ثم، بعد أن تنفست ببطء و زفرت، قالت يلينا " أود أن أطلب منك شيئًا "
" أخبريني من فضلك "
" هل لا بأس بتبادل الرسائل معي بين الحين و الآخر ؟ في الحقيقة بإستثناءك، أنا لم أخبر أحدًا أنني رأيت المستقبل "
كانت تطلب منها أن يصبحا أصدقاء مراسلة .
قبلت الشاعرة العرض بسرور .
" إذا كان لا بأس معك بتواصلك معي، فمن فضلك تواصلي معي في أي وقت "
" لا يمكنك التراجع عن هذه الكلمات "
" هل تريدين أن أوقع عقدًا معك ؟ "
" ما الذي سيتضمنه هذا العقد ؟ "
" ماذا عن شرط ينص على أنه حتى اليوم الذي يمنع فيه الغزو الشيطاني تسليم أي بريد، سأحرص على إرسال رد على كل رسالة ترسلينها ؟ " سألت الشاعرة بحماس .
حتى تستمر محادثتهم، ردت يلينا أيضًا بطريقة مازحة .
" هذا شرط جيد، لكن من المحتمل أن نسأم من بعضنا البعض بعد عشرين عامًا من تبادل الرسائل "
" …. هل قلت عشرين عامًا ؟ "
" نعم، لماذا ؟ "
بعد أن تذكرت يلينا أن هناك فرقًا زمنيًا بين رؤيتها للمستقبل و بين أحلام الشاعرة التنبؤية، صححت يلينا حديثها .
" لأكون دقيقة، كان يجب أن أقول تسعة عشر عامًا، منذ أن المستقبل الذي رأيته كان بعد عام من غزو الشياطين "
عندما بقيت الشاعرة صامتة، نادتها يلينا بفضول " ويل ؟ "
على الفور هزت الشاعرة رأسها كما لو كانت توقظ نفسها من أحلام اليقظة .
" آه، اعذريني، لكن هل نستدعي الآن شخص ما لإحضار قلم و بعض الأوراق ؟ "
" …. ألم تكن هذه مجرد مزحة ؟ "
* * * * * * * * * *
بعد أن قاموا بتوديع بعضهم، عادت يلينا إلى قلعة الدوق .
نظرًا لأن ويل تفتقر حاليًا لإقامة ثابتة، فسيتعين عليها أن ترسل الرسالة الأولى إلى يلينا .
" ويل "
نادى رجل على الشاعرة عندما غادرت منزل البارون .
" أليك "
" هل سار إجتماعك مع الدوقة بشكل جيد ؟ "
" نعم "
" إذًا لماذا أراد شخص نبيل مثلها مقابلتك ؟ "
سألها الرجل وهو يضع ذراعه على كتفها .
تجاهلت ويل ذراعه فقد كانت هذه حركة طبيعية تمامًا بينهما و أجابت " هي تعرف المستقبل الذي تنبأت به "
" حقًا ؟ شخص كهذا ظهر بالفعل ؟ "
" نعم و لكن …… "
واصلت حديثها بتعابير محتارة " قالت أن المستقبل الذي كنت أحلم به سيحدث بعد عشرين عامًا من الآن "
" عشرون عامًا ؟ "
رمش الرجل بتفاجؤ، سرعان ما أمال رأسه إلى الجانب .
" لكن ويل …. ألا تحلمين فقط بما سيحدث بعد ثلاث سنوات ؟ "
كما قال الرجل، الأحلام التنبؤية للشاعرة مهما كانت فهي تتحقق دائمًا في غضون ثلاث سنوات، منذ أن حلمت بأول حلم تنبؤي لها عندما كانت في الخامسة من عمرها فقط، كانت هذه القاعدة لم يتم كسرها أبدًا .
" حسنًا، كان هذا هو الحال …. حتى الآن "
" هل تقولين أن هذه الرؤية هي إستثناء فريد ؟ فجأة ؟ هذا شيء لا يصدق "
كانت تتذكر المستقبل الذي رأته في أحلامها التنبؤية، سرب من الشياطين التي تجتاح الأرض و الإمبراطورية التي تم غزوها بعد أن فتحت أبوابها بسهولة مدهشة .
كان هذا فقط الذي أستطاعت إلقاء نظرة عليه من المستقبل .
نتيجة لذلك، لم يكن هناك أي أدلة يمكن إستخدامها لتحديد الفترة التي حدثت فيها أحلامها .
" ليس لدي إجابات على ذلك، لكن لابد أن الدوقة تعرف أكثر مما أعرف، لأنها عرفت حتى أنهم كانوا يُدعون شياطين "
" آه يا إلهي، هل هذه الأشياء لها أسم في الواقع ؟ "
" حسنًا، يجب أن يطلق عليهم شيئًا بعد كل شيء، من المحتمل أن الأسم من اختراع الناس في المستقبل "
بعد دقيقة من الصمت قال الرجل " …. إذا كان الأمر كذلك، فماذا سنفعل الآن ؟ "
" ماذا تقصد بماذا سنفعل الآن ؟ "
" الأشياء التي كنا نخطط لها، هل مازلنا سنفعلها ؟ "
" بالطبع، علينا أن نفعلها، على الرغم من أننا لا نعلم بموعد حدوث ذلك، لكن لا تزال حقيقة أن الشياطين سوف تغزونا "
" …. ماذا عن زواجنا ؟ "
" ماذا ؟ "
ألتفتت ويل لتنظر إلى أليك .
مع إحمرار أذنيه تابع أليك حديثه " لقد قلت أنه بما أن العالم سيتدمر بعد ثلاث سنوات، فسوف تتزوجيني، لأنك أردت تجربة الزواج لمرة واحدة على الأقل قبل وفاتك "
" ……. "
" ولكن إذا كان لا يزال أمامنا عشرين عامًا …. هـ هل ستقومين بإلغاءه ؟ "
حدقت ويل بإهتمام في عيون أليك، شعرت أنه سيبدأ في البكاء إذا قالت أنها ستلغي زواجهما، على الرغم من أنه قد يكون من المثير للإهتمام رؤيته يبكي، إلا أن استرضائه قد يكون مزعجًا، بعد الإنتهاء من هذه الحسابات، هزت ويل رأسها .
" كلا، دعنا لا نلغيها "
" …. حقًا ؟ "
" نعم، لذلك لا تقف هناك مثل كلب ترك تحت المطر و إتبعني، لا يزال لدينا الكثير من الأماكن لنذهب لها "
بعد أن قالت هذا بدأت ويل بالمشي بعيدًا .
سرعان ما ركض أليك الذي كان مشرقًا خلفها .
" هل هذا وعد ؟ هل حقًا سوف تتزوجيني ؟ "
" أليست نقطتك الجيدة الوحيدة هي حقيقة أنك تصدق كل ما أقوله، لذا ثق بي "
" حسنًا، في هذه الحالة، سأكون زوجًا صالحًا لك "
" أفعل ما يحلو لك "
" بالرغم من أنني لا أعلم كم من الوقت سأكون قادرًا على البقاء كزوجك …. "
" ……. "
" لكن دعينا نتزوج في أقرب وقت ممكن، بعد كل شيء، لا أحد يعلم ما إذا كانت أحلامك التنبؤية ستتحقق بعد عشرين عامًا أو ربما حتى في هذا العام …. "
أمسك أليك يد ويل بإحكام، على الرغم من أن يده التي كانت تضغط على يدها كانت مؤلمة بشكل خفيف، إلا أن ويل لم تحاول تحرير يدها من قبضته و واصلت المشي دون أن تنبس ببنت شفة .
****************
الفصل ٩٨
في ذكريات إنكان، كانت والدته دائمًا تبدو منهكة و فمها يخرج دائمًا نفس الكلمات .
" والدك الفيكونت لا قيمة له، نظرًا لأن لديك دم هذا الرجل، فلن تكون مختلفًا "
لقد أُجبرت والدته على الزواج من والده، بغض النظر عن رغباتها، لقد بدت دائمًا مستاءة من هذه الحقيقة .
" لو أستطعت فقط إنجاب طفل يشبهني تمامًا، طفلي النقي الذي لن يتلوث من دم والدك …. "
أصبحت هذه الكلمات في النهاية أمنية والدته الأخيرة .
الإضطراب النفسي تسبب في تعب جسدها، لذلك عندما أصيبت والدته بالحمى، ماتت حينها على الرغم من صغر سنها .
الطفل الصغير الذي فقد والدته بين عشية و ضحاها، حفظ أمنية والدته الأخيرة في قلبه، ثم عندما كبر ليصبح شخصًا بالغًا، بدلاً من والدته المتوفاة، حقق رغبة والدته للنساء المحظوظات .
على الرغم من أن هذا كان كل ما لديه ….
" اللعنة ! "
تحطم الزجاج الذي أُلقي على الحائط، و أنسكب محتوياته على الأرض .
نظر الخادم إلى الأرض التي أصبحت متسخة .
' ليس مجددًا، سأضطر إلى تنظيف ذلك لاحقًا '
كان الخادم الذي أعتاد على تصرفات سيده الغريبة، لديه هذه الأفكار، لأن الشخص الذي ألقى الزجاج، كان إنكان .
صرخ إنكان وهو يضرب على سريره .
" فقط لماذا يجب أن أعاني هكذا ! لماذا ! "
بعد المعاناة لبعض الوقت، سرعان ما بدأ إنكان يلهث لإلتقاط أنفاسه، بعد أن أستنفد قوته، لأنه لم يتعافى بعد من إصاباته، لذلك لم يكن قادرًا على النهوض من سريره .
كلا، حتى لو كان في حالة جيدة، فلن يتمكن من الخروج من هذه الغرفة على أي حال، لأن إنكان حاليًا في وضع لا يختلف عن السجن .
' لا يمكن للأمور أن تستمر على هذا النحو '
عض إنكان شفتيه .
' تلك العاهرة المجنونة، ريبيكا …. من تظن نفسها، أتحاول حبسي في إقطاعية الأسرة ؟ و لبقية حياتي ؟ '
لقد سمع أن عقوبته قد قُررت، تقرر أن يتم حبسه في إقطاعية العائلة و مدة العقوبة كانت لبقية حياته .
على الرغم من أن والده هو الذي أصدر الحكم، الفيكونت ماريزون، إلا أن إنكان كان متأكدًا من شكوكه، بأن أخته ريبيكا ماريزون، هي التي قررت هذه العقوبة .
شعر إنكان بالغضب فقد كان يعرف ريبيكا جيدًا .
بالرغم من أنهم قالوا أنه مجرد حبس إلا أنه من الواضح نوع النهاية التي تنتظره بمجرد أن يتعافى جسده بما يكفي ليغادر إلى الإقطاعية .
' بمجرد أن أصل إلى هناك، سيستخدمون نوعًا من العقار ليحولوني إلى نصف معتوه أو مجنون '
لأن تركه في مثل هذه الحالة سيسهل التعامل معه في المستقبل .
بالنسبة إلى ريبيكا كلمة " عائلة " ليس لها معنى .
' مستحيل، لن أقضي بقية حياتي محبوس في الإقطاعية و في مثل هذه الحالة المثيرة للشفقة، تبًا ماذا علي أن أفعل ؟ '
فجأة، صرخ إنكان الذي كان مشغولاً بقضم أظافره بسرعة .
" هي أنت "
" …. نعم، سيدي الشاب "
الخادم الذي شعر بالملل من الوقوف بمفرده وهو مشتت بأفكار أخرى، رد بعد لحظات قليلة .
" أنت، أريدك أن تقوم بمهمة من أجلي "
" مهمة ؟ أي نوع من المهام ؟ "
" ليس بالشيء الكبير، أريدك فقط أن تذهب فورًا إلى غرفة ريبيكا و …… "
لكن قبل أن ينتهي إنكان من الحديث، قفز الخادم فجأة و بدأ يهز رأسه .
" هاه ؟ أين ؟ مستحيل، لا يمكنني فعل ذلك "
" ماذا ؟ "
" أنت تحاول إخباري بأن أتسلل، أليس كذلك ؟ كيف يمكنك اعتبار شيء كهذا … ليس بالشيء الكبير ؟ … و سيكون المصير الذي ينتظرني واضحًا إذا أكتشفت سيدتي الشابة ذلك …. "
أصبحت بشرة الخادم شاحبة كما لو أن مجرد تخيل المصير الذي قد ينتظره كان كافيًا لإخافته .
شخر إنكان بتعجب .
" إذن، هل ترفض حقًا القيام بمهمتي ؟ هل أنت خادم هذا المنزل، ترفض إتباع أوامر أحد أفراد هذه الأسرة ؟ "
" إذا كانت مهمة أخرى، كنت سأطيعك دون أي سؤال و لكن دخول غرفة السيدة ريبيكا، هذا …. "
الخادم الذي بدا قلقًا من أن ينفجر إنكان غضبًا، وسع المسافة بينهما سرًا لأنه أكد على إصراره، لكن إنكان لم يصرخ ولم يرميه بأي شيء كما توقع الخادم .
و بدلاً من ذلك، حدق به بصمت للحظات قبل أن يقول " أهذا صحيح ؟ هل ستفعل أي شيء إذا كانت مهمة أخرى ؟ "
" نعم، إذا كان هناك شيء آخر …… "
" إذا كان الأمر كذلك، إذًا أذهب و أحضر زوجتك إلى هنا، ألم تأخذ إجازة من العمل لأنها حامل ؟ "
" هاه ؟ زوجتي لماذا …… ؟ "
" لقد فكرت للتو في إبلاغ زوجتك المسكينة بحقيقة لا يبدو أنها تعلم عنها "
بينما كان يستند على رأس السرير بطريقة متعجرفة، واصل إنكان حديثه .
" هل هي تعلم ؟ أنك عقيم بالفعل و أن الطفل الذي في بطنها من العقار ؟ "
شحب وجه الخادم .
" هـ هذا كيف علمت بشأن هذا …. "
" يالك من أحمق، لقد رأيتك تتسلل إلى غرفتي و بعد ذلك أكتشفت أن أحد أقراصي مفقودة، هل كنت تعتقد حقًا أنني لن ألاحظ ذلك ؟ "
" ……. ! "
" بعد أن سرقته، كنت أراقبك لأرى كيف ستستخدمه و لكن بعد فترة سمعت بأن زوجتك حامل و يبدو أنكما تزوجتما بسبب الطفل فقط ؟ "
" آه، هـ هذا …… "
" اختر الآن، إما أن تحضر زوجتك إلى هنا على الفور أو تتسلل إلى غرفة ريبيكا "
***************