الفصل ٧٤ و ٧٥ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور

عندما نادته، نزع الظل العباءة عن رأسه .

كان ليونارد بلا شك، بشعره البلاتيني المطابق تماماً لسيرفيليا، و عينيه الخضراوين خلف نظارته المستديرة، مرتدياً عباءة ساحر تمس الأرض .

ركضت سيرفيليا نحوه و احتضنته بقوة. ربت على ظهرها برفق ثم أبعد كتفيها لينظر إلى وجهها .

" لقد جئت للبحث عن الجثة، لكن بشرتك أفضل مما كنت أتوقع "

يبدو أنه كان يعرف مسبقًا أن سيرفيليا كانت على قيد الحياة، لأنه لم يبدو مندهشًا على الإطلاق عندما رآها .

"هل كنت تعرف ؟ لا، كيف عرفت ؟ "

" كم مرة خدعتني بأكاذيبك؟"

فُتح الباب فجأة و دخل لوسيان الغرفة . عندما رأى ليونارد، ظهرت علامات المفاجأة على وجهه و سارع بتقديم التحية .

" صاحب السمو الأمير "

"الأرشيدوق بيرنز، لقد مر وقت طويل."

"هل أتيت إلى هنا بمفردك؟"

" وهل كنت سآتي برفقة أحد لمقابلة شخص ميت ؟ "

ساعدت سيرفيليا ليونارد في الوصول إلى الأريكة . اتكأ على عصاه وهو يعرج على ساقه، ثم جلس ببطء على الأريكة .

"سأذهب لإحضار الشاي."

أحضر لوسيان الشاي بسرعة و وضعه على الطاولة . وبينما أخذ كل منهم فنجاناً، بدأ لوسيان بالحديث :

" سموك، أشكرك على الجهد الذي بذلته في قطع هذه المسافة الطويلة …. "

" دوق بيرنز، كنت أظن أنك ستحمي سيرفيليا جيداً."

قاطع ليونارد حديث لوسيان . كان رجلاً ذا ملامح لطيفة و ودودة على عكس سيرفيليا . بشعره المربوط في ذيل حصان و نظارته السميكة، بدا كعالم نموذجي .

لكن ليونارد، وكعادته، نطق بكلمات قاسية رغم ابتسامته :

"كيف تجرؤ على قتل أخت شخص آخر كما يحلو لك؟"

ساد الصمت بين الثلاثة للحظات . تفاجأت سيرفيليا من موقف ليونارد البارد غير المعتاد. أمسكت بكتفه و حاولت الدفاع قائلة :

" لا، ليو ! هذا ليس خطأ الدوق، أنا من اقترحت ذلك، كانت هناك ظروف تستدعي ذلك."

"أنتِ تعلمين جيداً أن أي ظرف ليس أكثر من مجرد عذر "

ظل ليونارد يحدق في لوسيان .

" …. أعتذر، لكن في ذلك الوقت، لم يكن هناك أحد يمكن الوثوق به."

" هذا غريب حقاً، في وضع لم تستطيعي فيه الوثوق حتى بعائلتك، كيف استطعت الوثوق بالدوق بيرنز ؟ "

رغم كلمات ليونارد اللائمة، بقي لوسيان جالساً بهدوء دون أن يدافع عن نفسه لسبب ما.

شرحت سيرفيليا باختصار حادثة هجوم الفرسان الحراس، لكنها لم تخبره عن تحذير أوريس بشأن العائلة المالكة .

" …. في النهاية، نجوت بفضل الدوق، لذلك قررت أن أثق به، وقد استمر في مساعدتي حتى الآن."

"إذن هذا ما حدث."

ابتسم ليونارد ابتسامة غامضة وهو يمسح على رأس أخته .

" أختي الصغيرة، لقد عانيتِ كثيراً "

"هل أنت غاضب؟"

سألت سيرفيليا بقلق وهي تراقب ردة فعله . كانت متوترة خشية أن تكون قد أغضبت أخاها .

