الفصل ٦٢ و ٦٣ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور


كان ما وراء الحاجز الشمالي مليئاً بالطاقة المشؤومة .

بدا كما لو أن قطيعًا من الوحوش سيهجمون على الحاجز في أي لحظة بأفواههم الكريهة، لذا كان عليه أن يحافظ على تركيزه .

بالطبع، لو استطاع حماية الحاجز بشكل مثالي، فلن يكون هناك خطر على سلامتها . المشكلة تكمن في عجزه عن تحقيق حتى ذلك .

' ما أعجزني '

لم يستطع حتى حماية الحاجز بشكل صحيح، مما عرّض الأميرة للخطر . شعر لوسيان بعجزه أكثر من أي وقت مضى .

' آمل أن تكون صاحبة السمو بخير …. '

ربما كانت سيرفيليا تتناول فطورها المتأخر في القصر الآن .

ارتسمت ابتسامة تلقائية على شفتي لوسيان وهو يفكر في طبيعتها الكسولة و ميلها للنوم حتى وقت متأخر، لكنه سرعان ما محا تلك الابتسامة .

تساءل عما سيقوله والده المتوفى لو علم بهذه الأفكار التي تراوده، ثم غمره القلق . كان منزعجاً من الكلمات غير المجدية التي قالها بريدجر، قائد الحرس، قبل موته مباشرة .

" …. لذلك، يا أميرة، لا تثقي كثيرًا في الأرشيدوق بيرنز "

منذ ذلك الحين، شعر أن سيرفيليا أصبحت تشك فيه .

كان من الصعب تحمل هذا الشك البسيط، وكان قلبه يتحطم عندما يفكر في كيف ستكرهه حقًا عندما تعرف كل شيء في المستقبل .

' لا، لا بأس، يمكنني فقط أن أعيش من أجلها مستقبلاً …. '

فجأة اشتاق إلى رائحة العشب في مزرعة الأغنام . مر وقت طويل منذ أن شعر بمثل ذلك السلام .

اشتاق بشدة عندما كانا مجرد امرأة و عامل في المزرعة، يضحكان و يمزحان معًا .

تذكر عندما كانا يستمتعان بنزهة معاً، جالسين على مفرش تحت شجرة، مع المروج الخضراء الممتدة أمامهم . وغرقت سيرفيليا في سلام المزرعة و نامت على ركبته بعمق .

كم كانت جميلة وهي تحرك شفتيها الصغيرتين وهي تحلم . وجد نفسه يداعب شعرها الذهبي لفترة طويلة دون وعي.

" سيدي، ما الذي يجعلك سعيداً هكذا ؟ "

سأل مساعده هيوز، الذي اقترب منه دون أن يلاحظه، بنظرة متعجبة .

"لا شيء."

" لا يبدو أنه لا شيء … لقد ظهر هذا التعبير على وجهك كثيراً مؤخراً."

شعر لوسيان بالإحراج وكأن أفكاره الداخلية قد انكشفت، فغير الموضوع بسرعة .

" …. هل انطلق الفرسان الأدنى رتبة ؟ "

أجاب هيوز بوضعية عسكرية منضبطة وكأنه تذكر فجأة سبب مجيئه .

"نعم، يبدو أنهم وصلوا للتو."

أومأ برأسه بوجه خالٍ من التعبير .

" دع الفرسان الأدنى رتبة يتولون الخط الخلفي فقط، يجب ألا نصل إلى وضع نحتاج فيه إلى قوتهم."

" نعم، سيدي."

كل الاستعدادات الأخرى قد اكتملت . الآن كل ما عليهم فعله هو انتظار ظهور الوحوش من بعيد .

' سيكون من الأفضل لو لم تظهر على الإطلاق '

لكن هذا لم يحدث ولو مرة واحدة . بعد البرق الغريب، كانت الوحوش دائماً تظهر من مكان ما و تهاجم الحاجز .

من النادر أن يتم استدعاء القوات الاحتياطية إلى الحاجز، لكن هذه المرة تم حشد حتى الفرسان الأدنى رتبة .

قبض لوسيان على مقبض سيفه بقوة . لا ينبغي للأميرة أن تواجه الوحوش مرة أخرى أبداً .

' كان يجب ألا تأتي صاحبة السمو إلى الشمال '

الشمال مكان مشؤوم . إنها مجاورة لأرض الموت و يوجد بينهما حاجز واحد فقط، و رائحة دماء الوحوش القوية تفوح في كل مكان .

فجأة قطب لوسيان حاجبيه بشدة . شعر بتغير في تدفق الهواء، وبينما التفت برأسه بسرعة، سمع صرخة الجندي : " سيدي ! أرى الوحوش آتية ! "

في نهاية الأفق، يمكن رؤية سرب من الوحوش يتقدمون نحو الحاجز . أصدر لوسيان الأوامر لهيوز ثم نزل بنفسه إلى خلف الحاجز .

خلف الجدار، اصطف الجنود في صفوفهم، يخرجون أنفاسهم المتوترة .

ساد الصمت، عدا عن صوت صرير الدروع و نسيم الرياح الباردة .

— ضجيج . ضجيج .

رأى الجنود من بعيد الوحوش السوداء تقترب. كانت تخرج ألسنتها الطويلة، و تلفّ رؤوسها بشكل مشوه، تتقدم بثبات نحو الجدار .

عندما ظهرت تلك الكائنات في مجال رؤيتهم، بدأ الجنود في الارتباك .

" ماذا يحدث …. ؟ "

" سيدي ! "

كان الأمر غريبًا. لم يكن بإمكانهم وصف تلك الكائنات بأنها مجرد حشد من الوحوش . كانت تسير كجيش، تشكل صفوفًا منتظمة .

" سيدي الأرشيدوق ! "

ناداه هيوز بجانبه بقلق، لكن لوسيان لم يكن لديه إجابة كذلك .

" لا ترتبكوا، استعدوا و امسكوا بسيوفكم ! "

رفع لوسيان يده و أرسل إشارة إلى الرماة فوق الجدار . سحب الرماة أوتار أقواسهم بإحكام. كانت سهامهم ترتجف قليلاً مع توتر أيديهم .

لم يكن لديه نية للانتظار حتى تتشكل الكائنات في صفوفها . قام لوسيان بخفض ذراعه بقوة، مجددًا إشارة للرماة.

تركوا أوتار أقواسهم المشدودة. الأسهُم، التي اخترقت حتى عبر الرياح العاتية في الشمال، انهمرت كالمطر فوق رؤوس حشد الوحوش .

" كيييااااااااااا ! "

ترددت صرخات الوحوش المروعة، وكأنها ستشق السماء . كانت السهام المسمومة تأخذ أنفاس الوحوش .

لم تكن البداية سيئة ….

تأكد لوسيان من مواقع السحرة . كان كوينتين و مونبلان يطلقان شرارات صغيرة للإجابة عليه .

كل الاستعدادات كانت مكتملة . لم يكن هناك سبب للتأخير . رفع سيفه و صاح في الجنود .

" تقدموا ! "

اندفعوا الفرسان للأمام، مما أحدث رياحًا كثيفة من الرمال .

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

بينما كان لوسيان يقطع رقاب الوحوش المتقدمة نحوه، صرخ بغضب . بدا أن عدد الوحوش قد تضاعف مقارنة بالهجوم السابق .

لم يكن هذا فحسب، بل بدت الوحوش وكأنها تتلقى أوامر، حيث تحركت بشكل منظم، على عكس تصرفاتها العشوائية في الماضي .

كانت تتراجع عندما تشعر بأنها في وضع غير مواتٍ، بل وكان بعضها يساعد الآخر .

ومع ذلك، لم يظهر لوسيان علامات الارتباك . إذا اهتز قائدهم، فسوف يتسبب ذلك في ذعر القوات بأكملها .

شدد تعابير وجهه وقال : " تبًا، ليس لهم نهاية "

واصل قطع رؤوس الوحوش المتقدمة نحوه .

إذا كانت سيرفيليا آمنة في القلعة، فلن يكون لديه ما يخشاه . كان مستعدًا للبقاء في هذه الأرض إلى الأبد من أجل حمايتها .

فجأة، مع عاصفة رملية قوية، انطلق صوت مدوي .

سعل لوسيان و عبس في ذلك الاتجاه، قائلاً : " ماذا يحدث ؟ "

عندما فتح عينيه بشكل ضيق، رأى فارسًا مبتدئًا يهاجم وحشًا ضخمًا بيديه العاريتين .

شعرت بهالته المجنونة من بعيد .

' من يكون ؟ '

نظر لوسيان باهتمام إلى الفارس . بدا أنه ليس عاديًا . بمثل هذه القوة، يمكن ترقيته إلى فارس أعلى في أي لحظة.

بينما كان لوسيان يقطع رقاب الوحوش المتقدمة، توجّه نحو الفارس ذو الشعر الأشقر .

وعندما اقترب، اكتشف أن الفارس كان صغير الحجم و نحيفًا، وكأنه امرأة .

