الفصل ١١٨ : ‏Do Your Best to Regret

{ ليوبارد يحاول استغلال أفضل فرصة }


" أيها الدوق، لننتقل إلى مكان آخر."

أمر ولي العهد بصوت بارد، لكن الدوق مادلين لم يستطع النطق بكلمة واحدة. حتى حث ولي العهد كان يبدو وكأنه طنين في أذنيه .

وفي هذا الصمت، تسللت همسات النبلاء : " … إذن، هل حقًا من قامت بإنقاذ أرض ريتايل كانت الأميرة مادلين ؟ "

" منذ متى و الأميرة مادلين تقوم بعمل الأميرة ؟ "

" يا إلهي، الأميرة مادلين هي القديسة الحقيقية."

الكلمات المتتالية كانت تثقل كاهل الدوق .

ماذا يحدث هنا ؟

لم يستطع الدوق فهم الأمر .

ما سمعته الآن … هل هو …

" هل كل هذا صحيح ؟ "

لكن الصوت الذي خرج من فمه كان هادئًا بشكل غريب .

ضيّق ولي العهد عينيه، و تنهد وكأنه يشعر بالضيق، ثم مرّر يده اليمنى على شعره بانزعاج .

" عن ماذا تتحدث الآن ؟ لقد قلت لك إن لديّ ما أقوله عن أوليڤيا ! "

" … هل لديك ما تقوله عن أوليڤيا، بعد أن جعلت معصمها متورمًا ؟ "

خرجت الكلمات التي كانت تملأ رأسه للتو .

تجعد جبين ولي العهد على الفور، و انطلقت منه هالة حادة بينما كان يحدّق فيه، لكن الدوق حافظ على وقفته .

تحدث ولي العهد بانزعاج : " لماذا تبدو هكذا الآن ؟ "

" … لا أعرف."

" هاه …! "

اتخذت عينا ولي العهد نظرة حاد، لكن الدوق كان صادقًا. لم يستطع حتى أن يتخيل كيف يبدو وجهه الآن، فبعد وفاة هيزل، لم يكن عليه أن يهتم أبدًا بملامح وجهه طوال حياته .

لم يكن هناك شيء يسعده سوى أبنائه، ولم يكن هناك شيء أكثر حزنًا من وفاة هيزل. لقد عاش وكأنه وحيد في عالم رمادي باهت .

ولكن الآن، ما هو السبب الذي يجعله يشعر بهذا الغثيان ؟

" تبدو منزعجًا، يا سموك."

عند سماع صوت أحدهم من مكان قريب، رفع الدوق رأسه فجأة .

كان الدوق الأكبر ڤيكاندر يهمس وهو يعض على شفتيه الحمراوين : " … هذا كثير جدًا."

" ماذا ؟ "

" أيها اللورد إنترفيلد، هل تصدق ؟ في جميع أنحاء قاعة المأدبة هذه، تتوالى قصصٌ لا تُحصى عن الأشياء التي قامت بها آنستي، التي تبلغ من العمر عشرين عامًا فقط … ؟ "

عند سماع هذه الكلمات، شعر الدوق بالدوار، لقد أدرك الآن ما الذي كان يزعجه .

كان الأمر كثيرًا جدًا، بغض النظر عن عدد المرات التي يسمعها. عندما كانت تُنسب إلى الأميرة، كان يبدو الأمر ممكنًا بفضل دعم العائلة الإمبراطورية .

ولكن إذا كانت أوليڤيا هي من قامت بكل ذلك … توقفت أنفاسه .

كل ما كان يذهب إليها كان مبلغًا بسيطًا كمصروف جيب، لا أكثر. حتى أنه علم أنها كانت تراجع دفاتر حسابات دوقية مادلين منذ فترة .

" ما رأيك، أيها الدوق ؟ "

اقترب الدوق الأكبر منه، حتى أن الدوق لم يلحظ متى أصبحا قريبين إلى هذا الحد. رمق ولي العهد الدوق الأكبر بنظرة حادة .

" أيها الدوق الأكبر، أنا أتحدث مع الدوق الآن ! "

" إذن سأتدخل أنا، يا سمو ولي العهد، أيها الدوق، أجب."

على الرغم من انزعاج ولي العهد الحاد، استمر كلام الدوق الأكبر موجهًا إلى الدوق مادلين. لم يكن وجهه ساخرًا، بل كان يسأل بجدية .

" هل أنت من ساعدت آنستي ؟ هل ساعدتها لتقوم بكل هذه الأمور التي تستحق أن تُلقب بالقديسة ؟ "

اخترق السؤال الحاد قلب الدوق، و هزّ رأسه دون وعي .

أنا لم أساعدها في أي شيء. فقط تمنيت أن تعاني من اضطهاد الإمبراطورة، ولم أهتم بأي شيء آخر .

بالطبع، لم يخطر ببالي أبدًا أنها كانت تقوم بعمل الأميرة …

" أم لم تكن تعلم على الإطلاق ؟ هل لم تكن تهتم ؟ "

وكأنه يقرأ أفكاره، تحدث الدوق الأكبر بهدوء . أمام هذا الاتهام الحاد، ظل الدوق مادلين يحدّق في الدوق الأكبر .

لم يستطع الدوق أن يميز ما يختلط في عينيه الحمراوين، هل هو الغضب أم الحنين أم مشاعر أخرى تتجاوز كليهما .

في تلك اللحظة، تمتم الدوق الأكبر وكأنه يتنهد : " عمل لم يقدره أحد، لماذا يا ترى، كانت آنستي مجتهدة لهذا الحد ؟ "

' آه … ! '

عضّ الدوق شفتيه بوعي، وكأن شظايا حادة كانت تغرز في قلبه دون رحمة. هذا سؤال كانت إجابته سهلة للغاية .

" هل أنت والدي ؟ "

لأنه كره عينيها الخضراوين المستديرتين عندما نظرت إليه لأول مرة وهي في السادسة من عمرها .

" سأفعل ذلك جيدًا ! "

لأنه كره حتى محاولتها لكسب رضاه .

" أنا أيضًا من عائلة مادلين."

لذلك كرهها أكثر .

هي التي تسببت في موت هيزل. كره مظهرها وهي تحاول بوقاحة الانضمام إلى عائلة مادلين الموحدة .

" أنا أيضًا، أنا الآن من عائلة مادلين."

لذلك لم يدرك الأمر حقًا. أصبحت الصورة الغامضة في ذهنه أكثر وضوحًا .

عندما قالت إنها ستمحو "مادلين"، كانت أوليڤيا تبتسم .

" سأمحي عائلة مادلين … بأكملها."

بكل سهولة وكأنها لا تملك أي ندم .

عندما تذكر كل هذا بوضوح، بدأت عينا الدوق الجمشتيتان تفقدان بريقهما و تصبحان باهتتين .

كان يعلم كم كانت تتمنى أن تكون جزءًا من عائلة مادلين، لذلك، لم يكن يريد أن يمنحها ذلك أبدًا .

لكنها حقًا … لم ترتكب أي خطأ .

عندما واجه الحقيقة التي لطالما تجاهلها، انحنى ظهر الدوق المستقيم لأول مرة، و شعر وكأن أنفاسه قد انقطعت .

طبقة تلو الأخرى، انهار شعور الذنب و الحب و الكره، وكل المشاعر التي كان يخفيها، فوق الدوق .

نظر الدوق الأكبر إلى وجهه الشاحب الذي كان يكاد لا يتنفس، ثم نقر بلسانه ببطء و أضاف : " سواء كان الدوق قد تغاضى عن الأمر أم لم يكن يعلم حقًا، أنا حقًا … " 

بينما كان الدوق الأكبر يمر بجانبه، انبعثت منه رائحة مألوفة. رائحة دافئة، لكنها كانت ……

" … أشعر بالغثيان."

رائحة حزينة كالدموع … رائحة أوليڤيا .

شعر الدوق بالدوار فجأة و ترنح .

" أبي ! "

رأى كونراد و جايد يركضان نحوه من بعيد. كان أبناؤه، الذين اعتبرهم ضعفاء، يعلمون قبله .

جهود تلك الفتاة الصغيرة التي لا تزن شيئًا، و المعنى وراء نظرتها التي كانت مليئة بالأمل . لقد كان هناك شخص آخر كان يجب أن يكفّر عن ذنبه تجاهه، وليس هيزل وحدها، فقد تجاهلها بسبب ألمه .

أوليڤيا مادلين .

كل الجهود التي بذلتها باسم العائلة التي تخلت عنها .

*

*

" أيها الدوق الأكبر، كيف تجرؤ على إهانة العائلة الإمبراطورية بتجاهلي بهذه الطريقة ؟ "

زمجر ولي العهد، لكن الدوق الأكبر لم يكلف نفسه عناء النظر إليه .

لم يعد هناك حفل شاي. غادر إدوين القاعة بوجهٍ خالي من التعابير، ولم يجرؤ أحد على إيقافه في هذا الصمت الذي خيّم على المكان .

بمجرد خروجه من قاعة المأدبة، لحق به وينستر الذي كان ينتظر في الخارج، وبدأ بتقديم تقريره بشكل طبيعي .

" المقال جاهز، حتى الصحف، المدعومة بالكامل من القصر الإمبراطوري، شعروا بخيبة أمل، هذا كل ما لدي لأقوله، أما بالنسبة للشائعات … "

صمت وينستر للحظة، و بدت على وجهه نظرة غامضة .

" لقد اتخذتُ إجراءات لمنع انتشار الشائعات داخل العاصمة فقط، لكنها انتشرت خارجها كالنار في الهشيم."

أخذ إدوين الوثائق التي قدمها له وينستر. كانت عبارة عن جزء من رسالة أرسلها أحد التابعين من إقطاعية تريستان، وهي منطقة حيوية للحبوب .

ابتسم إدوين بمرارة عندما شعر باليأس الذي تحمله الرسالة .

" أفهم الآن سبب هذا التعبير على وجهك."

وكأنها كانت تقيس عدد المرات التي تم تجاهلها فيها، بدأت الرسالة بالاعتذار عن تكرار التواصل، ثم تحدثت عن ظروف تريستان الصعبة التي لم يكن أمامهم مفر من إرسال الرسالة .

كان إدوين يعلم أكثر من أي شخص آخر أن انهيار الإمبراطورية أمر محبب له، لكنه أيضًا كان يعرف أن هذا الانهيار سيضر بالشعب .

أدار نظره بضيق، فسأله وينستر فجأة : " هل أكملت القراءة ؟ "

" لم أكمل، لماذا ؟ "

" … حسنًا، لقد كتب التابع أنه يتمنى لو أن الآنسة هي التي تأتي."

بسبب كلمات وينستر، أكمل إدوين قراءة الرسالة. في نهاية الرسالة، التي كانت تتحدث عن الظروف الصعبة دون تحفظ، كان مكتوبًا :

— بما أنني أدرك تمامًا صعوبة قدوم سمو الأميرة، لذا سأكون ممتنًا لو تفضلت بإرسال تلك الآنسة ذات الشعر الفضي التي جاءت في المرة الأخيرة. إنها آنسة كتومة، ولم تنقل أي كلام قد يضر بسمو الأميرة. أرجو أن تظهروا الرحمة لهذه الأرض التي كانت وفيرة، تريستان .

'الآنسة ذات الشعر الفضي' 'الآنسة الكتومة'

عض إدوين على شفتيه. لم يستطع حتى أن يتخيل مدى تأثير هذه الآنسة البائسة على مشاعره .

" … يجب أن أذهب."

بعد أن تفوه بهذه الكلمات فجأة، أدرك إدوين أولويته بوضوح. فبقدر أهمية كشف سر منجم الكريستال الأبيض الذي ورثه عن والدته، فإن ……

" إدوين."

"ليڤ"، "أوليڤيا". تلك الآنسة الرائعة التي كانت تحمل الكثير من نقاط ضعف الأميرة دون أن تظهر أي علامة على ذلك. لقد كان يتوق لرؤية آنسته الصغيرة لدرجة أنه كاد يجن .

" ولكن ماذا عن مفاوضات الضرائب على المعادن ؟ "

سأل وينستر بصدمة. لقد كان على وشك أن يشرح له بهدوء سبب بقاء الدوق الأكبر هنا، لكن إدوين مال رأسه في حيرة وقال :

" ما الذي تقلق بشأنه ؟ لديّ مساعدون موهوبون مثلك."

" … ماذا ؟ "

" لقد أديت عملي جيدًا في مفاوضات الضرائب على المعادن حتى الآن، أليس كذلك ؟ لذا يمكنك إكمال ذلك بنفسك."

على هذا الأمر المفاجئ بتولي المفاوضات، صرخ وينستر بوجه شاحب : " ولكن ماذا عن الوثيقة السرية ؟! الآنسة تنتظر وصول هذه الوثيقة ! "

" إذن، يجب أن تنجزوا الأمر بشكل جيد، و تأتون بالوثيقة، أليس كذلك ؟ "

" سـ، سموك ؟ "

ابتسم إدوين وكأنه لا يرى وينستر الذي كان مضطربًا و عيناه ترتعشان .

" على أي حال، إذا أظهرت اهتمامًا كبيرًا، فإن الإمبراطور سيبدأ بازعاجي، لذا، تظاهروا فقط بعدم الاهتمام، هذه أيضًا خطة، إذًا، أيها اللوردات، عمل موفق ! "

غمز الدوق الأكبر بعينه بطريقة ظريفة وبدأ يركض بسرعة عبر الممر .

في هذه الأثناء، كان كبير خدم القصر الإمبراطوري قادمًا من الاتجاه المعاكس، و أدى له التحية وكأن لديه أمرًا عاجلاً .

" يا سمو الدوق الأكبر، جلالة الإمبراطور يبحث … يا سموك ! يا سموك !"

" … يبدو أن سموه قد ذهب بالفعل، لذا ما الذي تريده ؟ "

" جلالة الإمبراطور ينتظر لمناقشة هامة حول الضرائب على المعادن ! "

*

*

بينما كان يستمع إلى صوت كبير الخدم الحائر، استدار ليوبارد .

لقد كان يتبع الدوق الأكبر من قاعة المأدبة، و قلبه يغلي بالغضب .

هذا الرجل الذي يوصف بأنه فارس عظيم، لم يشعر بوجوده حتى، و ترك مفاوضات الضرائب على المعادن لتابعه، و اختفى بسرعة .

ليوبارد الذي كان يراقبه وهو يركض وكأنه يهرب، عبس قليلاً .

" وثيقة سرية ؟ "

لا يهم ما هي، بل المهم أنها شيء يريده هذا الرجل .

في لحظة، بدأت بعض قطع الألغاز المبعثرة تتجمع في ذهن ليوبارد .

استدار ليوبارد بسرعة، وكانت وجهته هي قصر الإمبراطور، و بالتحديد أكثر مكان سري فيه … غرفة نوم الإمبراطور .

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

" جلالتك، جلا … ! "

— بـانـغ !

دفع الإمبراطور الإمبراطورة التي كانت تتوسل إليه، و أغلق باب غرفة الاستقبال. كان وجهه مشوّهًا بالغضب، و يتنفس بصعوبة .

" يا جلالة الإمبراطور، إنها الأميرة ! ابنتك الشرعية ! أرجوك أظهر بعض الرحمة … ! "

" لا أريد أن أسمع هذا ! إذا كنتِ ستقولين هذا الكلام، فاخرجي من هنا حالاً ! "

حتى الصوت الضعيف لطرقها على الباب لم يزد الإمبراطور إلا غضبًا، ثم ساد الصمت، وكأنه تفاجأ. شعر الإمبراطور بالارتياح، و أطلق تنهيدة ثقيلة و جلس على الأريكة .

كان رأسه يؤلمه .

" أميرة بلا قيمة، أميرة فقدت مكانتها."

" أميرة غبية للغاية، أميرة لم تستطع حتى إنجاز أعمالها الخاصة بشكل صحيح."

" حقًا، لو لم تكن أميرة … ! "

تمتم بهذه الكلمات المرعبة، لكنه لم يستطع سوى التنهد. لم يتذكر حتى كيف ودّع الوفد .

الآن، كانت اللحظة التي يخشاها تقترب. الدوق الأكبر، ذلك الرجل الذي أهان العائلة الإمبراطورية علنًا و أذل الأميرة. مجرد التفكير فيه كان يجعله يشعر بالضيق .

كان عليه أن يتوصل إلى حل وسط، لكنه لم يجد أي طريقة للقيام بذلك .

ماذا يجب أن يفعل ؟ كان قلبه يخفق بسرعة من التوتر. في تلك اللحظة، طرق كبير الخدم الباب و دخل، لكن الأمر كان غريبًا، فقد عاد كبير الخدم الذي أُرسل ليحضر الدوق الأكبر، بمفرده .

" لماذا أتيت وحدك، يا كبير الخدم ؟ "

" هذا، إنه …… "

اخفض كبير الخدم رأسه بوجه مرتبك وقال : " قيل أنه غادر إلى إقليم ڤيكاندر لرؤية الأميرة مادلين "

*

*

في ممر يؤدي إلى غرفة النوم، كان الإمبراطور يضع يده على جبهته وهو يغلي من الغضب .

لم يستطع أن يفهم، كانت أولوية ذلك الرجل دائمًا والديه المتوفين، هل تغير الآن ؟

كبت الإمبراطور قلقه المتزايد بصعوبة و استدار عند أحد الزوايا، ثم توقف فجأة .

" … لماذا باب غرفة نومي مفتوح ؟ "

عندما تمتم بهذه الكلمات، سقط الخادم الذي كان يرتجف أمام الغرفة على الأرض .

كان الأمر غريبًا للغاية، فالخادم الذي لا يفتح الباب حتى للإمبراطورة، كيف يجرؤ على فتحه لأحد … ؟!

قبض الإمبراطور على قبضته و دخل الغرفة .

كانت الغرفة فارغة، لكن غريزته التي لم تخطئ قادته إلى أكثر الأماكن سرية في الغرفة .

' لا يعقل، حتى لو كان ولي العهد يتصرف بغباء هذه الأيام، فإنه لن يقتحم غرفة نوم الإمبراطور، دون إذن حتى ! '

في اللحظة التي اضطرب فيها قلبه، دخل الإمبراطور إلى أعمق جزء في الغرفة، وهناك، وجد ليوبارد يحدق في اللوحة .

" أنت أيها الوغد … ! "

في هذا المكان الذي كان يمثل أكثر مساحاته حميمية، كان الإمبراطور غاضبًا لدرجة أن دماءه كادت أن تغلي .

على عكسه، تمتم ليوبارد بهدوء بالغ : " إذًا هذه هي الأميرة، أميرة لوڤيل."

" كيف تجرؤ … ! "

" إنها تشبه الدوق الأكبر كثيرًا، ولكن عيناها … تشبهان عيني الأميرة مادلين."

كان الأمر غريبًا .

" أليس كذلك، يا جلالة الإمبراطور ؟ "

كان وجه ابنه، الذي كان ينظر إليه وكأنه يطلب تأكيدًا، هادئًا أكثر من أي وقت مضى. كان عكس مظهره الأبله الذي كان عليه مؤخرًا .

" …… "

ابتسم ليوبارد ابتسامة خفيفة وهو يحدق في الإمبراطور : " هل الوثيقة السرية هي الوثيقة المتعلقة بمنجم الكريستال الأبيض الذي سُلب من الأميرة ؟ "

" ماذا تريد أن تفعل بها ؟ هل تريد أن تفسد الأمور مجددًا، مثل تلك الفتاة، ماريا إثيل ؟ "

على الرغم من هذا الكلام اللاذع، ابتسم ليوبارد و هزّ كتفيه بهدوء .

" إذا كان هذا الشيء ثمينًا جدًا للدوق الأكبر، فأعطه لي، يا جلالة الإمبراطور."

" ماذا ؟ "

صرخ الإمبراطور في ليوبارد بذهول .

" ألم ترى ما حدث ؟ بسبب إعطائي الأميرة ملكية منجم الكريستال الأبيض، انظر إلى ما آل إليه حال العائلة الإمبراطورية الآن ! "

" يمكنني أن أصلح هذا، يا جلالة الإمبراطور."

" ماذا ؟ "

ضيّق الإمبراطور عينيه أمام ثقة ليوبارد بنفسه .

نعم، هذا هو ولي العهد الذي يعرفه. ليس ذلك الذي كان منحنيًا، عاجزًا، و مرفوضًا من أحدهم . هذا المظهر المتعجرف الذي يبتسم بسخرية .

في الوقت نفسه، بدأ ليوبارد يتحدث ببطء : " إذا كان هذا الشيء مهمًا للدوق الأكبر … "

ليوبارد لا يعرف الكثير عن أوليڤيا مادلين، لكنه كان متأكدًا من شيء واحد فقط : ' لقد كانت دائمًا تفعل ما بوسعها من أجل من تهتم بهم … مهما كان الثمن. '

ورغم أنه لا يريد أن يعترف بذلك، فإن اهتمام أوليڤيا الآن …

" لأنني بهذه الوثيقة سأتمكن من استعادة أوليڤيا إلى جانبي مرة أخرى."

… يصب في مصلحة ذلك الوغد، الدوق الأكبر ڤيكاندر .

كانت عيناه بلون البحر تلمعان بعنف. كان هناك بريق من الهوس المخيف في عينيه، التي تبدو كأعماق المحيط .

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

ولي العهد النبيل … كان هدفه هو عودة أوليڤيا إلى جانبه .

قال الدوق إن معصم أوليڤيا كان متورمًا، وعندما تذكر ذلك، شعر بقشعريرة من النشوة تسري في جسده .

عندما تعود، سأمسك بمعصمها حتى لا يصاب بأي كدمات .

ابتسم ولي العهد ابتسامة خفيفة .

الحب الذي يمكن لولي العهد، الذي لم يحب أحدًا بشكل كامل من قبل، أن يمنحه، لم يكن سوى هذا الهوس المشوه .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان