أهتزت النافذة بقوة و كأن شخصًا ما رمى حجرًا .
تفاجئت الخادمة التي كانت واقفة بجانب النافذة تبكي سرًا .
" مـ ما كان ذلك ؟ "
عندما أدارت الخادمة رأسها، رأت الطائر الغبي الذي أصطدم بالنافذة و أنهار للأسفل ثم عاد و جلس على حافة النافذة و نقر على النافذة .
كان الأمر كما لو أنه يطلب مني الإنتباه .
' مهلاً، أليس هذا هو الحمام الزاجل ؟ '
لا يستطيع الحمام الزاجل القدوم إلى القصر الرئيسي فقد تم تدريبهم على الطيران إلى البرج الغربي فقط .
لكن ما الأمر مع هذا الطائر ؟ لم تكن هناك حتى ملاحظة مربوطة بساقه .
' إذن هل هو طائر جديد ؟ '
حاولت الخادمة إبعاد الطائر، لكنه لم يتحرك بغض النظر عن مدى تحريك يدها لإبعاده .
ثم خدش الزجاج بمنقاره و أصدر ضوضاء مزعجة و زقزق بصوت عالٍ و ضرب زجاج النافذة بجناحيه .
" هذا الطائر المجنون …… ! "
" ما هذا الضجيج ؟ " بدأت نوبة سعالها بعد أن تحدثت .
كان الصوت ينتمي إلى سابينا، الدوقة الكبرى .
" آسـ آسفة ! "
" لا داعي للإعتذار، ماذا يفعل الطائر ؟ "
بدا أن أنفاسها ستنقطع في أي لحظة و كان صوتها ضعيفًا .
كان يمكنهم رؤيتها من خلال فجوات ستائر السرير، كانت بشرتها شاحبة و أصابعها النحيلة تشبه الفروع الجافة .
" هـ هذا الحمام الزاجل ينقر على النافذة و يحدث الفوضى "
كان من الغريب أن تقوم الطيور بإحداث ضجة لذلك سابينا التي نادرًا ما تبتسم … أبتسمت لأنها كانت متفاجئة .
" أريد أن أرى هذا الطائر الشجاع، ساعديني من فضلك "
" أوه كلا، لا يمكنك فعل ذلك ! قال الطبيب أنه يجب عليك الراحة جيدًا …. "
" سيرتاح الشخص للأبد عندما يموت "
" سيدتي أنت تقولين هذا مرة أخرى "
تغيرت تعابير وجه الخادمة كما لو كانت على وشك البكاء مرة أخرى، لكنها ضغطت على أسنانها لتقاوم البكاء، لم تستطع البكاء أمام الدوقة الكبرى .
" كنت محظوظة لأنني نجوت بالأمس و لكن قد يكون اليوم هو آخر يوم لي، لذا دعيني أفعل ما أريد "
سابينا تعلم أن وقتها ينفد، لقد تقبلت ذلك بالفعل و كانت تنتظر نهايتها .
" سيدتي …… "
إذا كانت رئيسة الخدم بجانبي كنت سأكون أكثر صرامة، تنهدت الخادمة و ساعدت سابينا على الجلوس على الكرسي أمام النافذة، عندها طار الطائر بعيدًا .
' بمجرد أن أجد ذلك الطائر سأمسكه سرًا و أتناوله '
كانت الخادمة تفكر بذلك وهي تصر على أسنانها .
فجأة سألت سابينا وهي تحدق من النافذة .
" …. هل هذه أزهار الكرز ؟ "
و المثير للدهشة أن أزهار الكرز كانت في حالة إزهار كامل .
" هذا غير منطقي، أنا متأكدة من أن أزهار الكرز قد تساقطت جميعها …. "
تمتمت الخادمة وهي تحدق خارج النافذة و عندما فتحت النافذة أتسعت عيون سابينا بدهشة .
كانت أشجار الكرز العملاقة التي أصطفت على طول القصر المنفصل مغطاة بأزهار وردية و كانت أوراق الأزهار تتطاير من نسيم الربيع .
لقد حدث شيء يستحيل أن يحدث، يسمون الناس هذه الظاهرة بالمعجزة .
* * * * * * * * * * * * *
توجه لويد إلى المكان الذي رأى فيه آريا لأول مرة .
فجأة تبعه الجاكوار من الخلف .
" ابحث عنها "
عبس لويد بعد أن أصدر هذا الأمر فقد سقط شيء فوق رأسه .
أخذه لويد وقام بفحصه و أتضح أنه بتلة .
" ما هذا بحق …… "
عندما رفع رأسه رأى البتلات تتساقط كالمطر، من بين جميع الأشجار كانت أشجار الكرز فقط هي التي تنبض بالحياة .
" هل هذه إحدى مقالب كارلين ؟ "
ومع ذلك، كان ساحر القلعة شخص يمكن أن يحرق بتلات الزهور لأنها مزعجة فقط، لذا متى بدأ بفعل هذا النوع من الأشياء العاطفية ؟ كلا، لم يكن ليتعلم سحر يجعل الزهور تتفتح في المقام الأول .
' إذن، يجب أن يكون هذا عمل شخص آخر '
تذكر لويد الطفلة الصغيرة التي وقفت شاردة تحت المطر مع مظلة الدانتيل .
كانت البتلات المتطايرة تشبه شعر الطفلة الذي كان يتمايل مع الرياح .
' كما توقعت، هذا مزعج '
نظر لويد إلى أشجار الكرز دون أن ينبس ببنت شفة ثم عاد الجاكوار وهو يحمل شيئًا في فمه، كانت حقيبة جلدية صغيرة بالية مبللة بالمطر .
' إنها حقيبة تلك الطفلة '
كانت تمسك بالحقيبة بإحكام كما لو كانت شريان حياتها .
لابد أنها أسقطت الحقيبة عندما وجه سيفه نحو رقبتها .
' لابد أنها تخفي شيئًا ما '
سم ؟ أسلحة ؟
فتح لويد الحقيبة دون تردد .
أحتوت الحقيبة على بطاقات و زجاجات حبر و أقلام مكسورة غير صالحة للإستعمال، هل تتواصل عادة عن طريق الكتابة على هذه الورق ؟
' هذه الغبية '
لقد كتبت كل شيء على بطاقاتها ولم تقم بحرقهم .
يمكن أن تتسرب محادثاتها بسهولة، بدأ لويد بقراءة البطاقات بنية الذهاب إليها و قتلها إذا رأى أي نص مشبوه .
[ لأن الزهور جميلة ]
كانت كلمات عشوائية، هل تحب الزهور ؟
[ أستطيع رؤية الزهور جيدًا من هنا، انها رائعة ]
هل هي تحب مشاهدة الزهور أيضًا ؟
ألهذا السبب كانت تقف وحيدة تحت المطر في حديقة القصر المنفصل ؟ لرؤية الزهور ؟
[ بطيخ فوق الكاكاو ]
بطيخ ؟ عن ماذا تتحدث ؟
ثم أنتقل إلى البطاقة التالية ….
[ أبيض، ناعم و يطفو ]
…. من المحتمل أنها تقصد المارشميلو .
[ البطيخ لذيذ جدًا ]
لابد أنك أحببته لكنه ليس بطيخ .
[ اسمي ليس العاهرة ]
عندما وصل للخلف، كانت البطاقات قديمة و كانت جميعها صفراء و كانت الحواف ممزقة .
[ لقد كنت مخطئة ]
[ هذا كله خطأي ]
[ لا تضربني ]
[ سأحاول التحدث ]
[ آسفة لأنني غبية لا تستطيع التحدث ]
البطاقات مهترئة، يبدو أنها كانت تخرجها غالبًا و تنظر إليها و أيضًا الحبر ملطخ بالدموع .
[ ارجوك أحبني ]
قبل أن يشعر بذلك، كانت هذه هي البطاقة الأخيرة .
وقف لويد ساكنًا متسمرًا في مكانه .
فجأة نقر الجاكوار على ساقه و وجه رأسه نحو القصر المنفصل و هذا يعني أن آريا كانت هناك .
" ……. "
الصبي الذي كانت نظراته هادئة للحظة، قبض على القلم المكسور بقوة و كسره لنصفين ثم أسقطه على الأرض .
* * * * * * * * * * * * *
كانت آريا تعاني من الحمى لذلك لم تكن واعية تمامًا .
أستطاعت سماع الكثير من المحادثات و شعرت بلمسات من أشخاص مجهولين .
هل هم من الأرستقراطيين الذين أتوا لرؤية الحورية ؟
" ارجوك غني لي يا ملاكي "
" هل ستواصلين فعل هذا ؟ هل تمزحين معي ؟ "
" لقد أنفقت كل ثروتي لرؤيتك، لذا لا تتظاهري بالمرض و انهضي بسرعة "
" إذا كنت لا تريدين الموت، فغني الآن ! "
لم تكن تعرف إذا كان هذا الصوت خيالاً أم حقيقة .
فتحت آريا جفنيها ببطء و عبست لأن رأسها كان ينبض .
" أوه، آنستي الصغيرة ! هل أستيقظتي ؟ "
نظرت إليهم بتعابير فارغة، كانت الخادمة دانا على يسارها و الخادمة بيتي على يمينها .
كانوا ينظرون إلى وجهها بقلق، أطلقت دانا تنهيدة عميقة و رتبت شعرها المتشابك الذي على جبينها .
" أنا سعيدة حقًا لأنك بخير "
هذه هي الدوقية الكبرى .
أدركت آريا ذلك في وقت متأخر .
' هل هي من واصلت الإعتناء بي ؟ '
عندما كان جسدي كله ساخنًا ولم أستطع حتى فتح عيني، كان هناك شخص بجانبي يمسح على جسدي بمنشفة مبللة .
شعرت آريا بالغرابة لأنه بدا و كأنها تخبرها أنه ليس عليها أن تعاني وحدها عندما تكون مريضة بعد الآن .
' أعتقد أن عيني تزداد سخونة أيضًا '
أظن أنني سأبكي قليلاً .
ربتت دانا رأس آريا مرة أخرى، لم تتفاجأ هذه المرة لأنها أعتادت على لمسة دانا الدافئة .
كانت كما لو أنها تريد مني أن أتحسن قريبًا .
" يا إلهي يا إلهي ! "
عندما أمالت آريا رأسها لتجعله يتماشى مع يد دانا .
تمتمت دانا بإعجاب " كيف يمكنك أن تكوني لطيفة جدًا ؟ "
تذكرت دانا عندما كانت تربت على رأس آريا أنها لا تزال مريضة، فأظهرت تعبير إعتذاري و سحبت يدها .
" أنت بحاجة إلى تناول أدوية خافضة للحرارة، لذلك يجب عليك أكل هذا الحساء "
أستندت آريا على رأس السرير بمساعدة دانا ثم بدأت بأكل الحساء بهدوء، مع خديها المتوهجين باللون الأحمر من الحرارة .
' آه '
فجأة تذكرت آريا شيئًا ما فبحثت حولها بسرعة بحثًا عن حقيبتها، لكنها لم تجدها لذا أخذت يد دانا و كتبت عليها .
[ ماذا عن الدوقة الكبرى ؟ ]
" لحسن الحظ، تجاوزت الدوقة الكبرى مرحلة الخطر "
' هووه '
تنفست آريا الصعداء، جيد يبدو أنه لم يحن وقت موتها بعد .
" بالتفكير في الأمر، بينما كانت الآنسة الصغيرة نائمة، جاء الأمير و ذهب "
لويد ؟
عندما رفعت آريا رأسها تحرك آذان قناع الأرنب فضحكت دانا و تساءلت كيف لها أن تكون لطيفة هكذا .
" قال انه ألتقط هذا وهو في طريقه إلى هنا "
كانت حقيبة آريا .
' متى أسقطتها ؟ '
هل عندما أصبت بالحمى و فقدت الوعي ؟
أخذت آريا الحقيبة و فتشت فيها لتكتب على بطاقتها شيئًا، لكن بدلاً من القلم الذي أعتادت أن تستخدمه، ظهر قلم حبر فاخر .
' …. هاه ؟ '
فركت عينيها متسائلة عما إذا كانت تهلوس بالفعل بسبب الحمى .
كان المنقار من الذهب و مزينًا بالألماس و محفور فيه توقيع كاتارونا، أشهر الحرفيين في العالم .
لو تم عرضه الآن في المتحف فلن يكون ذلك غريبًا على الإطلاق .
نظرت آريا إلى دانا بنظرة قلقة .
فهزت دانا كتفيها و قالت " يبدو أنه ألتقطه من المكتب "
صحيح، ثروة ڤالنتين كبيرة لدرجة أنه يمكنهم القول بأنه ألتقط قطعة فنية كهذه .
' حتى الإمبراطورة تفاخرت طوال يوم المأدبة عندما حصلت على أحد أعمال كاتارونا '
نظرت آريا داخل حقيبتها بإعجاب و وجدت ملاحظة .
[ غادري عندما تشعرين بأنك أفضل ]
وفقًا لمحتويات البطاقة …. هل هذه كانت هدية وداع و أنه عليها أن تأكل و تغادر ؟ و إذا لم تغادر آريا بعد أن تشفى فلن يتردد في قتلها .
ألتفتت آريا إلى دانا للحصول على المشورة .
[ هل يكرهني لويد كثيرًا ؟ ]
يبدو أنه يكرهها نظرًا لكيف كان يحاول قتلها .
لمست آريا رقبتها التي كانت ملفوفة بضمادة .
' أعتقدت أنني سأعيش لو أخفيت قدرات الحورية '
" لا أعلم، لا يمكنني الحكم على ما يشعر به "
ردت دانا بهذه الطريقة ثم أضافت .
" لكن الأمير قام بإعطائنا أمرًا بجعلك تتذوقي كل أنواع الحلويات و غادر "
ثم تمتمت دانا و أظهرت تعابير متعبة " على الرغم من أن هذا لن يكون ممكنًا …. "
******************