الفصل ٦٤ و ٦٥ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور


بغض النظر عن ذلك، زادت سيرفيليا من سرعتها و راحت تتفادى هجمات الوحوش بمهارة .

سقطت هراوة الترولز أمام وجهها مباشرة بصوت مدوي . اهتزت الأرض وكاد قلبها أن يتوقف، لكنها على الأقل لم تمت .

توضيح : هراوة، هي عصا ضخمة ذات رأس مدبّب تستخدم كسلاح .

" آآآآه ! "

صرخت سيرفيليا برعب لكنها غيرت اتجاهها بسرعة و عادت نحو وجهتها الأصلية .

كانت صغيرة الحجم و سريعة مقارنة بالوحوش الضخمة، مما جعل تفادي هجماتها المتتالية أسهل .

وبالرغم من تعرض ذراعها و خصرها لبعض الخدوش من شيء حاد، إلا أنها لم تعر ذلك اهتماماً كبيراً .

ركضت كالمجنونة وكأنها لا ترى شيئاً سوى هدفها .

وأخيراً، وصلت مباشرة أمام العربة التي يركبها صاحب العباءة السوداء . حاول الانحناء للخلف كأنه يريد الهرب، لكن الأوان كان قد فات .

" خذ هذا ! "

قفزت سيرفيليا و ركلته بقوة في صدره .

سقط على الأرض مطلقاً صرخة غريبة لم تكن بشرية ولا من صوت الوحوش . قفزت سيرفيليا على جسده، ثم أخرجت خنجراً من صدرها و غرسته بعمق في قلنسوة العباءة السوداء .

" ما هذا ؟ "

لم يكن هناك وجه حيث يفترض أن يكون. بدلاً من ذلك، التف حول يدها شيء يشبه الطين اللزج .

خرجت مجسات الوحش من داخل القلنسوة والتفت حول ذراعها . عبست سيرفيليا من هذا المشهد المقزز .

"ماذا تفعل، مُت فحسب!"

أدارت خنجرها المغروس و دفعته بقوة إلى الأسفل . انفجرت كتلة طينية لزجة من داخل العباءة السوداء .

— بـوم !

في نفس اللحظة، انفجرت رؤوس مئات الوحوش المتراصة أمام الحاجز . تناثر الطين اللزج على وجوه الجنود الواقفين في المكان .

" مـ، ما هذا ؟! "

في المكان الذي انفجرت فيه الرؤوس، لم يتبقى سوى كتل طينية تسيل مثل الشمع .

" آآآآآه ! "

انطلقت الصرخات من كل مكان بسبب المشهد المروع .

كان نصف جيش الوحوش عبارة عن دمى طينية، والنصف الآخر فقط كانوا وحوشاً حقيقية . وحتى الوحوش الحقيقية، بعد فقدان قائدها، أصبحت تائهة تقفز هنا وهناك .

" استعيدوا تركيزكم ! اقضوا على كل ما تبقى منهم ! "

استجاب جنود الشمال لأمر لوسيان و بدأوا في القضاء على البقية .

في هذه الأثناء، كانت سيرفيليا تحاول التخلص من المجسات الطينية الملتفة حول ذراعها وهي تصرخ بصخب .

" آه، ابتعد ! مقزز ! "

سمعت وقع حوافر خيل من خلفها، و إذا بلوسيان قد وصل و ساعدها في تحرير ذراعها.

كانت ذراعها مغطاة بالطين لكنها لم تكن مكسورة أو مفقودة. ابتسمت سيرفيليا وهي تفرد أصابعها الخمسة للتأكد.

" واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة ! شكراً لك، أيها الدوق "

" أميرة "

كان تعبير لوسيان صعب الوصف . بدا وكأنه مندهش، خائف، وفي نفس الوقت متفاجئًا .

" أميرة، كيف عرفتِ ؟ "

" ماذا ؟ "

أمسك لوسيان بيد سيرفيليا و ساعدها على النهوض .

قامت بتنظيف الغبار من مؤخرتها .

" أن نصفهم دمى متحركة "

" أوه، لم أكن أعلم ذلك "

" … إذن، ما الذي كنتِ تفكرين فيه عندما قفزت ؟ "

" سأقتل واحدًا فقط "

أجابت سيرفيليا بنبرة مزاح، ثم ربتت على كتف لوسيان .

بينما كان الغبار يتصاعد من حولهما و دماء تُسفك هنا وهناك، كان الاثنان يشعران وكأنهما في مكان آخر تمامًا .

" حسنًا، اتركي الباقي لنا، عليك العودة الآن "

" لا، يجب أن نكمل معًا …. "

" كوينتين ! "

عندما نادى لوسيان، ركض ساحر من بعيد بحماس . وعندما اقترب، كانت أنفه حمراء و شفتاه مبللتان … بدا أنه كان في حالة سكر.

" هاها ! ماذا هناك ؟ "

" كوينتين، خذ هذا الشخص إلى مكان آمن، بسرعة ! "

" ماذا ؟ لماذا فارس منخفض المستوى ؟ "

" لا أسئلة، تحرك فورًا، لديه إصابة، و يجب أن نعالجه ! "

أوكل سيرفيليا إلى كوينتين، ثم قفز مرة أخرى إلى ساحة المعركة .

" هيا، دعنا نذهب، أيها الفارس منخفض المستوى "

أخذ كوينتين سيرفيليا بين ذراعيه و احتضنها بقوة . فجأة، بدأت سيرفيليا تتأرجح و تحاول الهرب.

" آه ! ماذا تفعل ؟! "

" أوه، تعويذة الشفاء ! هاها، كنت سأنسى ! "

بأصابعه السميكة، بدأ كوينتين ينقر على قمة رأسها، ثم تدفق غبار متلألئ كالنجم من قمة رأسها إلى أصابع قدميها، محيطًا بها . و بدأت جروح سيرفيليا تشفى ببطء .

" ماذا ؟ اتركني ! "

" ماذا ؟ لا، لا يمكن، أيها الفارس منخفض المستوى، هل لم تسمع ما قاله سيدي ؟ "

ضربت سيرفيليا ساعد كوينتين بقبضتها، لكن ذلك لم يكن له أي تأثير، كمن يضرب صخرة ببيضة .

استمر في حملها بإحكام بينما كان يتقدم نحو الجدار .

" آه، أيها العجوز ! انتبه هنا ! "

ظهرت حفرة نارية ضخمة، وأحرقت وحشين كانا يلاحقانهما في لحظة .

" شكرًا لك، أيها العجوز " 

تجاوز كوينتين جميع العقبات حتى وصل أخيرًا أمام الجدار، ثم ضرب الجدار بقوة بقبضته .

بصوت مدوي، انهار الجدار . كانت سيرفيليا مذهولة، ففتحت فمها في دهشة .

" ما هذا …. ؟ "

" هاهاها ! إنه باب سري "

كما قال، تلاشت سحابة الغبار ليكشف عن باب مخفي . ضحك كوينتين بصوت عالي وفتح الباب لدخوله .

عندما نظرت إلى الوراء، كان الجدار يعود إلى حالته الأصلية . بدا أنه كان سحرًا للتخفي .

عندما أغلق الجدار، تم حجب الضوضاء الخارجية تمامًا، و وقف الاثنان في ممر مظلم و رطب وطويل .

" انتظر ! سأذهب هنا بنفسي "

" افعل كما تشاء، أيها الفارس منخفض المستوى "

أخيرًا، عندما وضعت سيرفيليا قدميها على الأرض، تنفست بارتياح .

" على أي حال، من أنت ؟ "

" أنا ؟ ألا تعرفني ؟ عجبًا، أيها الفارس منخفض المستوى، من أين أنت ؟ "

مرر كوينتين يده عبر لحيته المجدولة بابتسامة لطيفة .

" أنا … من الشرق، لذا لا أعرف الكثير عن الشمال "

أجابت سيرفيليا بكذبة عابرة .

" كما توقعت ! عند الإقامة هنا، ستسمع عن سمعتي كل يوم، لذا لن أحتاج إلى شرحها بنفسي، هاهاها ! "

أثارت ثقته المفرطة ابتسامة مترددة من سيرفيليا .

بينما كانا يسيران في الممر، ظهر درج حلزوني، و دخلا عبره إلى قلعة . وعندما وصلا إلى ممر مضاء بدفء، تنفست سيرفيليا بارتياح .

" شكرًا لك، سأذهب الآن "

لكن أمسك كوينتين بساعد سيرفيليا وهي تحاول الهرب و سحبها إلى مكان ما.

" إلى أين سنذهب ؟ "

" هاها ! إلى أين تعتقد ؟ إلى أكثر الأماكن أمانًا في هذا الجدار ! "

" يبدو أنني بأمان هنا بما فيه الكفاية …. ! "

لم تكن سيرفيليا تعرف كيف تتعامل مع قوته البدنية، فبدأت تُجرّ خلفه .

" هيا، ادخل هنا، لا تتحرك حتى يأتي سيدي ! "

أغلق الباب الخشبي بقوة خلفه . حاولت أن تدور مقبض الباب بعنف، لكنه لم يفتح .

وعندما طرقت الباب بقوة، سمعت صوته من خلفه .

" آه ! لقد وضعت تعويذة إغلاق آمنة، لذا لا داعي للقلق من أي اقتحام، أيها الفارس منخفض المستوى ! "

" ماذا ؟ لا، لماذا تحبسني ؟ "

احتجت سيرفيليا و ضربت الباب برجلها بقوة، لكن بالطبع، كل ما آلمها هو قدميها .

صرخت و طرقت الباب كما لو كانت ستكسره، لكنها لم تستطع فك التعويذة .

" آه ! إذن، أين أنا ؟ "

أخذت نفسًا عميقًا و حولت نظرها . دخلت أشعة الشمس الطويلة من نافذة صغيرة، وكانت الغرفة مغمورة بلون قرمزي، مما جعلها تشعر بشيء مألوف .

بدأت تنزع درعها المتسخ بدماء الوحوش و الرمال ببطء، وهي تتفحص المكان من حولها.

" هل من الممكن أن تكون غرفة الدوق ؟ "

يبدو الأمر كذلك، شعرت سيرفيليا بالفضول و بدأت تتجول ببطء حول الغرفة .

****************************

الفصل : ٦٥


إذا كانت غرفة لوسيان في القلعة تبدو كغرفة نبيل عادي، فإن هذه الغرفة بدت كغرفة صبي كثير الأحلام . بمعنى آخر، كانت فوضوية .

أول ما لفت انتباهها كان كومة من الكتب المغطاة بالغبار . كانت الكتب التي لا تُعد ولا تُحصى تملأ جداراً كاملاً و تتكدس على الأرض أيضاً .

اقتربت لمعرفة نوع الكتب لكن لم يكن هناك أي عناوين مكتوبة عليها.

لم تستطع كبح فضولها فالتقطت كتاباً . كان على الغلاف الأمامي توقيع مطبوع بالذهب .

" لوسيان بيرنز ؟ "

عند النظر عن قرب، تبين أنها ليست كتباً بل مذكرات مزينة بتوقيع لوسيان الأنيق .

همّت سيرفيليا بتصفح المذكرات بفضول لكنها وضعتها جانباً بضمير حي . تذكرت جيداً شعورها عندما سرق أخوها الأوسط تيبيريوس مذكراتها و قرأها .

كانت في الثانية عشرة من عمرها حينها، و شدت شعره بقوة ولم تكتفي بذلك، فربطته بشجرة لنصف يوم .

رغم أنها عوقبت بشدة عندما اكتُشف الأمر لاحقاً، إلا أنها لم تندم على الانتقام منه. فقد ظل لسنوات بعدها يضايقها و يسخر منها بمحتوى مذكراتها .

" أنتِ تقولين إنك ستتزوجين الأميرة عندما تكبرين ! ألست غبية ؟ "

"ما شأنك إن تزوجت الأميرة أم لا!"

"أنتِ الأميرة يا غبية!"

" أنا فارس ! "

بعد ذلك، توقفت عن كتابة المذكرات . رغم أن رغبتها السرية في الأميرة ذات الشعر الفضي السجينة في قلعة ملك الشياطين استمرت .

بعد أن وضعت المذكرات، نظرت مجدداً إلى الغرفة . على الجانب الآخر من المكتبة، كانت هناك خريطة كبيرة تزين الحائط وحولها الكثير من الملاحظات الملصقة .

اقتربت لقراءة الملاحظات. كان معظمها معلومات عن الوحوش و خطط عمليات، لكن بين الحين و الآخر برزت أشياء غريبة .

" كاكاو، مارشميلو ؟ ما هذا ؟ "

هل من الممكن أنه كتب قائمة بالأشياء التي يريد تناولها ؟

ارتفعت زاوية فم سيرفيليا مبتسمة لهذا الذوق غير المتوقع .

" لديه جانب طفولي "

ضحكت وهي تقرأ الملاحظات واحدة تلو الأخرى .

"وما هذا أيضاً؟"

لفتت انتباهها عبارات عاطفية، وكلها كانت تتعلق بحب من طرف واحد .

" يا له من شخص متنوع "

بعد قراءة الملاحظات بتركيز لفترة طويلة، بدأت تشعر بالألم في جسدها كله .

في وقت سابق، كانت تضرب بسيفها دون أن تشعر بالألم بسبب حالتها النفسية .

جلست على الكرسي بثقل وهي تدرك الألم الذي يضرب جسدها كله .

وبينما كانت على وشك الانحناء على المكتب، اكتشفت شيئاً غير متوقع .

كانت هناك عدة تماثيل خشبية لخيول متناثرة على المكتب، و بجانبها سكين نحت قديم .

هل كان يقضي وقته هنا في نحت الخشب ؟

مررت سيرفيليا يدها على قطعة الخشب الخشنة .

تدفق اهتمامها عندما اكتشفت جانباً من لوسيان مختلفاً تماماً عما عرفته . كانت تظن أنه مجرد نبيل جامد و مملّ، لكن ها هو يمتلك جانباً بريئاً كهذا .

بعد أن رأت جانبه السري هذا، بدأت حدة موقفها تجاهه تلين تدريجياً .

" كنت محقة، الدوق لطيف حقًا "

وبينما كانت تستكشف الغرفة بحماس، اكتشفت شيئاً غير متوقع على الطاولة الجانبية .

"لماذا هذا موجود هنا؟"

لقد كانت صورة منضدية وضعتها في غرفة لوسيان عندما أحدثت الفوضى بصورها .

التقطت صورتها وهي تقطب حاجبيها، للتأكد من عدم وجود أي خربشات أو عبارات ملعونة عليها، لكن على عكس توقعاتها، كانت الصورة نظيفة .

ليس هذا فحسب، فقد كانت خزانة العرض الزجاجية الكبيرة في الركن مليئة بأشياء مألوفة .

" ماذا ؟ ظننت أنه تخلص منها "

ضحكت وهي تنظر إلى تمثالها الصغير داخل خزانة العرض، لكن لم يكن هناك أي أثر لتمثال آرتشي الذي كان يشكل مجموعة معها .

على السرير، كانت دمية سيرفيليا القطنية مستلقية بعناية . بل كانت حتى تستخدم وسادة و تغطيها البطانية .

" يا له من شخص مضحك "

جلست على السرير بثقل وفحصت الدمية من كل الجوانب . لحسن الحظ، لم تكن هناك أي علامات طعن .

" لماذا هذه هنا ؟ إذا رآها أحد، سيظن أنه ينام محتضنًا …. "

يبدو أنه فعلاً ينام محتضنًا إياها . كان واضحاً من طريقة تغطيتها بالبطانية بعناية .

لم تعرف سيرفيليا كيف تتفاعل، فاكتفت بلمس يد الدمية القطنية .

" أنا سعيدة أنه يستخدم هديتي بشكل جيد، لكن هذا الشعور غريب حقاً "

لم تستطع سيرفيليا فهم نوايا لوسيان .

هل وضعها هنا لأنه لا يستطيع التخلص من هدية الأميرة بشكل عشوائي ؟

لا، يبدو أنه يحتفظ بها بعناية أكبر من ذلك .

على الحائط كتب أبيات شعر عن حب من طرف واحد، وعلى السرير وضع دميتها القطنية . لم تستطع فهم ما يدور في ذهن هذا الرجل .

لكن كان هناك شيء واحد مؤكد فقط .

" إنه مجنون، كم عمره حتى ينام محتضناً دمية قطنية ؟ "

ضربت الدمية القطنية بقبضتها. كانت ممتلئة بالقطن وناعمة، مما يجعلها مريحة للاحتضان .

