حسناً، كيف كان الأمر ؟ لم يبقى سوى ذكرى رؤية ضوء قوي جداً، ولم تتذكر أي شيء آخر على الإطلاق .

" هممم … لا أعرف، لا أتذكر أي شيء على الإطلاق."

كان رأسها فارغاً وكأن شخصاً ما اقتطع جزءاً من ذاكرتها .

بحثت سيرفيليا في عقلها عن قطعة الفراغ تلك، لكن لم يأتِها سوى الصداع .

" لكنني أعلم على وجه اليقين أن لدي عملاً مهمًا للغاية يتعين علي القيام به "

لم تعد مرتبكة الآن . شعرت وكأن شيئاً ما كان يهز قلبها لفترة طويلة قد اختفى تماماً .

أصبح واضحاً لها سبب بقائها على قيد الحياة و عودتها .

نعم، كان لديها عمل يجب أن تقوم به في هذه الأرض .

" أيها الدوق الأكبر، لنمضي قدمًا إلى العاصمة "

لم يعد هناك سبب للتردد . الآن بعد أن مات ليونارد، كانت الفرصة سانحة . كان عليهم استغلال الوقت الذي يكون فيه العدو فوضوياً بعد فقدان قائده .

في الواقع، كانت تتحرك، وإذا لم يكن لوسيان يضغط على كتفها، لكانت قد قفزت فوراً، لكن لوسيان منعها بصوت حنون .

"في حالتكِ الحالية، هذا مستحيل، لم تتعافى إصابتكِ بالكامل، لذا عليكِ الراحة أكثر."

" قلتَ أنني لم أستيقظ لمدة أسبوع، ألا يكفي ذلك من الراحة ؟ "

تلوت سيرفيليا بقوة محاولة التحرر من قبضة لوسيان . ضغط على كتفها بقوة، لكنها دارت جسدها بسرعة إلى الجانب و تملصت .

" كيف يمكن اعتبار ذلك راحة ؟ لقد كنتِ مريضة طوال الوقت."

" على أي حال، لا وقت للعب، أيها الدوق الأكبر ! إذا أضعنا الوقت هنا، فقد نجد أنفسنا نواجه الجيش الملكي أمام بوابة لانغفول."

حاولت سيرفيليا التملص و الهرب يميناً و يساراً، لكن في النهاية تم القبض عليها مرة أخرى في قبضة لوسيان .

حبسها لوسيان بين ذراعيه و احتضنها بقوة . لم تتجنبه هي الأخرى ولفّت ذراعيها حول خصره .

" لسوء الحظ، سيتعين عليك تحملني هكذا، أيها الدوق الأكبر."

عند هذه الكلمات، ابتسم لوسيان أخيراً بأسى وكأنه لا حول له ولا قوة .

نعم، سيرفيليا كانت كذلك. مهما حاول أن يمنعها، مهما توسل إليها، لن تستمع إليه.

الاندفاع أولاً كان طبيعة فطرية فيها كفارسة، لا يمكنه تغييرها .

" لقد أقسمت بالولاء لك يا أميرة، لذلك سأتبعكِ مهما كان الأمر."

" … يا رفاق، هل يمكنكما ألا تنسيا أنني ما زلت هنا ؟ "

خلف صوت تشاسترتي المرعوب، انفجر ضحك سيرفيليا و لوسيان معًا .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

مع القوة الإضافية التي انضمت إليهم من لانغفول في وقت لاحق، تقدم جيش الشمال بقيادة سيرفيليا و لوسيان مباشرة جنوباً .

كان الجيش الملكي يتجه بالفعل نحو الشمال، لذلك اختاروا عمداً مساراً مشابهاً للقائهم في المنتصف .

وأخيراً ……

" أبلغت قوات الاستطلاع أنها حددت موقع الجيش الملكي، يا أميرة "

عند سماع الأخبار التي كانت تنتظرها، استعدت سيرفيليا فوراً للخروج . ارتدت درعاً خفيفاً و أوصت لوسيان :

" أيها الدوق الأكبر، الهدف الأسمى هو تقليل الخسائر على الجانبين وقبول الاستسلام، لا يجب أن تنسى ذلك أبداً."

هكذا تكون الحرب الأهلية . هناك خاسرون، لكن لا يوجد فائزون .

بغض النظر عمن يفوز، فإنها تترك أضراراً لا يمكن إصلاحها على كلا الجانبين .

" سأتذكر ذلك، يجب عليكِ أيضاً توخي الحذر الشديد حتى لا تتعرضي للأذى."

قال لوسيان بقلق وهو يضع الخوذة على رأس سيرفيليا. لم تكن سيرفيليا أيضاً تنوي المخاطرة بنفسها .

" … لذلك، سأحتاج إلى مساعدتك."

عند سماع كلامها، زحف التنين من جيبها و هبط على كتفها . نفث النار بخفة من فمه .

" بكل سرور، هل عليّ حرقهم جميعًا ؟ "

" إذا فعلت ذلك، فما الفرق بيني وبين ليونارد ؟ على أي حال، الجيش الملكي هم أيضاً شعبي، لذلك يجب تقليل الأضرار إلى أقصى حد."

" إذاً ماذا عليّ أن أفعل ؟ "

" تخويفهم "

يمكن للتنين، بمجرد ظهوره، أن يثير خوفاً ساحقاً . بالنسبة لسكان الجنوب الذين ليسوا معتادين على الوحوش، كان ذلك بمثابة كارثة بحد ذاتها .

إذا ظهر جيش العدو يقوده تنين، فمن المؤكد أن عدداً كبيراً من الأشخاص سيفقدون رغبتهم في القتال و يستسلمون . كانت سيرفيليا تستهدف ذلك .

" … أنتِ الوحيدة التي تهدر تنيناً لمثل هذا الغرض البسيط."

تمتم التنين وكأنه غير راضٍ عن الوضع، لكنه سرعان ما تحول إلى شكله الأصلي وقدم ظهره لها .

ركبت سيرفيليا أيضاً على ظهره كعادتها .

" حسناً، اصمت، و لننطلق ! "

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان