" أرجو أن تنمو بصحة جيدة، هناك أشياء كثيرة أريد أن أقدمها لك " كانت تلك أيضًا مشاعرهم الحقيقية .
" أحبك يا مارتن، أنا سعيد جدًا لأنك ولدت " …. مشاعر حقيقية .
هذا غريب .
قالوا نفس الأشياء لكايوين، لكنهم قصدوها فقط عندما قالوها لمارتن .
راقب الطفل كايوين نفسه و شقيقه الأصغر عن كثب و وجد شيئًا آخر .
كان هناك فرق واضح بينهما .
كان نمو مارتن بطيئًا .
كان معدل تعلمه لكي يتحدث و يقف بطيئًا بشكل محبط مقارنة بكايوين .
بعد معرفة ذلك، تظاهر كايوين بأنه ينقصه الكثير لفترة من الوقت، كان قادرًا على التحدث بطلاقة لكنه تحدث بشكل سيء عمدًا، كان قادرًا على المشي برشاقة لكنه أصبح يمشي بضع خطوات ثم يسقط .
لكن القيام بذلك لم يغير الطريقة التي يعامله بها والديه .
" مارتن كنزنا " كما هو الحال دائمًا، كان هذا هو شعورهم الحقيقي .
" كايوين، ابني الحبيب " كانت تلك كذبة .
في ذلك الوقت تقريبًا، وجد كايوين فرقًا آخر بينه و بين شقيقه، كانت البقع الداكنة التي تملأ وجهه .
فحص كايوين البقع الموجودة على وجهه في المرآة، لم يكن لدى شقيقه تلك البقع .
لكن مهما حاول كايوين لم يستطع التخلص منهم .
حتى عندما كان يغسل وجهه ثلاث مرات كل صباح، ظلت البقع كما هي .
حاول حك وجهه بعنف لكن كل ما حصل عليه كان خدوشًا ولم تختفي البقع .
تلتئم الخدوش بسرعة ولا تترك ندبات .
في النهاية، تخلى الطفل تدريجيًا عن محاولة تلقي الحب ' الحقيقي ' من والديه .
أدرك كايوين في سن مبكرة أنه لا يوجد شيء يمكنه فعله لتغيير ذلك، ببساطة ولد أخوه مختلفًا .
لكن كان هذا لا بأس به .
بعد كل شيء، لا يزال الحب المزيف هو حب .
عندما يكون كايوين بمفرده مع والديه يعاملوه كما لو كان شخص مزعج و يدفعوه بعيدًا لكن حول الأشخاص الآخرين يبتسموا و يتحدثوا معه بلطف .
و كان هذا كل ما يحتاجه .
تعلم كايوين كيف يتنازل مبكرًا و كان راضيًا عما يمكن أن يحصل عليه .
ولكن عندما بلغ كايوين الخامسة ….
" هل سمعت عن تلك البقع ؟ "
" ألن يحدث شيء لنا إذا أقتربنا منه ؟ "
" يقولون أنه ملعون …. آه، يا له من أمر مشؤوم "
الإدعاء بأن البقع التي على وجه كايوين لم تكن مجرد بقع، بل كانت علامة على لعنة الشيطان .
الشخص الذي قدم هذا الإدعاء أستشهد بنص قديم كدليل .
بدعم من هذه الأدلة، أنتشر الإدعاء بسهولة بين الناس .
" آآه ! "
" زوجي "
" هل تعرف ماذا يقول الناس كلما حضرت إلى تجمع ؟ يسألون لماذا لعن الشيطان طفلي من بين كل الناس ! انهم يتحدثون حول أنني ربما قد فعلت شيئًا خاطئًا من قبل ! "
" اهدئي يا زوجتي، يمكنك فقط تجاهل ما يقوله مجموعة من الأشخاص "
" تجاهل ؟ مجموعة من الأشخاص ؟ هاا، من السهل عليك قول ذلك لأنك لا تحضر التجمعات الإجتماعية "
" حسنًا، ماذا تريدين مني أن أفعل حيال ذلك ؟ هل ذنبي أنهم يقولون مثل هذه الأشياء ؟ انها الحقيقة، أنك أنجبت مثل هذا الطفل في المقام الأول، ألا يوجد شيء يتبادر إلى ذهنك حقًا ؟ "
" عفواً ؟ ماذا قلت للتو ؟ "
في ذلك اليوم، بدت والدة كايوين منهكة بعد عودتها من التجمع .
لهذا تشبث كايوين بحرص بتنورة والدته عندما بدأ والديه يرفعان أصواتهما .
" لا تغضبي يا أمي …. "
كانت والدته تبتسم دائمًا كلما فعل شقيقه الأصغر ذلك، حتى لو كانت على وشك أن تغضب .
علم كايوين أنه مختلف عن أخيه، لكنه أعتقد أن هذا ربما يكون فعالاً .
" أنت …. "
توقفت والدة كايوين عن الجدال كما كان يأمل و حدقت فيه ثم تغير تعبيرها .
" في الواقع، كل هذا بسبب تلك البقع يجب علي أن أتخلص منهم "
" …. أمي ؟ "
" سيتم حل كل شيء إذا تخلصت منهم "
في ذلك اليوم، حاولت والدة كايوين حرق وجهه لكن أحترق كتفه بشدة عندما كان يحاول تفادي الشعلة .
تألم كايوين و سقط على الأرض غير قادر على تحمل الألم .
" أمي، أمي ! أرجوك انقذيني ! آآآهه ! "
*******************
الفصل : ١١٨
عندما عادت والدته إلى رشدها متأخرة، حدقت في ابنها الذي سقط على الأرض غير قادر على تحمل الألم .
كانت هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها كايوين الذي كان يتحمل الألم الشديد بعمره هذا، في عذاب بائس .
" ……. "
التعابير التي ظهرت على وجهها لم تكن متفاجئة ولا مذعورة ولا حزينة .
المثير للدهشة أن تعابيرها كانت مرتاحة .
منذ ذلك اليوم، كلما عادت والدة كايوين من تجمع، كانت تقيده و تحرق ظهره دون أي استثناء .
كان كايوين دائمًا يتلوى من العذاب الشديد دون أن يعرف لماذا كان عليه أن يعاني هكذا .
حتى أنه كان يتوسل إليها أن تتوقف وهو يبكي .
لكن والدته لم تتوقف و والده غض النظر عن ذلك .
يتعافى جسد كايوين بسرعة، بعض الحروق الموجودة على ظهره تترك ندوبًا لكن يشفى جسده تمامًا في أغلب الأحيان دون أي علاج خاص .
ربما أدى تعافي كايوين السريع بشكل غريب إلى تقليل ذنب الشخص الذي أساء إليه .
" أمي ماذا تفعلين ؟ هناك رائحة غريبة …. "
" هووش، مارتن لا يمكنك النظر، عد للنوم "
" أمي ؟ "
" أنا أقوم بتنقية طاقة الشيطان النجسة، ليس عليك رؤية ذلك "
فتح شقيق كايوين الأصغر الباب وهو يفرك عينيه، كان قد أستيقظ من الرائحة الكريهة لحرق الجسم .
توقف كايوين عن المقاومة بعد سماع ما قالته والدته لأخيه الصغير لتهدئته و إخراجه .
كما توقف عن البكاء و التوسل أيضًا .
بالرغم من أن كايوين توقف عن المقاومة إلا أن الإساءة لم تتوقف .
مع ظهور المزيد من الندوب في ظهر كايوين، أصبحت والدته تذهب إلى الحفلات و تتصرف بسهولة كأم عظيمة و مثالية .
بدأ الناس في مدح شخصيتها .
ولم يخرج كايوين تأوهًا واحدًا أبدًا بسبب جسده المحترق .
و عندما بلغ كايوين التاسعة من عمره، حمل السيف الذي تركه عندما كان في السادسة من عمره و عندها بدأت سوء المعاملة، فلم يُسمح له بالحصول على معلم مناسب .
كان والديه حذرين للغاية بشأن تحقيق كايوين لأي إنجاز ملحوظ في أي مجال .
عندما كان صغيرًا جدًا لم يكن يعرف سبب ذلك و لكن عندما كبر قليلاً أدرك ذلك .
كان والديه خائفين من أن يكبر كايوين ليكون أكثر تميزًا من شقيقه الأصغر مارتن، كانوا دائمًا قلقين و متوترين من أن كايوين سوف يكبر و يسرق حتى أصغر شيء كان من المفترض أن يمتلكه مارتن .
وهكذا، تعلم كايوين كيف لا يأمل لأي شيء .
كان جيدًا في كونه ليس جشعًا ولا طموحًا و عاش كما لو كان ميتًا .
ولكن لأنه لم يرغب في التخلي عن السيف مرة أخرى، كان يخرج سرًا كل ليلة و يتدرب بسيوف التدريب التي تخلص منها الفرسان بعد إستخدامها .
وهكذا مر الوقت ….
و عندما كان عيد ميلاد كايوين السادس عشر قريبًا، وقع الحادث الذي أودى بحياة عائلة كايوين بأكملها .
بعد الحادث أصبح كايوين مشغولاً لدرجة أنه لم يرمش حتى كان مشغولاً بترتيب جنازة عائلته و خلافة الدوقية .
عندما أتيحت له الفرصة أخيرًا للتنفس، سأله بن " سيدي، ماذا ستفعل ؟ هل ستكشف الحقيقة … عن الحادث ؟ "
لم يكن الحادث الذي أودى بحياة جميع أفراد عائلته في الحقيقة حادثًا، كان كل من بن و كايوين على علم بهذا .
كرد فعل على سؤال بن، تذكر كايوين السنوات الماضية .
قبل أن يرث الدوقية، كانوا الأشخاص في القلعة يطلقون عليه اللورد الصغير كان بن الوحيد الذي أطلق عليه لقب السيد الشاب .
و إن الحال لا يزال كذلك .
بعد أن أصبح الدوق أطلق الأشخاص عليه دائمًا لقب الدوق كان بن الوحيد الذي يناديه بالسيد .
" لست متأكدًا، ماذا عنك يا بن ؟ ماذا تريد أن تفعل ؟ "
" أنا …. أعارض الفكرة، لا أعتقد أننا يجب أن نكشف الحقيقة "
" ثم لن نفعل ذلك، لأنني أتفق معك على أي حال أنا مسؤول أيضًا عن عدم منع وقوع الحادث "
أستخدم الناس الحادث لتوجيه أصابع الإتهام إلى كايوين، حيث تهامسوا فيما بينهم أن لعنة الشيطان هي التي تسببت في الحادث و أخذت عائلته .
قد يؤدي الكشف عن حقيقة الحادث إلى إسكات مثل هذه الشائعات لكن كايوين تركهم يتحدثون، لم يهتم إذا قال الناس انه شيطان أو وحش .
كان هناك العديد من الأشياء التي توقف كايوين عن الإهتمام بها منذ أن كان قادرًا على الصمت دون أن يرمش حتى عندما كانت والدته تشعل النار في ظهره .
* * * * * * * * * * * * * * *
ثماني سنوات مرت سريعًا .
كانت حياة كايوين اليومية متشابهة إلى حدٍ ما .
تمامًا كما هو الحال عندما أصبح الدوق لأول مرة كان لا يزال يصعد إلى الجبل بإنتظام لإخضاع الوحوش و إدارة الإقطاعية و توسيع الأعمال التجارية .
بنظره حتى ترتيبات الزفاف المفاجئة لم تكن تغيرًا كبيرًا في روتينه اليومي .
*********************