بدا كما لو أن قطيعًا من الوحوش سيهجمون على الحاجز في أي لحظة بأفواههم الكريهة، لذا كان عليه أن يحافظ على تركيزه .
بالطبع، لو استطاع حماية الحاجز بشكل مثالي، فلن يكون هناك خطر على سلامتها . المشكلة تكمن في عجزه عن تحقيق حتى ذلك .
' ما أعجزني '
لم يستطع حتى حماية الحاجز بشكل صحيح، مما عرّض الأميرة للخطر . شعر لوسيان بعجزه أكثر من أي وقت مضى .
' آمل أن تكون صاحبة السمو بخير …. '
ربما كانت سيرفيليا تتناول فطورها المتأخر في القصر الآن .
ارتسمت ابتسامة تلقائية على شفتي لوسيان وهو يفكر في طبيعتها الكسولة و ميلها للنوم حتى وقت متأخر، لكنه سرعان ما محا تلك الابتسامة .
تساءل عما سيقوله والده المتوفى لو علم بهذه الأفكار التي تراوده، ثم غمره القلق . كان منزعجاً من الكلمات غير المجدية التي قالها بريدجر، قائد الحرس، قبل موته مباشرة .
" …. لذلك، يا أميرة، لا تثقي كثيرًا في الأرشيدوق بيرنز "
منذ ذلك الحين، شعر أن سيرفيليا أصبحت تشك فيه .
كان من الصعب تحمل هذا الشك البسيط، وكان قلبه يتحطم عندما يفكر في كيف ستكرهه حقًا عندما تعرف كل شيء في المستقبل .
' لا، لا بأس، يمكنني فقط أن أعيش من أجلها مستقبلاً …. '
فجأة اشتاق إلى رائحة العشب في مزرعة الأغنام . مر وقت طويل منذ أن شعر بمثل ذلك السلام .
اشتاق بشدة عندما كانا مجرد امرأة و عامل في المزرعة، يضحكان و يمزحان معًا .
تذكر عندما كانا يستمتعان بنزهة معاً، جالسين على مفرش تحت شجرة، مع المروج الخضراء الممتدة أمامهم . وغرقت سيرفيليا في سلام المزرعة و نامت على ركبته بعمق .
كم كانت جميلة وهي تحرك شفتيها الصغيرتين وهي تحلم . وجد نفسه يداعب شعرها الذهبي لفترة طويلة دون وعي.
" سيدي، ما الذي يجعلك سعيداً هكذا ؟ "
سأل مساعده هيوز، الذي اقترب منه دون أن يلاحظه، بنظرة متعجبة .
"لا شيء."
" لا يبدو أنه لا شيء … لقد ظهر هذا التعبير على وجهك كثيراً مؤخراً."
شعر لوسيان بالإحراج وكأن أفكاره الداخلية قد انكشفت، فغير الموضوع بسرعة .
" …. هل انطلق الفرسان الأدنى رتبة ؟ "
أجاب هيوز بوضعية عسكرية منضبطة وكأنه تذكر فجأة سبب مجيئه .
"نعم، يبدو أنهم وصلوا للتو."
أومأ برأسه بوجه خالٍ من التعبير .
" دع الفرسان الأدنى رتبة يتولون الخط الخلفي فقط، يجب ألا نصل إلى وضع نحتاج فيه إلى قوتهم."
" نعم، سيدي."
كل الاستعدادات الأخرى قد اكتملت . الآن كل ما عليهم فعله هو انتظار ظهور الوحوش من بعيد .
' سيكون من الأفضل لو لم تظهر على الإطلاق '
لكن هذا لم يحدث ولو مرة واحدة . بعد البرق الغريب، كانت الوحوش دائماً تظهر من مكان ما و تهاجم الحاجز .
من النادر أن يتم استدعاء القوات الاحتياطية إلى الحاجز، لكن هذه المرة تم حشد حتى الفرسان الأدنى رتبة .
قبض لوسيان على مقبض سيفه بقوة . لا ينبغي للأميرة أن تواجه الوحوش مرة أخرى أبداً .
' كان يجب ألا تأتي صاحبة السمو إلى الشمال '
الشمال مكان مشؤوم . إنها مجاورة لأرض الموت و يوجد بينهما حاجز واحد فقط، و رائحة دماء الوحوش القوية تفوح في كل مكان .