على عكس بقية أفراد العائلة الذين تجاهلوا سيرفيليا، كان ليونارد يحبها كثيراً . في الواقع، كان يحبها أكثر من إخوته من نفس الأم، ربما لأنها كانت تشبهه تماماً .

كان ليونارد لسيرفيليا بمثابة الأخ و الأب و الأم في آن واحد . لذلك حتى سيرفيليا المشاغبة كانت تصبح هادئة و مطيعة في حضور أخيها الأكبر .

"لا عليكِ، ماذا عساي أن أتوقع منكِ."

لحسن الحظ، لم يبدُ ليونارد غاضباً بشدة. تنفست سيرفيليا الصعداء .

"قلتِ أن شخصاً ما حاول قتلك …. إذن المجرم هو جونيا، أليس كذلك؟"

فتحت سيرفيليا عينيها بدهشة من كلام ليونارد المباشر .

"هل تعتقد ذلك حقاً؟"

" للعثور على المجرم، علينا أولاً التفكير في الدافع للقتل، من سيستفيد أكثر من موتك ؟ ألا تعتقدين أن جونيا هي المشتبه به الأقوى - الأخت غير الشقيقة التي فقدت مكانتها كأميرة أولى بسبب أخت جاءت قبل ولادتها ؟ "

" لكن جونيا صغيرة جداً للقيام بمثل هذا العمل …. "

جونيا فتاة صغيرة تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً فقط. رغم أن سيرفيليا لم تكن مقربة منها، إلا أنها كانت تعرف أن جونيا ذات شخصية ضعيفة و خجولة .

على عكس سيرفيليا التي تحب الخروج و تتمتع بروح حرة، كانت جونيا هادئة و مطيعة جداً. كان من الصعب تصور أن شخصاً مثلها يخطط لاغتيال أختها غير الشقيقة، لكن ليونارد أصر على رأيه :

" خطيب جونيا ليس صغيراً في السن "

وبطبيعة الحال، كانت جونيا مخطوبة أيضًا لنبيل من عائلة قوية في العاصمة، لكن سيرفيليا شعرت أنه من المبكر جداً اعتبار جونيا مجرمة، فهزت رأسها نفياً :

" لا، مستحيل."

تجمدت ملامح ليونارد :

" إذن من كنت تشكين به ؟ ممن كنت تختبئين كل هذا الوقت ؟ "

" حسناً …. "

"لا تقولي لي أنك كنت تشكين بي؟"

" لا ! أبداً لا ! "

قفزت سيرفيليا مندهشة . كانت تعرف أكثر من أي شخص آخر أنه حتى لو أدار العالم كله ظهره لها، فإن ليونارد لن يفعل ذلك أبداً .

"لأنني لا أعرف من هو، أردت فقط خداع الجميع."

" …. إذن هذا جيد "

بسبب التوتر، أمسكت بفنجان الشاي بيدها اليسرى بشكل غير مريح . عندما رأى ليونارد ذلك، قال بنبرة حزينة :

" يدك لم تتعافى بعد."

"لا بأس، لقد اعتدت على استخدام يدي اليسرى الآن."

عندما شربت الشاي الدافئ، هدأت قليلاً . استدارت بجسدها بالكامل نحو ليونارد الجالس بجانبها و جلست مائلة.

"كيف حال بقية العائلة؟ هل هم بخير؟"

"لا أعرف، كنت في مختبر البرج الشرقي، و بمجرد انتهاء بحثي جئت مباشرة إلى هنا."

شعرت سيرفيليا بخيبة أمل قليلة عند سماع ذلك، لكنها تجاوزت الأمر سريعاً .

رغم أنها لم تكن تعرف بالضبط ما هو، إلا أنها سمعت أن ليونارد يجري بحثاً مهماً جداً كل يوم في مختبره . لذا كان من الطبيعي أن يكون البحث أهم من موت أخته المزيف .

' ليو كان دائماً هكذا منذ زمن '

بما أن الابن الأكبر للملك، الذي كان يجب أن يكون خليفة الملك، لم يكن مهتماً بالسياسة وكان دائماً منغمساً في الكتب و العلم، فقد كان من الطبيعي أن يصاب الملك ماغنوس بالصداع .

في ذكريات سيرفيليا، كان ليونارد دائماً غارقاً في الكتب و يجري تجارب سحرية غريبة في غرفته. لذلك عندما كانت سيرفيليا الصغيرة تذهب لغرفته راغبة في اللعب معه، كانت تضطر للفرار مذعورة بسبب أصوات الانفجارات الغامضة القادمة من خلف الباب .

' لحظة، بما أن ليو هنا، يمكنني أن أسأله عن البرج الشمالي '

كانت تخطط للذهاب إلى البرج الشرقي بنفسها، لكن الآن جاء إليها بنفسه .

ربما يعرف ليونارد، رئيس البرج الشرقي، شيئاً عن البرج الشمالي و رمزه الغريب . ألا يوجد في البرج الشرقي مكتبة خاصة لا يمكن للعامة الوصول إليها ؟

نهضت سيرفيليا من مكانها و أحضرت كتاب "التنين الأحمر" الذي كانت قد وضعته بجانب السرير .

"ليو، هل تعرف شيئاً عن هذا الرمز؟"

فتحت الصفحة التي وضعت فيها علامة و قدمتها لـليونارد. كانت الصفحة التي تحتوي على رمز برج السحر الشمالي .

" مكتوب هنا 'رمز برج السحر الشمالي'، لا تقولي لي أنك نسيت كيف تقرأين حروف جاياس؟"

ليونارد قال وهو يمرر يده على النقش المكتوب بلغة إمبراطورية جاياس .

"لا، ما أعنيه هو، هل رأيت هذا الرمز في مكان آخر، أو هل تعرف شيئًا عنه؟"

ثم ابتسم ليونارد ابتسامة غريبة .

"لماذا تسألين عن ذلك؟"

"الأشخاص الذين حاولوا قتلي، يبدو أن هذا الرمز مرتبط بهم."

قالت سيرفيليا ذلك بصوت منخفض و بجدية، بينما كان ليونارد يستمع لكلماتها، أطلق ضحكة خفيفة .

" حقًا لديكِ خيال جيد، لكنك كنت هكذا منذ صغرك، تتحدثين عن أميرة محاصرة في قلعة ملك الشياطين، أو تهربين من المنزل لصيد التنين "

نظر إليها بابتسامة رقيقة .

****************************

الفصل : ٧٥


عندما قال ليونارد ذلك بشكل ساخر، شعرت سيرفيليا بالاحباط قليلاً .

" ليس أن الأميرة قد تخيلت ذلك، بل هناك دليل قوي "

قال لوسيان، الذي ظل صامتًا طوال الوقت، بصوت معترض قليلاً، ثم شرب ليونارد قليلاً من الشاي و أجاب بنبرة أكثر هدوءًا .

" إذا كنت تقول ذلك، فإن الأمر قد يكون صحيحًا "

"إذا كان لديك أي معلومات، رجاءً شاركها معنا."

"همم، كما تعلم، لا توجد سجلات كثيرة عن برج الشمال، لكنني قرأت بعضًا منها، ولم أجد أي شيء مميز."

فكر ليونارد وهو يدق إصبعه على ذقنه، ثم بدا أنه تذكر شيئًا، فقام بالنقر بإصبعه .

" آه، إذا كان يجب أن أتذكر شيئًا واحدًا، فهو أن المكان الذي ظهرت فيه الوحوش لأول مرة هو برج الشمال."

"ظهرت لأول مرة؟"

" نعم، لقد رأيت سجلاً من قبل، فجأة، ظهرت مخلوقات غريبة في برج الشمال، و هاجمت تلك المخلوقات السحرة الذين اقتربوا منهم بدافع الفضول، مما أسفر عن العديد من الضحايا، على ما يبدو، كان السحرة في ذلك الوقت جميعهم ضعفاء "

قال ليونارد ذلك بشكل خفيف مع مزاح، لكن لوسيان و سيرفيليا تبادلا نظرات جدية .

" لم أسمع بمثل هذه القصة من قبل."

"بالطبع، أنا أيضًا رأيت هذه السجلات في كتاب في منطقة محظورة بمكتبة البرج الشرقي "

" …… "

" وبعد فترة وجيزة من ذلك، تعرضت إمبراطورية جاياس للدمار على يد الوحوش، و عاشت الكائنات التي لا يمكن هزيمتها خلف الجدار الضخم، وهكذا، بعد مئات السنين، نحن هنا الآن."

أنهى ليونارد حديثه و نظر بالتناوب إلى سيرفيليا و لوسيان .

"كنت أعتقد أن الوحوش قد سقطت من السماء أو خرجت من الأرض، لكن ظهورها في برج الشمال كان مفاجئًا."

" إنه مكان منطقي للذهاب إليه."

أومأت سيرفيليا برأسها على كلام ليونارد .

بالتأكيد، الأشخاص الذين كانوا في أمس الحاجة إلى الوحوش هم السحرة، لأن الأحجار السحرية التي يمكن استخراجها من جثث الوحوش كانت بمثابة كنز للسحرة .

" الحيوانات تترك جلودها بعد الموت، و الوحوش تترك أحجار السحر، لكن ماذا يترك البشر بعد الموت ؟ لا شيء سوى حفنة من الرماد، أليس كذلك ؟ لذا إذا كان علينا أن نموت، أليس من الأفضل أن نموت بطريقة تفيد العالم ؟ "

' همم ؟ '

كان ليونارد شخصًا يصعب فهمه عادة، لكنه كان غريبًا بشكل خاص اليوم . كان يبدو غير مألوف، وكأنه ليس الشخص الذي تعرفه .

" ليو ؟ "

راقبت سيرفيليا عيني ليونارد بعناية .

" على أي حال، لقد دمر برج الشمال تمامًا منذ مئات السنين، ولا يمكن حتى العثور عليه الآن، كيف يمكن أن يرتبط هذا الرمز بك ؟ وأنت حتى لست ساحرة، لذا لا داعي للقلق كثيرًا "

لكن لم يكن بإمكانها تجاهل ذلك . بينما كانت تستمع بهدوء إلى كلمات ليونارد، اقترحت شيئًا .

" ليو، هل يمكنك إحضار بعض الكتب من المنطقة المحظورة ؟ أود قراءتها بنفسي."

" لا يمكنني فعل ذلك، لا يمكن إخراج المواد من برج الشرق إلى خارج المنطقة، هذه قاعدة أساسية بين السحرة "

هز ليونارد رأسه بحزم . شعرت سيرفيليا بخيبة أمل قليلاً، لكنها سرعان ما فهمت .

كانت تعرف أن السحرة عادة ما يكونون مغلقين جدًا ولا يرغبون في مشاركة معرفتهم مع الآخرين.

" وبالإضافة إلى ذلك، المعلومات في برج الشرق هي كل ما قلته، يجب العثور على المعلومات الخاصة ببرج الشمال في الشمال "

بعد أن أنهى حديثه، استند ليونارد على عصاه و نهض من مكانه .

"حسنًا، سأغادر الآن."

"هل ستغادر بالفعل؟"

"ماذا سأفعل هنا أكثر ؟ لقد رأيت وجهك، وهذا يكفي."

" لكن، لقد جئت للتو."

قام ليونارد بمداعبة خد سيرفيليا بلطف ليهدئها .

" أنا مشغول، هذا كل شيء، لقد وجدت وقتًا قصيرًا فقط لأكون هنا."

احتضن ليونارد شقيقته بحنان، وهو يربت على ظهرها برفق، كان عناقه مليئًا بالمودة و القلق .

" لن أخبر أي شخص أنك على قيد الحياة، لذا لا تقلقي، اعتني بنفسك، حسنًا؟"

" فهمت "

تراجع ليونارد خطوة إلى الوراء، ثم نقر الأرض بعصاه مرتين برفق . فجأة، اختفى عن الأنظار تمامًا .

ركضت سيرفيليا إلى النافذة و ألقت نظرة إلى الأسفل . وجدت ليونارد قد صعد إلى العربة الواقفة أمام البوابة الرئيسية، و ودعها بإشارة خفيفة بيده .

و لوحت سيرفيليا أيضًا لتوديع شقيقها . بعد لحظة، انطلقت العربة بصمت بعجلاتها تسير بعيدًا .

ظلت سيرفيليا و لوسيان يراقبان تلك اللحظة لفترة طويلة، ثم أغلقا النافذة و عادا إلى الداخل . وبعد ذلك، قاموا بإجراء اتصال بالعين و فتحوا أفواههم في نفس الوقت .

" أميرة "

" أنا أعلم."

جلست سيرفيليا تقريبًا على السرير وكأنها انزلقت، ثم همست قائلة :

"ليو، لماذا كانت عيناه حمراء؟"

كان لون عيني ليونارد، الذي كان في الأصل أخضر زاهي مثل سيرفيليا، قد تحول فجأة إلى لون أحمر باهت أثناء حديثهما .

وعلى الرغم من أنها كانت لحظة قصيرة جدًا، إلا أن الشخصين شاهدا ذلك في نفس الوقت، لذا لم يكن من الممكن أن يكونا مخطئين .

"حديثه كان غريبًا، و المحتوى أيضًا بدا غير طبيعي."

"نعم، يبدو أنك تعترفين بذلك بسهولة."

" إنه ليس سهلاً، في الأصل، كنت أغرب شخص في العائلة المالكة، لكنني لا أشعر بالارتياح للتخلي عن هذا المنصب بعد 27 عامًا "

حاولت سيرفيليا تخفيف الأجواء بمزاح خفيف .

" على أي حال، لقد أصبح الوقت متأخرًا، لذا يجب أن تستريحي، يا أميرة "

بعد أن عاد لوسيان إلى غرفته عبر الباب المتصل، تركت سيرفيليا وحدها وغمرت نفسها في اللحاف .

' برج السحر الشمالي، إذن …. '

بينما كانت تفكر في القصص الغريبة حول برج الشمال و التغير الغريب في عيني ليونارد، قضت سيرفيليا وقتًا طويلاً في التفكير ولم تتمكن من النوم .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

كانت القلعة صاخبة منذ الصباح الباكر .

كانت تشاسترتي و الكهنة، بالإضافة إلى الفرسان المقدسين، يستعدون لتفقد لانغفول .

كانت سيرفيليا مختبئة في غرفة آرتشي في الطابق الأول من جناح القلعة، تتجنب الضجيج . كانت تتكئ على إطار النافذة و تحدق إلى الخارج بلا تعبير .

" بماذا تفكرين يا أميرة بهذه الجدية ؟ "

سأل آرتشي وهو يتكئ برأسه على كتف سيرفيليا .

بعد أن تلقى رسالة من سيرفيليا، عاد آرتشي إلى القلعة و بكى بشدة، رغم أنهم لم يتقابلوا سوى ليوم ونصف . لم يكن من الواضح لماذا كان حزينًا إلى هذا الحد .

" آرتشي، هناك شيء يجعلني أشعر بالقلق حقًا "

"ما هو؟"

" الفرسان …. منذ أن جئت إلى الشمال، كان لديهم الفرصة لقتلي في أي وقت، فلماذا هاجموني في تلك اللحظة بالذات ؟ "

كانت سيرفيليا محاطة بالفرسان المرافقين في القصر، وعلى الطريق إلى الشمال، وحتى خلال إقامتها في الشمال.

"كان بإمكانهم قتلي في أي وقت إذا أرادوا، فلماذا انتظروا حتى ذهبت إلى ما وراء الجدار ليهاجموني؟"

" ربما أرادوا التظاهر بأنه حادث، من الأسهل أن يقال أنك قُتلت في هجوم من الوحوش، مما يقلل الشكوك، ربما كانوا ينتظرون الفرصة المناسبة، وعندما ذهبت إلى ما وراء الجدار، هاجموا "

كان لكلام آرتشي بعض المنطق . كانت سيرفيليا قد فكرت في ذلك في البداية أيضًا، لكن مع مرور الوقت، لم تستطع التخلص من شعور بأن هناك شيئًا أكثر .

"هل هذا هو كل شيء حقًا؟"

بين الفرسان الحراس، و العائلة المالكة، و برج الشمال، أصبحت سيرفيليا تشعر بالصداع وسط الفوضى وعدم وجود قواعد، ثم فجأة، سمعت صوتًا من مكان ما .

" سيل "

ظهر رأس صغير بني اللون من أسفل إطار النافذة . وقفت سيرفيليا و مالت بجسدها نحو النافذة .

كانت تشاسترتي تنظر إليها مبتسمة ببساطة.

" سموك "

" غرفة سيل هي هنا، إذن "

"نعم، هذا صحيح، هل هناك شيء ما؟"

" ليس بالأمر الكبير، كنت أفكر في الذهاب لإلقاء البركة على الجدار، فهل تود أن تأتي معي ؟ "

"أنا؟"

"نعم."

عبست سيرفيليا قليلاً، حيث تساءلت إن كان من الضروري أن تذهب إلى هناك .

" لا أريد حقًا …. "

لكنها لم تستطع إنهاء جملتها . كانت تشاسترتي تومض بعينيها المتألقتين، تنتظر جوابها بشغف.

شعرت سيرفيليا أنه إذا قالت 'لا' لتلك العيون اللامعة، ستصبح أسوأ شخص في العالم.

" …. أرغب في الذهاب "

" كنت أعلم أنك ستقول ذلك ! تعال بسرعة، سنغادر قريبًا ! "

بعد أن حصلت تشاسترتي على ما تريد، ابتسمت بفرح و عادت إلى الجناح الخاص بها. شعرت سيرفيليا أنها تلقت ضربة، لكنها كانت قد وعدتها، لذا استعدت للخروج .

بعد قليل، أنهت سيرفيليا استعدادها و ذهبت إلى الساحة حيث كانوا الفرسان المقدسين مجتمعين .

كانوا الفرسان المقدسين يرتدون عباءات سوداء طويلة، و يضعون الهودات بعمق على رؤوسهم، مما جعل وجوههم غير مرئية تمامًا.

مع وجود أكثر من عشرين شخصًا في هذا الشكل، بدوا أكثر كمجموعة من شياطين الموت بدلاً من فرسان مقدسين.

لم تعر سيرفيليا الأمر اهتمامًا و وقفت بجانبهم.

"من أنت؟"

قال أحد الفرسان وهو يفحص سيرفيليا من رأسها إلى أخمص قدميها بحذر . قدمت نفسها بأدب أولاً.

" أنا سيل أونيكس، الفارس المبتدئ من قلعة لانغفول، لقد طلبت مني القديسة أن أكون جزءًا من جدول أعمال اليوم، لذا جئت "

"ماذا ؟ تحدث بشكل منطقي، كيف يمكن أن تطلب القديسة من فارس مبتدئ مثلك أن يأتي معها ؟ "

ضحك الفرسان المحيطون بها بصوت عالٍ. كانوا جميعًا أطول و أكبر حجمًا، مما جعل سيرفيليا تشعر بالانكماش أمامهم .

' يبدو أن الشائعات عن غطرسة الفرسان صحيحة '

حاولت سيرفيليا أن تهدئ من نفسها، فرفعت كتفيها فقط، لكن الفرسان لم يبدوا أنهم يريدون تركها وشأنها .

" توقف عن الهراء، و ارحل من هنا "

"نعم، من أعطاك الحق للدخول إلى هنا؟"

ثم دفعوا كتفها بقوة . كادت أن تتعثر و تتراجع إلى الوراء .

" إنه اختياري، أليس كذلك ؟ "

في تلك اللحظة، ظهرت تشاسترتي برفقة كاليب، بصوت مشرق .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان