أقتربت يلينا ببطء من السرير الكبير و العتيق الذي كان يقع على الجانب في الغرفة الكبيرة .
سرعان ما رأت وجه زوجها المسالم الذي كان نائمًا .
أرتفعت زوايا فمها لأعلى لا إراديًا .
' حصلت عليه ! '
وضعت يدي يلينا المرتعشة المصباح على الطاولة بهدوء .
لمعت عيناها الوردية بإشراق أكثر من أي وقت مضى .
' حان الوقت ! '
* * * * * * * * * * * *
كانت تلك نهاية خطط يلينا .
" آه لماذا ! "
بغضب، قامت يلينا بركل حجر قريب منها .
تدحرج الحجر الصغير في الحديقة، الذي كان ضحية غضب يلينا، لمسافة بعيدة .
جلست يلينا القرفصاء و هي تراقب الحجر و هو يتدحرج بعيدًا .
" ماذا علي أن أفعل الآن ؟ "
في النهاية، فشلت خططها بالإنقضاض على زوجها فشلاً ذريعًا .
سيكون من الأفضل وصف الأمر بالفشل الذريع لأنها لم تكن قادرة حتى على وضع إصبع واحد عليه، ناهيك عن الإنقضاض عليه .
حاولت يلينا أن تنقض على زوجها مرتين بالإختباء في غرفته، لكن المحاولتين باءتا بالفشل .
في ليلة إقتحامها الأولى، أستيقظ زوجها على الفور، و لفها في بطانية، ثم عانقها لتنام .
أدركت يلينا سبب فشلها .
و هكذا، في المحاولة الثانية، عندما أختبئت في غرفة نومه، أبعدت بطانيته أولاً .
و مع ذلك، أستخدم زوجها ملاءات السرير و لفها بها .
و مرة أخرى، عانقها حتى تنام .
لم تكن هناك محاولة ثالثة لأنها كانت تعلم أن نفس النتائج ستحدث حتى لو حاولت مرة أخرى .
" اللعنة "
وقفت يلينا، و مشت نحو الحجر الذي ركلته من قبل، و ركلته مرة أخرى .
كان من الواضح أنه عمل لا معنى له .
جلست يلينا، التي كانت خططها كلها بلا جدوى، على مقعد عشوائي و تنهدت بحزن .
' ماذا علي أن أفعل ؟ '
الآن، كان عليها أن تفكر في طريقة جديدة لنصب كمين لزوجها بدلاً من الإختباء في غرفة نومه، بدا الأمر سهلاً، لكنها شعرت باليأس أثناء محاولتها التوصل لخطة .
عندما كانت يلينا معجبة بمنظر الحديقة في صمت، أتسعت عيناها فجأة .
' هل يجب أن أقول له الحقيقة فقط ؟ أن العالم سيتدمر بعد عشرين عامًا ؟ '
' إذا لم تتعاون معي و ننجب وريثًا، فستموت أنت أيضًا بعد عشرين عامًا '
" هل سينجح هذا حتى ؟ " تمتمت يلينا و تنهدت .
من سيصدق أن الشياطين ستغزو العالم البشري يومًا ما و تحوله إلى دمار عندما لم يتم رصد أي منها على مدى قرون ؟
فقط من سيصدق كلماتها ؟
' ليس الأمر كما لو كان لدي أي دليل '
ستكون ممتنة إذا لم يعاملها كشخص مجنون إذا أخبرته بهذا .
في مثل هذه الأوقات، كان من المؤسف أنها لم تتمكن من تحديد مكان تلك المرأة العجوز .
' أين يمكنني أن أجدها ؟ '
فكرت يلينا في الأمر فجأة .
هي الآن الدوقة مايهارد و تتمتع بسلطة كبيرة .
' هل يجب أن أحاول ؟ '
ماذا لو أخبرتهم بالبحث عن المرأة العجوز ؟
على الرغم من أنها لم تكن متأكدة مما إذا كان يمكن العثور على المرأة العجوز نظرًا لقدراتها الغريبة، لكن كان الأمر يستحق المحاولة .
بغض النظر عما إذا كان يعمل، كان من الأفضل تجربته بدلاً من عدم القيام بأي شيء .
وقفت يلينا فور إتخاذ قرارها .
غادرت الحديقة بسرعة، فجأة أنزلقت قدميها عندما طارت حشرة في وجهها .
" شهيق ! "
فقدت يلينا توازنها .
' سوف أسقط ! '
أغمضت يلينا عينيها، لكن يد أمسكت بها قبل أن تسقط .
" هل أنت بخير ؟ "
فتحت يلينا عينيها المغلقتين بإحكام .
أعتقدت يلينا أن الصوت بدا غير مألوف و فتحت عينيها لترى وجه رجل غريب .
' من يكون ؟ '
لقد كان الأمر غريبًا، لكن كان من الصواب إعطاء تحيتها أولاً منذ أن تلقت المساعدة .
" أنا بخير، شكرــــ "
عندها فقط، قشعريرة جاءت من المنطقة التي وضع فيها الرجل يده .
تصلبت يلينا من الصدمة المفاجئة .
ساعد الرجل في توازن يلينا و رفع يده عن ذراعها .
ثم أختفت القشعريرة مع إبتعاد يده .
' ما كان هذا …... ؟ '
تحدث الرجل بينما كانت يلينا لا تزال مرتبكة .
" من اللطيف مقابلتك، يا دوقة "
" هل تعرفني ؟ "
" سمعت عنك عندما وصلت إلى القلعة اليوم، إنها المرة الأولى التي أراك فيها، أنا إنكان ماريزون "
" ماريزون ؟ "
ركزت يلينا على إسمه الأخير بدلاً من اسمه الأول .
يبدو أنها سمعت ذلك في مكان ما و سرعان ما تذكرت ذكرى .
" آه ، ذاك الماريزون ! "
الفصل : ٢٤
أشتهرت عائلة الفيكونت ماريزون بتوزيع الأدوية، وقد ألتقت يلينا سابقًا بالفيكونت ماريزون في حفلات مختلفة .
كان دائمًا محاط بمجموعة من الأشخاص كلما رأته .
" إذن، أنت الفيكونت ماريزون …. "
تذكرت يلينا أن الفيكونت ماريزون الذي ألتقت به كان رجلاً في منتصف العمر .
" أنا إبنه الأكبر "
آه ، هكذا كان الأمر .
أومأت يلينا برأسها، دون الكثير من التفكير، مدت يدها للمصافحة لكنها أوقفت نفسها فجأة .
القشعريرة التي شعرت بها في وقت سابق قد عادت إلى الظهور على نفس الذراع .
بعد الكثير من التفكير، أخفضت يلينا يدها في النهاية بشكل طبيعي قدر الإمكان و أبتسمت بدلاً من ذلك .
" ما الذي جاء بك إلى القلعة ؟ "
نظرًا لأنه لم يكن لديه لقب، كان هناك إختلاف واضح في المكانة بينهما، لذلك أصبح حديث يلينا أكثر راحة .
" أنا هنا لتقديم الدواء "
" شخصيًا ؟ "
على الرغم من أنها كانت تعلم أن عائلة ماريزون تتعامل مع الأدوية، إلا أنها لم تتوقع أبدًا أن يقوم ماريزون بتسليمها بنفسه .
' آه ، هل حان الوقت لتجديد العقد ؟ '
سيكون من المنطقي لأن ذلك سيتطلب وجود شخص مسؤول .
و مع ذلك، يبدو أن إنكان فسر ردة فعل يلينا بشكل مختلف .
فرك مؤخرة عنقه و أجاب : " أنا أوصل الأدوية إلى القلعة شخصيًا "
عندما رأت يلينا تعبير إنكان، أدركت فجأة أن ردة فعلها قد يجعله يفكر بطريقة خاطئة .
" أنا أعتذر، من فضلك سامحني إذا كنت قد أسئت إليك، مازلت بطيئة عندما يتعلق الأمر بأعمال القلعة "
" كلا، لا تقلقي بشأن ذلك "
" مم ، هل ستبقى لبضعة أيام ؟ "
" هذا صحيح "
" حسنًا، يجب أن تكون قد مررت برحلة طويلة، لذا إرتاح جيدًا أثناء وجودك هنا "
" أشكركِ على إهتمامك "
كان تعبيره و موقفه كلاهما نقيًا .
نظرت إليه يلينا لفترة أطول قبل أن تستدير لمغادرة الحديقة .
* * * * * * * * * * * *
" هل تقصدين السيد إنكان ماريزون ؟ "
أستدعت يلينا آبي بمجرد دخولها لغرفتها .
في الآونة الأخيرة، كانت آبي الخادمة الأكثر ثقة في نظر يلينا، و لكن لم يكن ذلك لأنها أمطرت يلينا بالإطراء على مظهرها قبل بضعة أيام .
بدلاً من ذلك، شهدت يلينا كفاءتها .
في الواقع، لم تخيب الخادمة المهذبة آبي آمالها و أبلغتها عن كل المعلومات التي كانت تعرفها عن إنكان .
" إنكان ماريزون، سبعة و عشرون سنة، إنه الطفل الثاني للفيكونت ماريزون و الأبن الأكبر، لديه أخت أكبر و أخ أصغر "
" سبعة و عشرون عامًا … "
كان أكبر مما أعتقدت .
كان فارق العمر بينهما ثماني سنوات .
" هل هو متزوج ؟ "
نظرًا لأن نصف الأرستقراطيين، يتزوجوا في بداية العشرينات من عمرهم، فيجب أن يكون لديه طفل أو طفلين أيضًا و ليس فقط متزوج .
و مع ذلك، هزت آبي رأسها .
" ليس لديه أسرته الخاصة بعد "
" و هل هناك سبب لتأخر زواجه ؟ ربما شائعة سيئة بين النساء ؟ "
" لم يكن هناك شيء من هذا القبيل "
" حقًا ؟ "
فكرت يلينا لفترة قبل أن تتابع بسؤال آخر " ماذا عن شخصيته ؟ "
" سمعت أنه يتمتع بسمعة جيدة، إنه يعامل مرؤوسيه جيدًا و ليس طموحًا "
" ليس طموحًا ؟ "
" وريثة العائلة هي أخته ريبيكا ماريزون، الشائعات تدور حول أنه أعطى المنصب لأخته لأنه لم يكن مهتمًا "
" هممم ….. "
جلست يلينا على الأريكة .
كانت قلقة .
' ماذا … كانت تلك القشعريرة ؟ '
كانت لا تزال تشعر بالقلق حيال ذلك، رغم أنها كانت تشتبه في أنه يمكن أن يكون مجرد وهم .
و مع ذلك، بعد أن سمعت عن إنكان ماريزون من آبي التي تتسم بالكفاءة و الموثوقية، بدا أنه مجرد شاب عادي .
" آبي هل يمكنك أن تعطيني يدك ؟ "
كانت آبي مرتابة لكنها مدت يدها دون شكوى .
أمسكت يلينا بيدها .
" …… "
بالطبع لم تشعر يلينا بأي شيء غير عادي .
تذكرت يلينا المكان الذي لمسها فيه إنكان ماريزون في ذراعها .
" فلتمسكي بي هنا "
" هنا ؟ "
" لأعلى قليلاً "
أمسكت آبي بذراع يلينا حسب تعليماتها .
" هل يمكنك إمساكي بقوة أكبر ؟ "
" …… "
' في الواقع، لا أشعر بأي شيء '
بجدية، ماذا كان ذلك ؟
لم تستطع يلينا أن تنسى ذلك الشعور، ضيقت عينيها و دخلت بتفكير عميق حتى جاء شيء ما في ذهنها فجأة، و غادرت الغرفة .
دق دق .
رفع الدوق مايهارد يده عند الطرق .
فتح الخدم باب المكتب، و كشفوا عن يلينا التي أبتسمت بخجل عند رؤية الدوق مايهارد .
" ….. هل يمكنني الدخول ؟ "
كانت تشعر بالغرابة و الحرج لأنها كانت المرة الأولى التي تظل فيها هادئة للغاية أثناء مجيئها لرؤيته .
*********************