فجأة قطب لوسيان حاجبيه بشدة . شعر بتغير في تدفق الهواء، وبينما التفت برأسه بسرعة، سمع صرخة الجندي : " سيدي ! أرى الوحوش آتية ! "
في نهاية الأفق، يمكن رؤية سرب من الوحوش يتقدمون نحو الحاجز . أصدر لوسيان الأوامر لهيوز ثم نزل بنفسه إلى خلف الحاجز .
خلف الجدار، اصطف الجنود في صفوفهم، يخرجون أنفاسهم المتوترة .
ساد الصمت، عدا عن صوت صرير الدروع و نسيم الرياح الباردة .
— ضجيج . ضجيج .
رأى الجنود من بعيد الوحوش السوداء تقترب. كانت تخرج ألسنتها الطويلة، و تلفّ رؤوسها بشكل مشوه، تتقدم بثبات نحو الجدار .
عندما ظهرت تلك الكائنات في مجال رؤيتهم، بدأ الجنود في الارتباك .
" ماذا يحدث …. ؟ "
" سيدي ! "
كان الأمر غريبًا. لم يكن بإمكانهم وصف تلك الكائنات بأنها مجرد حشد من الوحوش . كانت تسير كجيش، تشكل صفوفًا منتظمة .
" سيدي الأرشيدوق ! "
ناداه هيوز بجانبه بقلق، لكن لوسيان لم يكن لديه إجابة كذلك .
" لا ترتبكوا، استعدوا و امسكوا بسيوفكم ! "
رفع لوسيان يده و أرسل إشارة إلى الرماة فوق الجدار . سحب الرماة أوتار أقواسهم بإحكام. كانت سهامهم ترتجف قليلاً مع توتر أيديهم .
لم يكن لديه نية للانتظار حتى تتشكل الكائنات في صفوفها . قام لوسيان بخفض ذراعه بقوة، مجددًا إشارة للرماة.
تركوا أوتار أقواسهم المشدودة. الأسهُم، التي اخترقت حتى عبر الرياح العاتية في الشمال، انهمرت كالمطر فوق رؤوس حشد الوحوش .
" كيييااااااااااا ! "
ترددت صرخات الوحوش المروعة، وكأنها ستشق السماء . كانت السهام المسمومة تأخذ أنفاس الوحوش .
لم تكن البداية سيئة ….
تأكد لوسيان من مواقع السحرة . كان كوينتين و مونبلان يطلقان شرارات صغيرة للإجابة عليه .
كل الاستعدادات كانت مكتملة . لم يكن هناك سبب للتأخير . رفع سيفه و صاح في الجنود .
" تقدموا ! "
اندفعوا الفرسان للأمام، مما أحدث رياحًا كثيفة من الرمال .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
بينما كان لوسيان يقطع رقاب الوحوش المتقدمة نحوه، صرخ بغضب . بدا أن عدد الوحوش قد تضاعف مقارنة بالهجوم السابق .
لم يكن هذا فحسب، بل بدت الوحوش وكأنها تتلقى أوامر، حيث تحركت بشكل منظم، على عكس تصرفاتها العشوائية في الماضي .
كانت تتراجع عندما تشعر بأنها في وضع غير مواتٍ، بل وكان بعضها يساعد الآخر .
ومع ذلك، لم يظهر لوسيان علامات الارتباك . إذا اهتز قائدهم، فسوف يتسبب ذلك في ذعر القوات بأكملها .
شدد تعابير وجهه وقال : " تبًا، ليس لهم نهاية "
واصل قطع رؤوس الوحوش المتقدمة نحوه .
إذا كانت سيرفيليا آمنة في القلعة، فلن يكون لديه ما يخشاه . كان مستعدًا للبقاء في هذه الأرض إلى الأبد من أجل حمايتها .
فجأة، مع عاصفة رملية قوية، انطلق صوت مدوي .
سعل لوسيان و عبس في ذلك الاتجاه، قائلاً : " ماذا يحدث ؟ "
عندما فتح عينيه بشكل ضيق، رأى فارسًا مبتدئًا يهاجم وحشًا ضخمًا بيديه العاريتين .
شعرت بهالته المجنونة من بعيد .
' من يكون ؟ '
نظر لوسيان باهتمام إلى الفارس . بدا أنه ليس عاديًا . بمثل هذه القوة، يمكن ترقيته إلى فارس أعلى في أي لحظة.
بينما كان لوسيان يقطع رقاب الوحوش المتقدمة، توجّه نحو الفارس ذو الشعر الأشقر .
وعندما اقترب، اكتشف أن الفارس كان صغير الحجم و نحيفًا، وكأنه امرأة .
' هذا مذهل، من أين يأتي بكل هذه القوة ؟ '
لم يستطع لوسيان إخفاء إعجابه، فاقترب من الفارس و أمسك كتفه .
فجأة، طار سيف حاد نحوه . تملص في اللحظة الأخيرة و أمسك بمعصم الفارس .
" مهلاً …. ! "
" اتركني "
" …. أميرة ؟ "
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
قبل عدة ساعات .
اندفعت سيرفيليا إلى مقدمة صفوف الجيش، قافزة إلى ساحة المعركة قبل أي شخص آخر .
بينما كان الفرسان الشباب يُجرون إلى ساحة القتال، لم يكن من الممكن لشخصٍ مثلها، التي كانت نائبة قائد الفرسان، أن تكتفي بالمشاهدة .
' إنها مسألة كرامتي '
بالطبع، كان من الصحيح أنها شعرت ببعض الخوف عندما اقتربت منها مجموعة من الوحوش التي تقدر بالمئات .
لكن ….
" مهلاً، هل تشعر بالخوف ؟ يمكنك التراجع الآن إن أردت "
" نعم، لا أحد سيقول شيئًا إذا هربت "
أثارت تعليقات الجنود بجانبها غضب سيرفيليا، فتقدمت بخطوة أخرى، و رفعت سيفها المصقول بفخر .
أثناء قدومها، التقطت درعًا ألقاه جنود آخرون و ارتدته بسرعة، مع إضافة الخوذة إلى رأسها .
راودتها أفكار حول ما إذا كان يجب عليها خوض المعركة بملابس غير ملائمة، لكنها لم تستطع الشكوى، لأن مظهر الجنود الآخرين لم يكن مختلفًا كثيرًا .
' البيئة هنا أسوأ مما كنت أتوقع '
نظرت سيرفيليا حولها بعناية، وهي تعبس .
****************************
الفصل : ٦٣
كان هناك جندي يرتجف بجوارها مرتديًا خوذة أكبر من رأسه، و جندي آخر هزيل يثير الشك في ما إذا كان قد أمسك سيفاً من قبل .
' وفوق ذلك، لا يوجد سوى هذين الساحرين فقط '
نظرت سيرفيليا بالتناوب إلى الساحرين المتموضعين على طرفي الحاجز . أحدهما رجل قوي البنية كثيف اللحية، والآخر رجل عجوز منحني الظهر .
ساحران فقط لحماية حاجز بهذا الحجم … كان الأمر لا يُصدق .
على حد علمها، كان هناك أكثر من ثلاثين ساحراً يقضون وقتهم في القصر الملكي و يتلقون أموال الأبحاث دون عمل يُذكر .
' ليتهم يرسلون بعض السحرة الذين يتسكعون في القصر الملكي إلى هنا، لماذا يتركون الأمور هكذا ؟ '
لم تستطع أن تفهم لماذا يتجاهل القصر الملكي تقديم الدعم المناسب، في حين أنهم يعتمدون على الشمال في حماية أمن القارة بأكملها .
ليس هذا فحسب، بل إنهم يسخرون من أهل الشمال و يتجاهلونهم .
' من يراهم يظن أنهم يريدون الدمار '
مطت عنقها يميناً و يساراً ولفت خصرها لتمدد جسدها .
في تلك اللحظة، مر حصان أسود جميل بجانبها مباشرة . كان راكبه لوسيان .
' آه، الدوق '
ارتدت سيرفيليا خوذتها لإخفاء وجهها . لم تكن هناك مخاوف من اكتشاف أمرها لأن جسدها الصغير مقارنة بالجنود الآخرين جعل إخفاءها سهلاً .
بدا لوسيان، الذي كان يمتطي حصانه الأسود اللامع في المقدمة، مختلفاً تماماً عن المعتاد.
كان يبدو متوتراً للغاية و حاد الأعصاب. وقف في مقدمة الصفوف يشجع الجنود .
في وسط الأجواء المتوترة، كان يمكن رؤية قطيع الوحوش يقترب من بعيد .
عدلت سيرفيليا خوذتها و أخذت نفساً عميقاً. مرت في ذهنها كالشريط السريع ذكريات قتالها مع الوحش عندما وصلت إلى الشمال، و رؤيتها لهلوسة الوحوش وهي تتسلق الحاجز، و مقاتلة الوحش كالذئب، و الغربان المجنونة .
ثم فجأة، شعرت أن هذا المشهد مألوف جداً. أمالت سيرفيليا رأسها متسائلة عن سبب هذا الشعور بالديجا فو .
توضيح : كلمة ديجا فو، تصف التجربة الغريبة التي تشعر فيها أنه ثمة حدث مألوف للغاية بالنسبة لك قد يبدو أنك عشته من قبل .
قبل أن تجد إجابة لفضولها، تحول انتباهها إلى شيء آخر . بدأ الجنود في الهمهمة . وقفت سيرفيليا على أطراف أصابعها لترى ما يحدث في البعيد .
كانوا قطيع الوحوش السوداء يتقدمون في تشكيل منظم متماشياً مع الصفوف، و بشعور من الحيرة، وكزت الجندي المجاور لها و سألت : " اسمع، هل الوحوش عادةً … منظمة هكذا ؟ "
لم تكن بحاجة لسماع الإجابة. كان يمكنها أن تشعر من تعبير وجه الفارس الأعلى رتبة في الجانب الآخر أن هذا ليس أمراً عادياً .
' هذا نذير شؤم '
كانت الأحداث الغريبة تتوالى بشكل مستمر . من فرسان الحراسة الذين حاولوا قتلها فجأة، إلى الحيوانات في الشمال التي تتحول إلى وحوش، وحتى الكائنات الغريبة التي لم تكن كالمعتاد .
شعرت سيرفيليا بقوة أن كل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض بشكل وثيق .
' مهلاً، إذا فكرت في الأمر، فكل هذه الأحداث بدأت منذ أن جئت إلى الشمال، ماذا يعني ذلك ؟ '
فكرت أنها اكتشفت حقيقة مهمة، لكن للأسف كان عليها أن تتوقف عند هذا الحد .
" تقدموا ! "
" كيييااااااااااا ! "
مع صرخة تشبه الرعد، انطلق الجنود إلى الأمام، و انطلقت سيرفيليا معهم .
أمطر الرماة فوق الجدار السهام كالمطر، وكان الجنود في المقدمة يدفعون الوحوش باستخدام دروعهم الكبيرة .
عندما تشتت صفوف الوحوش بواسطة الفرسان في المقدمة، استغل الجنود الأدنى رتبة الفرصة و بدأوا في الهجوم المستمر .
كانت سيرفيليا مشغولة بقتال الوحوش التي تتقدم بلا رحمة . كان جيش الوحوش يتكون من مجموعة الغوبلين و الأورك و الترولز .
توضيح :
١ - الغوبلن، هي كائنات خيالية أسطورية، ترمز للشر .
على الأغلب يكون الغوبلن مخلوقات قصيرة القامة، و غالباً ما يتّسمون بقدراتٍ مميزة، من أبرزها القدرات السحرية.
٢ - الأورك أو العُرْك، كائنات خيالية قوية و شديدة القسوة و الوحشية، كما أنهم يتمتعون بقوة بدنية كبيرة وهم أكبر حجماً قليلاً من حجم البشر .
٣ - الترولز، في الأساطير، غالبًا ما تصور على أنها كائنات قبيحة و قوية، وقد تكون عملاقة في بعض الحالات .
لم يكن من الصعب التعامل مع الغوبلن و الأورك، لكن المشكلة كانت في الترولز . بسبب حجمهم الكبير وجلودهم السميكة، لم يكن من السهل إلحاق الضرر بهم .
" تبًا، العدد كبير جدًا ! "
قبل أن تتمكن من القضاء على أحدهم، كان آخر يتقدم نحوها، وعندما تتمكن من هزيمته، كان آخر يتشبث بها من الخلف .
لم يكن هناك وقت لتجفف سيفها من دمائهم .
" …. أميرة ؟ "
بسبب ذلك، لم تسمع سيرفيليا الصوت الذي يناديها من الخلف، و استمرت في طعن أورك بسيفها، ثم تخلصت منه، و واصلت الهجوم، ثم رمت آخر مرة أخرى .
" سيرفيل ! "
فقط عندما أمسك لوسيان بكتفها و صرخ، عادت إلى رشدها .
" ماذا ؟ من … أرشيدوق ! "
ابتسمت سيرفيليا بارتباك و لوحت بيدها إلى لوسيان.
كانت عيناه مليئة بالدهشة، فقد طلبت منه ببرود أن يصافحها .
" تشرفت بلقائك، من الجيد رؤيتك هنا "
" أميرة، ماذا تفعلين هنا ؟ هل جننتِ ؟ "
لم يكن هناك الكثير من الأوقات التي كانت فيها سيرفيليا في وعيها، لذا لم يكن الأمر غريبًا . بل كان لوسيان هو الذي فقد صوابه من الموقف .
" كما ترى، أنا أقاتل …. آآه ! "
بينما كانت تتحدث، قامت على الفور بتمزيق بطن الوحش الذي هاجمها . و تناثر الدم المثير للاشمئزاز على وجهها.
" هل جننتِ ؟ الوضع خطير هنا، عودي فورًا ! "
" لماذا ؟ أنا أقوم بعمل جيد هنا "
" لا أحتاج مساعدتك ! كم مرة يجب أن أخبرك ؟ لماذا تفعلين هذا ؟ "
تأثر كبرياء سيرفيليا بكلمات لوسيان .
كانت لديها أمور يمكنها القيام بها بشكل جيد، بالتأكيد كان لديها القدرة على مساعدة الآخرين و إنقاذ الناس .
أرادت سيرفيليا إثبات جدارتها . بغض النظر عن كونها من العائلة المالكة أو فارسة في فرقة الفرسان، فهي كانت بحاجة إلى أن تكون شخصًا مهمًا في هذا العالم ….
" لماذا لا تحتاج مساعدتي ؟ هل وجودي غير مرغوب فيه ؟ "
" أميرة ! "
" نادني سيل ! سيل ! "
استمر الاثنان في الصراخ بينما كانا يقاتلان الوحوش . بدت حركتهما وكأنهما يفرغان غضبهما على الوحوش .
ومع ذلك، كانت الأمور تتجه نحو الأسوأ لجيش الشمال . كانت الوحوش تتزايد بشكل غريب، وبغض النظر عن عددها الذي تم قتله، لم تتقلص أعدادها .
" تراجعوا ! "
صرخ لوسيان بصوت عالي بينما أمسك بسيرفيليا .
بدا أن الأعداد كانت غير متكافئة .
بينما كانت سيرفيليا تُسحب بواسطة لوسيان، استمرت في التفكير .
' هناك شيء غريب، كيف يمكن للوحوش أن تتجمع في جيش ؟ بالطبع، إذا تجمعت الوحوش، ستكون قوية جدًا، ولكن المشكلة هي أنها لم تتجمع أبدًا من قبل '
إذا حدث اتحاد بين الغوبلين و الأورك و الترولز من قبل، فكان من المفترض أن يُدون في كتب التاريخ .
' هذا غير منطقي على الإطلاق، يبدو أن هناك فخًا ما …. '
قبل أن تكمل تفكيرها، دفعت يد لوسيان بعيدًا، و بدأت تمشي عكس اتجاه الجنود المتراجعين .
" سيل ! "
سمعت صوت لوسيان المنادي لها من خلفها، لكنها تجاهلته. لم يكن لديها رغبة في التكيف مع حمايته المفرطة الآن.
" دوق ! إحمي محيطي ! "
صرخت بحدة ثم قفزت نحو صفوف الوحوش . تبعها لوسيان مباشرة، و دهس الوحوش تحت حوافر خيله .
عبر الطريق الذي فتحه، كانت سيرفيليا تتعثر و تدور بينما تواصل الركض . بينما كانت تبصق الرمال و الدم من فمها، نظرت إلى الوراء للحظة، و رأت شخصًا يرتدي عباءة سوداء وهو يستقل عربة في أحد جوانب صفوف الوحوش .
أدركت بحدسها الفوري .
' إنه هو، هذا الشخص هو من يتحكم في الوحوش '
الوحوش عادةً ما تعمل بشكل فردي، ولا يمكنها التحرك بهذه الطريقة المنظمة .
كانت ذات مستوى ذكاء منخفض، بينما كانت الوحوش الأكثر ذكاءً تفضل العمل بشكل منفصل أيضًا .
' إذا كان العدو مختلفًا عن المعتاد، يجب أن نتعامل معه بطريقة مختلفة ! '
كان واضحًا أن الاستراتيجية المعتادة في القضاء على الوحوش واحدة تلو الأخرى لن تنجح .
خلعت سيرفيليا خوذتها التي كانت تعيق رؤيتها و رمتها على الأرض . كانت خصلات شعرها الذهبية تتشابك بسبب العرق .
تذكرّت استراتيجية القتال التي تعتبرها ككتاب مقدس، و مررت لسانها على شفتيها .
تتكون الاستراتيجية من ثلاثة عناصر : أولاً، الهجوم المباغت، ثانياً، الهجوم الجماعي، وثالثاً، التركيز على شخص واحد فقط .
" سأضرب واحدًا فقط، واحدًا فقط ! "
صرخت سيرفيليا بصوت عالٍ و اندفعت إلى الأمام .
سمعت صوت لوسيان من خلفها، مليئًا بالدهشة .
" سيرفيل ! "
****************************