" آه، أنا متعبة "

بدأ النعاس يغلبها . خلعت درعها و حذاءها و ارتدت ملابس خفيفة ثم استلقت على السرير .

كانت مغطاة بالعرق و التراب لكنها لم تهتم .

' على أي حال، هذا ليس سريري '

كان هناك صراع مع الوحوش في الخارج، وكان الوضع فوضويًا، لكنها تساءلت عن مدى قدرتها على الاسترخاء بهذه الطريقة .

" حسنًا، لقد تعاملت مع نصفهم على الأقل، لذا من حقي أن أستريح "

بدلاً من القلق بشأن الوحوش، ركزت على الرائحة الخفيفة التي كانت تفوح من اللحاف . كان هناك رائحة نظيفة تشبه المطر، ممزوجة برائحة باردة تأتي من ملابسه .

أخذت تستنشق الرائحة و أغمضت عينيها .

في الليل، يقوم لوسيان بالنوم هنا . بالتأكيد، ستتلاشى تعابير وجهه المتوترة وهو على السرير .

سوف يستعد للنوم مرتديًا بيجامة بسيطة، و سينغمس في أحلامه كطفل، أحيانًا يتقلب في كوابيسه، وأحيانًا يبتسم عندما يحلم بأحلام جميلة .

عندما تخيلت الجانب الإنساني من لوسيان، شعرت سيرفيليا بسعادة كبيرة .

وضعت أنفها في اللحاف ولفت جسدها حوله. شعرت أنها ستنام بعمق لأكثر من عشر ساعات .

احتضنت دمية القطن بقوة، و غرقت في النوم .

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

عبس لوسيان وهو ينظر إلى الجزء الشمالي المغطى بجثث الوحوش .

كان الهواء مشبعًا برائحة الدم اللزج .

بصق لوسيان الدم المتجمع في فمه، و سأل مساعده هيوز : " ما هي خسائرنا ؟ "

" ليست كبيرة كما توقعنا، عدد المصابين حوالي 30، وعدد القتلى 15 "

أطلق لوسيان تنهيدة قصيرة . على الرغم من أن الأرقام قد تبدو صغيرة، إلا أن التضحيات كانت كبيرة جدًا عندما يتعلق الأمر بالحياة .

أغلق عينيه للحظة و صلى .

لولا قاعدة سيرفيليا، لكان الضرر أكبر بكثير . تذكر لوسيان مظهر سيرفيليا السابق، و أطلق إعجابًا .

تم القضاء على الوحوش، وامتلأت الأرض بدمائها و بدأت تتعفن . بعد أن كلف هيوز بتنظيف المكان، أسرع لوسيان نحو داخل الجدار على ظهر حصانه .

" كوينتين ! "

كان كوينتين يهدئ الفرسان الصغار الذين جمعهم، مما ساعدهم على التهدئة بعد أن كانوا يرتجفون من الخوف .

" حسنًا، لا داعي للخوف ! هذا ليس شيئًا كبيرًا ! "

عندما رفع زجاجة الخمر و شرب منها، تدحرج السائل على ذقنه وعلق في لحيته . عندما اقترب لوسيان، قام الفرسان بتعديل وضعهم .

" هل أنتم بخير جميعًا ؟ "

" نعم، سيدي "

بينما كانت الإجابة تأتي، كانت تعابيرهم حزينة للغاية .

ضرب لوسيان على أكتاف الفرسان ليوفر لهم بعض المواساة. كان ذلك تجربة صعبة بالنسبة لهؤلاء الفرسان الصغار .

كان يتذكر بوضوح الرعب الذي شعر به عندما واجه الوحوش لأول مرة .

كيان لا يمكن وصفه . لم يكن يعرف من أين جائوا أو ما الغرض من وجودهم في هذه الأرض .

كانوا يظهرون فقط عنفًا لا نهاية له و دموية متعطشة .

كيف حدث أن نتشارك الحياة مع هؤلاء الوحوش الرهيبة ؟

تنهد لوسيان بعمق وهو يفكر في الوحوش التي التهمت حياته .

في تلك اللحظة، اقترب أحد الفرسان الصغار، وكان وجهه مبلل بالدموع، و مد ذراعه نحو لوسيان .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان