لقد حاولت العثور على السيدة العجوز مرة أخرى بسبب هذا، لكن الخيمة في ذلك الوقت كانت قد اختفت بالفعل و مهما فعلت لم تتمكن من العثور عليها .
شعرت يلينا بالإكتئاب تدريجيًا بسبب القلق .
في تلك اللحظة، سقطت عيناها على زوجها الذي كان يجلس على جانبها المقابل .
الدوق كايوين مايهارد .
توقفت يلينا عن التفكير لفترة من الوقت و حدقت فيه .
تساءلت عما إذا كان ذلك بسبب جسده الكبير، لكن زوجها كان يشع بحضوره حتى عندما كان جالسًا .
كان شعورًا لطيفًا .
فجأة، أنتاب يلينا إعتقاد بأن العربة الكبيرة بشكل كافي كانت مكتظة .
' ما هذا ؟ '
كانت أطراف أصابعها مخدرة .
نظرت يلينا إلى زوجها .
على عكس الشائعات المنتشرة، فإن الدوق مايهارد الذي رأته شخصيًا لا يبدو مختلفًا حقًا .
إذا كان عليها القول، لقد كان أطول من المتوسط، ولديه - ربما - جسد لطيف، و كان يرتدي قناعًا، و …
' عيناه '
كانت عيناه زرقاوان .
تحب يلينا العيون الزرقاء .
كان السبب بسيطًا .
' لأن المحيط لا يتغير '
كانت عيون يلينا ذات لون وردي .
عندما يثني الناس على عينيها، كانوا يقولون دائمًا كانت كما لو أنها صُبغت بأزهار الكرز .
في الحقيقة، لم تكن يلينا معجبة تمامًا بهذه المقارنة .
' ألا تذبل الأزهار ؟ '
ولا داعي للتحدث عن قطف الأزهار، و الأزهار في الحقول لم تكن قادرة أيضًا على تحمل رياح الشتاء القاسية .
لكن المحيط لم يكن كذلك .
يمكن القول أن عينيه كانتا نقيض عينيها تمامًا - لون المحيط الأزرق .
سواء كان ذلك في الشتاء أو الربيع أو الصيف أو الخريف، كان المحيط لا يتغير .
في ذكريات يلينا، كان المحيط دائمًا كما هو .
لا يتغير .
' دائم '
هذا هو السبب الذي جعل يلينا تحب العيون الزرقاء التي تذكرها بالمحيط .
لذا كانت عيون الدوق مثالية حقًا .
لقد كان اللون الأزرق المثالي الذي كانت تحلم به .
كانت يلينا تفكر في ذلك أثناء تحديقها بوجه الدوق مايهارد .
فتح فمه .
" لا داعي للقلق "
' هاه ؟ قلق ؟ '
" لن أخلع قناعي في العربة "
تراجعت يلينا، لكنها سرعان ما أدركت ما كان يتحدث عنه .
هزت رأسها بسرعة .
" لم أكن أنظر إليك بسبب ذلك … "
بدا صوتها بالتلاشي .
أنكرت في البداية للتخلص من سوء الفهم، لكنها شعرت فجأة بالحرج من فكرة أن تضطر إلى إخباره بصدق لماذا كانت تحدق، إذا سأل .
لكن الدوق لم يسأل يلينا لماذا كانت تحدق .
كما لو أنه لم يهتم بما إذا كان إنكار يلينا صحيحًا أم لا، فقد حول نظره بصمت إلى مكان آخر .
ثم علق الصمت في الهواء .
تململت يلينا وضمت يديها في حجرها .
لقد كان صمتًا غير مريح بشكل لا يطاق .
تحركت العربة لمدة أسبوع تقريبًا مع فترات راحة بينهما .
ثم أخيرًا، ظهرت الإقطاعية التي يمتلكها الدوق مايهارد .
تلقت يلينا على الفور مساعدة من الخادمات في قلعة الدوق مايهارد و تخلصت من إرهاق السفر .
عندما بدأت الخادمات في غسلها بماء الورد و تدليكها بعناية شديدة، شعرت يلينا بالتوتر .
و عندما وضعوا الملابس الداخلية كانت متوترة لكنها لم تظهر ذلك و أرشدوها إلى غرفة فاخرة، عندها وصل توترها إلى أقصى الحدود .
لم تستطع يلينا البقاء ثابتة في مكانها و تجولت في غرفة النوم، ثم فتحت زجاجة نبيذ و شربتها .
شعرت بالهدوء قليلاً منذ أن شربت الكحول، لكن رأسها كان لا يزال فوضويًا في الداخل .
' هل سيكون مؤلم ؟ بالطبع سيكون كذلك، قال الجميع في المرة الأولى دائمًا تؤلم، ولكن طالما يمكنني فعلها من المرة الأولى … '
الأشياء التي سمعتها عن الليلة الأولى كانت تفسد عقلها .
مع التوتر و الخوف، بالإضافة إلى إثارة خفيفة، أنتظرت قدوم الدوق .
مع ذلك، حتى بعد مرور اليوم، لم يظهر الدوق مايهارد .
فقط عندما جاء اليوم التالي أعترفت يلينا بالواقع أخيرًا .
' إذن أصبحت مهجورة '
إضافة إلى ذلك، في الليلة الأولى من زواجنا .
كانت يلينا تنتظر زوجها طوال الليل في غرفة النوم و نامت في وقت ما .
كان ذلك بسبب الإرهاق الذي تراكم خلال الرحلة الطويلة و النبيذ الذي شربته، لا يمكنها المساعدة .
في البداية، أجبرت يلينا نفسها على البقاء مستيقظة بقرص فخذيها .
لم تكن هناك طريقة لإيقاظها بمجرد أن تغفو حتى يأتي الصباح .
كانت تعرف ذلك، لذلك كانت تخطط للبقاء مستيقظة مهما يحدث حتى يأتي زوجها .
مع ذلك، ضاع عملها الشاق، لم يُظهر الدوق مايهارد نفسه حتى النهاية، و نامت يلينا كما لو كان قد أغمي عليها عندما رأت الفجر .
و عندما أستيقظت، كان الوقت بالفعل بعد الظهر .
' ها '
كانت عاجزة عن الكلام .
ولم تعلم مالذي ستتحدث عنه .
لم تكن متأكدة من أنها ستشعر بالإنتعاش إذا وضعت ما تشعر به حاليًا في كلمات .
جلست يلينا فقط على السرير بينما تقضم شفتيها و تشد الحبل المتدلي بجانب سريرها .
فُتح الباب على الفور و دخلت الخادمة .
" نعم سيدتي "
" لماذا لم توقظيني ؟ "
" عذرًا ؟ "
" إعتمادًا على موقع الشمس، إنها بالفعل بعد الظهر، أنا أسأل لماذا لم تأتي و توقظيني في الصباح "
الخادمة توقظ سيدتها كل صباح و تهتم بإحتياجاتها من الخدمات الأساسية .
لن تستيقظ يلينا بسهولة بمجرد أن تنام، لكنها ستستيقظ إذا كان أحدهم قد أيقظها .
كانت نائمة كالأموات حتى هذه الساعة، فهذا يعني أنه لم يوقظها أحد .
عندما أنتقدتها يلينا، بدت الخادمة مرتبكة و كأنها لم تتوقع سماع ذلك و قالت :
" أخبرنا الدوق ألا نوقظك … "
" ماذا ؟ "
" قال أنه نظرًا لأنك ستكونين متعبة بعد رحلة طويلة بالعربة، فلا ينبغي لنا إيقاظك و ندعك ترتاحين اليوم، و بالتالي … "
ضمت الخادمة يديها معًا بتواضع و واصلت التحقق من ردة فعل يلينا .
لم يبدو أنها كانت تكذب .
يلينا وجدت ذلك مخزي .
' ماذا ؟ '
بدا هذا كما لو أن الدوق كان يهتم بها .
لكن هذا كان غريبًا .
إذا كان يهتم بزوجته لدرجة أنه أعطى مثل هذه الأوامر، فلماذا لم يأت إلى غرفة نومها طوال الليلة الماضية ؟
' هل جاء بالفعل و لكنه عاد بعد أن رآني نائمة ؟ '
هزت يلينا رأسها .
كلا .
إذا ساعدتني ذاكرتي، فقد نمت بالتأكيد بعد رؤية شروق الشمس .
' أم أنه أمر بعدم إيقاظي لأنه كان يعلم أنني كنت أنتظره طوال الليل ؟ '
هزت رأسها مرة أخرى .
سيكون ذلك وقحًا جدًا .
لم يكن هناك سبب ليتصرف الدوق بقسوة تجاهها .
لم يكن الأمر كما لو أنهما تزوجا على الرغم من كونهما من عائلات متنافسة، في الواقع، لقد التقيا مؤخرًا وجهًا لوجه .
' لا ، أعتقد أننا لم نلتقي وجهًا لوجه بعد … '
فجأة تذكرت يلينا أنها لم ترى وجه زوجها بعد .
رأت وجهه مغطى بالقناع فقط .
فكرت يلينا في الأمر قبل أن تجهز نفسها .
" أين هو ؟ "
" عذرًا ؟ "
" أرشديني إلى حيث يوجد الدوق "
أحتاج أن أرى وجهه .
شعرت أنها بحاجة لرؤية وجهه بدون قناع و التحدث معه .
لكن الخادمة أظهرت عدم رغبتها .
" إحم، السيد … في الخارج حاليًا "
" خارج أين ؟ "
إذا كان في الخارج، يمكنها فقط أن تلاحقه .
أجابت الخادمة .
" ذهب لمحاربة الوحوش "
" ماذا ؟ وحش ؟ "
" الليلة الماضية، ظهرت الوحوش فجأة في الإقطاعية، لذا … "
تراجعت يلينا .
كانت المرة الأولى التي تسمع فيها ذلك .
" لم أسمع بهذا من قبل "
" أ - أنا أعتذر، يبدو أن الخادمة التي كانت من المفترض أن تخبرك نسيت ذلك، آه هي في العادة كثيرة النسيان … "
" ذلك لا يهم، إذن هل تقولين أن الدوق لم يكن في القلعة منذ الليلة الماضية ؟ "
" صحيح "
أخفضت الخادمة بصرها عندما أجابت .
تركت الخادمة - التي لم تكن تعرف أين تنظر إليها لأنها شعرت بالأسف - جانبًا، و حبست يلينا أنفاسها للحظة .
' فهمت '
' مرة أخرى، أنا … '
تقريبًا هي أساءت فهمه بشكل غير معقول .
فهمت، بالطبع لا توجد طريقة .
ثم تحدثت يلينا بصوت يبدو أكثر نعومة من ذي قبل لأي شخص سمعه .
" هل يحدث ذلك كثيرًا ؟ "
" ليس في كثير من الأحيان … لكنه يحدث من حين لآخر "
تذكرت يلينا فجأة القصص التي سمعتها عن هذا المكان، إقطاعية الدوق مايهارد .
على الرغم من أن الأرض كانت خصبة، و المحاصيل تنمو بشكل جيد، و كانت لديها الأوضاع المناسبة للتطوير التجاري نظرًا لموقعها الجيد، إلا أنه كان هناك عيب واحد .
كان أحد الجبال المحيطة شاهقًا جدًا و خطيرًا، و كانت الوحوش تنزل منه من وقت لآخر .
' لقد كانت قصة قديمة '
كان ظهور الوحوش " من وقت لآخر " مقولة قديمة .
لقد مرت فترة منذ أن تم تغيير العبارة إلى " من حين لآخر " كما قالت الخادمة للتو .
' لقد تغير كل شيء بفضل الدوق مايهارد الحالي '
بالرغم من أنها أرضًا ذات ثروة لا مثيل لها في الوقت الحالي، إلا أنها أعتادت أن تكون مجرد أرض خالية لم يكن أحد يعيش فيها في الماضي .
كان السبب بالطبع الوحوش .
و الشخص الذي قضى على معظم الوحوش و حول الإقطاعية إلى ماهي عليه حاليًا هو الدوق كايوين مايهارد .
فمنذ لحظة ولادته، انخفض عدد الوحوش التي تنزل من الجبل بشكل واضح .
بعد أن رأى الناس ذلك، ظلوا يثرثرون .
أن الشياطين و الوحوش كانا كالزيت و الخل لذلك كانت الوحوش تتجنب المكان لأنها شعرت بطاقة الشيطان .
' هراء '
من المنطقي أن ذلك كان مجرد صدفة .
* * * * * *