الفصل ١١٦ : ‏Do Your Best to Regret

{ السقوط من أعلى مكان }


رواق فخم مزين بالذهب .

كلما خطا المرء خطوة، كان صوت كعب الحذاء يتردد بشكل واضح .

نظرت الآنسة ليبرون إلى الأعلى بقلق .

السقف المستدير الذي كان ينسدل بجمال على الجدران كان رائعًا للغاية. قاعة الحفلات الكريستالية هذه، التي كان الصوت يتردد فيها و ينتشر، كانت مثالية لدعوة الأوركسترا .

بمعنى آخر ……

" يا سمو الأميرة، إنها حفلة شاي وداع، هل هذا مناسب ؟ "

لم تكن مناسبة لإقامة حفل شاي .

استدارت الأميرة التي كانت تسير في الأمام، بعد سماع الكلمات المهذبة الممزوجة بالقلق .

على عكس توتر رفيقاتها، ابتسمت الأميرة بهدوء وقالت : " إنها مثالية تمامًا، ألا يجعل هذا الصوت يتردد عدة مرات ؟ "

تركت الأميرة رفيقاتها خلفها وقد بدت على وجوههن علامات الحيرة، و استأنفت السير .

شدت قبضتها على فستانها. أربع سيدات فقط يتبعنها . وهن مجرد من أحضرتهن المربية بعد إقناعهن، لكنهن يتظاهرن بالاهتمام .

عادةً، كانت السيدات يقفن في صفوف أمام الغرفة، يتمنين أن يتم اختيارهن لحضور حفل الشاي … لكن الأميرة كتمت شعورها بالضيق .

على أي حال، سيعودون بعد اليوم. اقتربت الأميرة من باب قاعة الحفلات و أومأت برأسها.

سمعت صوتًا يهمس من الخلف : " حتى عازفو الأبواق … "، لكن الأميرة لم تكترث .

" صاحبة السمو الأميرة تدخل "

مع صوت البوق، انفتح الباب المهيب. وفي نفس اللحظة، شعرت الأميرة بالجو المتوتر لحفل الشاي .

" يا ابنتي، سأدخل بعد قليل مع جلالة الإمبراطور، كما تعلمين، بسبب نتائج اتفاقية التعويض، فإن مزاج النبلاء لن يكون جيدًا."

كانت كلمات والدتها صحيحة .

وقف النبلاء منقسمين وكأنهم يقسمون أنفسهم إلى فرق. كان قادة المجموعات المنقسمة هم بالطبع الدوق مادلين و الدوق إلكين . كانت الأميرة تنظر إلى النبلاء بملل، لتكتشف قائدًا ثالثًا غير متوقع .

الدوق الأكبر ڤيكاندر ؟

لم تكن تتوقع حضوره، لكنه وصل إلى حفلة الشاي قبلها .

لماذا حضر الدوق الأكبر، الذي تجاهلها في المرة الماضية رغم أنها كانت تنتظره أمام المكتب ؟

ثم فجأة، ارتفعت زاوية شفتي الدوق الأكبر . كانت عيناه الحمراوان تلمعان ببريق ساحر يكاد يكون آسرًا.

كما لو كان ينتظر شيئًا ممتعًا .

تجاهلت الأميرة على الفور الشعور الغريب الذي كان يساورها، و استدارت وكأنها لا تريد التعامل معه .

في نفس اللحظة، صمت النبلاء الذين كانوا يحيطون بالدوق الأكبر للحظة، وكأنهم يترقبون .

وكأنهم وجدوا فرصة، تجمع النبلاء حول الأميرة و ذكروه .

" بعد فشله في المفاوضات بهذا الشكل، بأي وجه يجرؤ على القدوم إلى حفل شاي سموك ؟ "

" صحيح، كنت أظن أن هذه المرة ستكون أكبر تعويض على الإطلاق."

كانت طريقة هجومهم شرسة، وكأنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة .

لم يتمكن النبلاء من إخفاء غضبهم، بعد أن فقدوا الهدوء الذي كانوا يتمتعون به عندما كانوا يتوقعون تعويضات من هڤرتي .

أومأت الأميرة برأسها بشكل مناسب، و ألقت نظرة على قاعة الحفلات .

على الرغم من أن حفل الشاي كان يهدف إلى تعزيز الوئام، إلا أن مبعوثي هڤرتي و مبعوثي الدول الأخرى كانوا يقفون على مسافة بعض الشيء من النبلاء الإمبراطوريين المتوترين .

كانوا يتجنبون أي سبب للنزاع، مهما كان صغيرًا .

" بالمناسبة، اليوم هو آخر يوم سألتقي فيها بكم أيها المبعوثون. "

نظرت الأميرة إلى المبعوثين بوجه متسامح. مع نظرتها الواضحة، تقدم ممثلو كل دولة واحدًا تلو الآخر للتعبير عن شكرهم للأميرة .

" سمعتُ أن سمو الأميرة قد أعدّت شخصيًا حفل شاي الوداع، نُقدّر كرم ضيافتكم، بل و نُقدّر أيضًا شرف كل لحظة قضيناها في فرانز. "

على الشكر الصادق من المبعوثين، تجمدت تعابير النبلاء. لم يتمكنوا من إيجاد أي ذريعة للاعتراض في ظل هذا الاحترام الشديد .

حاول النبلاء أيضًا إخفاء غضبهم بصعوبة. في موقف يمكن أن تنخفض فيه ضريبة المعادن التي يقدمها الدوق الأكبر بشكل كبير، ازدادت عظمة الأميرة، مالكة أرض تريستان، وهي منطقة زراعية غنية .

لم تكن الأميرة تعرف ما يفكر فيه النبلاء، لكنها تأكدت من موقفهم الودود تجاهها . ولحسن الحظ، أعدت لهم اليوم شخص مناسب جدًا للهجوم .

امرأة ستتحمل كل الشائعات و تسقط بدلاً منها .

" الآنسة ماريا إثيل تدخل."

لهذا السبب تحديدًا، قامت بتعيين عازف بوق عند مدخل حفل الشاي … ليعرف جميع النبلاء متى تدخل ماريا إثيل .

انخفضت درجة حرارة الجو في قاعة المأدبة على الفور. وكما كانت الأميرة تخطط، نظر الجميع إلى المدخل .

دخلت ماريا إثيل بدون شريك. وبشكل أدق، كانت برفقة البارونة سوفرون فقط، رئيسة وصيفات قصر ولية العهد .

كانت قد أمرت بجلبها بالقوة إذا قاومت المجيء. ابتلعت الأميرة ابتسامة ساخرة عندما رأتها تدخل بسهولة أكبر مما توقعت .

ويبدو أنها أدركت الآن وضعها الذي فقدت فيه حمايتها، فملابسها المتباهية عادةً أصبحت اليوم أنيقة بشكل غير عادي. فستان بيج بسيط، و تضع أقل قدر من المجوهرات و الإكسسوارات، و مكياج خفيف و ابتسامة رقيقة مصطنعة.

" … إنها المرة الأولى التي أراها بعد مغادرتها بشكل غير لائق في السابق."

لكن من الطبيعي أن نظرات النبلاء لم تكن ترحب بـماريا إثيل، و ارتفع الهمس بشكل أكبر تحت السقف المقبب .

" يقال إن الماركيز إثيل لا يزال محتجزًا، أليس كذلك ؟ على أي حال، عرفت ذلك منذ أن كانوا يبالغون في الاهتمام بها، يا إلهي."

على الرغم من أنها كانت تسمع كلمات حادة كالسيف، لم تفقد ماريا إثيل الابتسامة على وجهها . النبلاء، الذين كانوا يعرفون أكثر من غيرهم أنها لم تعد تملك أي دعم، اعتقدوا أن تلك الابتسامة كانت عنادًا .

ولكن، على الرغم من الهجوم الحاد، ظل وجهها مبتسمًا بثبات … حاول النبلاء أن ينسوا الفكرة التي خطرت على بالهم للحظة .

" … حسنًا، حتى لو تظاهرت الآن باللباقة، فقد تغير الوضع بالفعل." 

" ولي العهد لم يحضر معها أيضًا."

" أوه، بالمناسبة، هذا الفستان البسيط، ألا يبدو وكأنه يشبه فساتين الأميرة مادلين سابقًا ؟ "

لقد نجح هذا الهجوم .

عندما اضطرب وجه ماريا إثيل للحظة، بعد أن كانت تبتسم بهدوء مهما سمعت، ابتسمت الأميرة بحدة أكبر من أي شخص آخر .

" صحيح، هل يتكرر نفس الشيء، مع اختلاف الأدوار فقط ؟ "

عندما تم ذكر أوليڤيا، انكمشت ماريا إثيل و أخفضت رأسها. كانت الأميرة تتمنى بشدة. أن تثور ماريا إثيل غضبًا، أن تصرخ و تصبح عدوة للجميع. أن تظهر وجهها القبيح أمام جميع المبعوثين .

كلما زادت حدة الانتقادات الموجهة إلى ماريا إثيل، لمعت عينا الأميرة. كانت لحظة ازدياد شعورها بالمتعة وهي تتخيل ما سيحدث قريبًا .

" … لستُ أنا من يُكرر ذلك، بل أنت، يا سمو الأميرة "

" ماذا ؟ "

" … هل تتذكرون جميعًا اليوم الأول من المأدبة ؟ تلك المأدبة كانت مطابقة تمامًا لمأدبة الصيف السابقة التي كانت بفكرة 'الجنّيات'."

لم يبدو على وجهها، وهي تتحدث بصوت واضح، أي أثر للدموع .

" أنتِ يا آنسة … ! "

كانت ماريا هي من قلدت مأدبة أوليڤيا !.

رفعت الأميرة صوتها ثم صمتت فجأة. كان وجه ماريا المبتسم غريبًا .

" نعم ؟ أنا ماذا ؟ "

كانت واثقة بشكل غير عادي، وكأنها كانت تنتظر خطأ الأميرة .

ماذا يحدث ؟ هل جنّت ماريا إثيل التي لا تملك أي دعم، و عائلتها على وشك الانهيار ؟

لم تستطع الأميرة فهم هذا الموقف . بوقاحة، لم تُظهر ماريا إثيل أي علامة على التردد . وضعت كفيها على بطنها المسطح، و ابتسمت ابتسامة مشرقة و نظرت إلى جميع النبلاء .

" كل عام، كانت سمو الأميرة تُقيم حفلات مختلفة، ولكن هذه المرة، وبشكل غريب، كررت حفلاً قديمًا تمامًا، لماذا فعلتِ ذلك، يا سموّ الأميرة ؟ "

على هذا السؤال اللطيف، شحب وجه الأميرة . شعرت ماريا إثيل وكأنها تريد أن تضحك بصوت عالي .

كم هي غبية هذه الأميرة، هل لم تتوقع حتى شيئًا كهذا عندما أوكلت لي المهمة ؟

" ما الذي تتحدثين عنه الآن … ؟! "

" هل تريدين مني أن أقول المزيد ؟ في الحقيقة، لم تكن سمو الأميرة هي …… "

تحول وجه الأميرة إلى اللون الأزرق الشاحب الآن . عندما صمت النبلاء في انتظار الكلمات التي توقفت عند ذروة الحديث، ابتسمت ماريا إثيل بلطف و همست للأميرة فقط :

" لذلك، لا تذكري اسم تلك الوضيعة أوليڤيا أمامي أبدًا."

نظرت ماريا إثيل إلى الأميرة التي كانت عيناها متسعتين، و ابتسمت بإشراق . كان وجه الأميرة غبيًا لدرجة أن الغضب الذي شعرت به ماريا للحظة بسبب ذكر أوليڤيا قد هدأ .

كانت تفكر في كيفية الحديث، ولكن يبدو أن الأميرة قد هيأت لها الفرصة المناسبة .

ابتسمت ماريا بوجه لطيف وهي تلمس بطنها .

" … فهذا ليس جيدًا للحمل."

ألقت كلماتها بصوت عالي كالقنبلة. اتسعت عيون النبلاء على الصوت الذي تردد تحت السقف المقبب .

حمل ؟

الأميرة لم تكن مختلفة .

ماذا تقول هذه المجنونة الآن ؟

" حمل ؟ عن ماذا تتحدثـ … "

" ولي العهد يدخل ! "

في تلك اللحظة، انفتح الباب على صوت الأبواق و دخل ولي العهد .

عندما دخل ليوبارد بوجهه الهادئ و رأى ماريا، تجمد وجهه، بينما ركضت ماريا إثيل نحوه بابتسامة مشرقة .

" ماذا تفعلين هنا ؟ "

" ليوبارد، ابتهج ! "

" …… "

" أنا حامل بحفيد الإمبراطور الثمين."

أثناء حديثها، فكرت ماريا في نفسها أنها غبية. لأن جزءًا من قلبها الذي لا يمكنها تغييره كان يأمل أن يفرح ليوبارد .

" هذا مستحيل."

لكن حتى مع النفي الفوري، لم يعد قلب ماريا إثيل يتألم بشدة. كان هناك دليل أقوى من الحب الزائف للرجل، في بطنها .

بل إن هذه هي اللحظة المناسبة … لحظة إثبات أنها حامل بحفيد الإمبراطور .

صرخت ماريا بانتصار : " أحضروا الطبيب الإمبراطوري، سأثبت ذلك … "

" ألم تفهمي ما قلته، أيتها الآنسة إثيل ؟ "

" … ماذا ؟ "

صوت بارد، و لقب أكثر برودة وضع حاجزًا بينهما . وكأنها كانت تعرف ذلك بعقلها فقط، لكن قلبها تألم من ذلك .

كان وجه ليوبارد خاليًا من التعابير. عيناه بلون البحر اللتان تنظران إليها كانتا عميقتين و باردتين كأعماق البحار. كانت تأمل أن لا تكون تلك الهالة التي تضغط على كتفيها هي نية قتل .

" حتى لو كنتِ حاملاً … "

تردد صوته المنخفض في قاعة الحفلات. على صوته البارد و المخيف، تراجعت ماريا إلى الخلف .

" هل أنتِ واثقة من أن ما في بطنك هو حقًا حفيد الإمبراطور الثمين ؟ "

" ليو … بارد … ! "

نادى صوتها الضعيف باسم حبيبها . عبس ليوبارد وكأنه منزعج. نظرت إليه بوجه متألم و متفاجئ .

" فأنا لم أعطكِ أي شيء."

هذه الكلمات التي سقطت منه وضعت حدًا فاصلاً لا رجعة فيه .

حبنا الذي تقاسمناه، المودة الغالية، العلاقة الدافئة و الحميمة، الليالي العميقة. و اللحظة التي تخلت فيها بقسوة عن والدها من أجله .

كل شيء تم إدانته، وكأنها مجرد امرأة فاسقة .

آه … شعرت بألم في بطنها . بينما كان أذناها تصمان، جلست ماريا على الأرض وهي تحتضن بطنها .

شعرت ببرودة أرضية قاعة الحفلات، لكن ليوبارد لم يرفعها، بل سار بسرعة نحو الدوق مادلين .

بدأت الحقيقة المرة تؤلمها .

الكلمات التي خرجت من فمه جعلتها في لحظة امرأة تنام مع أي رجل. فمع عدم وجود مستقبل وردي ولا حبيب محب، لم يتبقى لها سوى حفيد الإمبراطور في بطنها .

آه، أجل، حفيد الإمبراطور .

في تلك اللحظة، أحاطت يد على كتف ماريا مع رائحة جميلة .

" يا إلهي، أيتها الآنسة إثيل، قال الماركيز إثيل إنه سيتحمل مسؤولية خطئكِ، ليس عليكِ اختلاق كذبة أخرى، خاصة في وجود مبعوثين من دول أخرى."

لقد كانت الأميرة .

*

*

لمحت الأميرة المبعوثين من زاوية عينها .

كان جواسيسها يقومون بدورهم ببراعة، و ينشرون الأحاديث : " لقد تحمل الماركيز إثيل مسؤولية ما فعلته الآنسة إثيل في المرة السابقة … "

" إذا عرف الماركيز إثيل أن ابنته تفعل هذا هنا، فربما ينهار الماركيز هذه المرة … "

لقد شعرت بالرضا، وغمرتها نشوة لا تُضاهى . بعد أن كانت قد شعرت بالدوار عند سماع كلمة "حمل"، جاء رد فعل أخيها ليؤكد للمبعوثين أن ماريا إثيل امرأة مجنونة فقط .

ربّتت الأميرة على كتف ماريا إثيل كأنها تواسيها، ثم ساعدتها على الوقوف .

" على الرغم من كل شيء، ولأجل الأيام التي مضت بيننا، سأبذل قصارى جهدي لأضمن لكِ مكانًا في الدير، و إذا كان هناك حمل حقيقي، سأبحث لكِ عن دار أيتام موثوق بها … "

" عمّا تتحدثين يا سمو الأميرة ؟ في بطني حفيد إمبراطوري … ! "

" لو كنتِ تريدين إنجاب حفيد إمبراطوري، لكان عليكِ أن تكوني أكثر هدوءًا."

تلاشت كلماتها التي كانت تصرخ بها فجأة، و همست الأميرة بابتسامة حانية : " إذا انتشرت الشائعة بأن الطفل وُلد من رحمكِ، فماذا سيكون مصيره سوى أن يصبح طفل غير شرعي، وهو ما كنتِ تحتقرينه أكثر من أي شيء آخر ؟ "

ضحكت الأميرة بسخرية وهي تعانق كتف ماريا المرتعش. كانت البارونة سوفرون قد وصلت في هذه الأثناء نحوهما، و ساعدت ماريا على النهوض .

" حسنًا، ربما ستشعر تلك الأوليڤيا بالشفقة على وضعكِ، و تسمح له أن يكون تحت اسمها، ليُنسب الطفل للعائلة الإمبراطورية."

" … كيف يمكنكِ قول شيء كهذا … ؟ "

شهقت ماريا إثيل. طفل غير شرعي ؟ و يكون طفلها تحت اسم أوليڤيا ؟

كيف يمكنها قول شيء كهذا ؟

لكن الأميرة أضافت بابتسامة ساخرة : " لو كنتِ تريدين حفيدًا إمبراطوريًا، كان عليكِ ألا تأكلي أي طعام في القصر باستهتار."

في تلك اللحظة، لم تستطع ماريا التفكير في أي شيء. كانت حريصة على نفسها طوال لقاءاتها مع ليوبارد. كانت تأكل الأطعمة الجيدة فقط و تنام مبكرًا .

… لكنها تذكرت كيف كانت تُقدم لها مأدبة فاخرة في اليوم التالي لكل ليلة أمضتها في القصر .

هل يُعقل أن يكون …… ؟

" كيف تجرؤين على محاولة إنجاب حفيد إمبراطوري بدون أدنى قدر من الحذر ؟ "

" أوه ! "

" …… "

عبّست الأميرة و دفعَت ماريا. انتابت ماريا نوبة من الغثيان، و بدأت تتقيأ باستمرار. أمسكت بها البارونة سوفرون و طلبت من الحراس بسرعة أن ينقلوها .

" هنا، ساعدوها من فضلكم ! "

نظرت الأميرة إلى المشهد و استدارت بارتياح .

لقد اختارت هذه القاعة لتردد فيها أصداء الفوضى، لكن الشيء الوحيد الذي تردد كان صوت القيء . ورغم ذلك، لم يكن هذا المظهر المشين سيئًا على الإطلاق .

فقد رآه المبعوثون و نبلاء الإمبراطورية بوضوح … أنه لا توجد أي صلة بين عائلة الماركيز إثيل و العائلة الإمبراطورية. وهذا كان كافيًا لتثبت جدارتها أمام الإمبراطور .

*

*

كان هذا جحيمًا .

أظلم و أحقر قاع في الهاوية، حيث يذهب المذنبون .

" هذا مستحيل، أحضروا طبيب القصر، ففي بطني حفيد إمبراطوري … ! "

" كلمات سمو الأميرة صحيحة يا آنستي، لذا، من فضلك، تعالي من هنا … "

قاطعت البارونة سوفرون كلمات ماريا المتلعثمة . لمست ماريا بطنها بأطراف أصابعها.

ما كان يدعمها حتى الآن، تحول إلى غثيان و برودة شديدة. انقطع خيط الأمل الذي كانت متمسكة به.

ليوبارد الذي كان يجب أن يقف بجانبها، كان يقف بجوار الدوق مادلين. هذه المسافة بينهما التي لا يمكن سدها سحبت ماريا إلى الهاوية .

كانت على وشك أن تفقد وعيها .

من خلال بصرها الضبابي، سمعت صوت ضحك عالي … كانت الأميرة .

لماذا ؟ لماذا تدفعها الأميرة إلى هذا الجحيم و تضحك ؟ هل هي عدوتها ؟ رغم أنها هي المتسببة في كل شيء !

في نفس اللحظة، عاد إليها وعيها، و توجه غضب لا يطاق نحو الأميرة. وفي تلك اللحظة، دوّى صوت الأبواق و أعلن كبير الخدم بصوت عالي :

" جلالة الإمبراطور، و جلالة الإمبراطورة يدخلان ! "

" ما الذي يجعلكِ بهذه العظمة، يا سمو الأميرة ؟ "

كان صوتًا عاليًا جدًا لدرجة أنه طغى على صوت كبير الخدم .

قبل أن يتمكن النبلاء من رفع عيونهم للعثور على مصدر الفوضى، دفعت ماريا البارونة سوفرون بعنف و صرخت وكأنها تحتضر :

" فقط لأنكِ تحملين دمًا ثمينًا، فإنكِ تسلبين جهود الآخرين، رغم افتقاركِ للموهبة الحقيقية ! "

" تسلبين جهود الآخرين … تسلبين جهود الآخرين … جهود الآخرين … ! "

تردد الصراخ المحبوس في القبة المستديرة عدة مرات. نظرت الأميرة إلى ماريا إثيل بوجه شاحب، وكأن الدم قد سُحِب من جسدها .

" لقد عهدتِ إليّ بمأدبة الصيف، و رميتِ عليّ ميزانية قصر الأميرة، قائلة إن هذا واجب طبيعي لأكون بجانب ليوبارد ! "

كانت عيناها المحمرتان كعيون شيطان .

بوجه يائس، وكأنها ستقع في الجحيم معها، صرخت آخر كلماتها :

" قائلة أن هذا ما كانت تفعله أوليڤيا مادلين ! "

— الصورة التوضيحية : هـنـا .

****************************

3 تعليقات

  1. غير معرف31 أغسطس, 2025

    اول مره احب ماريا 😂😂❤️
    الاميره سوت سقوط حر 🤣🤣🤣🤣

    ردحذف
  2. غير معرف01 سبتمبر, 2025

    اول مرة ماريا تعمل شيء صحيح بحياتها 😂😂

    ردحذف
  3. غير معرف02 سبتمبر, 2025

    يسلموا على الترجمه 💙 ✨ بس ياريت ترجعوا النه بفصول يوميه 💫❤️ لان دتحمس وبعدها تغيبوا علينا 🥹😭😂💙

    ردحذف
إرسال تعليق
أحدث أقدم

اعلان