" دعينا نذهب إلى الجحيم معًا "
أنتشر دخان ضبابي حولهما و ألتقت عينيها بعيون رمادية و فقدت التركيز، عندها أبتسم بعيون فارغة .
لقد رأيت هذه الأوهام …. فجأة تناثرت هذه الذكريات في ذاكرتي .
' آه '
لعقت آريا شفتيها و تنفست بصخب .
' كان ذلك وشيكًا '
كنت على وشك التحدث .
عدت إلى الواقع متأخرة، ثم بدأ الوقت الذي أعتقدت أنه توقف في التحرك مرة أخرى .
" يبدو أنك لا تفهمين هذا الوضع، أليس كذلك ؟ "
هل بسبب أن آريا لم تتفاجأ و تصرفت بهدوء ؟
فقد تشددت تعابير وجه لويد و ضغط على النصل بشكل أكبر قليلاً فسال الدم من رقبتها .
" ……. "
شعرت آريا بالألم لكنها لم تصدر أي صوت لأنها أعتادت على كبت الألم و قمع الأنين .
" يبدو أنه صحيح، بأنك لا تستطيعين التحدث "
هل كان يختبرني ؟ نظرت إليه آريا بتوتر .
إذا كان يشك بي، فهذا يعني أنه لن يثق بوجودي هنا .
' لكنه حاد، هل هذا لأن لديه حدس جيد ؟ '
سقط العرق البارد من جبهتي إلى أسفل ذقني مع قطرات المطر، الفستان الذي أختارته دانا بعناية أصبحت ياقته متسخة بسبب الدماء و المطر .
' هذا مؤلم …… '
شيئًا فشيئًا، أختفت القوة في يدها و أسقطت آريا المظلة التي كانت تحملها .
تـوك .
أخيرًا، كشفت آريا عن وجهها الذي كانت تغطيه بالمظلة .
أظهر الصبي الذي كان باردًا فقط دون أي تعبير، علامة على التردد للحظة .
" …… أرنب ؟ "
تفاجأ بسبب قناع الأرنب الذي ظهر فجأة .
" أرنب …. " تمتم لويد مرة أخرى .
تجعد جبينه فجأة عندما رأى آريا ترتجف تحت المطر .
" أرنب "
" ……. "
" إذا كنتِ تريدين الكشف عن مشاعرك الحقيقية، فقولي ذلك بشفاهك لأنني أستطيع قراءة ذلك "
مشاعري الحقيقية ؟ إذا كانت مشاعري الحقيقية فهي …. أنني طرت خارج القفص لمقابلتك، لأصبح ليلة تشرق عليك، سأكون سعيدة بأن أكون حطبًا، لذلك لا تتردد في حرقي حتى تتمكن من التألق بشكل مشرق .
' لكن لا أستطيع قول … هذه الكلمات '
تذكرت آريا مشاعرها الصادقة مع دانا و لعقت شفتيها بشكل لا إرادي، ثم حركت شفتيها .
— شعرت بشعور رائع عندما تم التربيت علي .
" ……. "
نظر إليها لويد كما لو كانت مجنونة .
* * * * * * * * * * *
" يبدو أنك لم تحملي سلاح من قبل أبدًا "
قال لويد وهو يلمس يد آريا و نظر إليها كما لو كان يفحصها .
بغض النظر عن مدى نظره إليها، كانت مجرد يد طفلة صغيرة ناعمة و طرية .
" ألا يجب أن تتعاملي مع سلاح واحد على الأقل في عمرك هذا ؟ "
في سن العاشرة ؟ أصبحت آريا محتارة .
" ليس لديك عضلات، لا يوجد سوى عظام في جسدك "
أمسك لويد معصمها و رفعه، ثم ترك معصمها و نظر إلى يديه ثم رفع رأسه بجبين مجعد .
" إنها معجزة أنك لا تزالين على قيد الحياة، أنت ضعيفة و نبضك ضعيف و عظامك هشة للغاية لدرجة أنها قد تسحق إذا أمسكت بها بقوة "
" ……. "
" هل جميع البشر الذين خارج حدود أراضينا بهذا الضعف ؟ "
ثم تمتم لويد " حتى أمي لم تكن بهذا السوء …… "
كانت الطريقة التي ينظر إليها أشبه برؤية حيوان نادر لم يره من قبل .
' كنت ضعيفة منذ البداية، لكن جسدي أصبح أضعف لأنني تعرضت لسوء التغذية '
عندما كانت آريا تفكر في نفسها وضعت يدها على رقبتها دون إدراك ثم أرتجفت من الألم .
" ……. "
أخرج لويد منديلاً مطويًا بدقة و قام بإلقاءه لآريا .
