تغريد ! تغريد !
غردت الطيور التي أستجابت لقوة الحورية و أعلنت الجنادب عن وجودها بصوت عالٍ و ثابت .
رفعت آريا يدها بخفة في الهواء و مرت الريح عبر أصابعها و تحركت الأعشاب و الفروع معًا كما لو كانوا يتحركون مع الأغنية .
' هذا رائع '
كانت دائمًا تغني فقط لأداءات الأوركسترا .
بالتفكير في الأمر، كانت هذه هي المرة الأولى التي أغني فيها بالخارج .
' لأنني كنت دائمًا أبقى صامتة عندما أكون بالخارج '
كان الكونت كورتيز يراقبها دائمًا عن كثب، خوفًا من أن تهرب و كان يحمل دائمًا قوس و نشاب و يقتل كل حيوان يقترب من آريا .
كانت الأماكن الوحيدة التي يُسمح فيها بالغناء هي الأماكن المغلقة حيث لم يكن هناك مهرب و في الطابق السفلي أيضًا حيث أُقيمت الحفلات السرية لأصحاب السلطة و في قفص الإمبراطور .
" الأوراق الناعمة و الجميلة التي أحبها "
غنت آريا بحرية، كانت تستمع إلى أغنية الطيور و الجنادب و إلى الألحان التي تعزفها الرياح مع الأعشاب و الأشجار .
" القدر يضيء عليك "
كان الوقت فجرًا لكن الضوء الساطع بدأ ينتشر شيئًا فشيئًا في السماء المظلمة .
" الرعد و البرق و العواصف لن تزعج سلامك أبدًا "
توقف المطر الذي كان يتساقط .
" حتى الرياح الجنوبية الجشعة لن تجدف عليك، شجرة جميلة "
أقتربت آريا بحذر و وضعت أذنها بالقرب من الشجرة .
شعرت و كأنني أسمع دقات قلب منتظمة .
رسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها و بدأت الأضواء في الإلتفاف حول الشجرة و الضوء الذهبي الذي أزدادت شدته تدريجيًا، ألتف حول الأوراق .
لقد كان منظرًا رائعًا .
" القدر يضيء عليك …… "
في تلك اللحظة، أشرقت الشمس و حل الصباح .
مع تلاشي الضوء المحيط بشجرة الكرز تدريجيًا و عندما خرجت الأضواء الذهبية من براعم الزهور التي على كل فرع، أصبح البرعم زهرة .
" إيـك ! "
كادت أن تسقط .
شعرت آريا بالدوار للحظة و أمسكت بالشجرة .
ربما لأنها كانت ترتدي ملابس مبللة لفترة طويلة، فقد أنخفضت درجة حرارة جسدها بشكل كبير و أرتجف جسدها البارد .
' هل كان هذا أكثر من اللازم ؟ '
في الواقع، لقد تركت الجرح عمدًا دون علاج و تبللت بالمطر طوال الليل، هذا لأن قوة الحورية تزداد قوة عندما يمرض الجسد و يصبح الوعي مشوشًا .
في الأصل، عندما يكون البشر في أزمة فإنهم يخرجون قوة خارقة تتجاوز حدود أجسادهم لذا فإن الوضع متشابه مع الحوريات .
' جسدي لا يستطيع التحمل بقدر ما كنت أتوقع '
شعرت و كأنني على وشك الإغماء .
نظرًا لأن آريا فقدت وعيها كثيرًا، فقد لاحظت حالتها مسبقًا .
في تلك اللحظة أعتقدت أنه سيكون من الأفضل أن تغادر على الفور .
— صوت خطوات .
داس شخص ما على العشب، فأدارت رأسها إلى الإتجاه الذي يأتي منه الصوت .
عندها قابلت عيناي رجلاً يبدو مصدومًا و كان عاجزًا عن الحديث .
" أنتِ، أنتِ تتحدثين، كلا …… "
" ……. "
" أنت غنيتِ هذه الأغنية الملائكية، كلا …. عندما غنيت الشجرة …… "
هل هو خادم ؟ نظرت آريا إلى ملابس الرجل .
في تلك اللحظة أبتسم الرجل بدا و كأنه قد أستعاد رشده .
" كما هو متوقع، أنا محظوظ "
" ……. "
" أنتِ، هل يمكنك أن تقولي شيئًا ؟ من يعلم إذا سأستطيع أن أغلق فمي ؟ "
هل يعتقد أنه أكتشف نقطة ضعفي ؟ لقد كان متعجرفًا .
" كنت أعلم أن هذا كان غريبًا، ليس من المنطقي أن يكون أصل الفتاة سرًا، خاصة أنها ستصبح الدوقة الكبرى في المستقبل "
كان أصل آريا سرًا، الذين كانوا يعلمون هم فقط رؤساء الأقسام، بما في ذلك كبير الخدم و الخادمة لكن آريا طلبت منهم إبقاء الأمر سرًا .
' من الجيد توخي الحذر '
و لكن بسبب ذلك، بدا الخادم مقتنعًا بأن آريا ليست من أصل نبيل .
" يمكنني إخبار كبير الخدم الآن، لكن …. "
نظر إلى آريا من الأعلى إلى الأسفل ثم انحنى و قرب وجهه من وجه آريا و همس .
" غني لي أكثر قليلاً، حسنًا ؟ "
" ……. "
" عندما أقوم بإستدعائك تعالي و غني لي ثم سأتظاهر بأنني لا أعرف شيئًا "
حدقت آريا بلا مبالاة في الخادم الذي أبتسم كما لو كانت معتادة على ذلك ثم قالت :
" ١٠٠ مليون "
" …. ماذا ؟ "
" ثمن الأغنية الواحدة "
لم يستطع الخادم أن يغلق فمه من السعر الباهظ .
' ما الأغنية التي تكلف ١٠٠ مليون ! '
ثم إذا غنيت ثلاث أغنيات سأشتري قصرًا في العاصمة !
" ياا، يبدو أنك لا تفهمين هذا الوضع …… "
ثم بدأ الخادم في التباهي بأفعاله الشريرة و هدد آريا بأنه قد طرد خادمة بريئة بإعتبارها لصة .
كان أسم هذا الخادم توبي .
كانت طريقته في البقاء على قيد الحياة هو من خلال العثور على نقاط ضعف الآخرين و الحصول على المكافآت .
ومع ذلك، لم تستمع إليه آريا و أجابته بصوت هادئ .
" إذا كنت لا تستطيع حتى تحمل سعر الأغنية، فهل ستستطيع تحمل وزن الأغنية ؟ "
في تلك اللحظة، ومضت السماء خلف ظهر آريا و ظهرت أشعة ضوء بيضاء مثل شفرة السيف وفي نفس الوقت دوى صوت الرعد .
كـواك - !
أرتجف توبي دون أن يدرك ذلك عندما ألتقت عيناه بعيون وردية تحدق به .
' ماذا ؟ لقد كان مجرد رعد و برق '
ومع ذلك، انعكس الوضع بسرعة فقد مشت آريا ببطء نحو الخادم الذي ترنح و تراجع للخلف دون أن يدرك ذلك ثم تعثر بحجرة و سقط .
" مهلاً، انتظري "
لم يعلم توبي سبب شعوره بالتهديد من طفلة أصغر منه بكثير .
مدت آريا يدها إليه و قالت .
" لكن على الأقل عليك أن تتحمل جميع الأخطاء التي قمت بإرتكابها "
ثم غنت بسهولة الأغنية التي أرادها كثيرًا، عندها توقف تفكير توبي و حبس أنفاسه .
' آه …. هل هذا ما يشعر به البدو عندما يجدون الواحة بعد أن كانوا يتضورون جوعًا لعدة أيام ؟ '
عندما كان مندهشًا، قربت آريا شفتيها من أذنه و همست بهدوء .
" لن تكون قادرًا على إخبار أي شخص بما رأيته اليوم و أذهب و أعترف بخطاياك و أدفع الثمن "
في تلك اللحظة أستعاد توبي رشده .
' أدفع الثمن ؟ '
ها، هذا مضحك ! رؤية فتاة صغيرة ترتدي قناع أرنب لطيف تقوم بتوبيخي .
حاول الضحك بصوت عالٍ لكن الغريب أنه لم يستطع إصدار أي صوت كما لو كان حلقه مسدودًا .
' أوه، ماذا ؟ ما هذا ؟ '
حاول تحريك يده، كان يفكر في تمزيق شعر الطفلة الصغيرة المتغطرسة، لكنه لم يستطع حتى رفع إصبح واحد ثم مرت آريا من جانبه و تجاوزته بلا مبالاة و كأنها رأت حجرًا على جانب الطريق .
ثم تحركت قدميه من تلقاء نفسها .
لم يستطع التوقف .
' توقفي ! أخبرتك أن تتوقفي ! '
شحب وجه توبي، كان جسده يتحرك كما لو كان دمية .
لقد ظن أنه سيصاب بالجنون لكنه مشى بهدوء على عكس ما كان يحاول فعله بكل قوته و كان تعبيره هادئًا أيضًا .
قبل أن يدرك ذلك كان أمام مكتب فرقة الفرسان الثالثة الذين كانوا مسؤولين عن حماية القلعة .
ثم طرق الباب بشكل طبيعي و دخل عندما سمع صوتًا يخبره أن يدخل .
" ما الأمر ؟ "
لم يكن أمامه سوى قائد الفرسان المعروف بقسوته .
' أوه، لا …… ! '
في الواقع، كان لدى توبي سر آخر لا يستطيع إخبار أي شخص به .
لقد سرب معلومات حول الشؤون الداخلية لڤالنتين عدة مرات .
ڤالنتين معروف بسمعته السيئة لذلك تُباع كل معلومة عنهم بسعر مرتفع للغاية .
' كنت واثقًا من أنه لن يتم الإمساك بي أبدًا ! '
إن التوقيت سيئًا للغاية .
في هذا الوقت كانت الدوقة الكبرى تكافح بين الحياة و الموت و الدوق الأكبر و الأمير العظيم يتحركان كثيرًا لذا سيتم إلقاء الخائن في قفص الوحوش دون تفكير .
' أوه يا إلهي، من فضلك ! أيتها الدوقة الكبرى المستقبلية لقد كنت مخطئًا ! كنت مخطئًا تمامًا ! '
بغض النظر عن مقدار صلاته الداخلية، لقد فات الأوان بالفعل .
كان يشعر و كأنه خنزير يُجر إلى مسلخ .
فتح توبي فمه و تحدث .
" جئت لأعترف بكل ذنوبي "
* * * * * * * * * * * *
' وجهي ساخن و أذناي تؤلمني '
كان بإمكانها سماع صوت بعيد لشخص يصرخ " آنستي الصغيرة، آنستي الصغيرة ! " من مسافة بعيدة .
' هذا مزعج '
تأوهت آريا بهدوء و أغلقت جفنيها ببطء .
تمتمت بهمس " …. هذا مؤلم "
شعرت و كأن رأسي سوف ينفجر، كان يجب علي أن أعود إلى غرفتي و أنهار هناك .
" هل أختفت فجأة ؟ "
في تلك اللحظة، عادت رؤيتها التي كانت مشوشة تدريجيًا، كان هذا بالتأكيد صوت لويد .
" لم تختفي فجأة، هي لم تعد إلى غرفتها في المقام الأول …… "
سمعت أيضًا صوتًا يجيب على سؤاله .
هل كانت الخادمة بيتي ؟
" إذًا كنت أنا آخر من رآها "
" ماذا ؟ "
" لقد هددتها بأني سأقتلها "
" ماذا ؟! "
يبدو أن بيتي أصبحت عاجزة عن الحديث بسبب إعترافه الجريء .
كانت صامتة ولم تستطع الإجابة على أي شيء لفترة من الوقت .
" إ- إذن، لن يكون الأمر غريبًا على الإطلاق إذا كانت الآنسة الصغيرة تختبئ في مكان ما بسبب أنها خائفة …… "
تلعثمت بيتي و قالت .
" إنه أمر خطير للغاية أن تتجول الآنسة الصغيرة بمفردها في القلعة و خاصة أنها من خارج الحدود ! "
" ……. "
بعد لحظة من التفكير بصمت قال وهو يتقدم .
" سأتحمل المسؤولية و أعثر على الأرنب "
ثم أبتعدت خطوات لويد .
' أحمق، ليس بذلك الإتجاه '
فكرت آريا وهي تسمع لخطواته التي تسير في الإتجاه المعاكس لها .
فجأة سمعت صوت زقزقة العصافير .
عندما أدرت رأسي كانت هناك حمامة بيضاء جالسة على حافة النافذة .
' بالتفكير في الأمر، كان هناك شيء يسمى بالحمام الزاجل '
تم تدريب بعض الحمام على إرسال الرسائل .
" أيها الطائر "
" غوغو ! "
" لدي معروف أطلبه منك "
تحدثت إلى الطائر بحماس .
" إنها آخر غرفة في الطابق العلوي للقصر الرئيسي "
" غوغو ! "
" أوصل هذه الرسالة من أجلي "
كانت تأمل أن ينقل الطائر كلماتها بشكل صحيح، على الرغم من أنه كان غير محتمل لكنها وضعت إيمانها بالمعجزات .
فرد الطائر جناحيه و حلق كما لو أنه فهم كلمات آريا .
' هل فهم الطائر طلبي ؟ '
مستحيل .
نظراتها تتبعت الطائر، لكن في تلك اللحظة شعرت و كأن جسدها ينهار و سقطت على الأرض .
" آنستي ! "
ثم سمعت صوت أحدهم يناديها من بعيد وهو يركض .
" اسرع و استدعي الطبيب "
أصبح كل شيء مشوشًا و غير واضح ثم فقدت وعيها .
*****************