بعد أن استحمت و ارتدت ملابس نظيفة، تحسن مزاجها قليلاً .
بدت الأحداث الغريبة التي وقعت الليلة الماضية وكأنها حلم .
نعم، ربما كان مجرد حلم مزعج. بالتأكيد عندما تفتح هذا الباب، سيكون الفرسان واقفين للحراسة .
فتحت باب الغرفة فجأة وهي تحمل هذا الأمل الباطل .
"إلى أين تذهبين؟"
لكن لوسيان كان واقفاً أمامها حاملاً صينية كبيرة .
"لقد أحضرت الطعام، فلتتناوليه في الداخل."
جلست سيرفيليا على الأريكة بناءً على إشارته.
كان الطعام عبارة عن يخنة لحم بقري مع البطاطا المقطعة إلى قطع كبيرة و خبز، لكن حجم قطع البطاطا كان غير متناسق و لون اليخنة كان غريباً .
" أنا … أنا من صنعته بنفسي."
قال لوسيان وهو يبلل شفتيه بلسانه . " رغم مظهره، لكن طعمه جيد جداً."
أومأت سيرفيليا برأسها و أخذت ملعقة كبيرة و ابتلعتها. كانت اليخنة المالحة قليلاً كما قال، أفضل مما يبدو عليها .
لذا اكتفت بقول " شكرًا " باختصار دون تعليق إضافي .
نظر إليها لوسيان بتعبير قلق .
"هذا كل شيء؟"
"ماذا تعني؟"
" كنت أتوقع أن تقولي شيئاً مثل 'هل وضعت سمًا في الطعام ؟' أو 'بهذه المهارات لن تتزوج أبدًا'... وما إلى ذلك "
ابتسمت سيرفيليا ابتسامة خفيفة لكلامه. يبدو أنه فهم شخصيتها تماماً .
بالتأكيد لو كانت في حالتها الطبيعية لكانت قد قالت مثل هذا الكلام السخيف، لكنها لم تكن في مزاج يسمح بذلك الآن .
عندما استمرت في تحريك اليخنة دون إجابة، نظر لوسيان مباشرة في عينيها . تجنبت نظراته بهدوء. لم تكن في مزاج جيد ولم تشعر حتى برغبة في مضايقته .
"كيف حال إصابتك؟"
" إنه مؤلم."
عالجت الجرح في جانبي، لكن رؤية ذلك الجرح أعادت لي ذكريات الليلة الماضية بوضوح . كان شعور الاختناق في حلقي يمنعني من تناول الطعام .
تناولت سيرفيليا بضع ملاعق فقط من الطعام، لكن لم تستطع البلع بسهولة .
" يجب أن تأكلي جيدًا."
" لا أستطيع البلع."
" سأذهب لأخبز بعض الكعك "
عندما نهض لوسيان فجأة ليخرج، أمسكت سيرفيليا بطرف ملابسه .
" لا تذهب."
تبادلا النظرات لفترة. وعندما رأى لوسيان تعبيرها المتعب، ارتبك قليلاً .
عاد إلى مقعده بسلاسة، ثم بدأ يحرك الحساء بملعقة و يطعمها لقمة تلو الأخرى .
لم تستطع سيرفيليا رفض ذلك و أخذت تأكل بهدوء .
" على أية حال، يا أرشيدوق، لقد سمعت كل شيء عن ذلك الطائر لاري أو شيء من هذا القبيل، هل كان من الجيد أن تخدعني ؟ "
"كنت أعلم أنه لن يمكنني الاستمرار في خداعك لفترة طويلة، كان مجرد حل مؤقت لإعادة سموك إلى العاصمة."
اعترف لوسيان بخطأه بطريقة غير متوقعة.
نظرت سيرفيليا إليه بغضب و أخذت لقمة من الحساء. كان لديها الكثير لتقوله، لكن ما كان مهمًا في الوقت الحالي لم يكن مسألة خطوبتها .
"ماذا قال أوريس؟"
"لقد استجوبته طوال الليل، لكنه لم يتكلم."
ابتلعت سيرفيليا الحساء ثم نهضت فجأة من مكانها .
" يجب أن أذهب بنفسي."
"نعم، سيكون هذا أفضل."
أحضر لوسيان عباءتها . ارتدتها سيرفيليا بسرعة و خرجت من الغرفة .
كان السجن يقع في برج قديم بعيد عن القلعة، كانت الغربان تصدر أصواتًا مزعجة تحت السماء الرمادية، وكانت رياح غريبة تهز الغابة .
كانت الأجواء الكئيبة تحيط بهم قبل دخول السجن .
ارتجفت سيرفيليا قليلاً ثم تبعت لوسيان، متوجهة إلى الدرج الحلزوني .
" من هذا الطريق يا أميرة "
ساروا في الممر المظلم و الرطب. كانت الزنازين على الجانبين فارغة . لاحظ لوسيان نظرتها المستغربة، فأجاب أولاً .
" هذا سجن لم يعد يُستخدم، لا أحد يعرف أن أوريس محبوس هنا، باستثنائي أنا و مساعدي، فلا تقلقي بشأن الأمان."
ثم رفع شعلة كانت معلقة على الجدار، و رأت شخصًا يجلس في الزنزانة في نهاية الممر .
تراجعت سيرفيليا بسرعة، ثم عادت لتصعد الدرج الحلزوني وهي تعرج .
" هاه، هاه …. "
شعرت بدوار، كان الواقع الذي لا تريد مواجهته أمامها . أرادت الهروب إلى الأبد وعدم معرفة أي شيء .
" هل أنتِ بخير ؟ إذا كنت تواجهين صعوبة، يمكنك العودة غدًا "
" لا، لا بأس، سأكون بخير قريبًا."
استنشقت سيرفيليا بعمق، ثم نزلت مرة أخرى على الدرج الحلزوني الذي لا نهاية له. و مشت ببطء نحو نهاية الممر.
أصبح أوريس شاحبًا كثيرًا خلال يوم واحد، وكان يبدو قلقًا و متوتراً .
أمسكت سيرفيليا بقضبان الزنزانة بيد واحدة دون أن تتكلم .
" آه، أميرة "
لم يستطع أوريس أن ينظر إليها مباشرة، و اخفض رأسه .
كان السجن تحت الأرض مروعًا. لم يكن هناك أي ضوء وكان مملوءًا بالرطوبة . كان كل خطوة تخطوها تُصدر صوت الماء في الأسفل، وكان يُسمع صوت الفئران من مكان ما.
نظرت سيرفيليا حولها ثم عبست .
" هل تعرف من أنا ؟ يبدو أنك لم تكن تعرف ليلة البارحة."
" أميرة …. "
عندما أومأت سيرفيليا برأسها، فتح لوسيان باب الزنزانة. انحنت سيرفيليا و دخلت إلى الداخل.
عندما اقتربت، ارتجف أوريس بشدة. كان جالسًا على كرسي، و يداه مربوطتان خلف ظهره .
" أرجو أن تفسح لي المجال، يا دوق "
" لا، سأبقى معك."
" يجب أن أتحدث مع صديق قديم، لذا ابتعد قليلاً "
على الرغم من كلمات سيرفيليا الحازمة، لم يغير رأيه.
" لا أستطيع تركك، لا أعرف ماذا يمكن أن يفعل هذا الشخص، لكن يمكنني أن أُدير رأسي."
" حسنًا، افعل كما تشاء."
بمجرد أن أدار لوسيان رأسه، ركلت سيرفيليا الكرسي الذي يجلس عليه أوريس، مما جعله يسقط إلى الوراء .
" آآآه …. "
سقط أوريس على الأرض وهو مربوط بالكرسي . اصطدم رأسه بالجدار، و حاول النهوض ولكنه وجد الأمر صعبًا .
مع اقتراب صوت خطوات سيرفيليا، أغمض أوريس عينيه بشدة .
" أميرة …. ! "
لكن على عكس توقعاته، جلست سيرفيليا فجأة على الأرض و بدأت بفك قيود ذراعيه و ساقيه .
" أميرة …. ؟ "
" اجلس بشكل صحيح، كيف تجرؤ على الاستلقاء أمام سيدتك بهذه الوقاحة ؟ "
حاول أوريس النهوض بسرعة، لكن جسده كان ضعيفًا لأنه كان مقيدًا طوال الليل . بالكاد جلس مستندًا إلى الجدار .
عندما التقت عيونهما أخيرًا، لم تعرف سيرفيليا ماذا تقول لرؤية هذا المنظر المروع . لم يستطع أوريس استيعاب نظرتها وأخفض رأسه.
" يجب أن يكون لديك ما تقوله لي "
"أميرة … لم أكن أعلم حقًا أن الأمر كذلك … "
— صفعة قوية .
ضربت سيرفيليا وجه أوريس بقوة. التفت وجهه إلى الجانب، و سال الدم من زوايا فمه.
" هل تقول أن الفارس أرجح سيفه بلا هدف ؟ هل علمتك ذلك ؟ "
" لا ! لم أستخدم السيف ضدك ! فقط … فقط … "
بالتأكيد لم يهاجم أوريس سيرفيليا بشكل مباشر، لكن ذلك لا يعني أنه يستحق المغفرة .
" نعم، كنت تشاهد فقط."
أخرجت سيرفيليا سيفها و وجهته إلى عنق أوريس .
" إذن، شاهد هذه المرة أيضًا "
" أميرة ! "
تعمق سيف سيرفيليا في عنق أوريس . أغلق عينيه بإحكام لكنه لم يجرؤ على الهروب .
" هذا يذكرني بطفولتك عندما كنت صغيرًا، كنت كفأر عالق في الوحل، و توقفت أمامي."
قبل ثماني سنوات، كان أوريس زعيم أطفال الشوارع، وطلب المساعدة من سيرفيليا عندما كانت تتجول في المدينة.
على الرغم من أنها كانت ترتدي زي الفارس، إلا أنها بدت وكأنها سيدة نبيلة رفيعة المستوى .
كانوا الناس من حولهم ينظرون بفضول، فكيف يجرؤ متسول على التحدث معها !
أعتقد الناس أنها ستعاقب الطفل، لكن سيرفيليا أخذته إلى القلعة بدلاً من ذلك و دربته ليصبح فارسًا .
وعندما بلغ سن الرشد، تم اختياره كفارس شخصي لها .
ما زالت تلك اللحظة حية في ذاكرتها .
" هل كنت تخطط لخيانتي منذ البداية ؟ "
****************************
الفصل : ٥١
هل كان ذلك البريق الذي رأته في عيني الصبي المتسول مجرد بذرة خيانة ؟
شعرت سيرفيليا بمرارة قليلاً .
هز أوريس رأسه بقوة نافياً :
" لا، لا ! لقد كنت مخلصاً لك حقًا ! "
" آه، هل هكذا يظهر الأطفال إخلاصهم هذه الأيام؟"
لمعت في عيني أوريس السوداوتين مشاعر يصعب وصفها . تداخل وجهه البائس مع وجه ذلك الصبي المتسول من الماضي .
' اللعنة '
أعادت سيرفيليا سيفها إلى غمده وهي تكتم شتيمة .
كانت تعرف منذ البداية، هي لن تستطيع أبداً قتل أوريس .
راقب أوريس بعينين مندهشتين عودة سيفها إلى غمده .
" …. هل غفرتِ لي ؟ "
" ليس غفرانًا، أنا فقط لا أريد تلويث سيفي، سأعود إلى القصر الملكي حالاً و أبلغ عن كل ما فعلتموه، كيف تجرؤون على مهاجمة فرد من العائلة المالكة …. "
نظر أوريس إلى سيرفيليا بتعبير غريب بعد سماع ردها . بدا كأنه يريد قول شيء ما وهو يحرك شفتيه .
بعد تردد طويل، تكلم أخيراً :
" أميرة، هل تثقين بالعائلة المالكة ؟ "
" إنهم عائلتي، بالطبع أثق بهم."
" حتى عائلتك تثقين بها ؟ "
أصاب كلامه الغامض سيرفيليا بالحيرة .
"ماذا تعني بذلك؟"
اعتدل أوريس في مكانه و همس بسرعة :
" أميرة، لا يجب أن تعودي إلى القصر الملكي أبدًا، حياتك في خطر …. ! "
لكنه لم يستطع إكمال كلامه، و أغلق فمه بإحكام كأنه كسارة البندق، ثم أصبحت عينيه حمراء، و ابتلع شيئاً ما .
"أوريس؟"
" آآه …. آآآه … "
" ما هذا ؟ ماذا ابتلعت ؟ ابصقه حالاً ! "
ضربت سيرفيليا المذعورة ظهره بجنون لكن كان قد ابتلعه بالفعل .
ظهر الخوف في عينيه .
"ماذا يحدث؟"
ركض لوسيان و وقف بين سيرفيليا و أوريس .
" أمـ، أميرة …. أرجوكِ …. أنـ، أنقذيني ! "
تحول وجه أوريس تدريجياً إلى اللون البنفسجي ثم سقط على جانبه .
فقدت عيناه تركيزهما و انهمرت دموع غزيرة على وجهه .
" لا، هذا … أوريس ! ما الذي …؟ "
استمرت في ضرب ظهره محاولة جعله يتقيأ ما ابتلعه، لكن جسده الضعيف لم يستجب .
فجأة تذكرت أول مرة حضر فيها أوريس المبتدئ حفلة رسمية .
وفقاً للقواعد، كان يجب أن يرافقها قائد الحرس، لكن سيرفيليا اصطحبت أوريس المبتدئ عمداً . أرادت أن تجعله يختبر حياة النبلاء .
" هذه أول مرة في حياتي أرى هذا الكم من الطعام "
في ذلك اليوم، أكل أوريس الكثير من الطعام حتى أصيب بالتخمة و اصفر وجهه .
في ذلك الوقت أيضاً، ساعدته على التقيؤ بضرب ظهره هكذا .
كان وجهه الخجول بعد أن تقيأ كل شيء واضحاً في ذاكرتها، لكن هذه المرة كانت مختلفة … لم يتقيأ ما ابتلعه، ولم يبتسم خجلاً .
"أوريس!"
لم يكن هناك رد ……
فتحت سيرفيليا قميصه و بدأت تضغط على صدره بجنون .
كان صدره يرتفع و ينخفض بشدة، لكن أوريس ظل لا يتنفس .
" لا ! "
استمرت سيرفيليا في الضغط وهي تصرخ بجنون . كادت أن تكسر ضلوعه، لكنها لم تدرك ذلك .
" أميرة ."
"اتركني!"
حاول لوسيان منعها، لكنها دفعت يده بعنف و عادت تضع يديها على صدر أوريس .
تساقطت دموع غزيرة على ظهر يدها.
" أميرة، تنفسي."
احتضنها لوسيان و ربت على ظهرها. عندها فقط استطاعت سيرفيليا التنفس بشكل صحيح .
مد لوسيان يده و أغلق عيني أوريس .
بدلاً من البكاء، أطلقت تنهيدة طويلة ثم لاحظت فجأة شيئًا ما.
" ما هذا ؟ "
ظهرت ندبة من خلال قميص أوريس. لم تكن هناك ندوب مثل هذه على جسده في ذاكرة سيرفيليا .
مزق لوسيان أزرار قميصه و نزعه.
"ما هذا؟"
كانت هناك علامة غريبة على صدر أوريس، كانت رسمة لشجرة لم يتبقى منها سوى أغصان ذابلة في دائرة مستديرة .
كانت العلامة السوداء تبدو وكأنها محترقة بالنار، وقد تسرب إليها الدم .
" يبدو أنها ظهرت للتو."
عندما مدت سيرفيليا يدها نحو العلامة، منعها لوسيان.
" إنها علامة لعنة، لا تلمسيها."
"هل رأيت مثل هذه العلامة من قبل؟"
" لا، إنها المرة الأولى التي أراها."
أخرج لوسيان دفتراً و رسم العلامة .
لم تستطع سيرفيليا النظر إلى جثته مباشرة و أدارت رأسها. كان قلبها يتمزق لأنها كانت تحبه بشكل خاص .
حتى بالأمس فقط، كان يتبعها مع آرتشي.
ما هذه المصيبة المفاجئة ؟
أغلق لوسيان دفتره و وضعه جانبًا، وقال بنبرة خالية من المشاعر :
" سأتولى أمر أوريس، لنعد الآن "
عادت سيرفيليا إلى غرفتها وهي تتكئ على لوسيان .
لم يكن آرتشي في الغرفة، يبدو أنه عاد إلى غرفته أخيرًا .
انهارت سيرفيليا على السرير بلا حول ولا قوة .
كان عقلها مشوشًا، حدث الكثير فجأة .
"بريدجر."
قائد الحرس المخلص …. لا، بل الخائن الذي وجه سيفه نحوها .
"إيستون."
الشخص البارد من الخارج لكنه لطيف من الداخل … لا، اللقيط الجاحد الذي صفعها .
" آكسي، جون …. أوريس "
انهمرت الدموع من عينيها بلا توقف، عندما اختفى الأشخاص الذين ملأوا عالمها دفعة واحدة، شعرت وكأنها تُركت وحيدة في وسط اللامكان .
دفنت سيرفيليا وجهها في الوسادة و بكت كطفلة .
بعد فترة، شعرت بالدوار من شدة البكاء .
شربت الماء الموضوع على الطاولة بسرعة و بدأت ترتب أفكارها مجدداً .
' حاولوا الفرسان القضاء عليّ، وهذا مرتبط بالعائلة المالكة '
مجرد التفكير في ذلك جعل قلبها يهوي إلى الأسفل .
كانت تظن أن شخصًا ما كان لديه ضغينة ضدها قد اشتراهم بالمال، لكن يبدو أن هناك شيئاً أكثر تعقيداً .
' العائلة الملكية ؟ هذا مستحيل '
عاشت حياتها كلها بسلام في القصر الملكي، لو كان هناك من يحمل لها العداء، لكان قد آذاها منذ زمن طويل، لكن الغريب أنهم كشفوا عن نواياهم فقط بعد وصولهم إلى الشمال .
' هل من الممكن أن يكون أوريس قد كذب ؟ '
الاحتمال موجود، ربما كان هدفه إرباكها قبل موته .
' …. لا، من الواضح أنه مات بسبب ما قاله لي '
سقط أوريس فجأة وهو يتقيأ أثناء حديثه، ثم ظهرت علامة اللعنة الغريبة على جسده. يبدو أن اللعنة تُفعَّل عندما يتم الإفصاح عن معلومات معينة .
إذا تمت محاولة إخفاء المعلومات إلى هذا الحد، كان هناك احتمال كبير بأنها حقيقة .
إنها معلومة حصلت عليها مقابل حياة أوريس، عليها أن تبدأ في فهم الوضع بتصديق ما قاله.
' هل والدي بخير ؟ من المستحيل أن يكون قد حدث له شيء بالفعل '
لا، لا يمكنها استبعاد الملك ماغنوس من دائرة الشك لمجرد أنه والدها .
" اللعنة، هل يمكن أن يكون تيبيريوس ؟ "
رغم أنها كانت تتشاجر مع تيبيريوس، إلا أنهما لم يكرها بعضهما لدرجة القتل . بالإضافة إلى ذلك، لم يكن من النوع الذي يطعن في الظهر.
" تيبيريوس لو أراد قتلي لفعل ذلك بيديه، وليس بهذه الحيل، جونيا ؟ لا، إنها مجرد طفلة، نعم، العائلة المالكة لا تقتصر على النسب المباشر فقط … ربما يكون أحد الأقارب "
وهكذا، بدأت تستحضر وجوه أقارب العائلة المالكة واحداً تلو الآخر، متسائلة إن كانت قد أخطأت في حقهم، لكن كان هناك الكثير منهم بحيث لم تستطع تحديد أي منهم قد يكون المشكلة .
بينما كانت تعد وجوه كل أفراد العائلة المالكة، أدركت فجأة أنها كانت تستبعد شخصاً واحداً تماماً .
" ليو …. "
لا يمكن أن يكون هو .
شعرت سيرفيليا بذنب هائل لمجرد التفكير في اسم ليونارد، فهو بالنسبة لها أكثر من مجرد أخ، حتى عندما سحب الملك ماغنوس حبه من ابنته الكبرى في لحظة، وعندما نظرت إليها الملكة روزالين باستياء، وعندما لم يعاملها تيبيريوس كإنسانة، وعندما تجنبتها جونيا، كان ليونارد دائماً هناك .
كان دائماً يهتم بسيرفيليا بإخلاص، و يعتني بها، و يحبها . حتى أنها فكرت أنه ربما يكون عائلتها الحقيقية الوحيدة .
مجرد تذكر وجهه المبتسم بلطف وهو يزيح شعرها الذهبي الرقيق خلف أذنها كان كافياً لتهدئة قلبها .
"إذن من يمكن أن يكون؟"
نهضت سيرفيليا ببطء و وقفت أمام المرآة، و رسمت بإصبعها العلامة التي رأتها على أوريس، ثم تذكرت عيونه الفارغة .
" على أي حال، الشخص المرتبط بهذه العلامة هو من يستهدفني "
قبضت سيرفيليا على يدها بقوة، و عقدت العزم على كشف هوية من يستهدفها ومن يقف وراء مقتل أوريس .
****************************