أمسكت آريا فجأة بالمنديل الذي طار إليها و أتسعت عينيها بدهشة .
" إستخدميه ثم تخلصي منه "
نظرت آريا إلى المنديل و إلى لويد بالتناوب ثم مسحت رقبتها بإحراج .
أندفع لويد الذي كان يراقبها بإنزعاج إلى جانبها و أخذ منها المنديل .
" اعطني هذا "
أوقف الصبي جرحها بمهارة، لقد كان جرحًا سطحيًا، بدا الأمر و كأنه جرح كبير لأن الدم أمتزج بالمطر .
أوقف النزيف بسرعة و لف المنديل حول رقبتها .
" لماذا ترتدين قناعًا ؟ "
نقر لويد بإصبعه على قناعها .
تفاجأت آريا و تراجعت للخلف و أرتفعت حواجب الصبي بإستياء ثم تحدث .
" أنتِ أرنب "
أصبح قناع الأرنب مبللاً بالمطر .
' كان القناع ناعمًا و رقيقًا لأنه مصنوع من القطن، لكنها الآن كانت تشعر بعدم الإرتياح بعد أن أبتلت بالمطر '
فكرت آريا بصراحة كان من الممكن أن يضحك على مظهرها المضحك لكن لويد تحدث بوجه جاد .
" هل أنت فريسة للجرذان ؟ "
تفاجأت آريا، لم تكن تعلم أنه كان يشك في ذلك .
الجرذان تعني أصحاب العالم الإجرامي الذين يعملون في الظل و الفرائس تعني أتباعهم .
" أولئك الذين تربوا كفرائس للجرذان لا يستطيعون التحدث منذ البداية أو تُقطع ألسنتهم "
كانت الفرائس تعيش من أجل أسيادها و تتبعهم لبقية حياتها، سبب تسميتهم بالفرائس هو لأنه يتم تربيتهم ليؤكلوا، ليس لديهم أي معنى هم مثل الدمى تمامًا يتبعوا التعليمات و يكونوا على إستعداد للتضحية بحياتهم لأجلهم .
" أتيتِ إلى هنا بصفتك ابنة الكونت كورتيز لكن اسمك غير مدرج في سجل العائلة، لذا كيف يمكنك إثبات أنك لست فريسة للجرذان ؟ "
كما قال لويد، لا توجد طريقة لإثبات ذلك الآن ثم أدركت آريا بشكل متأخر ' الآن بعد أن فكرت في الأمر، ڤالنتين أيضًا كانوا بصراع مع الجرذان '
ڤالنتين كان لديهم سمعة سيئة، لذلك كان لديهم العديد من الأعداء، لهذا لم يكن غريبًا أن يكون لويد حذرًا من ظهورها المفاجئ .
" هناك طريقة واحدة فقط لمعرفة ما إذا كان الشخص فريسة أم لا "
هل كان هناك طريقة ؟ كان الإمبراطور دائمًا في ورطة بسبب فرائس الجرذان التي تتسلل إلى جميع أنحاء الإمبراطورية .
" قولي سأقتلكم أيها الجرذان "
" ……. "
" ألن تقولي ذلك ؟ "
" ……. "
لم تستطع آريا فهم سبب توصله إلى مثل هذه الطريقة .
" كما هو متوقع، يبدو أنك فريسة "
أمسك لويد مرة أخرى بمقبض السيف، فوضعت آريا يدها بسرعة على يده .
ربما لأن الأمر كان غير متوقع، فقد شعرت بأطرافه ترتجف .
— هذه ستكون أول مرة في حياتي أقوم فيها باللعن .
ترددت قليلاً ثم أغمضت عينيها و لعقت شفتيها .
— أيها الأوغاد سأقتلكم .
كانت هذه أول مرة تقوم فيها باللعن، لم تقولها بصوت عالٍ لكن آريا شعرت بالإرتياح بشكل غير متوقع .
" … قوليها بشكل مباشر "
— سأقتلكم أيها الجرذان الأوغاد .
" همم "
هل أجتزت ذلك ؟ لم تكن تعابير لويد جيدة، لكنه خفف قبضته على مقبض السيف .
" إذا لم تكوني فريسة، فأبتعدي إذًا "
" ……. "
" الدفاع عن نفسك هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة، في ڤالنتين لا يوجد مكان لطفلة ضعيفة مثلك "
بعد أن قال ذلك، نفض يدها و غادر .
لقد تُركت وحدها في الردهة ثم تحركت آريا فقط بعد أن غادر تمامًا .
" اختفى الأمير ؟ "
سمعت هذا قبل أن تستدير إلى الردهة و تذهب إلى غرفتها .
كانت تستطيع أن تسمع حديث الخادمات .
كانوا يتهامسون لكن آريا سمعت ذلك بوضوح .
كان جسد الحورية ضعيفًا، لكن كانت حواسها الخمس حادة بشكل إستثنائي، البصر و السمع و الشم و التذوق و اللمس، كل شيء .
كما يقول المثل ' أنهم ولدوا للقيام بالفن ' بدا أن جسدها يتطور بسرعة فقط في هذا الإتجاه .
' أنا سعيدة لأن لويد لم يكتشف ذلك '
لكن كاد أن يمسك بي، لأنه عندما سمعت خطوات لويد ألتفت بسرعة لأنظر إليه، لحسن الحظ لا يبدو أنه لاحظ ذلك لأنه كان يستجوبها .
' طفلة ضعيفة '
كانت تأمل أن يستمر في تصديق ذلك .
" مستحيل، مرة أخرى ؟ "
" نعم، عندما تكون السيدة في حالة حرجة، فإنها تطرد الجميع لأنها تريد أن تكون بمفردها، حتى الدوق الأكبر و صاحب السمو ليسا إستثناء "
" هناك الكثير من الأشخاص الذين سيموتون اليوم "
تنهدت الخادمة و قالت .
" أعلم، قاد الدوق الأكبر الفرسان و ذهب مباشرة لإخضاع قطاع الطرق "
" تعقب صاحب السمو الجواسيس الذين تسللوا إلى الدوقية الكبرى آخر مرة و قام بأسرهم جميعًا و وضعهم في قفص الجاكوار ليجعلهم مثالاً لغيرهم …. "
توضيح الجاكوار : هو أحد السنوريات الكبرى المنتمية لجنس النمور .
عندما تذكرت الخادمة المشهد، توقفت عن الحديث و هزت كتفيها .
فكرت آريا ' يبدو أن الدوق الأكبر و ابنه اللذين طردتهما الدوقة الكبرى ولم يتمكنوا من البقاء بجانبها، يخرجان غضبهما على الآخرين '
فهمت آريا ذلك، كانت الدوقة بين الحياة و الموت و قد تكون هذه هي لحظاتها الأخيرة لكن إذا لم يستطيعوا أن يكونوا بجانبها عند موتها فسيصابان بالجنون و القلق لكنهما يقتلان الناس لهذا لم يدعوهم الناس بالشيطان من أجل لا شيء .
' هل تركني أعيش لأنني بدوت ضعيفة ؟ '
كنت محظوظة .
كانت آريا تشعر بألم ينبض في رقبتها الملفوفة بالمنديل .
" هذه ليست المرة الأولى التي تتعب فيها الدوقة لقد تغلبت على صعوبات لا حصر لها لكن هذه المرة، إنها حقًا …… "
" كوني حذرة في كلامك "
" و لكن أتعلمين، إنها المرة الأولى التي تقول فيها السيدة مثل هذه الأمنية "
صمتت الخادمتان و بعد فترة تمتمت الخادمة بصوت متحشرج وهي تحاول إمساك دموعها .
" …. نعم، لقد قالت أنها تريد أن تُدفن تحت شجرة الكرز لقد كانت تنتظر الربيع لكن السماء تمطر لذلك هي تشعر بالحزن "
" كانت تنتظر أن تتفتح أزهار الكرز "
" لماذا تمطر في فصل الربيع ؟ "
" العالم قاسي، لقد تدمر كل شيء "
بعد فترة، بدأت أصواتهم تتلاشى .
' أزهار الكرز '
بمجرد أن سمعت آريا هذه الكلمات تذكرت أشجار الكرز التي رأتها أثناء تجولها في الحديقة .
و ركضت على الفور إلى هناك .
* * * * * * * * * * * *
لحسن الحظ، لم يتم تعيين أي مرافق لآريا .
بالإضافة إلى أنه لن يهتم أحد عن مكان تواجدها و ماذا تفعل الآن لأن الدوقة الآن بين الحياة و الموت .
' و أيضًا أخبرتني دانا أنه لا بأس بالذهاب و مشاهدة الزهور في الحديقة '
أنا فقط أنتظرت حتى وقت متأخر من الليل .
كان الفجر تقريبًا .
أمالت آريا رأسها و نظرت إلى السماء ثم نهضت ببطء من شجرة الكرز التي كانت تتكئ عليها و وضعت يدها على شجرة الكرز .
بسبب المطر و الرياح سقطت جميع بتلاتها لكنها كانت شجرة ضخمة جدًا .
كانت كبيرة بما يكفي لتشاهدها الدوقة الكبرى من غرفة نومها .
' أغنية الحياة '
لقد مر وقت طويل حقًا منذ أن غنيت هذه الأغنية .
أغلقت آريا عينيها و بدأت بالغناء بهدوء .
******************