الفصل ٥٨ و ٥٩ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور


" ولكن …. "

في اللحظة التي كادت أن تعترض فيها، قاطعها لوسيان .

"دعينا نعود إلى القصر، قد تظهر وحوش بشعة أخرى."

لم ترغب سيرفيليا في رفع صوتها في الأزقة المزدحمة بالناس، لذا وافقت على كلامه مؤقتاً .

ركب الاثنان حصانيهما و عادا مسرعين إلى القصر . فتح لوسيان الباب الخلفي المقفل للقصر .

كان هذا المدخل مثالياً للدخول خلسة حيث نادراً ما يستخدمه حتى الخدم .

سألها وهو يرشدها إلى داخل الباب :

"بالمناسبة، كيف تمكنتِ من الهروب من الغرفة؟"

"كانت هناك شجرة رائعة خارج النافذة."

أطلق لوسيان تنهيدة صغيرة كما لو أنه لم يفكر في هذا الاحتمال .

" صاحبة السمو، أنا عاجز تماماً عن التنبؤ بتصرفاتك … لدي مكان يجب أن أزوره، فاذهبي أنتِ أولاً و استريحي."

اتبعت سيرفيليا كلامه و صعدت الدرج وحدها، ثم سارت في ممر الطابق الثالث . شعرت بغرابة في نفسها. كان ذلك بسبب الأقمشة السوداء المعلقة في كل مكان .

لم تكن تعرف ما يجري لأنها كانت محبوسة في غرفتها طوال هذه المدة .

أقيمت جنازتها في العاصمة، وهي حية. علقت الأقمشة السوداء في غرفتها، وهي ترتدي ملابس فارس سوداء بسيطة .

عندما أُنزل النعش الفارغ تحت شاهد قبرها، كانت هي مختبئة في إحدى غرف قصر الدوق .

' إنها حقًا جنازة لشخص على قيد الحياة '

هزت سيرفيليا رأسها لتطرد هذه الأفكار واتجهت إلى غرفتها .

عندما أدارت المقبض الذهبي وفتحت الباب، رأت آرتشي يختبئ بسرعة تحت المكتب . رغم محاولته الاختباء بجد، كان شعره الأحمر المشعث بارزاً فوق المكتب .

" آرتشي، تعال هنا."

" آه، هل هذه أنتِ يا أميرة ؟ "

أخرج رأسه بحذر، و نظر حوله، ثم خرج من تحت المكتب و وقف بجانبها .

" أين كنتِ ؟ كان الأرشيدوق يبحث عنك بشدة."

" ابقى كما أنت للحظة."

تجاهلت سيرفيليا سؤال آرتشي و ركزت على ما تريد فعله .

أدارته يميناً و يساراً ثم احتضنته بقوة كما فعل لوسيان من قبل .

" همم ؟ أميرة، هل هناك شيء خاطئ ؟ "

استجاب آرتشي لعناقها وكأنه معتاد عليه. حتى أنه ربت على ظهرها، لكن كان هناك شيء مختلف عن ذي قبل .

' ما الذي يختلف ؟ '

راحت سيرفيليا تعانقه من هنا و هناك و تتحسسه محاولةً إيجاد السبب .

كان آرتشي نحيفاً جداً و صلباً. ولم يكن فارق الطول بينهما كبيراً، لذا كان العناق غير مستقر . والأهم من ذلك، لم يكن هناك ذلك الإحساس الغريب .

يبدو أن آرتشي هو مجرد آرتشي .

"كيف تكون نحيفاً هكذا وأنت لا تفعل شيئاً سوى النوم و الأكل؟"

"هذا لأنني أتعرض للكثير من الضغط من رئيستي في العمل."

"يبدو أن لديك رئيسة رائعة حقاً."

أطلقت سيرفيليا سراحه من عناقها و ارتمت على الأريكة . لم تجد إجابة لتساؤلاتها .

حتى وهي تقضم الطعام الذي أحضرته أوليفيا، ظلت غارقة في أفكارها، لكن الإجابة لم تأتي .

' ما الذي يجعل عناق لوسيان مختلفًا …. ؟ '

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

في تلك الليلة، استيقظت بعد أقل من ساعتين من نومها . كان عقلها مضطرباً ولم تستطع العودة للنوم .

شعرت كأن سرباً من الغربان سينهمر من السقف، وكأن أوريس سيقتحم الباب في أي لحظة .

أخيراً، أشعلت شمعة و خرجت إلى الممر. كانت تنوي الذهاب إلى المكتبة لتأخذ كتاباً لتقرأه .

بما أن لا أحد يستطيع الدخول إلى ممر الطابق الثالث، فلن يكتشف أحد ذهابها إلى المكتبة لفترة قصيرة .

كان الممر البارد يعج بالهواء البارد فقط، لكن في جانب من الممر، كان هناك ضوء يتسرب من باب المكتبة .

' هل هو الأرشيدوق ؟ ماذا يفعل في المكتبة في هذا الوقت ؟ '

فتحت باب المكتبة ببطء بيد مرتجفة .

" أرشيدوق ؟ "

لكن لم يكن هناك رد أو حركة. يبدو أن شخصاً ما ترك المدفأة مشتعلة و غادر الغرفة .

لم يتبقى الكثير من الحطب والنار كانت تتراقص بشكل غير مستقر .

تمتمت سيرفيليا لنفسها قائلة أنه لا ينبغي ترك هذا الشخص المهمل و شأنه، متسائلة عما سيحدث لو اندلع حريق، لكن بفضل المدفأة المشتعلة، استطاعت رؤية المكتبة بأكملها .

كانت المكتبة كبيرة جداً لدرجة أنها تبدو مضيعة أن يستخدمها شخص واحد .

مشت سيرفيليا ببطء بين الرفوف بعيون مهتمة. كانت الرفوف مليئة بأنواع مختلفة من الكتب، من كتب الاقتصاد السميكة إلى كتب الشعر الخفيفة، وفي المنتصف كانت هناك طاولة كبيرة و أريكة مريحة .

بعد أن مرت بالعديد من رفوف الكتب المملة، اتجهت نحو الرف الخلفي حيث قالت فيرونيكا إنها تخبئ روايات رومانسية للكبار فقط .

" ما هذا ؟ "

على عكس ما قالت فيرونيكا، كانت المكتبة مليئة بكتب مملة مثل <تاريخ مملكة أستيريا>، و <ازدهار و سقوط إمبراطورية جاياس>، و <دول قديمة، و دول جديدة>.

يبدو أن لوسيان قد أزال بالفعل جميع الكتب المثيرة . بخيبة أمل، سحبت سيرفيليا كتاباً بعصبية و بدأت في تصفحه .

" فيرونيكا، أنت الأفضل ! "

اتضح أن الغلاف الخارجي فقط كان كتاباً أكاديمياً، بينما كان المحتوى الداخلي رواية شعبية للكبار فقط .

بدأت سيرفيليا بحماس في إخراج و قراءة الكتب. كان هناك مجموعة متنوعة من الروايات الشعبية .

يبدو أنها لن تنام الليلة …

توقفت يدها عند كتاب معين .

" كيف حصلت على هذا الكتاب ؟ "

احتضنت الكتاب بإعجاب .

كان هذا الكتاب تحفة مأساوية سمعت عنها منذ سنوات . على الرغم من عدم إمكانية نشر المجلد التالي بسبب توقف المؤلف، إلا أنه قلب عالم الأدب رأساً على عقب عند نشره .

لقد قلبت العاصمة بأكملها بحثاً عن هذا الكتاب لكنها لم تستطع العثور عليه. و اضطر آرتشي المسكين لسماع شكواها لعدة أشهر بسبب ذلك .

كم كانت متلهفة لقراءته بعد رؤية المقدمة و العنوان و الكلمات المفتاحية التي تناسب ذوقها تماماً، إضافة إلى المراجعات المثيرة من القراء السابقين، لكنها لم تتوقع أن تجد هذا الكتاب في الشمال !

حملت سيرفيليا الكتاب بعناية و اتجهت بحماس نحو الطاولة . وضعت الشمعة الخافتة على الطاولة، ثم جلست على الأريكة المظلمة .

" آآه ! "

" كيااا ! "

كان هناك شخص ما على الأريكة. بدلاً من الأريكة الناعمة، جلست على جسد شخص ما.

نهضت سيرفيليا مذعورة لكن قدمها تعثرت و سقطت فوقه .

" أمـ … أميرة ؟ "

" أرشيدوق ؟ "

كان لوسيان مستلقياً على الأريكة. دون قصد، وجدت نفسها جالسة فوقه. حاولت سيرفيليا النهوض لكن يديها كانتا تنزلقان على الأريكة مما جعل من الصعب الحفاظ على توازنها .

" عذراً، لم أكن أعرف أن هناك شخصاً هنا "

" وأنتِ، ما الذي أتى بكِ إلى المكتبة في هذا الوقت ؟ "

"وأنت أيضًا، ماذا كنت تفعل هنا؟"

تمكنت سيرفيليا أخيراً من النهوض و جلست على المقعد المجاور .

"لم أستطع النوم، فجئت لأقرأ قليلاً."

رفع لوسيان الكتاب الذي كان في يده. كانت خريطة للمنطقة الشمالية . عبست سيرفيليا قليلاً عندما رأت العنوان الذي يبدو مملاً.

"هذا سيساعدك على النوم بالتأكيد."

ساد صمت محرج لفترة. رغم أن المدفأة كانت مشتعلة بقوة، إلا أن المكتبة الواسعة كانت باردة.

بينما كانا يتنحنحان بلا سبب، بدأ لوسيان الحديث :

"هناك شيء لم أخبرك به بعد، سنستقبل قريباً زواراً من المعبد الكبير."

"من المعبد الكبير؟"

" نعم، كما رأيتِ سابقاً، تحدث أمور غريبة في الشمال، وافق المعبد الكبير على إرسال أشخاص للمساعدة في التحقيق."

كان يتحدث عن الأعراض الغريبة التي ظهرت على حيوانات الشمال . وبما أن هذا من اختصاص المعبد الكبير، فمن الطبيعي طلب مساعدتهم.

أومأت سيرفيليا برأسها و سألت :

"متى سيصلون؟"

" لقد أرسلوا رسالة تفيد بأنهم غادروا بالفعل، لذا يجب أن يصلوا خلال هذا الأسبوع على أبعد تقدير."

"إذن علي أن أختبئ في مكان آخر حينها."

رغم أنها لم تكن سعيدة بزيارة الغرباء، إلا أنه لا مفر من ذلك. لم يكن الأمر شيئاً يمكنها التدخل فيه، وعلى أي حال سيذهبون قريباً إلى ما وراء الحاجز، لذا لم تكن تريد أن تقلق كثيراً بشأنه .

" سأختبئ في غرفة آرتشي …. "

" لا يمكن ! "

صرخ لوسيان فجأة. غطت سيرفيليا أذنيها و نظرت إليه بغضب .

" إذن ماذا تريدني أن أفعل ؟ هل تريدني أن أقدم نفسي قائلة : نعم، أنا الأميرة سيرفيليا ؟ "

" سيأتي رئيس الكهنة دوريس و الفرسان المقدسين، هل تعرفين ما إذا كان أي منهم قد رأى وجهك من قبل ؟ "

فكرت سيرفيليا للحظة .

" حسنًا …. إذا حضر واحد منهم مراسم تعميدي، فربما نعم "

****************************

الفصل : ٥٩


تذكرت سيرفيليا أنها نادراً ما زارت معبد العاصمة، وكذلك المعبد الكبير في هاتيسيل الشرقي . لذلك، لم يكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يعرفون وجهها .

كانت مراسم تعميدها تثير قلقها قليلاً، حيث كانت ترتدي حجابًا فوق رأسها في ذلك الوقت، لذا من المحتمل أن وجهها لم يظهر .

