جهزت يلينا نفسها .
الزواج شيئًا كان عليها في النهاية مواجهته على أي حال، حتى لو لم يكن مع الدوق مايهارد .
جميع الآنسات النبيلات اللاتي عرفتهن قد وجدن مرشحًا مناسبًا ليكون العريس و تزوجوا بمجرد بلوغهم سن الرشد .
هؤلاء السيدات سيقولون انها تضحية .
تضحية لأجل عائلاتهم .
أقوى تضحية يمكن أن تتذكرها يلينا كانت من فتاة في عمرها تزوجت من رجل في الخمسينات من عمره لإنقاذ عائلتها المتدهورة .
عندما سمع الناس بهذه الأخبار، لم يستطيعوا التوقف عن الحديث عن تضحياتها النبيلة .
كانت يلينا أيضًا كذلك .
شعرت بأنها اعجبت بالفتاة التي لم ترى وجهها قط .
مقارنة بها، كان هذا الزواج لاشيء .
' نعم، شيء كهذا ليس تضحية أو أي شيء '
بالإضافة إلى ذلك، كانت تنقذ العالم .
إذا تمكنت من إنقاذ العالم فقط بفعلها لذلك، فهذا ثمن رخيص لدفعه .
حاولت يلينا أن تريح من نفسها و أخذت نفسًا عميقًا .
" آنستي الشابة، من هذا الطريق "
بينما كانت تفعل ذلك، كان قد حان وقت بدء الحفل .
توجهت يلينا إلى القاعة داخل الكنيسة، حيث كان يقام الإحتفال .
عندما اقتربت من الباب، بدأ قلبها الذي حاولت بذل قصارى جهدها لتهدئته يدق مرة أخرى .
' إهدا '
عندما وقفت أمام الباب، أخذت يلينا نفسًا عميقًا مرة أخرى .
فتحت ميري الباب .
في اللحظة التالية، رأت يلينا المحيط .
' محيط ؟ '
ثم أدركت يلينا أن ما كانت تنظر إليه ذكرها بالمحيط .
' عيناه … '
كان هناك رجل يقف ساكنًا في منتصف القاعة، ينتظرها .
على الرغم من وجود مسافة كبيرة بينهما، إلا أن يلينا رأت أولاً قزحية عينه التي لا تصدق .
' إذًا هي زرقاء '
يلينا تحب العيون الزرقاء .
كان لسبب شخصي .
في ذلك الوقت، أمسك شخص ما بيدها .
كان والدها .
عادت يلينا إلى رشدها .
بدأت يلينا بالتحرك وهي تمسك بيد الكونت سورت ببطء نحو الرجل الذي ينتظرها .
عندما وقفت أخيرًا أمامه ….
" …. "
أستغرقت يلينا بعض الوقت في النظر إليه .
كانت هناك عدة أسباب، لكن السبب المؤكد كان في النهاية عينيه .
عيون زرقاء .
لم تستطع يلينا أن ترفع عينيها عن اللون الزاهي الذي ظهر بين القناع الذي كان يرتديه .
في تلك اللحظة، وخزتها ميلي، التي كانت تحمل فستان يلينا من الخلف لأنها لم تكن تتحرك .
" يلينا، مهما كان الأمر ممتعًا، فمن الوقاحة التحديق به بهذه الطريقة "
ماذا ؟
فوجئت يلينا .
لم تدرك أنها كانت تحدق في شريكها، لكن هذا بالتأكيد لم يكن لمثل هذا السبب الوقح .
عندما فتحت يلينا فمها لتنكر ذلك، مد الرجل يده إلى يلينا .
اغلقت يلينا فمها بإحكام .
تركت يد والدها و أمسكت بيد الرجل .
' هل سمع ؟ '
استمرت يلينا في إلقاء نظرة خاطفة على شريكها وهم يسيرون نحو القسيس يدًا بيد .
كان صوت ميلي منخفض، لكن كان الرجل يقف بالقرب منها .
' ماذا علي أن أفعل إذا سمع ؟ '
حاولت يلينا جاهدة أن تتذكر الشائعات حول الدوق مايهارد .
لكنها لم تستطع تذكر أي شيء عن حاسة السمع لديه .
ثم بدأ القسيس في قراءة الطقوس التمهيدية المملة .
دخل صوت القسيس المسن من أذن و خرج من الأخرى بينما كان إهتمام يلينا يتركز على شيء آخر .
' يداه كبيرتان '
كانت يد الرجل التي كانت تمسك بها كبيرة .
' إنه طويل أيضًا '
كان هذا أحد الأسباب التي جعلت يلينا منغمسة في النظر إليه عندما رأته بالقرب منها .
كان الرجل طويل القامة مثل الشجرة العملاقة .
حتى بالمقارنة مع يلينا التي كانت بالفعل أطول من المتوسط، كان رأسه أطول .
ولم يكن طويل القامة فقط .
كان لديه أكتاف عريضة، و إستنادًا إلى الأزرار المجهدة في بدلته الضيقة، كان بإمكانها تخيل العضلات الموجودة أسفل البدلة تقريبًا .
بإختصار، كان الرجل كبيرًا فقط .
طول قامته، يداه كبيرتان، وجسمه كبير .
كل شيء ….
أوقفت يلينا خيالها بسرعة قبل أن يتحول إلى شيء لا تستطيع التراجع عنه .
بحلول ذلك الوقت، كان الحفل قد تقدم بسرعة و كان الوقت قد حان لتقول يلينا عهود الزواج .
" آنسة يلينا سورت، هل تقسمين بإسم الله أن تعتزي و تحبي الدوق كايوين مايهارد إلى الأبد ؟ "
" … نعم أفعل "
جاءت إجابة يلينا بعد نصف دقيقة .
كان ذلك في الواقع لأنها خرجت للتو من خيالها الشديد، لكن يلينا أدركت متأخرة أنه قد يتم تفسيرها بشكل مختلف .
لم يمنحها القسيس فرصة للشرح لأنه التفت ليسأل شريكها .
" الدوق كايوين مايهارد، هل تقسم بإسم الله أن تعتز و تحب الآنسة يلينا سورت إلى الأبد ؟ "
كانت يلينا تقرب أذنيها دون أن تعلم .
" نعم "
كانت إجابة الدوق مايهارد حازمة و سريعة .
بالرغم من أنها كانت إجابة رسمية فقط .
اخفضت يلينا بصرها، كان قلبها ينبض بسرعة .
كان يومًا غريبًا .
* * * * * * *
بعد إنتهاء الحفل، قبل أن يصعدوا إلى العربة متجهين إلى إقطاعية الدوق، أمضت يلينا بعض الوقت مع عائلتها .
" يلينا ! "
تشمل عائلتها و أقاربها .
صرخت ميلي وهي تعانق يلينا بشدة .
" أنا ، هيك … لم، هيك … أعلم أنك أحببتني كثيرًا "
استطاعت يلينا تخمين سبب سوء فهمها، لكنها أختارت أن تترك الأمر كما هو .
" شكرًا لك، يلينا "
لكنها على الفور رفعت رأسها على كلام عمها .
" إنه لاشيء "
كانت ميلي شيئًا، لكن عمها بالتأكيد لا ينبغي تركه يسيء الفهم .
كان هذا زواجًا حدث لأنها أرادته .
' يجب أن أخبره بذلك، هذه هي الطريقة الوحيدة التي سيفهمها زوجي .…'
لم تدرك يلينا أنها دعته بزوجها بالفعل في ذهنها بشكل طبيعي .
" أنت في ورطة، هاه، ماذا سيحدث لك الآن ؟ "
" أوبا "
" لن تستطيعي حتى شراء الملابس من متجرك المفضل في العاصمة بعد الآن، ولن تستطيعي تناول الحلويات في المتجر "
عقد الأخ الأكبر ليلينا و الطفل الثاني للكونت سورت، إدوارد سورت، ذراعيه و قال .
قد يبدو الأمر و كأنه كان يسخر، لكن يلينا علمت أنه قال ذلك لأنه كان قلقًا، ثم ردت يلينا بهدوء .
" يمكنني فقط شراء الملابس من متجر في الإقطاعية، و يمكنني تناول الحلويات في أشهر متجر في الإقطاعية "
" هل ستكونين راضية ؟ "
" ما الذي لن أكون راضية عنه ؟ "
" لا أعلم، أنتِ في النهاية … "
" إبتعد "
قالت شقيقة يلينا الكبرى و الإبنة الكبرى للكونت سورت، ليليانا سورت، قالت ذلك للتخلص من شقيقها الأصغر الذي استمر في إلقاء الهراء .
" يلينا، سأكون دائمًا بجانبك "
" أوني "
" إذا واجهت أي شيء صعب، لايهم متى، فلا تترددي في العودة "
" … نعم ، سأفعل ذلك "
بعد وفاة والدتهم، بدأت الأخت الكبرى التي كان لديها فارق كبير في السن مع يلينا تهتم و تعتني بها .
لم تكره يلينا ذلك .
بينما كانتا تحضيان بأجواء دافئة، تذمر إدوارد سورت المستبعد .
" تسك، يمكن لأي شخص أن يقول مثل هذا الكلام "
" إذًا يمكنك أن تفعلها أيضًا، توقف عن قول الهراء الذي لن يساعدها حتى، ولا تتحدث كما لو كنت تخوض معركة معها "
" هل يمكنك التحدث بشكل ألطف من فضلك ؟! "
" من حتى يستمع لك ؟ "
" أنا أقول لك أن تكون مراعي لشعور الآخرين "
عندما بدأ إخوتها الأكبر سنًا يتشاجرون كالمعتاد، اقترب الكونت سورت .
" والدي "
" يمكنك مناداتي أبي في يوم كهذا "
" إنه مُحرِج لذا لا أريد ذلك "
تجمد الكونت سورت في مكانه، ثم انفجرت يلينا في الضحك .
" إنها دعابة "
" … إحمم "
" ماذا ؟ هل أزعجت يلينا أبيها للتو ؟ "
" بالنظر إلى الوضع، يبدو الأمر كذلك "
" بعد كل شيء، والدنا يضعف دائمًا عندما يتعلق الأمر بيلينا "
" إدوارد، ضع يدك على صدرك و اسأل نفسك، إذا كنت أنت، هل ستكون ضعيفًا لإبن مثلك أم ستكون ضعيفًا لإبنة مثل يلينا ؟ "
" هذا … "
تجمد إدوارد من كلام ليليانا الحاد، لكنه انتقم بعد ذلك .
" ثم ماذا عنك يا نونيم ؟ ماذا ستفعلين ؟ بين إبنة مثلك و إبنة مثل يلينا تمامًا … "
توضيح : ( نونيم ) معناها : صيغة أكثر إحترامًا لـ ( نونا ) الي معناها أختي الكبرى .
" … ! "
بعد مراقبة جدال الإثنين التي كانت تحدث دائمًا بشكل مماثل في كل مرة، حولت يلينا نظرها إلى والدها .
ثم قالت فجأة .
" شكرًا لك على تربيتي يا أبي "
" …. "
" عليك أن تبقى على ما يرام "
حرك الكونت سورت فمه كما لو كان يريد أن يقول شيئًا، ولكن بعد ذلك لم يكن بإمكانه سوى قول شيء واحد بصوت متحشرج .
" … بالتأكيد "
* * * * * *
نظرت يلينا خارج نافذة العربة بنظرة قلقة .
' التفكير أن هؤلاء الثلاثة سيموتون جميعًا في المستقبل … '
تذكرت المستقبل الذي ذهبت إليه .
كان العالم في حالة خراب بعد ٢٠ عامًا، لكن جميع أفراد عائلتها ماتوا قبل أن يحدث ذلك .
حسب معرفتها من المستقبل، فإن والدها سيموت من المرض بعد ١٠ سنوات و يموت إخوتها الأكبر سنًا في حادثة عربة بعد ١٥ عامًا .
فكرت يلينا بوجه قاتم .
' كان من الرائع لو تمكنت على الأقل من معرفة المرض الذي قد يتعرض له والدي أو تاريخ حدوثه '
لم يكن والد يلينا يعاني من أي مرض مزمن .
هذا يعني أنها في الحقيقة ليس لديها أدنى فكرة عن هذا .
' الشيء نفسه ينطبق على أوني و أوبا، كيف تعرضوا لحادثة العربة ؟ '
فقد كلاهما حياته من حادثة العربة في نفس الوقت تقريبًا .
هذا يعني أنهما قد يكونا تعرضا للحادث معًا .
' إذا كنت أعلم أن الأمر سيكون على هذا النحو، لكنت سألت الخادمة عن أشياء عديدة عندما ذهبت إلى المستقبل …. '
* * * * * *