بدأ البخار يتكثف على نافذة العربة التي كانت تتحرك بسلاسة .
منذ دخول حدود ڤيكاندر، كان الطقس يوحي ببداية الخريف المتأخر، ولكن مع ظهور الأسوار الحصينة في الأفق، أصبح الجو شبيهًا ببداية الشتاء .
على الرغم من ارتدائها رداءً سميكًا من الفراء، جلست أوليڤيا لا إراديًا بالقرب من إدوين، ثم حاولت التراجع قليلاً وكأنها تذكرت شيئًا .
لكن إدوين قام بلف ذراعه حول كتفها، وكأنه كان ينتظرها لتدخل مجال "الخط الأحمر" الخاص به .
" ابقي هنا، الجو بارد، أليس كذلك ؟ لا يوجد لديك قلادة الحجر السحري، لذلك لن تشعري بالدفء إلا عند دخول القصر الرئيسي."
تردد صوته اللطيف بقدر دفئه على كتف أوليڤيا. تظاهرت أوليڤيا بالحركة ببطء، وتحدثت بتهديد مصطنع : " … لقد اقتربت منك لبرهة بسبب البرد فقط، إذا لم تخبرني بما حدث قبل أمس، فسأبتعد مجددًا."
" لا يوجد شيء لأخبرك به، فلم يحدث شيء "
كاذب .
نظرت أوليڤيا إلى إدوين بتركيز بدلاً من الرد. شعرت بوضوح بالانقطاع المحرج في سياق الحديث عندما دخلت غرفة الملك مرة أخرى قبل يومين .
لكن إدوين رد عليها بابتسامة جميلة بعينيه اللتين تضيقان بجمال. إنه يعلم جيدًا أنها ضعيفة أمام ابتسامة عينيه تلك .
خوفاً من أن يزول تذمرها، تعمدت أوليڤيا أن تعبس وتبرز شفتيها. أصبحت نظرة إدوين التي كانت تبتسم بحيرة عميقة فجأة، لكن أوليڤيا لم تلاحظ ذلك .
كان يُخفي سرًا واحدًا، والآن ظهر سر جديد ؟
" … أرى أن سمو الأمير يمتلك الكثير من الأسرار." تمتمت أوليڤيا .
أنكر إدوين بتدوير عينيه، وكأنه مظلوم : " يا إلهي، أين يوجد شخص بريء مثلي ؟ إذا كنتِ لا تصدقين، يمكنك التحقق بنفسك."
هز إدوين كتفه، ثم فك أول زر في قميصه المزرور بعناية. أصيبت أوليڤيا بالدهشة، ولوحت بيدها مسرعة، ثم أدركت متأخرة نظراته الماكرة، فرمقته بنظرة حادة .
في تلك اللحظة، بدأت العربة تخفف سرعتها ببطء. لم يظهر سوى جدار القلعة … تفاجأت أوليڤيا، لكنها عضت شفتها لا إراديًا وهي تنظر خارج النافذة .
كان التابعون، بمن فيهم سوبيل و بيثاني، يؤدون التحية للملك .
" نحيي جلالة الملك العظيم لڤيكاندر ! "
تحدث سوبيل، رئيس خدم ڤيكاندر، بصوت ثابت رغم لمعان عينيه المبللتين مراراً وتكراراً : " انتظرنا مجيئك بالثواني، يا صاحب الجلالة، الجميع ينتظر تتويجك."
وكان الأمر كذلك بالفعل .
اصطف الناس الذين خرجوا إلى ما وراء الأسوار الحصينة على جانبي الطريق. تحت الهتافات الصاخبة التي كادت تمزق طبلة الأذن، تساقطت زهور منثورة على طريق الملك، وتطايرت الألعاب النارية الملونة باستمرار .
" عاد الملك ! "
" عاش الملك ! "
" عاشت ڤيكاندر ! "
كان الجميع يعلم أن العودة المهيبة سيليها التتويج .
ظلوا الناس الذين تبعوا الملك حتى دخوله القصر الرئيسي يحدقون في القلعة. البعض كان يتفقد الوقت بين الحين والآخر ويبتلع ريقه، والبعض الآخر كان يفرك كفيه على سرواله، وكأنه لا يستطيع تحمل التوتر .
وعندما ظهر الملك مرة أخرى فوق القلعة، حبس الرعايا أنفاسهم تلقائيًا .
في ذلك الصمت، ارتدى الملك المؤسس كارلوس ڤيكاندر عباءة ذهبية ترمز للعرش وحمل السيف الملكي "إيرالوتين" بنفسه، ثم وضع التاج الذي قدمه ابنه إدوين لوڤيل ڤيكاندر على رأسه.
نظرت عيناه الحمراوان، المليئتان بهيبة لا يمكن تجاوزها، إلى الرعايا الذين ملأوا الأرجاء.
الفرسان الذين اصطفوا بزي رسمي أسود، والعائلات النبيلة التي تبعته بإخلاص، والرعايا الذين بقوا في هذه الأرض القاسية، والأشخاص ذو العيون الخضراء الذين بدؤوا يظهرون الآن بوضوح، كانوا جميعاً ينظرون فقط إلى ملكهم .
افتتح الملك العصر الجديد بصوت وقور : " أنا كارلوس ڤيكاندر، أعلن أن ڤيكاندر مملكة مستقلة."
وصلت نظرة الملك الدافئة إلى جميع الرعايا .
" هذا هو نصر ڤيكاندر، نصرُ أولئك الذين ثابروا، أقسم أمامكم جميعًا، يا أهل ڤيكاندر، الذين صمدوا بإيمان راسخ وسط الإهانات والأكاذيب الصعبة التي واجهوها … "
" …… "
" من أجل المجد المشرق، ولكي لا نكرر أوقات المعاناة الأزلية التي مررنا بها، ستكون ڤيكاندر دائمًا برفقة النصر المشرّف."
أذاب الإعلان الحازم والقاطع مرارة السنين التي تراكمت لدى الرعايا. انتشر صوت استنشاق خافت من مكان ما.
أوليڤيا أيضًا كانت كذلك. كان عليها أن تكبت الرؤية الضبابية والوخز في حلقها .
في خضم ذلك، استمر خطاب الملك : " ولمشاركة فرحة إعلان المملكة، ستقام مهرجانات الفرح لمدة شهر في جميع أراضي ڤيكاندر، وسيقوم الأمير إدوين لوڤيل ڤيكاندر وفرسان ڤيكاندر بجولات في الأراضي المضمومة حديثًا لمدة ثلاثة أشهر لنشر روح ڤيكاندر على نطاق واسع."
رفع الملك سيفه الملكي عاليًا. وبينما كان السيف الضخم يلمع في ضوء الشمس القوي، هتف الملك بصوت عالٍ : " المجد والشرف المشرق لڤيكاندر ! "
" الاحترام والولاء الأبدي للملك الجديد ! "
عندها، بدأ صراخ الفرح والبهجة تتدفق .
عصر الملك المنتظر . كانت بدايته الأولى، والمستقبل الذي يتطلع إليه، يتلألأ بإشراق .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
بعد حفل التتويج المهيب، كان من الطبيعي أن يعقب ذلك حفل استقبال فخم .
ثريات أنيقة لم يكن من الممكن رؤيتها حتى في القصر الإمبراطوري، وأحواض مليئة بالزهور، و ولائم فاخرة .
في هذا الحفل المذهل الذي خطف أنظار الجميع، كان الشيء الذي استقطب الاهتمام الأكبر هو بلا شك النبيذ الفاكهي الذي قدمته بيثاني بكميات لا تُحصى .
" بيثاني، ألم يكن هذا النبيذ هو المفضل لديكِ ؟ "
" إنه أسعد يوم، لذا لا يمكنني الاحتفاظ به ! سننهي كل شيء اليوم، بالتأكيد، لن تفشلوا في إنهاء هذه الكمية، أليس كذلك ؟ "
مع هذا التحدي الجريء، نظر الفرسان إلى ملكهم بعيون متقدة. وعندما أومأ الملك بالموافقة بسخاء، بدأت أول ليلة من الفرح .
*
*
ابتسمت أوليڤيا بإشراق، بعد أن سحبت إدوين معها بحجة استنشاق الهواء في قاعة المأدبة حيث لم ينتهي الحفل بعد .
بدت كجنية فاتنة بفستانها الفضي اللامع والتاج الذي يزين شعرها المرفوع .
" هل كان الشيء الذي كنت تخفيه هو جولة الثلاثة أشهر ؟ "
لم يكن ذلك أمرًا لم تتوقعه. فقد توقعت أن يكون إدوين في مقدمة موكب الجولة عندما استمعت إلى طموح الملك في المرة الماضية .
بالطبع، لم تتوقع أن يستغرق الأمر ثلاثة أشهر .
كانت خدا أوليڤيا يميل للاحمرار وهي تبتسم بثقة. نظر إدوين إلى عينيها الخضراوين المشرقتين في عينها المنحنية بجمال، وهز رأسه .
" الشيء الذي كنت أخفيه هو الخطبة."
… الخطبة ؟
عند هذه الكلمة المفاجئة، شعرت وكأن تأثير الكحول تبدد فجأة .
هل نسي إدوين خاتم الخطوبة وخاتم الزواج المرتدين في إصبعها ؟
ابتسمت أوليڤيا بمكر ولوحت بإصبعها. على الرغم من النظر إلى اللمعان المتلألئ، ضحك إدوين بهدوء .
" عندما فكرت في الأمر، كانت خطبتي مجرد إعلان انفرادي."
رمشت أوليڤيا عينيها للحظة. عيناها اللتان كانتا تهتزان بقلق من الارتباك سرعان ما لمعتا مجددًا .
بدت الآنسة الذكية قد وجدت فوراً الجزء الذي قاله في الماضي : " سأطلب الزواج من الآنسة بناءً على الأمنية التي منحني إياها الإمبراطور."
كانت كلماته في اليوم الأخير من مأدبة النصر، قبل إعلان الحرب على الإمبراطور .
" … ذلك الإعلان لا يمكن أن يكون خطبة، لقد كان مجرد رغبتي الخاصة، وكانت مصلحتي هي الرابحة منذ البداية."
كان هوارد محقًا. على الرغم من إحراجه، تمكن بفضله من التخطيط لخطبة مناسبة .
كتم إدوين أنفاسه قليلاً، ثم جثا على ركبة واحدة بحركة رشيقة . عندما نظر إلى عينيها اللتين تملأهما الدموع، تذكر إدوين فجأة اليوم الذي قدم فيه ولاءه لها .
" أوليڤيا، يا أغلى وأحب آنسة أتت إليّ، أنا الذي لم يكن يطمع إلا بالأشياء الثمينة."
— الصورة التوضيحية : هـنـا .
سواء كان ذلك بسبب البرد أو الدموع، بدأ طرف أنفها الجميل يحمر . وعلى الرغم من أن إدوين كان يعلم أن الخاتم الذي في يدها الصغيرة الممدودة هو نفس الخاتم الذي في يده، لم يستطع التخفيف من توتره .
" هل تتزوجيني من فضلك ؟ "
فقط بعد أن طلب منها الزواج أخيرًا، أدرك إدوين ثقل الكلمة .
الزواج … هو أثمن وعد يربط اثنين غريبين ببعضهما البعض .
أدرك إدوين الآن فقط كم كانت فرحة رائعة مجرد أن يكون قادرًا على طلب هذا الوعد، لكنه كان ينتظر الموافقة .
أخفى إدوين توتره وانتظر إجابة أوليڤيا بصبر .
في لحظة ما، وهو ينظر إلى السعادة التي تتصاعد على وجهها الجميل بصمت، و الدموع التي لا يمكن كبتها، والشفاه الحمراء التي انفتحت بتردد :
" أوافـق "
كان نطقها المتداخل عذبًا للغاية. عانق إدوين جسدها الذي ارتمى عليه بشدة وكأنه يريد أن يسحقها .
كان وجهها الملطخ بالدموع جميلاً للغاية لدرجة أنه لم يستطع إلا أن يقبل شفتيها التي نطقت بالموافقة بعمق .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
لم يكن الليل قد حل بعد في قلعة ڤيكاندر .
في الردهة الخالية، كانت أوليڤيا تدفن وجهها في رداء إدوين، لكنها كانت تلقي نظرة خاطفة على قاعة الحفلات الصاخبة .
سألها إدوين، الذي كانت أصابعه تتشابك بإحكام مع أصابعها، بمكر : " هل تريدين العودة ؟ "
" أنا … لا أستطيع."
استنشقت أوليڤيا. كانت عيناها منتفختين وأنفها محتقن. علاوة على ذلك، كان شعرها فوضويًا وتحتاج إلى ارتداء التاج مجددًا .
كيف يمكنها العودة إلى قاعة المأدبة في مثل هذه الحالة ؟ لكن إدوين، الذي بدا راضيًا عن إجابتها، ابتسم .
" صحيح، لو حاولتِ العودة إلى الحفلة بهذا الوجه الجميل … مجرد التفكير يثير قشعريرة."
رمقته أوليڤيا بنظرة غير حادة. نظر إدوين إلى وجهها وهز كتفه ببطء، ثم أشار إلى باب غرفة أوليڤيا الذي كان دائمًا يقف عائقًا أمامه .
" هل تعلمين ؟ "
" … ماذا ؟ "
" هذه الليلة هي آخر ليلة سأقوم فيها بتوصيل ليڤ بأمان إلى غرفتها."
انخفض صوت إدوين تدريجيًا مع نطق كل مقطع. ابتلعت أوليڤيا ريقها لا إرادياً. شعرت أن جسدها بالكامل يتصلب من التوتر .
تحت عينيه الحمراوين اللتين كانتا تتبعان عينيها ببراعة، تراقص شغف داكن. نظر إدوين بـنظرة جشعة تلتهم كل شيء بشراهة .
الرقبة النحيلة التي ترتعش قليلاً تحت ملامحها الدقيقة، و الهزة الطفيفة في التجويف الموجود أسفل عظمة الترقوة. حيثما وصلت نظراته، وقفت شعيرات ناعمة رقيقة .
لامست شفتا إدوين شفتيها عند تلك الاستجابة المتلهفة. كان حلقه جافًا، و داعب كتف أوليڤيا برفق محاولاً إذابة التوتر .
كان هذا الحنان أكثر إثارة، فحبست أوليڤيا أنفاسها. كان ملمس يده الصلبة والكبيرة التي اعتادت عليها ساخنًا بشكل غير عادي .
تصاعدت حرارة غريبة وكأن أحدًا خدش باطن بطنها. شعرت بالتوتر لأنها لم تكن تعرف كيف تتصرف في مثل هذا الموقف. لذا، تشبثت بإدوين بشكل عشوائي. ضاقت عينا إدوين على الفور .
" يا إلهي … " تمتم بصوت خفيض .
" الليلة التي أمسك فيها بيد ليڤ و أدخل الغرفة … يجب أن تكون بعد انتهاء جولتي، في يوم زفافنا."
عند كلمات إدوين، استنشقت أوليڤيا بأنفها المحمر وضحكت بخفة. عندما انحنت جفونها المتورمة قليلاً، فكر إدوين أنه ربما يكون الأمر جيداً بعض الشيء .
" لذا يا آنستي … "
فقرب إدوين وجهه من وجه أوليڤيا.
" تأكدي من النوم جيدًا مقدمًا."
قبل جفونها المغلقة بخفة. الرموش التي ارتجفت عند ملامسة شفتيه سحرته . عندما ابتعد بشفتيه، ارتفعت جفونها ببطء لتكشف عن عيني أوليڤيا الخضراوين اللتين يحبهما .
الآن، في كل صباح، لن ينعكس في هاتين العينين الجميلتين سوى وجهه هو فقط .
بقدر ما توسل، و رغب، وتمنى، وبقدر ما كبت نفسه طوال هذه الفترة، كان إدوين مستعداً تمامًا للطمع في أوليڤيا.
كبت في نفسه كلمة مفادها أنه لحسن الحظ أن الشتاء قد حل .
نظر إدوين إلى كتفها الأبيض المكشوف وابتسم متأخراً كشخص نبيل : " لقد أطلت الحديث، تصبحين على خير يا أوليڤيا."
" … هل سيكون كافيًا لو أنني نمت لمدة ثلاثة أشهر فقط ؟ "
ضحكت أوليڤيا بخجل وهي تنظر إلى عينيه اللتين اتسعتا بدهشة. لم تكن تعلم ما إذا كانت شجاعتها هذه بسبب تأثير النبيذ الفاكهي، أو ثقتها كامرأة تلقت عرض زواج …
" أحلام سعيدة، أيها الأمير."
كانت واثقة من أن كلمتها التي همست بها بحياء، والتي تقال عادةً عند النوم جنبًا إلى جنب، ستصبح حقيقة يومًا ما.
*
*
انزلق جسدها الذي كان مستنداً على الباب ببطء نحو الأرض .
أخذت أوليڤيا نفساً عميقاً. التصقت برودة الباب الباردة بظهرها. وبمجرد أن فقدت الحرارة، شعرت بوخز في جميع أنحاء جسدها حيث لامستها نظرات إدوين. ضمت أوليڤيا ذراعيها حول كتفيها .
لسبب ما، كان شعورها جيدًا. ربما بسبب النبيذ الفاكهي لبيثاني، أو الإثارة التي شعرت بها بعد تلقي الخطبة، أو ربما لأنه تم تحديد موعد الزفاف .
ما لم تكن أوليڤيا تعرفه هو …
أن إدوين الذي أصيب بـ "عمى الحب" ذهب على الفور إلى الملك وطالب بتقديم موعد الجولة حتى صباح اليوم التالي .
" مستحيل تمامًا ! أريد البقاء في ڤيكاندر لبعض الوقت … ! "
" آه، بالمناسبة يا وينستر، لقد كنتُ مهملاً جدًا تجاهك."
" هل يمكننا الانطلاق على الفور، يا سمو الأمير ؟ "
وأن وينستر، الذي كان يحتج بشدة، قد خفض رأسه على الفور أمام إدوين الذي كان يبتسم بحدة .
كل ما عرفته أوليڤيا هو … أن موعد انطلاق الجولة تم تقديمه على عجل بسبب الاعتراف بأهميتها، وكم كانت ابتسامة إدوين جميلة وهو يقود الموكب .
وأن إدوين لم يرفع نظره عنها وهو يلوح لها وسط الهتافات حتى أصبح نقطة صغيرة وبعيدة .
حتى بعد اختفاء موكب الجولة، ظلت أوليڤيا تحدق في الأفق . وعندما توسلت بيثاني إليها للدخول، تحركت بخطوات مترددة .
رأت بيثاني الحنين في نظرات أوليڤيا التي كانت تستدير باستمرار، فقالت بابتهاج لمواساتها : " ثلاثة أشهر طويلة، لكن إذا انشغلتِ بأشياء أخرى، سيعود الأمير قريبًا."
ثم ابتسمت بمكر وهمست في أذن أوليڤيا : " لكن يا آنسة، ماذا قال لكِ الأمير للتو حتى أصبح وجهكِ مشرق بهذا الشكل ؟ "
ابتسمت أوليڤيا بدلاً من الإجابة. الكلمات التي همس بها إدوين، وهو يميل نحوها عند قرع بوق الانطلاق : " سيكون هذا الشتاء مميزًا جدًا بالنسبة لنا، لذا سأعود، يا آنستي."
من الواضح أن سبب إصراره على ذكر الشتاء الذي لم يحلّ بعد هو الزواج .
لقد ظنت أنها لا تحب الانتظار، لكن مجرد التفكير في انتظار الزواج، وانتظار عودة إدوين، جعل زهورًا وردية تتفتح في قلبها .
ثلاثة أشهر … لم تكن شيئًا بالنسبة لأوليڤيا .
****************************