سقطت هراوة الترولز أمام وجهها مباشرة بصوت مدوي . اهتزت الأرض وكاد قلبها أن يتوقف، لكنها على الأقل لم تمت .
توضيح : هراوة، هي عصا ضخمة ذات رأس مدبّب تستخدم كسلاح .
" آآآآه ! "
صرخت سيرفيليا برعب لكنها غيرت اتجاهها بسرعة و عادت نحو وجهتها الأصلية .
كانت صغيرة الحجم و سريعة مقارنة بالوحوش الضخمة، مما جعل تفادي هجماتها المتتالية أسهل .
وبالرغم من تعرض ذراعها و خصرها لبعض الخدوش من شيء حاد، إلا أنها لم تعر ذلك اهتماماً كبيراً .
ركضت كالمجنونة وكأنها لا ترى شيئاً سوى هدفها .
وأخيراً، وصلت مباشرة أمام العربة التي يركبها صاحب العباءة السوداء . حاول الانحناء للخلف كأنه يريد الهرب، لكن الأوان كان قد فات .
" خذ هذا ! "
قفزت سيرفيليا و ركلته بقوة في صدره .
سقط على الأرض مطلقاً صرخة غريبة لم تكن بشرية ولا من صوت الوحوش . قفزت سيرفيليا على جسده، ثم أخرجت خنجراً من صدرها و غرسته بعمق في قلنسوة العباءة السوداء .
" ما هذا ؟ "
لم يكن هناك وجه حيث يفترض أن يكون. بدلاً من ذلك، التف حول يدها شيء يشبه الطين اللزج .
خرجت مجسات الوحش من داخل القلنسوة والتفت حول ذراعها . عبست سيرفيليا من هذا المشهد المقزز .
"ماذا تفعل، مُت فحسب!"
أدارت خنجرها المغروس و دفعته بقوة إلى الأسفل . انفجرت كتلة طينية لزجة من داخل العباءة السوداء .
— بـوم !
في نفس اللحظة، انفجرت رؤوس مئات الوحوش المتراصة أمام الحاجز . تناثر الطين اللزج على وجوه الجنود الواقفين في المكان .
" مـ، ما هذا ؟! "
في المكان الذي انفجرت فيه الرؤوس، لم يتبقى سوى كتل طينية تسيل مثل الشمع .
" آآآآآه ! "
انطلقت الصرخات من كل مكان بسبب المشهد المروع .
كان نصف جيش الوحوش عبارة عن دمى طينية، والنصف الآخر فقط كانوا وحوشاً حقيقية . وحتى الوحوش الحقيقية، بعد فقدان قائدها، أصبحت تائهة تقفز هنا وهناك .
" استعيدوا تركيزكم ! اقضوا على كل ما تبقى منهم ! "
استجاب جنود الشمال لأمر لوسيان و بدأوا في القضاء على البقية .
في هذه الأثناء، كانت سيرفيليا تحاول التخلص من المجسات الطينية الملتفة حول ذراعها وهي تصرخ بصخب .
" آه، ابتعد ! مقزز ! "
سمعت وقع حوافر خيل من خلفها، و إذا بلوسيان قد وصل و ساعدها في تحرير ذراعها.
كانت ذراعها مغطاة بالطين لكنها لم تكن مكسورة أو مفقودة. ابتسمت سيرفيليا وهي تفرد أصابعها الخمسة للتأكد.
" واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة ! شكراً لك، أيها الدوق "
" أميرة "
كان تعبير لوسيان صعب الوصف . بدا وكأنه مندهش، خائف، وفي نفس الوقت متفاجئًا .
" أميرة، كيف عرفتِ ؟ "
" ماذا ؟ "
أمسك لوسيان بيد سيرفيليا و ساعدها على النهوض .
قامت بتنظيف الغبار من مؤخرتها .
" أن نصفهم دمى متحركة "
" أوه، لم أكن أعلم ذلك "
" … إذن، ما الذي كنتِ تفكرين فيه عندما قفزت ؟ "
" سأقتل واحدًا فقط "
أجابت سيرفيليا بنبرة مزاح، ثم ربتت على كتف لوسيان .
بينما كان الغبار يتصاعد من حولهما و دماء تُسفك هنا وهناك، كان الاثنان يشعران وكأنهما في مكان آخر تمامًا .
" حسنًا، اتركي الباقي لنا، عليك العودة الآن "
" لا، يجب أن نكمل معًا …. "
" كوينتين ! "
عندما نادى لوسيان، ركض ساحر من بعيد بحماس . وعندما اقترب، كانت أنفه حمراء و شفتاه مبللتان … بدا أنه كان في حالة سكر.
" هاها ! ماذا هناك ؟ "
" كوينتين، خذ هذا الشخص إلى مكان آمن، بسرعة ! "
" ماذا ؟ لماذا فارس منخفض المستوى ؟ "
" لا أسئلة، تحرك فورًا، لديه إصابة، و يجب أن نعالجه ! "
أوكل سيرفيليا إلى كوينتين، ثم قفز مرة أخرى إلى ساحة المعركة .
" هيا، دعنا نذهب، أيها الفارس منخفض المستوى "
أخذ كوينتين سيرفيليا بين ذراعيه و احتضنها بقوة . فجأة، بدأت سيرفيليا تتأرجح و تحاول الهرب.
" آه ! ماذا تفعل ؟! "
" أوه، تعويذة الشفاء ! هاها، كنت سأنسى ! "
بأصابعه السميكة، بدأ كوينتين ينقر على قمة رأسها، ثم تدفق غبار متلألئ كالنجم من قمة رأسها إلى أصابع قدميها، محيطًا بها . و بدأت جروح سيرفيليا تشفى ببطء .
" ماذا ؟ اتركني ! "
" ماذا ؟ لا، لا يمكن، أيها الفارس منخفض المستوى، هل لم تسمع ما قاله سيدي ؟ "
ضربت سيرفيليا ساعد كوينتين بقبضتها، لكن ذلك لم يكن له أي تأثير، كمن يضرب صخرة ببيضة .
استمر في حملها بإحكام بينما كان يتقدم نحو الجدار .
" آه، أيها العجوز ! انتبه هنا ! "
ظهرت حفرة نارية ضخمة، وأحرقت وحشين كانا يلاحقانهما في لحظة .
" شكرًا لك، أيها العجوز "
تجاوز كوينتين جميع العقبات حتى وصل أخيرًا أمام الجدار، ثم ضرب الجدار بقوة بقبضته .
بصوت مدوي، انهار الجدار . كانت سيرفيليا مذهولة، ففتحت فمها في دهشة .
" ما هذا …. ؟ "
" هاهاها ! إنه باب سري "
كما قال، تلاشت سحابة الغبار ليكشف عن باب مخفي . ضحك كوينتين بصوت عالي وفتح الباب لدخوله .
عندما نظرت إلى الوراء، كان الجدار يعود إلى حالته الأصلية . بدا أنه كان سحرًا للتخفي .
عندما أغلق الجدار، تم حجب الضوضاء الخارجية تمامًا، و وقف الاثنان في ممر مظلم و رطب وطويل .
" انتظر ! سأذهب هنا بنفسي "
" افعل كما تشاء، أيها الفارس منخفض المستوى "
أخيرًا، عندما وضعت سيرفيليا قدميها على الأرض، تنفست بارتياح .
" على أي حال، من أنت ؟ "
" أنا ؟ ألا تعرفني ؟ عجبًا، أيها الفارس منخفض المستوى، من أين أنت ؟ "
مرر كوينتين يده عبر لحيته المجدولة بابتسامة لطيفة .
" أنا … من الشرق، لذا لا أعرف الكثير عن الشمال "
أجابت سيرفيليا بكذبة عابرة .
" كما توقعت ! عند الإقامة هنا، ستسمع عن سمعتي كل يوم، لذا لن أحتاج إلى شرحها بنفسي، هاهاها ! "
أثارت ثقته المفرطة ابتسامة مترددة من سيرفيليا .
بينما كانا يسيران في الممر، ظهر درج حلزوني، و دخلا عبره إلى قلعة . وعندما وصلا إلى ممر مضاء بدفء، تنفست سيرفيليا بارتياح .
" شكرًا لك، سأذهب الآن "
لكن أمسك كوينتين بساعد سيرفيليا وهي تحاول الهرب و سحبها إلى مكان ما.
" إلى أين سنذهب ؟ "
" هاها ! إلى أين تعتقد ؟ إلى أكثر الأماكن أمانًا في هذا الجدار ! "
" يبدو أنني بأمان هنا بما فيه الكفاية …. ! "
لم تكن سيرفيليا تعرف كيف تتعامل مع قوته البدنية، فبدأت تُجرّ خلفه .
" هيا، ادخل هنا، لا تتحرك حتى يأتي سيدي ! "
أغلق الباب الخشبي بقوة خلفه . حاولت أن تدور مقبض الباب بعنف، لكنه لم يفتح .
وعندما طرقت الباب بقوة، سمعت صوته من خلفه .
" آه ! لقد وضعت تعويذة إغلاق آمنة، لذا لا داعي للقلق من أي اقتحام، أيها الفارس منخفض المستوى ! "
" ماذا ؟ لا، لماذا تحبسني ؟ "
احتجت سيرفيليا و ضربت الباب برجلها بقوة، لكن بالطبع، كل ما آلمها هو قدميها .
صرخت و طرقت الباب كما لو كانت ستكسره، لكنها لم تستطع فك التعويذة .
" آه ! إذن، أين أنا ؟ "
أخذت نفسًا عميقًا و حولت نظرها . دخلت أشعة الشمس الطويلة من نافذة صغيرة، وكانت الغرفة مغمورة بلون قرمزي، مما جعلها تشعر بشيء مألوف .
بدأت تنزع درعها المتسخ بدماء الوحوش و الرمال ببطء، وهي تتفحص المكان من حولها.
" هل من الممكن أن تكون غرفة الدوق ؟ "
يبدو الأمر كذلك، شعرت سيرفيليا بالفضول و بدأت تتجول ببطء حول الغرفة .
****************************
الفصل : ٦٥
إذا كانت غرفة لوسيان في القلعة تبدو كغرفة نبيل عادي، فإن هذه الغرفة بدت كغرفة صبي كثير الأحلام . بمعنى آخر، كانت فوضوية .
أول ما لفت انتباهها كان كومة من الكتب المغطاة بالغبار . كانت الكتب التي لا تُعد ولا تُحصى تملأ جداراً كاملاً و تتكدس على الأرض أيضاً .
اقتربت لمعرفة نوع الكتب لكن لم يكن هناك أي عناوين مكتوبة عليها.
لم تستطع كبح فضولها فالتقطت كتاباً . كان على الغلاف الأمامي توقيع مطبوع بالذهب .
" لوسيان بيرنز ؟ "
عند النظر عن قرب، تبين أنها ليست كتباً بل مذكرات مزينة بتوقيع لوسيان الأنيق .
همّت سيرفيليا بتصفح المذكرات بفضول لكنها وضعتها جانباً بضمير حي . تذكرت جيداً شعورها عندما سرق أخوها الأوسط تيبيريوس مذكراتها و قرأها .
كانت في الثانية عشرة من عمرها حينها، و شدت شعره بقوة ولم تكتفي بذلك، فربطته بشجرة لنصف يوم .
رغم أنها عوقبت بشدة عندما اكتُشف الأمر لاحقاً، إلا أنها لم تندم على الانتقام منه. فقد ظل لسنوات بعدها يضايقها و يسخر منها بمحتوى مذكراتها .
" أنتِ تقولين إنك ستتزوجين الأميرة عندما تكبرين ! ألست غبية ؟ "
"ما شأنك إن تزوجت الأميرة أم لا!"
"أنتِ الأميرة يا غبية!"
" أنا فارس ! "
بعد ذلك، توقفت عن كتابة المذكرات . رغم أن رغبتها السرية في الأميرة ذات الشعر الفضي السجينة في قلعة ملك الشياطين استمرت .
بعد أن وضعت المذكرات، نظرت مجدداً إلى الغرفة . على الجانب الآخر من المكتبة، كانت هناك خريطة كبيرة تزين الحائط وحولها الكثير من الملاحظات الملصقة .
اقتربت لقراءة الملاحظات. كان معظمها معلومات عن الوحوش و خطط عمليات، لكن بين الحين و الآخر برزت أشياء غريبة .
" كاكاو، مارشميلو ؟ ما هذا ؟ "
هل من الممكن أنه كتب قائمة بالأشياء التي يريد تناولها ؟
ارتفعت زاوية فم سيرفيليا مبتسمة لهذا الذوق غير المتوقع .
" لديه جانب طفولي "
ضحكت وهي تقرأ الملاحظات واحدة تلو الأخرى .
"وما هذا أيضاً؟"
لفتت انتباهها عبارات عاطفية، وكلها كانت تتعلق بحب من طرف واحد .
" يا له من شخص متنوع "
بعد قراءة الملاحظات بتركيز لفترة طويلة، بدأت تشعر بالألم في جسدها كله .
في وقت سابق، كانت تضرب بسيفها دون أن تشعر بالألم بسبب حالتها النفسية .
جلست على الكرسي بثقل وهي تدرك الألم الذي يضرب جسدها كله .
وبينما كانت على وشك الانحناء على المكتب، اكتشفت شيئاً غير متوقع .
كانت هناك عدة تماثيل خشبية لخيول متناثرة على المكتب، و بجانبها سكين نحت قديم .
هل كان يقضي وقته هنا في نحت الخشب ؟
مررت سيرفيليا يدها على قطعة الخشب الخشنة .
تدفق اهتمامها عندما اكتشفت جانباً من لوسيان مختلفاً تماماً عما عرفته . كانت تظن أنه مجرد نبيل جامد و مملّ، لكن ها هو يمتلك جانباً بريئاً كهذا .
بعد أن رأت جانبه السري هذا، بدأت حدة موقفها تجاهه تلين تدريجياً .
" كنت محقة، الدوق لطيف حقًا "
وبينما كانت تستكشف الغرفة بحماس، اكتشفت شيئاً غير متوقع على الطاولة الجانبية .
"لماذا هذا موجود هنا؟"
لقد كانت صورة منضدية وضعتها في غرفة لوسيان عندما أحدثت الفوضى بصورها .
التقطت صورتها وهي تقطب حاجبيها، للتأكد من عدم وجود أي خربشات أو عبارات ملعونة عليها، لكن على عكس توقعاتها، كانت الصورة نظيفة .
ليس هذا فحسب، فقد كانت خزانة العرض الزجاجية الكبيرة في الركن مليئة بأشياء مألوفة .
" ماذا ؟ ظننت أنه تخلص منها "
ضحكت وهي تنظر إلى تمثالها الصغير داخل خزانة العرض، لكن لم يكن هناك أي أثر لتمثال آرتشي الذي كان يشكل مجموعة معها .
على السرير، كانت دمية سيرفيليا القطنية مستلقية بعناية . بل كانت حتى تستخدم وسادة و تغطيها البطانية .
" يا له من شخص مضحك "
جلست على السرير بثقل وفحصت الدمية من كل الجوانب . لحسن الحظ، لم تكن هناك أي علامات طعن .
" لماذا هذه هنا ؟ إذا رآها أحد، سيظن أنه ينام محتضنًا …. "
يبدو أنه فعلاً ينام محتضنًا إياها . كان واضحاً من طريقة تغطيتها بالبطانية بعناية .
لم تعرف سيرفيليا كيف تتفاعل، فاكتفت بلمس يد الدمية القطنية .
" أنا سعيدة أنه يستخدم هديتي بشكل جيد، لكن هذا الشعور غريب حقاً "
لم تستطع سيرفيليا فهم نوايا لوسيان .
هل وضعها هنا لأنه لا يستطيع التخلص من هدية الأميرة بشكل عشوائي ؟
لا، يبدو أنه يحتفظ بها بعناية أكبر من ذلك .
على الحائط كتب أبيات شعر عن حب من طرف واحد، وعلى السرير وضع دميتها القطنية . لم تستطع فهم ما يدور في ذهن هذا الرجل .
لكن كان هناك شيء واحد مؤكد فقط .
" إنه مجنون، كم عمره حتى ينام محتضناً دمية قطنية ؟ "
ضربت الدمية القطنية بقبضتها. كانت ممتلئة بالقطن وناعمة، مما يجعلها مريحة للاحتضان .
" آه، أنا متعبة "
بدأ النعاس يغلبها . خلعت درعها و حذاءها و ارتدت ملابس خفيفة ثم استلقت على السرير .
كانت مغطاة بالعرق و التراب لكنها لم تهتم .
' على أي حال، هذا ليس سريري '
كان هناك صراع مع الوحوش في الخارج، وكان الوضع فوضويًا، لكنها تساءلت عن مدى قدرتها على الاسترخاء بهذه الطريقة .
" حسنًا، لقد تعاملت مع نصفهم على الأقل، لذا من حقي أن أستريح "
بدلاً من القلق بشأن الوحوش، ركزت على الرائحة الخفيفة التي كانت تفوح من اللحاف . كان هناك رائحة نظيفة تشبه المطر، ممزوجة برائحة باردة تأتي من ملابسه .
أخذت تستنشق الرائحة و أغمضت عينيها .
في الليل، يقوم لوسيان بالنوم هنا . بالتأكيد، ستتلاشى تعابير وجهه المتوترة وهو على السرير .
سوف يستعد للنوم مرتديًا بيجامة بسيطة، و سينغمس في أحلامه كطفل، أحيانًا يتقلب في كوابيسه، وأحيانًا يبتسم عندما يحلم بأحلام جميلة .
عندما تخيلت الجانب الإنساني من لوسيان، شعرت سيرفيليا بسعادة كبيرة .
وضعت أنفها في اللحاف ولفت جسدها حوله. شعرت أنها ستنام بعمق لأكثر من عشر ساعات .
احتضنت دمية القطن بقوة، و غرقت في النوم .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
عبس لوسيان وهو ينظر إلى الجزء الشمالي المغطى بجثث الوحوش .
كان الهواء مشبعًا برائحة الدم اللزج .
بصق لوسيان الدم المتجمع في فمه، و سأل مساعده هيوز : " ما هي خسائرنا ؟ "
" ليست كبيرة كما توقعنا، عدد المصابين حوالي 30، وعدد القتلى 15 "
أطلق لوسيان تنهيدة قصيرة . على الرغم من أن الأرقام قد تبدو صغيرة، إلا أن التضحيات كانت كبيرة جدًا عندما يتعلق الأمر بالحياة .
أغلق عينيه للحظة و صلى .
لولا قاعدة سيرفيليا، لكان الضرر أكبر بكثير . تذكر لوسيان مظهر سيرفيليا السابق، و أطلق إعجابًا .
تم القضاء على الوحوش، وامتلأت الأرض بدمائها و بدأت تتعفن . بعد أن كلف هيوز بتنظيف المكان، أسرع لوسيان نحو داخل الجدار على ظهر حصانه .
" كوينتين ! "
كان كوينتين يهدئ الفرسان الصغار الذين جمعهم، مما ساعدهم على التهدئة بعد أن كانوا يرتجفون من الخوف .
" حسنًا، لا داعي للخوف ! هذا ليس شيئًا كبيرًا ! "
عندما رفع زجاجة الخمر و شرب منها، تدحرج السائل على ذقنه وعلق في لحيته . عندما اقترب لوسيان، قام الفرسان بتعديل وضعهم .
" هل أنتم بخير جميعًا ؟ "
" نعم، سيدي "
بينما كانت الإجابة تأتي، كانت تعابيرهم حزينة للغاية .
ضرب لوسيان على أكتاف الفرسان ليوفر لهم بعض المواساة. كان ذلك تجربة صعبة بالنسبة لهؤلاء الفرسان الصغار .
كان يتذكر بوضوح الرعب الذي شعر به عندما واجه الوحوش لأول مرة .
كيان لا يمكن وصفه . لم يكن يعرف من أين جائوا أو ما الغرض من وجودهم في هذه الأرض .
كانوا يظهرون فقط عنفًا لا نهاية له و دموية متعطشة .
كيف حدث أن نتشارك الحياة مع هؤلاء الوحوش الرهيبة ؟
تنهد لوسيان بعمق وهو يفكر في الوحوش التي التهمت حياته .
في تلك اللحظة، اقترب أحد الفرسان الصغار، وكان وجهه مبلل بالدموع، و مد ذراعه نحو لوسيان .
****************************