" كانت مراسم تعميدك تحت إشراف الكاردينال يورون، بينما كان الكاردينال دوريس في ذلك الوقت كاهنًا عاديًا، لذا لن يكون قد حضر، قد يتذكر بعض الفرسان المقدسين، لكنهم كانوا مشغولين بالحراسة، لذا لم يكن بإمكانهم رؤيتك بشكل جيد "

"هل كنت في مراسم تعميدي ؟ كيف تعرف ذلك جيدًا ؟ "

" …. سمعت هذا من الكاردينال يورون "

تذكرت سيرفيليا أنها قابلت الكاردينال يورون في معبد لانغفول. استوعبت الأمر بسهولة و أومأت برأسها .

"إذًا، أين يجب أن أكون حتى يغادر هؤلاء الأشخاص؟" 

"لم أكن أرغب في نقلك إلى مكان آخر، لكن من الأفضل أن تنتقلي إلى فيلا عائلتي، قد يكون هذا هو الخيار الأفضل، لقد ذهب آرتشي و السيدة أوليفيا إلى هناك بالفعل لاستقبال سموك "

لذا كان ذلك هو سبب استدعاء آرتشي. بينما كانت سيرفيليا تفكر في ذلك، مد لوسيان يده نحوها .

"لكن ما هذا الكتاب؟"

" آه، لا شيء مهم."

شعرت سيرفيليا بارتباك و أخفت كتابها بجسدها . شعرت أنه يجب عليها ألا تُظهر هذا الكتاب بأي شكل من الأشكال .

على عكس المرة السابقة، الآن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار سمعتها كأميرة و مكانتها الاجتماعية. لم ترغب في كشف ميولها بشكل واضح .

" …. هل تقرأين كتابًا غريبًا مرة أخرى؟"

مد لوسيان يده نحو الكتاب، لكن سيرفيليا كانت أسرع قليلاً . احتضنت الكتاب بقوة حتى لا يظهر عنوانه .

" لا تهين ذوقي النقي كثيرًا "

" الآن بعد أن قلتِ ذلك، أنا أكثر فضولاً "

ربما بسبب ضوء الشمعة الخافت، شعرت أن نظرة لوسيان كانت أكثر عمق من المعتاد . رمش ببطء و انحنى نحو سيرفيليا .

" هل يمكنكِ أن تقرأي لي هذا الكتاب ؟ "

بعد لحظة من الصمت، تحدثت سيرفيليا بصوت مرتعش .

" هذا الكتاب …. ؟ "

" نعم، أنا فضولي بشأنه."

" إنه أمر محرج بعض الشيء."

" في ذلك الوقت، لم تشعري بالخجل على الإطلاق."

انحنى لوسيان أكثر نحوها، مما جعل سيرفيليا تميل قليلاً إلى الوراء و تخفي الكتاب خلفها .

لم ترغب في أن يعرف ما الذي تقرأه . إذا تم اكتشاف ذلك، سيكون الأمر محرجًا للغاية، خاصة في هذا المكان الذي يضم شخصين فقط في وقت متأخر من الليل .

" هذا الكتاب ليس مناسبًا …. "

" اقرئي لي، أرغب في سماع صوتك وأنت تقرئين."

عندما تحدث لوسيان بصوت عميق و هادئ، لم تستطع سيرفيليا مقاومة الإغراء، وذلك لأن الرغبة في عدم إحباط تلك العيون الزرقاء الجميلة كانت أقوى من الحاجة إلى الحفاظ على سمعتها الاجتماعية .

استعدت قليلاً، ثم فتحت الكتاب . كان المكان هادئًا للغاية، حتى أن صوت أصابعها وهي تلمس الورق كان واضحًا.

كان صوت الحطب المحترق في المدفأة خلفها كخلفية موسيقية . بلعت سيرفيليا ريقها، و رأت لوسيان وهو يمسك بقماش الأريكة بقلق . بعد أن لمحت تلك اللحظة، فتحت فمها وبدأت تقرأ ببطء .

" كاااا "

" .…… ؟ "

" صرخ التنين الأحمر، الأقوى بين جميع التنانين، لقد هزم جميع الوحوش، على أي حال، كان التنين الأحمر قويًا جدًا …. "

" مهلاً، يا أميرة "

" ماذا ؟ "

" هل اسم الكتاب هو …. "

" إنه <الذهاب إلى عالم آخر بحثًا عن التنين الأحمر الذي لا يقهر على الإطلاق>."

عندما سمع لوسيان ذلك، اتسعت عينيه بشكل مفاجئ ثم انفجر في الضحك . استغربت سيرفيليا ولم تفهم السبب، فمالت برأسها قليلاً.

" لم أعلم أن لديك مثل هذا الذوق."

ضحك لوسيان لفترة طويلة، ثم استرخى على ظهر الأريكة . شعرت سيرفيليا بالاستياء .

استجمعت شجاعتي لأقرأ له، فما هذا السلوك ؟

"هل تضحك على هذه التحفة الفنية؟"

" كنت فقط متفاجئًا قليلاً."

أخذ لوسيان كتاب <التنين الأحمر> وتصفح الصفحات الخلفية .

عندما أبدى اهتمامًا بكتابها المفضل، شعرت سيرفيليا بقلبها ينبض بسرعة .

" في الحقيقة، أحب قصص التنانين."

نهض لوسيان وألقى ببعض الحطب في المدفأة. بدأ اللهب يشتعل قليلاً، وأضاءت المكتبة الباردة بلون برتقالي دافئ.

" إنها أسطورة عن التنين الأحمر."

نشأ الأطفال في القارة وهم يستمعون إلى الأسطورة التي تقول أن التنين الأحمر ينام عند حدود العالم و غير العالم .

وفقًا للأسطورة، كان للتنين الأحمر أجنحة تتخطى الزمان و المكان، وقد اشتهر بأن البطل أونيكس، قطع أحد جناحيه .

" هذا صحيح، كنت دائمًا غارقة في مثل هذه الكتب منذ طفولتي، هل تظن أن الأمر يقتصر على ذلك فقط ؟ لقد شاركت ذات مرة في مسابقة المبارزة عندما كنت في العاشرة من عمري لأنهم قالوا أنه سيتم منح سيفًا ثمينًا نستطيع به هزيمة التنين كجائزة، اعتقدت أنه يجب أن أحصل على شيء مثل ذلك لأصبح فارسة أسطورية "

كانت مسابقة المبارزة حدثًا كبيرًا يشارك فيه أقوى المحاربين في القارة . في تلك البطولة، استغلت سيرفيليا، التي كانت تبلغ من العمر عشر سنوات، مكانتها كأميرة لتصل إلى الدور النهائي .

كان الجميع يعتقد أنها ستخسر في الجولة الأولى، لكن ما حدث كان مفاجئًا . هزمت صبيًا أكبر منها بسنتين، وتأهلت إلى الجولة الثانية . وبطبيعة الحال، كانت تلك نهاية النصر .

استفادت سيرفيليا من هزيمتها في ذلك اليوم لتفوز في البطولة بعد عدة سنوات .

" هل تتذكرين الخصم الذي قمتِ بهزيمته، يا أميرة ؟ "

كان لوسيان يحمل ابتسامة سعيدة على شفتيه. حاولت سيرفيليا أن تتذكر، لكن التفاصيل كانت ضبابية .

" لا أعرف، كان مجرد صبي، لكنه كان مذهلاً أيضًا "

في الحقيقة، كان الأمر محيرًا للجميع . كان الخصم، الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، قد اجتاز جميع التصفيات و تأهل إلى الدور النهائي بجدارة، ولم يكن من المفترض أن يخسر أمام أميرة تم إدخالها بشكل غير عادل .

لذلك، كانت سيرفيليا تفتخر بفوزها في ذلك اليوم حتى بعد 17 عامًا .

" ذلك …. الصبي "

" ماذا ؟ "

استغرق لوسيان وقتًا طويلاً بشكل غير عادي في العبث بأصابعه . فتح فمه لكنه لم يقل شيئًا و حدق بها بأعين متلألئة .

انتظرت سيرفيليا إجابته، ولكنه أغلق فمه و أدار رأسه نحو المدفأة وكأنه يتجنب الموضوع .

" لا شيء، أكملي قراءة الكتاب "

رفعت سيرفيليا كتفيها واستأنفت القراءة.

" لقد كنت أريد قراءة هذا الكتاب <التنين الأحمر> بشغف."

أظهرت تركيزًا غير عادي، حيث احتوى الكتاب على نص كثيف و العديد من الرسوم التوضيحية المرسومة بقلم خشن .

بعد أن قرأت نصف الكتاب، توقفت عن تقليب الصفحات للحظة عندما وجدت رسمًا توضيحيًا مألوفًا .

شعرت بعرق يتسرب من أطراف أصابعها التي كانت تمسك الورقة .

' لماذا يوجد هذا هنا ؟ '

لقد كانت علامة غصن الشجرة الذابلة المحفورة على صدر أوريس عندما مات .

فكرت في البحث عن معنى هذه العلامة، لكنها لم تتوقع أن تصادفها بشكل مفاجئ في رواية.

قرأت سيرفيليا بعيون مرتعشة الشرح المكتوب تحت الرسم .

[ قاعة السحرة العظماء، رمز البرج الشمالي ]

تساءلت سيرفيليا للحظة إذا كانت قد قرأت النص بشكل خاطئ .

بعد كل شيء، ما علاقة أوريس الذي جاء من حي فقير في الجنوب، بالبرج الشمالي ؟

ومع ذلك، كلما قرأت مرة أخرى، كانت الأحرف ثابتة دون تغيير .

' لكن برج الشمال قد اختفى منذ زمن بعيد '

قبل مئات السنين، انهار برج السحر الشمالي مع الإمبراطورية و اختفى تمامًا . لم يُذكر سوى أنه كان في مكان ما خلف الجدار .

" هذا غريب …. "

"هل هناك مشكلة؟"

لم يكن التفكير بمفردها سيؤدي إلى أي نتيجة. فتحت سيرفيليا الكتاب وقدمته مباشرة إلى لوسيان .

" أوه، هذه العلامة هي نفسها التي ظهرت على صدر أوريس، لكن لا أستطيع قراءة النص المكتوب أسفلها، يبدو أن هذا الجزء مكتوب بلغة مختلفة "

تتبع لوسيان الشرح المكتوب تحت الرسم بإصبعه .

" آه، هذه لغة إمبراطورية جاياس "

" ولكن أليست هذه لغة قديمة ؟ هل يمكنكِ قراءتها ؟ "

نظر لوسيان إليها بتعبير مفاجئ.

" نعم، لقد علمني إياها ليون في صغري."

كان ليونارد مجتهدًا، وكان يحب قراءة الكتب القديمة منذ سن مبكرة، بهدف دراسة السحر القديم، و نجح في تعلم لغة إمبراطورية جاياس بمفرده، و علمها لأخته الصغرى المحبوبة، سيرفيليا .

" على أي حال، لا يضر أن تتعلم شيئًا، هنا مكتوب : { قاعة السحرة العظماء، رمز البرج الشمالي } "

" البرج السحري الشمالي …. "

"هل لديك معرفة عنه؟"

" كل ما يتعلق بالبرج الشمالي قد اختفى مع البرج، لذا لم يتبقى الكثير من السجلات، لكن هناك مجرد قصص تُروى كما في الأسطورة، وأعتقد أن هذا الكتاب قد كُتب استنادًا إلى تلك الأسطورة، من هو مؤلف هذا الكتاب ؟ "

أغلق لوسيان الكتاب ليتحقق من اسم المؤلف .

" …. الأرنب الجبان ؟ "

" هذا، عادةً مثل هذه الروايات تستخدم أسماء مستعارة "

شعرت سيرفيليا بالخجل، فأخذت الكتاب بسرعة .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان