شعرت يلينا بالصدمة وهي تنظر إلى الصبي .
كان يبدو صغيرًا جدًا وهو يتدلى من يد ماكس .
' بالنسبة لطفل مثله …… '
هل كان حقًا على وشك إلقاء هذا الحجر على آنا ؟
بعد كل شيء، لم يكن الحجر بهذا الصغر، حتى الشخص البالغ سيتعرض لإصابة خطيرة إذا تلقى ضربة مباشرة من حجر بهذا الحجم، فماذا عن آنا .
" أنتم جميعًا، ماذا تعتقدون أنكم تفعلون هنا ؟ "
" …… "
" … آنا، تعالي إلى هنا "
آنا التي كانت تجلس في الزاوية، ركضت على الفور إلى يلينا و أختبأت خلفها بينما تمسك بفستان يلينا .
هذا المشهد ذكر يلينا بلحظة عاشتها في المستقبل .
" لا نستطيع أن نولد في هذا العالم في نفس اليوم وفي نفس الوقت و لكن يمكننا أن نغادر معًا على الأقل "
كان مشهد آنا وهي تغلق الباب بعد أن أخفت يلينا في القبو السري .
عضت يلينا على شفاهها بغضب .
" فقط لماذا تفعلون شيئًا كهذا ؟ "
" …… "
" أنت هناك، اعطني إجابة "
جفل الصبي الذي وجهت إليه هذا الحديث، لقد أختارت الصبي الذي كان يتدلى من يد ماكس .
تحدث الصبي بعد أن تردد للحظة " هذا ما يقوله والداي، أننا لا نستطيع السماح لهم بالبقاء هنا "
" ماذا ؟ "
" قالوا أننا بحاجة إلى جعلهم يعودون إلى إقطاعيتهم …. لأن هذا هو الشيء العادل الذي يجب القيام به "
عندما أستمعت يلينا إلى شرح الطفل، تذكرت فجأة الكلمات التي كان الأطفال يرمونها منذ فترة .
— أجنبية، دخيلة .
لم تكن تلك الكلمات من النوع الذي يخرج من أفواه الأطفال الذين يتراوح أعمارهم بين ست أو سبع سنوات فقط .
وصلوا إلى " الطفيلية " أيضًا .
" مستحيل …. "
تصلب وجهها مثل الحجر ثم نظرت يلينا إلى الخادمة و سألت .
" … هل هناك حقًا سكان في منطقتنا ينظرون إلى عائلة آنا و هانز بسخط ؟ "
إذا كان هناك، فلا بد أنه بسبب أن آنا و هانز كانا مدعومين من قلعة الدوق .
بنبرة مرتبكة أجابت الخادمة بحذر " صحيح أنه كان هناك بعض الإضطرابات في البداية لكن سمعت أن الأمور قد هدأت بعد معاقبة البعض ليكونوا عبرة، و لكن …… "
شخرت يلينا بسخرية .
كان الوضع واضحًا .
نظرًا لأنهم لم يتمكنوا من التعبير عن إعتراضهم بشكل مباشر، فقد قرروا إستخدام أطفالهم بدلاً من ذلك .
" …. ماهو مقدار الدعم الشهري لكلتا الأسرتين ؟ "
" إذا كنت أتذكر بشكل صحيح فهو …. "
أزدادت قسوة تعابير يلينا عند سماع المبلغ الذي قالته الخادمة .
لم يكن المبلغ كبيرًا ولم يكن هذا بسبب منظور يلينا كنبيلة، لأن هذا لم يكن مبلغًا كبيرًا حقًا، كان المبلغ يكفي الأم و طفلها لجعلهم واقفين على أقدامهم لا أكثر ولا أقل .
' بتحديد مبلغ الرعاية على هذا المستوى، يجب أن يكون بن قد أخذ في الإعتبار ردات الفعل العنيفة من سكان الإقطاعية منذ البداية '
ومع ذلك، إذا كان هناك شيء واحد لم يأخذه بن في الإعتبار فهو أنه كان دائمًا هناك أشخاص لم يتصرفوا وفقًا للحس السليم .
أخفضت يلينا نظراتها و تفحصت الأطفال، من بين هؤلاء الأطفال هنا لم يكن هناك أي شخص بدت ملابسه أسوأ من ملابس آنا .
في الوقت الحالي، منعت يلينا نفسها من قول أي شيء لأنها حاولت الإحتفاظ بمشاعرها، فقد شعرت أنها إذا فتحت فمها الآن قد تخرج جميع غضبها على هؤلاء الأطفال .
بالطبع لم يكن الأمر كما لو كان هؤلاء الأطفال غير مخطئين، لكنهم كانوا أصغر من أن يتحملوا المسؤولية الكاملة .
أولئك الذين يجب أن يعترفوا بخطاياهم و يتوبوا هم الكبار الذين حاولوا بلا خجل إخفاء أفعالهم الوقحة بالإختباء وراء أبنائهم بجبن .
تمامًا عندما كانت يلينا تأخذ أنفاسًا عميقة لتهدئة غضبها، ظهرت الشمس من خلف الغيوم لتضيء الزقاق بأكمله .
فجأة، طرح أحد الأطفال سؤالاً بصوت منخفض " …. هل أنت حقًا ملاك ؟ "
كان الصبي ينظر مباشرة إلى يلينا عندما سأل هذا .
" …… ؟ "
بدا أن كلمات الصبي المحيرة تعمل كنوع من الإشارات، بعد سؤاله بدأت أسئلة مماثلة تخرج من الأطفال الآخرين .
" أنت ملاك، أليس كذلك ؟ "
" هل أنت هنا لمعاقبتنا، سيدة ملاك ؟ "
" هل فعلنا شيئًا سيئًا ؟ "
" إذا تمت معاقبتنا من قبل السيدة ملاك، فهل هذا يعني أننا ذاهبون إلى الجحيم …. ؟ "
يلينا التي كانت محتارة من هذا الإندفاع المفاجئ، أدركت أخيرًا ما يجري .
اليوم كانت يلينا ترتدي فستانًا أبيض .
بالإضافة إلى ذلك، كان شعرها الفضي لامعًا جدًا لدرجة أنه قد يبدو للوهلة الأولى أبيض و بسبب هذا تمت مقارنتها غالبًا بالبطانة الفضية للسحابة .
ملابس بيضاء و شعر باهت و بشرتها الفاتحة و أشعة الشمس التي تسقط على يلينا أضافت اللمسة الأخيرة لهذا المشهد .
ومع القليل من الخيال أصبحت يلينا التي بدت و كأنها تتألق بنور داخلي، ملاكًا في عيون الأطفال .
بعد أن حدق ماكس بالأطفال و يلينا تحدث و كأنه يتفق معهم " في الواقع، إنها تبدو حقًا …… "
" ……. "
" اعتذاري "
بعد أن تلقى وهجًا قويًا من الخادمة، أغلق ماكس فمه على الفور .
كانت يلينا في حيرة من أمرها لم تكن تتوقع حدوث سوء الفهم هذا .
' إذًا سبب إلتزامهم الصمت بمجرد وصولي كان …… '
صمت جميع الأطفال عندما رأوا يلينا لأول مرة كما لو كانوا جميعًا يمتلكون عقل واحد .
كانت تعتقد أن ذلك كان فقط بسبب تفاجئهم من ظهور شخص بالغ .
ترددت يلينا عندما رأت كيف وقع هؤلاء الأطفال في وهم جماعي، لكنها قالت في النهاية " …. هذا صحيح، أنا ملاك لقد جئت إلى هنا لمعاقبة الأطفال السيئين مثلكم الذين يتنمرون على الآخرين "
" أوواااااهه " — صوت بكاء .
******************
الفصل : ١٠٦
أنفجر أحد الأطفال بالبكاء بمجرد أن سمع ما قالته يلينا ثم تبعه الأطفال الآخرين .
بدأ الأطفال في التشبث بيلينا مع إستمرارهم بالنحيب و قالوا .
" سيدة ملاك، لقد كنا مخطئين "
" نحن آسفون جدًا، سيدة ملاك "
" حسنًا، من هو الشخص الذي تأذى من أفعالكم ؟ "
رفع أحد الأطفال إصبعه بتردد و أشار إلى آنا التي كانت مختبئة خلف فستان يلينا .
" هي …. "
عندما رأت كيف أشاروا على الفور إلى آنا على كلمات ' الشخص الذي تأذى ' بدا أنهم كانوا على الأقل مدركين أن ما كانوا يفعلونه خاطئًا .
" إذًا من هو الشخص الذي يجب أن تعتذروا له ؟ "
" …. أنا آسف "
" هذا كله خطأنا …… "
" أنا آسف حقًا …… "
سارع الأطفال بالإعتذار لآنا واحدًا تلو الآخر .
كان يمكنهم رؤية وجه آنا فقط يطل من الجانب .
عندما أعتذر حتى الصبي الذي كان يتدلى من قبضة ماكس بوجه مليء بالدموع و المخاط، نظرت يلينا إلى الأطفال و أستمرت في محاضرتها .
" استمعوا جيدًا، هذه هي المرة الوحيدة التي سأقوم فيها بإستثناء من أجلكم جميعًا، إذا تنمرتم في المستقبل على أي شخص مثل اليوم فستذهبون جميعًا إلى الجحيم، هل يريد أي شخص منكم الذهاب إلى الجحيم ؟ "
" مستحيل أبدًا ! "
" لا أريد أن أذهب إلى الجحيم ! "
" الشياطين مخيفة جدًا …. سيدة ملاك، أعدك بأنني لن أفعل ذلك مرة أخرى "
بنظرة سريعة من يلينا أنزل ماكس الصبي .
ثم قالت لهم يلينا " الآن عودوا إلى منازلكم "
أطاعوا الأطفال تعليمات السيدة ملاك على الفور .
تنهدت يلينا داخليًا بعد أن نظرت إلى الطريقة التي تفرقوا بها كانوا كما لو أنهم يتنافسون ليكونوا أولاً .
' إنهم حقًا مجرد أطفال '
لا يزال لديهم براءة و سذاجة تتناسب مع أعمارهم .
من ناحية أخرى، جعلها هذا تشعر بمزيد من الإشمئزاز من سلوك البالغين الذين حاولوا تنفيذ مثل هذا المخطط بإستخدام أطفالهم .
' من المستحيل أن أتمكن من ترك الأمور كما هي، لذا …… '
ماهي الطريقة الأكثر فعالية لإجبارهم على تحمل المسؤولية عن أفعالهم ؟
بينما كانت تفكر في هذا الأمر، وقعت نظرات يلينا إلى اليد التي كانت لا تزال تتشبث بإحكام بفستانها .
ثنت يلينا ركبتيها و أنزلت نفسها إلى مستوى نظرات آنا .
" هل أنت بخير آنا ؟ "
— إيماءة إيماءة
حركت آنا رأسها لأعلى و لأسفل عدة مرات قبل أن تتردد وهي تنظر إلى يلينا كما لو كانت تريد أن تقول شيئًا ما .
أنتظرتها يلينا بصبر .
وفي النهاية سألت آنا " هل أنت حقًا ملاك يا آنسة ؟ "
" ……. "
" ……. "
' ماذا يجب أن أقول ؟ '
ماهو أفضل رد لتقديمه ؟
كانت يلينا مضطربة .
هل ستدمر براءة هذه الطفلة إذا أعترفت في هذه اللحظة بأنها ليست ملاك ؟
مع ذلك، كانت يلينا مترددة أيضًا بإختيار مواصلة هذه الكذبة من أجل حماية براءة آنا حيث من المحتمل أن يروا بعضهم البعض مرة أخرى .
بعد صراع داخلي قالت يلينا أخيرًا " لقد كنت …. كنت ملاك لكنني لم أعد كذلك، لقد طردت من الجنة "
" حقًا ؟ آآهـ ! "
بسبب رد فعل ماكس الغير لائق تم ضربه على جنبه بقبضة الخادمة .
أتسعت عيون آنا بسبب المبرر الذي طرحته يلينا .
" و لكن لماذا تم طردك ؟ "
" هممم …. لأنني لم أكن مطيعة "
ظهر التنوير على وجه آنا الصغير .
" إذًا السماء لا تختلف كثيرًا عن هنا …. "
عضت يلينا شفتيها بسرعة لو لم تفعل ذلك لكانت قد أنفجرت ضاحكة .
' مهلاً، الآن بعد أن فكرت في الأمر، ماذا عن والدتها ؟ '
فجأة، أدركت أن آنا كانت هنا بمفردها .
سألتها يلينا " هل يمكنك إخباري أين والدتك ؟ "
" والدتي مشغولة "
" مشغولة ؟ "
" اليوم لن تعود أمي إلى المنزل حتى غروب الشمس، على الرغم من أنني وعدتها بأنني سأنتظر في المنزل حتى تعود، لكنني أردت حقًا تناول بعض الشوكولاتة …. "
بعد بعض التردد أخبرتها آنا القصة الكاملة لكيفية خروجها بمفردها .
' هل تعمل ؟ '
بالنظر إلى مبلغ الإعانة الذي مُنح لهما، إذا وجدت الأم عملاً أيضًا فسيساعدهما هذا على عيش حياة أكثر راحة .
' لكن بالرغم من ذلك …. '
في مثل هذا الوقت، أليس من الأفضل لها أن تراقب طفلتها بإستمرار .
بعد أن نظرت لآنا بنظرة معقدة، أبتسمت يلينا بإتساع .
" بدلاً من الشوكولاتة، ما رأيك بكعكة ؟ "
" …. كعكة ؟ "
" في الحقيقة لقد أشتريت الكثير من الكعك "
الخادمة التي كانت تحمل كمية كبيرة من الكعك، تعاونت مع يلينا من خلال رفعها للكعك قليلاً ليسهل لها رؤية ذلك .
" إذا حافظت على حقيقة أنني طُردت من الجنة سرًا عن هؤلاء الأطفال الذين كانوا هنا للتو فسأعطيك كل هذا الكعك، ما رأيك بهذا ؟ "
فُتحت عيون آنا على مصراعيها .
" …. حقًا ؟ "
" أجل "
ثم قالت آنا بحزم " سأبقي الأمر سرًا بالتأكيد "
على الرغم من أنها كانت ترد على يلينا إلا أن نظرتها كانت ثابتة على الكعك .
" جيد، إذن هذا وعد "
" نعم "
في هذه اللحظة، بدا من المستحيل تشتيت إنتباه الطفلة بعيدًا عن الكعك .
ضحكت يلينا و ربتت على رأسها .
******************