وقف الصبي الأشقر و ظهره كان يواجه أشعة الشمس الحارقة لذلك بدا أكثر إشراقًا .
" لقد سمعت الكثير عنكِ، لكنها المرة الأولى التي أحييك فيها "
لم يكن لدى معظم زوجات ڤالنتين طفل آخر، و عادةً ما يموتون بسبب المرض حتى لو أنجبوا طفلًا واحدًا فقط .
ومع ذلك، نظرًا لأن الدوق الأكبر الحالي لم يكن لديه محظية أو ابن غير شرعي، لذلك لم يتبقى سوى إحتمال واحد .
' إنه أحد أقارب الدوق الأكبر، الذي تم تبنيه بسبب عبقريته …. '
حدقت آريا بإهتمام في فينسنت .
ثم بعد أن أدرك معنى تلك النظرة، قدم نفسه بإبتسامة لطيفة .
" لقد قدر جلالة الدوق الأكبر مهاراتي، لذلك قرر أن يتبناني إنه شيء أنا شاكر كثيراً عليه "
إنه عبقري القرن و العبقري سيء الحظ .
فينسنت ڤالنتين .
لقد كان رمزًا لعكس مسار الحياة تم تبنيه من قِبل أقوى شخص و أكثرهم سلطة، شخص حتى الإمبراطور لا يجرؤ على النظر له بدونية .
لكن في النهاية تم طرده من الدوقية قبل مذبحة ڤالنتين .
" قام الدوق الأكبر بتربية يتيم فقير فقد والديه، لكن تبين أنه كان جاسوسًا مزدوجًا من الحضيض ! "
أصبحت هذه القصة موضوعًا مثيرًا للإهتمام للأرستقراطيين الذين أحبو نشر الشائعات، و أصبحت قصة فينسنت شائعة في التجمعات الإجتماعية .
لأن ڤالنتين كان مركز كل القيل و القال .
لقد شتمهم الجميع و قالوا عنهم شياطيين، لكنهم أرادوا معرفة المزيد عنهم .
عن أسرارهم، ثروتهم و كيف لم يتمكنوا من العثور على الدوقية الكبرى …
في الواقع، أصبحوا يميلون للتخيل عنهم كما لو كانوا مفتونين بغموضهم .
' يجب أن تكون قصة فينسنت قد أثارت إهتمامهم '
استمعت آريا إلى ذلك مرات عديدة لدرجة أنها قد حفظت ذلك .
' سمعتُ أنه انتهى به الأمر بالإعتماد على الكحول و المخدرات ثم أنهى حياته بشكل بائس بعد التجول في الحضيض '
هل كان حقًا …. جاسوس ؟ كان لدى آريا بعض الشكوك .
' إذا كان أحدهم قادرًا على التجسس على ڤالنتين، فيجب أن يكون قويًا للغاية و لديه نفوذ في الحضيض و أن يكون لديه جرذان تغطي عليهم '
نظرت آريا في عيون فينسنت الزرقاء الصافية .
كانت عيناه تتألقان بشفافية بحيرة في يوم صيفي .
كانت عيون عالم يبحث عن الحقيقة .
قال فينسنت، مشيرًا إلى كتاب آريا " يبدو أن زوجة شقيقي مهتمة جدًا بنظرية المعرفة "
عندها فقط قامت بالنظر إلى عنوان الكتاب الذي كانت تحمله .
{ نظرية المعرفة }
' ... كتاب فلسفة ؟ '
كانت معرفتها في الواقع محدودة للغاية .
لم تكن تعرف شيئًا غير الموسيقى و الفن .
' لأنني كنت محبوسة طوال حياتي ولم تتح لي الفرصة للتعلم '
بالطبع، لم يكن الأمر أنها لا تريد التعلم، لقد أرادت التعلم إذا كانت تستطيع .
لكن ليس الفلسفة .
لم تكن مهتمة على الإطلاق .
" يقال أننا نحن البشر لا نستطيع معرفة إلا ماهو موجود، وما يعرفه البشر يجب أن يكون موجودًا و بهذا المعنى فإن الأنطولوجيا و نظرية المعرفة وجهان لعملة واحدة "
" ؟ "
" هل أنت مهتمة أيضًا بالظواهر ؟ بإختصار إنه مفهوم يجمع بين نظرية المعرفة و الأنطولوجيا، إنها محاولة للتعرف على الظواهر التي أعيد بناؤها من خلال توجيه الإدراك كما هي "
" ؟؟؟ "
' ما هذا ؟ لغة أجنبية ؟ '
" أعتقد أن أختي في القانون لديها إهتمام عميق بالمعرفة ! أنا سعيد حقًا "
" ……. "
" هل أخبرك بالمزيد عن الكتاب الذي تقرئينه ؟ "
نظرت آريا إلى الصبي الذي كان يبتسم ببراءة كما لو كان سعيدًا حقًا .
كانت عيناه اللطيفة و الدافئة لا تشبه عيون الدوق الأكبر على الإطلاق .
" آه " في ذلك الوقت، أمسكها فينسنت وهي تحدق في عينيه .
كان هناك خيبة أمل بسيطة في عينيه الشبيهة بالبحيرة، ثم قام بتضييق عينيه كما لو كان يعلم أنها ستكون هكذا .
بدأت آريا تشعر بعدم الإرتياح أكثر فأكثر .
" هاها، أعتقد أنني تمكنت من البقاء على قيد الحياة حتى الآن لأنني عبقري …. " قال بإبتسامة مشرقة على وجهه البريء .
" لذا … عندما أرى شيئًا غبيًا، لا يمكنني تحمله "
" ……. "
" لماذا لا تزالين على قيد الحياة و أنت بهذا الغباء ؟ يا لها من مضيعة للأكسجين "
تابع فينسنت بجدية " أفضل الموت على أن أعيش حياتي كشخص غبي "
راقبت آريا الصبي المبتسم و فكرت ' آه، لقد طُرد لأنه لم يكن محظوظًا بالفعل '
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
" ……. "
" أراك مرة أخرى، أختي في القانون "
كانت آريا تقابل فينسنت في المكتبة كل يوم بعد ذلك اللقاء .
كان عليها أن تتدرب على الغناء داخل المكتبة، لذلك كان عليها أن تكون أكثر حذراً .
' كان الأمر لطيفًا و هادئًا حتى جاء '
تم بناء هذا المكان فقط لأولئك الذين لديهم دم ڤالنتين .
عادةً، لا أحد يأتي إلى هنا بإستثناء أمين المكتبة الذي كان يأتي و يذهب لتنظيم الكتب من حين لآخر .
ومع ذلك، يكون فينسنت في المكتبة قبل وصول آريا و يغادر المكتبة بعدها .
' على الأقل هذا يعني أنه لا يطاردني عن عمد ... '
كان باحثًا من معهد أكاديمي يحب التعلم أكثر من أي شخص آخر، لذلك كان من المنطقي سبب بقائه في المكتبة .
' عازل الصوت مثالي، لكن قد يخرج صوتي عن طريق الخطأ '
كانت الإحتمالية ضئيلة ولكن لا يمكن إستبعادها تمامًا .
أختلست آريا النظر إلى فينسنت، مختبئة خلف رف الكتب .
كان يقرأ كتابًا على الأريكة بجوار المكتب .
" ألن تختاري كتابًا ؟ "
" ……. "
حدقت آريا فيه بتجهم .
غالبًا ما جادلها حول أبسط الأشياء و كان يقلل من شأنها إذا أختارت كتابًا عديم الفائدة و كان يعطي رأيه الخاص في كل كتاب تمسكه .
" أنت لا تعرفين هذا أيضًا ؟ "
" بحقك، مستحيل أنك لا تعرفين هذا ! "
" ماذا ؟ ليس لديك فكرة عن هذا ؟ "
" لا أعرف لماذا أنت على قيد الحياة و أنت بهذا الغباء … "
لطالما كانت محادثاتها مع فينسنت على هذا النحو .
' حتى لو تجاهلته، فسيواصل الثرثرة حول ما يسمى بمجال خبرته '
لم تكن تعرف سبب إهتمامه بها .
آريا التي كانت صامتة رغم كل أنواع الإهانات و الإستفزازات أصبحت متعبة بعض الشيء الآن .
لم تكن تعرف مدى الفخر الذي ستشعر به إذا كانت عبقرية، لكنها كانت تعلم أنها لو فعلت نفس الأشياء التي يفعلها، لكانت قد صنعت الكثير من الأعداء .
[ إذًا أوصي لي بكتاب ]
قررت الرد بطريقة جافة .
لأنه كان مزعجاً جداً .
ثم، بعد التفكير لفترة، قام فينسنت بإعطائها كتابًا .
{ العمليات الحسابية الأساسية الذي يمكن حتى لطفل القيام بها }
" ……. "
حدقت آريا في فينسنت أثناء النظر إلى محتويات الكتاب الذي كانت تقرأه ' ١ + ١ = ٢ '
فينسنت ڤالنتين .
إنه صبي رائع يذكرني بالشمس في يوم صيفي فقد كان يبتسم بشكل مشرق .
و كان لديه قدرة عظيمة، فهو يجعلك ترغب في البصق على وجهه المبتسم .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
" ... آنستي، هل هناك شيء سيء يحدث معك هذه الأيام ؟ " لم تستطع دانا إلا أن تسأل .
بدت آريا في حالة مزاجية سيئة في الأيام القليلة الماضية .
كانت دانا قلقة لأنها بدت و كأنها على وشك الإنفجار هذه الأيام .
لا يهم إذا أهانها علانية لجهلها لأنه كان صحيحًا أنها لم تتعلم بشكل صحيح أبدًا .
' هذا صحيح، أنا غبية ! و ماذا في ذلك ؟ '
أعترفت أخيرًا .
لكن كانت المكتبة هي المكان الوحيد الذي يمكنها فيه التدرب على الغناء دون معرفة الآخرين .
' لا أستطيع تحمله ! لقد استمر بمقاطعة تدربي على الغناء '
كانت بحاجة إلى تعلم أغنية الشفاء في أسرع وقت ممكن لعلاج الدوقة الكبرى .
إذا قاطعها فينسنت و فات وقت شفاء الدوقة الكبرى ...
' ألم يقل أجدادنا أننا إذا تحملنا شخصًا مزعجًا ثلاث مرات فسوف نستطيع تجنب القتل ؟ '
ولكن ماذا سيحدث لو تجاوز أكثر من ثلاث مرات ؟
' هل يعني أنني أستطيع قتله ؟ '
لقد كانت صبورة لأنه كان شقيق لويد الأصغر .
كان صبرها يقل مع مرور الأيام .
وفي النهاية، حدث ذلك .
ذات يوم، كان فينسنت ينتظر آريا في المكتبة .
" لقد تأخرتِ قليلا اليوم "
أدارت آريا ظهرها بشكل طبيعي و أعادت فتح الباب للذهاب إلى مكتبة أخرى .
كانت هذه المكتبة التي أمضى فينسنت وقته فيها، بمثابة مكانها المناسب .
كانت أكبر مكتبة في القصر و كان عازل الصوت فيها مثاليًا لذلك أحبت هذه المكتبة أكثر من غيرها .
ولكن هذا لا يعني أن المكتبات الأخرى لم تكن عازلة للصوت .
' أعتقد أنه يخطط لقراءة الكتب هنا من الآن فصاعدًا '
حاولت آريا أن تمرر الأمر بهذه الطريقة .
فجأة، أغلق فينسنت باب المكتبة .
ثم عقد ذراعيه و نظر إلى آريا .
قابل نظرتها الباردة بإبتسامة بريئة .
" بما أنك من كورتيز، لابد أنك تعرفين الكثير عن الموسيقى، أليس كذلك ؟ "
" ……. "
" كان جد أختي في القانون، المايسترو كورتيز، موسيقيًا و عالم رياضيات عبقري لم يسبق له مثيل، لقد كان هو من كتب النوتة الرابعة و العشرين في الموسيقى "
" ……. "
غطى فمه مستهزئًا بها و قال " مستحيل ! أنت لا تعرفين تاريخ عائلتك، أليس كذلك ؟ "
" ……. "
" حقًا ؟ أنت لا تعرفين هذا أيضًا ؟ " تمتم فينسنت كما لو كان يشعر بخيبة أمل علانية .
نفد صبر آريا .
ثم قال وهو يضحك " أوه، إعذريني، لقد كنت أتحدث عن أشياء لا تعرفينها "
هذا يكفي .
لم تعد تستطيع التحمل بعد الآن !
دفعت آريا الكتاب الذي كانت تمسكه بين ذراعي فينسنت كما لو كانت تقذفه .
" آآه ! " تأوه الصبي .
ذهبت آريا مباشرةً إلى البيانو الذي كان في الجانب .
ثم جلست و مررت أصابعها على المفاتيح البيضاء النقية .
****************************