حدقت يلينا بدون تعبير في ماكس ثم تنهدت و تمتمت بصوت عالٍ بما يكفي ليسمعها الجميع " أنا لا أعرف عن الآخرين، لكنني حقًا أثق بالسير ماكس، أعتقدت أنه كان فارسًا شريفًا لكنه قاتل اثنين ضد واحد مثل الجبان …. أشعر بخيبة أمل كبيرة …. "
" السير كولين فعل ذلك " صرخ ماكس فجأة .
ثم غطى فمه و كأنه أدرك خطأه متأخرًا لكن الأوان كان قد فات .
" …. ماذا ؟ "
صفع توماس جبهته و تحدث بإستسلام .
" حسنًا …. إنه على حق، الشخص الذي فعل ذلك بوجه كولين هو السير كولين نفسه "
رمشت يلينا بتفاجؤ .
كانت مندهشة لدرجة أنها قالت نفس الشيء مرتين " ماذا ؟ "
* * * * * * * * * * * * * * *
أخبر بن يلينا بما لم تكن تعرفه .
بعد وفاة إنكان و إنقاذ يلينا، ركع كولين أمام غرفة يلينا طوال المدة التي كانت فيها فاقدة للوعي، عاد إلى مسكنه فقط بعد أن استعادت وعيها .
لم تكن تعرف ذلك .
عندما تنهدت يلينا توقف كايوين بمنتصف تقطيعه للتفاحة .
" هل هناك شيء يدور في ذهنك ؟ "
" حسنًا كما تعلم، البارحة …. "
أخبرت يلينا كايوين بكل شيء بقلب مثقل .
وضع كايوين التفاحة و سأل " هل أنت قلقة عليه ؟ "
" بالطبع أنا كذلك، و …. "
أسندت يلينا ذراعها على ركبتيها و وضعت ذقنها في يدها .
" … أتساءل لماذا لم أشك في حدوث ذلك "
كان كولين مع يلينا يوم الإختطاف .
كان بإمكانها بالتأكيد توقع أنه سيكون يشعر بالذنب مسبقًا لكنها لم تفعل ذلك .
' حسنًا، هذا لأنني لم أعتقد أنه أرتكب أي خطأ '
و بالتالي، لم تكن لتتخيل أن سبب عدم رؤيتها لكولين كان بسبب هذا .
" كايوين "
" نعم يلينا "
" ماذا علي أن أفعل ؟ "
في الحقيقة، وجدت يلينا صعوبة في فهم تصرفات كولين .
كان بإمكانها أن تفهم سبب شعوره بالذنب لكن أن يفعل ذلك بوجهه كان مبالغًا فيه .
" هل يجب علي إستدعاءه و أخبره أنني بخير و أن ذلك لم يكن خطأه و عليه أن يتوقف عن تعذيب نفسه ؟ "
سألت عن رأي زوجها لأنه بالتأكيد يعرف كولين أفضل منها .
بدا أن كايوين كان يفكر في الأمر ثم تحدث " بدلاً من ذلك، أعتقد أن معاقبته ستكون أكثر فاعلية "
" أتقول معاقبته ؟ " اتسعت عيون يلينا بدهشة و أضافت " لكنني لا أعتقد أن السير كولين أرتكب أي خطأ "
" أنا متأكد من أنه يفكر بشكل مختلف، معاقبته ستجعله فعلاً يشعر بالراحة لأنه سيعتقد أنه دفع ثمن أفعاله "
" لكن مع ذلك …. "
لم تكن تريد ذلك .
معاقبة كولين تعني أنها تعترف بأنه أرتكب خطيئة تستحق العقاب .
عندما رأى كايوين أن يلينا لا تبدو سعيدة بذلك، تحدث مرة أخرى " أو ماذا عن فعل هذا ؟ "
" فعل ماذا ؟ "
بعد الإستماع إلى شرح كايوين بالكامل، قامت يلينا بإمالة رأسها قليلاً .
" هل سيكون ذلك جيدًا حقًا ؟ "
" ربما "
" همم، حسنًا إذن " قبلت يلينا بفكرته .
في الواقع لقد بدا أفضل من معاقبة كولين، أدى العثور على حل إلى رفع بعض الثقل عن قلبها .
عاد كايوين إلى تقطيع التفاح .
و أثناء مشاهدته بصمت، أضاء وجه يلينا بإهتمام .
" انه أرنب "
أنهى كايوين تقطيع التفاح و وضعه في الطبق، كانت الشرائح على شكل أرانب .
تفاحة على شكل أرنب .
لقد كان شكلاً شائعًا لكن يلينا شعرت أنه كان أكثر إبداعًا و إثارة للإهتمام عندما فعلته يدي زوجها .
عندما تلقت الطبق قالت مازحة " هل تحب الأرانب ؟ "
لقد كان سؤالاً سخيفًا و لكن لسبب ما ظلت نظرة زوجها عليها لفترة طويلة .
لم تكن تعرف السبب لكن نظرة زوجها الثابتة عليها بدأت تجعل خديها يشعران بسخونة قليلاً، عندها قال زوجها " نعم، أفعل "
' إذًا هناك حيوان يحبه '
و لكن لماذا أثار كل هذه الجلبة بإستغراقه وقتًا طويلاً في الإجابة ؟
سرعان ما طعنت يلينا شريحة التفاح بالشوكة و وضعتها في فمها كما لو كانت تحاول إخفاء الإحراج الذي شعرت به .
كانت تفاحة الأرنب اللذيذة حلوة و مقرمشة .
* * * * * * * * * * * * * * * *
بعد ظهر ذلك اليوم، استدعت يلينا كولين .
على الرغم من أنه هرب بعيدًا بمجرد أن رأى يلينا في اليوم السابق، إلا أنه أطاع إستدعاءها الرسمي .
" … سيدتي، سمعت أنك استدعيتني "
نهضت يلينا من مقعدها و اقتربت منه .
في اللحظة التي دخل فيها غرفة يلينا، احنى كولين رأسه كمذنب .
استطاعت يلينا تفحص وجهه بالرغم من انه كان يحني رأسه، بسبب إختلاف الطول بينهما ولم يكن لدى يلينا مشكلة بذلك .
' تسك '
عند رؤيته مرة أخرى، لم يكن لديها كلمات تعبر عن مظهره .
' بطريقة ما، يبدو أنه أصيب بكدمات أكثر بين ليلة و ضحاها '
بالكاد تمكنت من كبح التنهد و قالت " سير كولين "
" …. نعم "
" هل لديك أي فكرة لماذا استدعيتك هنا اليوم ؟ "
**********************
الفصل : ١٣٢
" هل لديك أي فكرة لماذا استدعيتك هنا اليوم ؟ "
" …. نعم، أعلم "
" لماذا تعتقد أنني استدعيتك هنا اليوم ؟ "
" لمعاقبتي على وقاحتي أمس …. "
" كلا، ليس لهذا السبب " قاطعته يلينا على الفور و واصلت " لقد استدعيتك هنا لمعاقبتك و لكن ليس بسبب ذلك "
" ……. "
" لقد كنت تحرسني في نزهتي قبل أيام قليلة لكنك لم تقم بواجبك كحارس "
تصلب كولين بشكل ملحوظ .
" هل توافق على هذا ؟ "
أجاب بحزم " …. أوافق "
لم يستطع كولين النظر إليها لأن عينيه كانتا لا تزالان ملتصقتين بالأرض لكن يلينا أومأت برأسها و عقدت ذراعيها .
ثم قالت " حسنًا إذن، ستتحمل المسؤولية عن تلك الحادثة و تعاقب "
" ……. "
" ستكون مسؤولاً عن حراستي للأشهر الستة القادمة "
" حسنًا، فهمت …. عذرًا ؟ " رفع كولين رأسه .
كانت هذه هي المرة الأولى التي ينظر فيها إلى يلينا منذ دخوله غرفتها .
" و أيضًا، لن يتم الدفع لك "
" ……. "
" سوف تتطوع للأشهر الست القادمة، عندما أخرج سيتعين عليك إتباعي دون شكوى "
" أعني، لكن …. " وضع كولين تعبيرًا غبيًا على وجهه .
بعد التلعثم لبعض الوقت، تحدث بشكل صحيح " فرصة … هل تعطيني فرصة أخرى ؟ أنـ أنا لا أستحق …. "
" ما الذي تتحدث عنه ؟ لا تسيء الفهم لقد أخبرتك، هذه عقوبة " قاطعت يلينا حديثه بحزم و أضافت " أنت مذنب لذا فأنت تُعاقب، هل تعتقد أن العمل دون أجر مزحة ؟ دعنا نرى ماهو رأيك بعد الكدح لمدة ٦ أشهر دون الحصول على فلس واحد في المقابل "
" ……. "
" و ليس لديك أي خيار، أنت تعلم الشخص الذي يتلقى العقوبة ليس له أي رأي، أليس كذلك ؟ "
أغلقت يلينا فمها بعد أن أنتهت من قول كل ما تريد قوله .
' …. هل كان ذلك جيدًا ؟ '
كانت متوترة في داخلها .
كان جوهر نصيحة زوجها هو معاقبة كولين بشيء بسيط .
كان الجزء المهم هو الإصرار بلا خجل قدر إستطاعتها، كلما كانت وقحة كان ذلك أفضل .
كانت واثقة عندما يتعلق الأمر بالإصرار بلا خجل .
أظهرت يلينا جرأتها الفطرية لذا الآن كل ما تبقى هو الدعاء لكي تعمل هذه الطريقة بشكل فعال .
راقبت كولين عن كثب، بالرغم من أنها تصرفت كما لو أنها لم تكن كذلك .
وفي تلك اللحظة .
تفاجئت يلينا " سير كولين ؟ "
تساقطت الدموع على وجه كولين المشتعل .
و كانت هذه هي البداية فقط .
أنخفض صوت كولين إلى أن توقف عن البكاء و وقف هناك دون أن يقوم بأي حركة أو صوت .
" ……. ؟ "
بينما لم تصدق يلينا عينيها، تحدث كولين .
" شكرًا …. هـيـك، شكرًا لك سيدتي، شكرًا جزيلاً لك "
" حسنًا، أعني مهلاً، فقط لماذا تبكي …. "
" أعطتني سيدتي هذه الفرصة رغم عيوبي العديدة …. سأفكر فيها على أنها فرصتي الأخيرة ولن أرتكب أي خطأ، سأبذل قصارى جهدي و أكرس نفسي لحماية سيدتي "
لم يعرف أحد ولا حتى يلينا هذا و لكن بصدق، في الأيام القليلة الماضية كان كولين محاصر في كابوس .
كان شعوره بالذنب أعمق مما يمكن لأي شخص أن يتخيله .
لم يستطع محو فكرة أن كل شيء كان خطأه .
من البداية لقد كان هو من أقترح على سيدته الخروج في ذلك اليوم .
لولا اقتراحه أو إذا قام بحمايتها بشكل صحيح لما اضطرت السيدة أن تجرب مثل هذا الشيء .
' هذا كله خطأي '
لقد كافأ لطفها بالأذى .
لم يستطع الخروج من هذه الأفكار بمجرد أن يبدأ بالتفكير في ذلك .
في بعض الأحيان، لم يكن قادرًا حتى على التنفس، كما شعر و كأنه يتعرض للخنق .
كان يعتقد أنه سيصاب بالجنون إذا بقي ساكنًا لذلك ضرب وجهه .
خفف الألم عذابه قليلاً لكنه كان مؤقتًا فقط .
بالأمس هرب في اللحظة التي لاحظ فيها يلينا، في الواقع كان جزء من السبب هو إخفاء الفوضى التي على وجهه و لكن الجزء الأكبر كان بسبب الوشاح الملفوف حول عنق يلينا .
الوشاح الذي غطى كدماتها .
طعن مظهرها بشعور كولين بلا رحمة، شعر و كأنه يُجر إلى حفرة مظلمة لا نهاية لها أثناء الإختناق .
كان ذلك حتى قبل لحظات قليلة، عندما منحته يلينا فرصة جديدة و أخرجته من تلك الحفرة .
" ……. "
نظرت يلينا إلى كولين بقلق غير مدركة للتغيرات العاطفية التي كان يمر بها لأن دموعه لم تؤدي إلا إلى إرتباكها الشديد .
' ماذا يحدث هنا ؟ '
لم بحق هو يبكي ؟
' هل هذا بسبب تأثره …. ؟ هل تأثر لدرجة أنه بدأ بالبكاء ؟ '
************************