' هذا مذهل، من أين يأتي بكل هذه القوة ؟ '

لم يستطع لوسيان إخفاء إعجابه، فاقترب من الفارس و أمسك كتفه .

فجأة، طار سيف حاد نحوه . تملص في اللحظة الأخيرة و أمسك بمعصم الفارس .

" مهلاً …. ! "

" اتركني "

" …. أميرة ؟ "

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

قبل عدة ساعات .

اندفعت سيرفيليا إلى مقدمة صفوف الجيش، قافزة إلى ساحة المعركة قبل أي شخص آخر .

بينما كان الفرسان الشباب يُجرون إلى ساحة القتال، لم يكن من الممكن لشخصٍ مثلها، التي كانت نائبة قائد الفرسان، أن تكتفي بالمشاهدة .

' إنها مسألة كرامتي '

بالطبع، كان من الصحيح أنها شعرت ببعض الخوف عندما اقتربت منها مجموعة من الوحوش التي تقدر بالمئات .

لكن ….

" مهلاً، هل تشعر بالخوف ؟ يمكنك التراجع الآن إن أردت "

" نعم، لا أحد سيقول شيئًا إذا هربت "

أثارت تعليقات الجنود بجانبها غضب سيرفيليا، فتقدمت بخطوة أخرى، و رفعت سيفها المصقول بفخر .

أثناء قدومها، التقطت درعًا ألقاه جنود آخرون و ارتدته بسرعة، مع إضافة الخوذة إلى رأسها .

راودتها أفكار حول ما إذا كان يجب عليها خوض المعركة بملابس غير ملائمة، لكنها لم تستطع الشكوى، لأن مظهر الجنود الآخرين لم يكن مختلفًا كثيرًا .

' البيئة هنا أسوأ مما كنت أتوقع '

نظرت سيرفيليا حولها بعناية، وهي تعبس .

****************************

الفصل : ٦٣


كان هناك جندي يرتجف بجوارها مرتديًا خوذة أكبر من رأسه، و جندي آخر هزيل يثير الشك في ما إذا كان قد أمسك سيفاً من قبل .

' وفوق ذلك، لا يوجد سوى هذين الساحرين فقط '

نظرت سيرفيليا بالتناوب إلى الساحرين المتموضعين على طرفي الحاجز . أحدهما رجل قوي البنية كثيف اللحية، والآخر رجل عجوز منحني الظهر .

ساحران فقط لحماية حاجز بهذا الحجم … كان الأمر لا يُصدق .

على حد علمها، كان هناك أكثر من ثلاثين ساحراً يقضون وقتهم في القصر الملكي و يتلقون أموال الأبحاث دون عمل يُذكر .

' ليتهم يرسلون بعض السحرة الذين يتسكعون في القصر الملكي إلى هنا، لماذا يتركون الأمور هكذا ؟ '

لم تستطع أن تفهم لماذا يتجاهل القصر الملكي تقديم الدعم المناسب، في حين أنهم يعتمدون على الشمال في حماية أمن القارة بأكملها .

ليس هذا فحسب، بل إنهم يسخرون من أهل الشمال و يتجاهلونهم .

' من يراهم يظن أنهم يريدون الدمار '

مطت عنقها يميناً و يساراً ولفت خصرها لتمدد جسدها .

في تلك اللحظة، مر حصان أسود جميل بجانبها مباشرة . كان راكبه لوسيان .

' آه، الدوق '

ارتدت سيرفيليا خوذتها لإخفاء وجهها . لم تكن هناك مخاوف من اكتشاف أمرها لأن جسدها الصغير مقارنة بالجنود الآخرين جعل إخفاءها سهلاً .

بدا لوسيان، الذي كان يمتطي حصانه الأسود اللامع في المقدمة، مختلفاً تماماً عن المعتاد.

كان يبدو متوتراً للغاية و حاد الأعصاب. وقف في مقدمة الصفوف يشجع الجنود .

في وسط الأجواء المتوترة، كان يمكن رؤية قطيع الوحوش يقترب من بعيد .

عدلت سيرفيليا خوذتها و أخذت نفساً عميقاً. مرت في ذهنها كالشريط السريع ذكريات قتالها مع الوحش عندما وصلت إلى الشمال، و رؤيتها لهلوسة الوحوش وهي تتسلق الحاجز، و مقاتلة الوحش كالذئب، و الغربان المجنونة .

ثم فجأة، شعرت أن هذا المشهد مألوف جداً. أمالت سيرفيليا رأسها متسائلة عن سبب هذا الشعور بالديجا فو .

توضيح : كلمة ديجا فو، تصف التجربة الغريبة التي تشعر فيها أنه ثمة حدث مألوف للغاية بالنسبة لك قد يبدو أنك عشته من قبل .

قبل أن تجد إجابة لفضولها، تحول انتباهها إلى شيء آخر . بدأ الجنود في الهمهمة . وقفت سيرفيليا على أطراف أصابعها لترى ما يحدث في البعيد .

كانوا قطيع الوحوش السوداء يتقدمون في تشكيل منظم متماشياً مع الصفوف، و بشعور من الحيرة، وكزت الجندي المجاور لها و سألت : " اسمع، هل الوحوش عادةً … منظمة هكذا ؟ "

لم تكن بحاجة لسماع الإجابة. كان يمكنها أن تشعر من تعبير وجه الفارس الأعلى رتبة في الجانب الآخر أن هذا ليس أمراً عادياً .

' هذا نذير شؤم '

كانت الأحداث الغريبة تتوالى بشكل مستمر . من فرسان الحراسة الذين حاولوا قتلها فجأة، إلى الحيوانات في الشمال التي تتحول إلى وحوش، وحتى الكائنات الغريبة التي لم تكن كالمعتاد .

شعرت سيرفيليا بقوة أن كل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض بشكل وثيق .

' مهلاً، إذا فكرت في الأمر، فكل هذه الأحداث بدأت منذ أن جئت إلى الشمال، ماذا يعني ذلك ؟ '

فكرت أنها اكتشفت حقيقة مهمة، لكن للأسف كان عليها أن تتوقف عند هذا الحد .

" تقدموا ! "

" كيييااااااااااا ! "

مع صرخة تشبه الرعد، انطلق الجنود إلى الأمام، و انطلقت سيرفيليا معهم .

أمطر الرماة فوق الجدار السهام كالمطر، وكان الجنود في المقدمة يدفعون الوحوش باستخدام دروعهم الكبيرة .

عندما تشتت صفوف الوحوش بواسطة الفرسان في المقدمة، استغل الجنود الأدنى رتبة الفرصة و بدأوا في الهجوم المستمر .

كانت سيرفيليا مشغولة بقتال الوحوش التي تتقدم بلا رحمة . كان جيش الوحوش يتكون من مجموعة الغوبلين و الأورك و الترولز .

توضيح :

١ - الغوبلن، هي كائنات خيالية أسطورية، ترمز للشر .

على الأغلب يكون الغوبلن مخلوقات قصيرة القامة، و غالباً ما يتّسمون بقدراتٍ مميزة، من أبرزها القدرات السحرية.

٢ - الأورك أو العُرْك، كائنات خيالية قوية و شديدة القسوة و الوحشية، كما أنهم يتمتعون بقوة بدنية كبيرة وهم أكبر حجماً قليلاً من حجم البشر .

٣ - الترولز، في الأساطير، غالبًا ما تصور على أنها كائنات قبيحة و قوية، وقد تكون عملاقة في بعض الحالات .


لم يكن من الصعب التعامل مع الغوبلن و الأورك، لكن المشكلة كانت في الترولز . بسبب حجمهم الكبير وجلودهم السميكة، لم يكن من السهل إلحاق الضرر بهم .

" تبًا، العدد كبير جدًا ! "

قبل أن تتمكن من القضاء على أحدهم، كان آخر يتقدم نحوها، وعندما تتمكن من هزيمته، كان آخر يتشبث بها من الخلف .

لم يكن هناك وقت لتجفف سيفها من دمائهم .

" …. أميرة ؟ "

بسبب ذلك، لم تسمع سيرفيليا الصوت الذي يناديها من الخلف، و استمرت في طعن أورك بسيفها، ثم تخلصت منه، و واصلت الهجوم، ثم رمت آخر مرة أخرى .

" سيرفيل ! "

فقط عندما أمسك لوسيان بكتفها و صرخ، عادت إلى رشدها .

" ماذا ؟ من … أرشيدوق ! "

ابتسمت سيرفيليا بارتباك و لوحت بيدها إلى لوسيان.

كانت عيناه مليئة بالدهشة، فقد طلبت منه ببرود أن يصافحها .

" تشرفت بلقائك، من الجيد رؤيتك هنا "

" أميرة، ماذا تفعلين هنا ؟ هل جننتِ ؟ "

لم يكن هناك الكثير من الأوقات التي كانت فيها سيرفيليا في وعيها، لذا لم يكن الأمر غريبًا . بل كان لوسيان هو الذي فقد صوابه من الموقف .

" كما ترى، أنا أقاتل …. آآه ! "

بينما كانت تتحدث، قامت على الفور بتمزيق بطن الوحش الذي هاجمها . و تناثر الدم المثير للاشمئزاز على وجهها.

" هل جننتِ ؟ الوضع خطير هنا، عودي فورًا ! "

" لماذا ؟ أنا أقوم بعمل جيد هنا "

" لا أحتاج مساعدتك ! كم مرة يجب أن أخبرك ؟ لماذا تفعلين هذا ؟ "

تأثر كبرياء سيرفيليا بكلمات لوسيان .

كانت لديها أمور يمكنها القيام بها بشكل جيد، بالتأكيد كان لديها القدرة على مساعدة الآخرين و إنقاذ الناس .

أرادت سيرفيليا إثبات جدارتها . بغض النظر عن كونها من العائلة المالكة أو فارسة في فرقة الفرسان، فهي كانت بحاجة إلى أن تكون شخصًا مهمًا في هذا العالم ….

" لماذا لا تحتاج مساعدتي ؟ هل وجودي غير مرغوب فيه ؟ "

" أميرة ! "

" نادني سيل ! سيل ! "

استمر الاثنان في الصراخ بينما كانا يقاتلان الوحوش . بدت حركتهما وكأنهما يفرغان غضبهما على الوحوش .

ومع ذلك، كانت الأمور تتجه نحو الأسوأ لجيش الشمال . كانت الوحوش تتزايد بشكل غريب، وبغض النظر عن عددها الذي تم قتله، لم تتقلص أعدادها .

" تراجعوا ! "

صرخ لوسيان بصوت عالي بينما أمسك بسيرفيليا .

بدا أن الأعداد كانت غير متكافئة .

بينما كانت سيرفيليا تُسحب بواسطة لوسيان، استمرت في التفكير .

' هناك شيء غريب، كيف يمكن للوحوش أن تتجمع في جيش ؟ بالطبع، إذا تجمعت الوحوش، ستكون قوية جدًا، ولكن المشكلة هي أنها لم تتجمع أبدًا من قبل '

إذا حدث اتحاد بين الغوبلين و الأورك و الترولز من قبل، فكان من المفترض أن يُدون في كتب التاريخ .

' هذا غير منطقي على الإطلاق، يبدو أن هناك فخًا ما …. '

قبل أن تكمل تفكيرها، دفعت يد لوسيان بعيدًا، و بدأت تمشي عكس اتجاه الجنود المتراجعين .

" سيل ! "

سمعت صوت لوسيان المنادي لها من خلفها، لكنها تجاهلته. لم يكن لديها رغبة في التكيف مع حمايته المفرطة الآن.

" دوق ! إحمي محيطي ! "

صرخت بحدة ثم قفزت نحو صفوف الوحوش . تبعها لوسيان مباشرة، و دهس الوحوش تحت حوافر خيله .

عبر الطريق الذي فتحه، كانت سيرفيليا تتعثر و تدور بينما تواصل الركض . بينما كانت تبصق الرمال و الدم من فمها، نظرت إلى الوراء للحظة، و رأت شخصًا يرتدي عباءة سوداء وهو يستقل عربة في أحد جوانب صفوف الوحوش .

أدركت بحدسها الفوري .

' إنه هو، هذا الشخص هو من يتحكم في الوحوش '

الوحوش عادةً ما تعمل بشكل فردي، ولا يمكنها التحرك بهذه الطريقة المنظمة .

كانت ذات مستوى ذكاء منخفض، بينما كانت الوحوش الأكثر ذكاءً تفضل العمل بشكل منفصل أيضًا .

' إذا كان العدو مختلفًا عن المعتاد، يجب أن نتعامل معه بطريقة مختلفة ! '

كان واضحًا أن الاستراتيجية المعتادة في القضاء على الوحوش واحدة تلو الأخرى لن تنجح .

خلعت سيرفيليا خوذتها التي كانت تعيق رؤيتها و رمتها على الأرض . كانت خصلات شعرها الذهبية تتشابك بسبب العرق .

تذكرّت استراتيجية القتال التي تعتبرها ككتاب مقدس، و مررت لسانها على شفتيها .

تتكون الاستراتيجية من ثلاثة عناصر : أولاً، الهجوم المباغت، ثانياً، الهجوم الجماعي، وثالثاً، التركيز على شخص واحد فقط .

" سأضرب واحدًا فقط، واحدًا فقط ! "

صرخت سيرفيليا بصوت عالٍ و اندفعت إلى الأمام .

سمعت صوت لوسيان من خلفها، مليئًا بالدهشة .

" سيرفيل ! "

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان