الفصل ٣٢ و ٣٣ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور


" هل أنتَ بخير ؟ "

" بالطبع، لم أثمل أبدًا في حياتي من قبل "

اندهشت سيرفيليا من ذلك .

" حقًا ؟ ألم تتعرض أبداً لموقف سيء بسبب الثمالة أو فقدت تركيزك من الثمالة ؟ "

" لم يحدث هذا أبدًا، أنا دائماً من يبقى حتى النهاية في حفلات الشرب و أقوم بالتنظيف بعد ذلك."

" يا إلهي، الفتيات يحببن الرجال الذين يسكرون بسهولة."

تذمرت سيرفيليا بشكل غير راضي . بدا وكأنها هي الوحيدة التي تتسبب في المشاكل و تظهر جانبها القبيح .

كانت تتمنى أن ترى لوسيان الأنيق وهو ينهار مرة واحدة . كانت تتساءل ماذا سيحدث إذا فقد وعيه وفقد عقله .

" على أي حال، سأنتظر، في يوم من الأيام سأكسر جدارك الحديدي هذا "

" هذا لن يحدث أبدًا "

قال لوسيان بينما كان يضع الصينية على السرير. كانت الصينية تحتوي على وعاء صغير من الحساء.

"ما هذا؟"

" إنه حساء يأكله الشماليون عندما يعانون من آثار الكحول."

ارتفعت رائحة لذيذة من الحساء . على عكس ما شعرت به عندما رأت الخبز فقط، بدأت تشعر بالجوع تجاه هذا .

عندما قدم لها لوسيان ملعقة صغيرة، أخذتها بسرعة و تناولت منها .

" همم "

"كيف هو؟"

شعرت بوخز في بطنها . انتزعت الوعاء من يد لوسيان وبدأت تأكل الحساء بشغف، تلاشت مشاعر الغثيان و بدأت تشعر بالدفء في بطنها.

" آه، أشعر أنني سأعيش الآن."

" لا يوجد من يمكنه هزيمة الشماليين عندما يتعلق الأمر بالتخلص من آثار الكحول، إنه يحتوي على الطماطم و المأكولات البحرية، بالإضافة إلى مجموعة من الأعشاب والتوابل …. "

كانت نبرة صوته اللطيفة وعمق صوته مريحة للأذن . بينما كانت تستمع إلى صوته الهادئ المختلف عن المعتاد، راودتها فكرة عما إذا كان يحاول سحرها بهذا الأسلوب .

كانت سيرفيليا مشغولة في تأمل وجهه، لدرجة أنها لم تفهم ما كان يقوله على الإطلاق .

" …. أميرة ؟ هل تسمعين ما أقول ؟ "

" نعم، جميل "

أومأت سيرفيليا برأسها و رفعت إبهامها عاليًا .

ما كان غريبًا هو رد فعل لوسيان . بالعادة، لكان قد استاء من كلماتها، لكنه بدلاً من ذلك، كان يضحك كما لو كان يشعر بالخجل .

"هل تحاولين مغازلتي الآن؟"

" ماذا ؟ "

"أم أنك موهوبة بالفطرة في ذلك؟"

يبدو أن الخيار الثاني هو الصحيح، لذا أومأت سيرفيليا برأسها، ثم قررت أن تعتذر له.

حكّت سيرفيليا رأسها وبدأت تتحدث .

" أعتذر عن … ما حدث بالأمس."

" هل تتذكرين ؟ كنت أظن أنك لا تتذكرين لأنك كنتِ ثملة بشدة "

سأل لوسيان بفرح . عبست سيرفيليا جبهتها وهي تسترجع ذكرياتها عن الأمس، كانت هناك ذكريات غامضة .

" نعم، لقد شتمتك و ضربتك، لم يكن هناك شيء آخر مختلف عن المعتاد … صحيح ؟ "

" نعم، لم يكن هناك شيء مختلف عن المعتاد."

أومأ لوسيان برأسه بحزم، لم يكن لدى سيرفيليا أي وسيلة للاعتراض .

" هل هناك شيء آخر …. تتذكرينه ؟ "

أضاف بتردد، بدا وكأنه يتحدث عن شيء مهم، لكن سيرفيليا لم تتذكر شيئًا بالطبع، لهذا شعرت بالقلق للحظة .

" هل فعلت شيئًا آخر ؟ أعتذر عن أي شيء، مهما كان، لا تسيء فهمي، فقد كنت ثملة "

ستسقط مكانتها كأميرة، إذا انتشر شيء آخر عنها .

" ليس هذا ما قصدته "

انخفض صوت لوسيان مرة أخرى، وبعد هذه الكلمات، ساد الصمت والجو المحرج بينهما لفترة .

فجأة، شعرت أن لوسيان قريب جدًا، لم يكن جالسًا على الكرسي بجانب السرير، بل كان جالسًا على حافة السرير .

علاوة على ذلك، كان لوسيان ينظر مباشرة في عينيها . بينما كانت هي تتجول في أفكارها، خطر لها شيء واحد .

' هل يريد أن يتحداني في مسابقة تحديق ؟ '

قررت سيرفيليا أن لا تستسلم، فوسعت بعينيها، كانت عازمة على الفوز في هذه المسابقة، بغض النظر عن كل شيء، لكن في اللحظة التالية، أمسك فجأة بخدها، و اقترب وجهه حتى شعرت بانفاسه .

' هل يتحدى الشماليون في التحديق بهذه الطريقة أيضًا ؟ '

فوجئت سيرفيليا لدرجة أنها رمشت أولاً . شعرت بالظلم، لهذا كانت تعتزم الاعتراض بأن هذه ليست القاعدة في العاصمة .

" أرشيدوق، انتظر قليلاً …. "

"أميرة، لماذا لا تتذكرين؟"

" أتذكر ماذا ؟ أي ذكرى ؟ "

" أنا أتذكر كل شيء، كل شيء."

بدت كلماته كالسحر، تأسرها . لم تكن تعرف ماذا تفعل و أغمضت عينيها بلا وعي، ثم شعرت به يقترب من وجهها .

في تلك اللحظة، سُمع صوت تحطم شيء ما. وعندما فتحت عينيها من الدهشة، وجدت طائرًا يحمل رسالة قد كسر النافذة و دخل الغرفة .

طار الطائر داخل الغرفة وكأنه في حالة من الحماس، ثم هبط برفق أمام لوسيان، ثم قام بمد الرسالة المربوطة بساقه .

نهض لوسيان بتعبير غير راضٍ .

" أعتذر، يا أميرة، يبدو أن هناك رسالة عاجلة "

سحب لوسيان الرسالة و بدأ يقرأها بسرعة. بدأ تعبير وجهه يتجمد أكثر فأكثر .

"ماذا حدث؟"

" ليس هناك شيء خطير، قيل أن هناك خدشًا في الجدار …. ربما بسبب الطقس."

كان من الممكن أن يكون ذلك، نظرًا لأن الرياح في الشمال دائمًا ما تكون قاسية، لكن لوسيان لم يستطع إخفاء قلقه . كان يحدق في الجدار البعيد الذي كان يُرى من خلال النافذة، ثم انحنى لسيرفيليا .

" أميرة، يبدو أنني بحاجة للذهاب لفحص الجدار، سأعود قبل العشاء على أبعد تقدير "

أيقظت هذه الكلمات فضول سيرفيليا المدفون بشأن الجدار الشمالي .

كانت قد سمعت ذات مرة أن ليونارد و تيبيريوس زاروا جدار الشمال . لقد تحدث الرجلان لفترة طويلة عن عظمة الجدار، حتى لقد تفاخروا بأنهم تسلقوا عليه .

لم تتمكن سيرفيليا، التي لم تكن قد اقتربت من الجدار الشمالي في ذلك الوقت، من الانضمام إلى تلك المحادثة، مما جعلها تشعر بالحزن الشديد .

' ما الذي يجعل هذا الجدار مهمًا جدًا حتى يتحدث الجميع عنه بهذه الطريقة ؟ لقد جئت إلى هنا، لذلك يجب أن أذهب مرة واحدة على الأقل '

فجأة شعرت بالحماس و وقفت من مكانها بسرعة .

" أنا أيضًا ! سأذهب معك ! سأغير ملابسي فقط …. "

"هذا مستحيل!"

صرخ لوسيان بغضب . كانت هذه هي المرة الأولى التي تراه يرفع صوته بهذه الطريقة، مما جعلها تتجمد بصدمة .

" أرشيدوق ؟ "

كان لوسيان أيضًا في حالة من الارتباك . بدا أنه تفاجأ من نفسه، تنحنح ثم انحنى ليعتذر .

" أعتذر، يا أميرة، كما قلت سابقًا، لا يمكن الذهاب إلى الجدار، يجب أن تبقي في الغرفة و تستريحي "

بينما كانت سيرفيليا مذهولة وغير قادرة على الكلام، خرج لوسيان بسرعة من الغرفة . تبعته سيرفيليا و خرجت متأخرة إلى الممر .

" دوق، دعني أذهب معك ! "

من نافذة الممر، كان يمكن رؤية الجدار الشمالي عن بُعد . بما أنها وصلت إلى لانغفول، كانت ترغب في رؤية الجدار مرة واحدة على الأقل . شعرت أنه إذا لم تذهب الآن، فلن تتاح لها الفرصة للذهاب طوال حياتها .

لقد طاردت لوسيان و ثرثرت مثل العصفور .

" لا، ليس الأمر أنني أريد الذهاب إلى ما وراء الجدار، لا أريد أن أكون عائقًا، حقًا ! بما أنني وصلت إلى هنا، أريد أن أذهب إلى الجدار لأشجع قوات الشمال، و أقدم لهم الهدايا، و أحييهم، هذا ما أريد القيام به "

علاوة على ذلك، وبالنظر إلى مكانة سيرفيليا، أليس من الصواب زيارة الجدار و تشجيع جيش الشمال ؟

" أنا، بصفتني سيدة الشمال، يجب أن أفعل ذلك، أليس كذلك؟"

عند سماع ذلك، توقف لوسيان فجأة . لم تستطع سيرفيليا التوقف في الوقت المناسب و صدمت رأسها بظهره .

" آه."

" أميرة، لدي شيء أريد أن أخبرك به حول ذلك."

" همم ؟ أخبرني."

تردد لوسيان قليلاً وبدأ يعض شفتيه بقلق. في تلك اللحظة، بدأ قلب سيرفيليا ينبض بسرعة.

بينما كانت في حالة من الارتباك بسبب رد فعل جسدها غير المألوف، ابتسم لوسيان بابتسامة ساحرة و أجاب .

" سأخبرك بعد أن أعود."

" لماذا تتردد هكذا ؟ إذا كنت ستخبرني، فافعل ذلك الآن."

" لا، سأخبرك بعد أن أعود "

" ثم دعنا نذهب إلى الجدار معًا …. "

قبل أن تتمكن سيرفيليا من إنهاء حديثها، دفعها لوسيان إلى الغرفة و أغلق الباب بقوة .

****************************

الفصل : ٣٣


نظرت سيرفيليا إلى الباب المغلق بغضب وفضول في آن واحد .

"مثل المرة السابقة، لماذا يتفاعل بحساسية شديدة عندما يُذكر الحاجز؟"

فالحاجز مكان زاره ليونارد و تيبيريوس، وحتى القديسة الضعيفة. فكيف لا تستطيع سيرفيليا، وهي فارسة سابقة، الذهاب إليه ؟

" ماذا يُخفي في الحاجز ؟ هل من الممكن أنه قام حقًا بتكوين أسرة هناك ؟ "

عندما وصلت لهذا التفكير، ارتفع ضغط دمها. فتحت الباب بعنف لتلحق بلوسيان فورًا، لكن الساحر كان واقفًا أمام الباب، فمنعها بفزع .

" يا أميرة، كيف تركضين بقدمك هذه ؟ أسرعي و ادخلي إلى الداخل "

كان لوسيان قد اختفى في نهاية الممر، اضطرت سيرفيليا للجلوس على الأريكة لتلقي العلاج . قام الساحر بتطبيق سحر الشفاء و سحر علاج الندوب، ثم فك الضمادة .

"هل شُفيت الآن؟"

" تقريبًا، لكن لا تجهدي نفسك كثيراً يا سيدتي، ارتدي حذاءً منخفضاً و تجنبي المشي قدر الإمكان "

"إذن هل يمكنني ركوب حصان بحذاء منخفض؟"

بالطبع لا يمكن ذلك، أجاب الساحر بصبر على كلامها غير المعقول :

" آه، إذا أصبتِ المكان المصاب مرة أخرى، سيصعب علاجه، يجب أن تستلقي بهدوء للتعافي السريع "

في الأوقات العادية، قد لا يكون الكسل سيئاً، لكن سيرفيليا الآن شخص مشغول جداً .

لا يمكنها الاستلقاء في السرير وهناك أشياء عليها القيام بها. عندما تظاهرت بعدم الاستماع وهي تنظف أذنها، أضاف الساحر بقلق :

" أميرة، أرجوك اعتني بنفسك."

" لست شخصًا ثمينًا، فلماذا علي أن أفعل ذلك؟"

تمتمت سيرفيليا بصوت منخفض وهي تحرك كاحلها . لحسن الحظ، كان كاحلها يتحرك بشكل طبيعي تماماً .

" ماذا ؟ أميرة، ماذا تقصدين بذلك ؟ "

" لا شيء، شكراً على العلاج."

عندما عبرت سيرفيليا بلطف عن رغبتها في أن يغادر، انحنى الساحر و غادر المكان .

نهضت بسرعة قبل أن يُغلق الباب و ارتدت معطفها .

" أميرة، إلى أين أنتِ ذاهبة؟"

سأل أوريس، الذي كان يمزح مع آرتشي في المقعد المقابل، بتعبير متعجب .

" إلى الحاجز."

لفت سيرفيليا وشاحًا صوفيًا حول عنقها بإحكام، وعندما أصبح من الصعب عليها التنفس، اقترب بريدجر و ساعدها في لف الوشاح بشكل صحيح .

" أميرة، ألم تسمعي ما قاله الساحر للتو ؟ عليكِ أن ترتاحي جيداً "

لكن سيرفيليا تظاهرت بعدم سماع نصيحة بريدجر المليئة بالقلق .

" بريدجر و أوريس فقط يستعدان للمرافقة، والباقي سيبقون هنا "

"ماذا تنوين أن تفعلي هناك؟"

سأل أوريس وهو يحاول بصعوبة إبعاد آرتشي .

" حسنًا، ربما أهدم الحاجز "

مازحت سيرفيليا وهي تلوح بقبضتها في الهواء، لكن لسبب ما، تجمدت تعابير الفرسان .

" إنها مزحة."

" لكنكِ جادة ! "

صرخ آرتشي بصعوبة من الزاوية .

" ماذا تظنونني ؟ سأذهب فقط لرؤية الحاجز و أضايق الأرشيدوق قليلاً ثم أعود."

" على الأقل أعرف جيدًا أنكِ تشكلين تهديدًا للأرشيدوق بيرنز أكثر من الوحوش "

عندما قال بريدجر ذلك بوجه جاد، ضحكت سيرفيليا بخفة .

" آه، كلام بريدجر هو الأكثر إضحاكًا في العالم "

" لم أقصد أن يكون مضحكًا "

" هذا ما يجعله أكثر إضحاكاً."

جاءت سيرفيليا إلى الشمال مع مساعدها آرتشي، و الخادمة أوليفيا، و خمسة فرسان حراس، بدءاً من قائد الحرس بريدجر، و إيستون، و أكسي، و جون، و أصغرهم أوريس .

إنهم جميعًا من الموالين الذين ظلوا معها لمدة تتراوح بين عامين و عشر سنوات . لقد تبعوها جميعًا عندما تقاعدت من فرقة الفرسان، لذلك كان من الواضح مدى عمق ولائهم.

" آرتشي، هل تريد أن تأتي معنا ؟ "

"لماذا علي ذلك؟"

انزلق آرتشي ببطء ليختبئ في الأريكة. لم يكن أمامها خيار سوى أن تجيب بما هو واضح تمامًا .

"لأنك مساعدي، أليس كذلك؟"

" لا أريد، الحاجز مخيف، ماذا لو ظهرت الوحوش؟"

"سيد آرتشي، من فضلك كن أكثر نضجًا."

تنهد أوريس بعمق وهو يوبخ آرتشي. نفخ آرتشي خديه بالهواء ثم بدأ يضرب ذراع أوريس .

عندما رأت مشاجرتهما، شعرت بصداع في رأسها، و عندما حولت نظرها إلى الجانب الآخر، رأت جون يمسح أعلى المدفأة بجنون . كان مصاباً بوسواس النظافة ولم يكن يتحمل حتى أصغر العيوب .

" جون، توقف وتعال اجلس هنا."

" سيدتي، لحظة من فضلك، توجد علامات حروق هنا."

وضع جون نظارته و مسح أعلى المدفأة بعناية. استمر في المسح حتى شعر بالرضا، ثم وقف خلفها . نظرت إليه أوليفيا بفخر شديد .

ابتسمت بسلام وهي تستشعر بكل جوارحها هذا المشهد المألوف، نعم، طالما كان هؤلاء معها، يمكنها أن تشعر بأنها في منزلها أينما ذهبت .

فعندما لم تكن عائلتها مصدر قوة لها، وتجاهل خطيبها وجودها، و فرح زملاؤها القدامى بسقوطها، كان هؤلاء فقط هم من بقوا إلى جانبها .

قال بريدجر وهو يفتح باب الغرفة :

" سأرافقكِ إلى الحاجز كما تريدين، لكن بشرط أن تركبي معي على حصاني "

" حسنًا …. موافقة."

في الواقع، أرادت سيرفيليا أن تقود الحصان بنفسها، لكنها قررت الموافقة على رغبة بريدجر دون جدال .

توجهت سيرفيليا و بريدجر و أوريس إلى الجزء الخلفي من القلعة و توجهوا إلى الاسطبلات .

بعد أن ركبت مع بريدجر على حصانه، اتكأت عليه براحة . قاد بريدجر و أوريس خيولهما بثقة . تجنبا المرور عبر وسط المدينة، و أخذا طريقاً جانبياً سريعاً .

" أنت تعرف الطريق جيداً ؟ "

" بالطبع، لقد حفظت خريطة الشمال مسبقاً."

هل يمكن أن يكون هناك قائد حرس أكثر موثوقية منه ؟

فكرت في نفسها أنه رغم أنها لم تحظى بنعمة العائلة أو الأصدقاء أو الزوج، إلا أنها على ما يبدو حظيت بنعمة المرؤوسين المخلصين.

كان شعوراً منعشاً أن تركب و تشعر بالرياح بعد وقت طويل . رغم أن الطقس كان بارداً قليلاً، إلا أن أشعة الشمس كانت دافئة، مما جعله طقساً مثالياً للركوب .

وهكذا، بعد فترة طويلة من الركوب، وصلوا بالقرب من الحاجز الشمالي . ساعدها بريدجر في النزول من الحصان.

وبعد أن تفقدت ملابسها بعد نزولها على الأرض، نظرت إليهما وقالت : " انتظرا هنا "

" لا يمكننا ذلك، يا أميرة "

" لا أريد أن أثير ضجة بجلب حراس معي."

" لكنه خطير، يا أميرة "

" كيف يمكن أن يكون خطيراً وهناك مئات وآلاف من الجنود الشماليين هنا؟"

كل ما كان عليها أن تقلق بشأنه هو لوسيان الغاضب، لكن كلما زاد غضبه، كان ذلك أكثر إثارة لـسيرفيليا، لذا لم يكن يهمها .

" حسناً، سننتظر هنا، فلتعودي سريعاً."

سارت سيرفيليا على طول الحاجز، و رأت برجاً ضخماً في البعيد . ربما يمكنها العثور على لوسيان إذا دخلت ذلك البرج .

كان الحاجز عن قرب ضخماً و مهيباً بشكل يفوق الوصف .

الطحالب الموجودة على الطوب و علامات التجوية المتناثرة هنا وهناك أوحت بالسنوات الطويلة التي مر بها الحاجز . مجرد النظر إليه جعلني أشعر بالرهبة .

توضيح : التجوية هي عملية تفتت و تحلل الصخور والتربة والمعادن على سطح الأرض أو قربه بواسطة العوامل الجوية السائدة دون نقل الفتات من مكانه .

لمست الحاجز و نقرت عليه. كانت قطعة الطوب الواحدة أكبر من جسدها .

كيف تمكنوا من بناء مثل هذا الحاجز الضخم في ذلك الزمن البعيد ؟ ملأ هذا الفضول عقلها .

على الأرجح، تم تجنيد الكثير من الناس قسراً، و وقعت حوادث كثيرة، ومات الكثيرون . بفضل تضحيات هؤلاء الناس، يمكن لمواطني مملكة أستيريا اليوم أن يناموا بسلام .

مشت لفترة طويلة وهي تفكر في عالم الوحوش وراء الحاجز، وفي إمبراطورية جاياس الشمالية العظيمة التي ازدهرت في الماضي البعيد .

" أوه، هناك درج هنا "

كان هناك درج ضيق على طول الحاجز . بدا وكأنه طريق مختصر يستخدمه الحراس .

صعدت سيرفيليا الدرج دون تردد، كان الدرج الحجري المائل شديد الانحدار و الارتفاع. كان ارتفاع كل درجة مختلفًا عن الأخرى، حتى أن أي خطأ صغير قد يرسلها مباشرة إلى العالم الآخر .

فكرت في العودة، لكنها غيرت رأيها . كانت فضولية لمعرفة الوقت الذي فاتها مع لوسيان .

" عشر سنوات من حياة الدوق العظيم كانت هنا "

تخيلت الطبيعة التي لم تمسها يد الإنسان منذ زمن طويل، والسهول الثلجية الممتدة بلا نهاية، والجبال المهيبة .

لم يكن لدى سيرفيليا، التي ولدت و ترعرعت في مدينة مزدحمة دائمًا بالناس، الكثير من الفرص لرؤية مثل هذه المناظر .

" في المرة السابقة، لم أتمكن من رؤيتها بشكل صحيح بسبب إصابتي و حالتي المضطربة "

عندما وصلت أخيرًا إلى آخر درجة بقلب خافق، ضرب أنفها رائحة دم كريهة غير متوقعة .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان