" نعم، سنذهب إلى السور الشمالي "
رفع الفرسان المرافقون رؤوسهم و توقفوا عن الأكل . ساد صمت قصير، و نظروا إلى بعضهم البعض في حيرة .
" عفواً ؟ ماذا تقصدين ؟ "
" كما سمعت، عليّ الذهاب إلى السور حالاً، فلتجهزوا أنفسكم "
تبادل بريدجر النظرات مع الفرسان . توترت سيرفيليا قليلاً، معتقدة أن بريدجر، قائد الحرس، سيعترض، فهو رجل مستقيم، معروف بقول الحق لسيده دون مجاملة .
" حسناً، سنرافقك إلى السور، يا أميرة "
لكن الأمور سارت بسهولة غير متوقعة، رفعت سيرفيليا حاجبيها وهي تنظر إلى بريدجر .
نظر إليها بوجه خالي من التعبير .
" بريدجر، هذا غير معتاد منك أن توافق بسهولة "
" لابد أن لسيدتي حكمة في ذلك، أنا فقط أتبع حكمتك العظيمة "
" ماذا … ؟ أميرة، السور خطير جدًا، لأي سبب تريدين الذهاب إلى هناك ؟ "
صرخ آرتشي بفزع و تعلق بذراع سيرفيليا .
" يا قائد، بماذا تفكر ؟ يجب أن تمنعها ! "
لكن بريدجر هز كتفيه فقط دون أن يجيب . قام من مكانه و بدأ في جمع متعلقاته .
" على الجميع الاستعداد."
بأمر من بريدجر، نهض إيستون و أكسي و جون و أوريس واحداً تلو الآخر . فقط آرتشي ظل ينظر حوله بعينين متسعتين و تعبير مصدوم .
" هل ستفعلون هذا حقًا ؟ أوريس، على الأقل عليك أن تمنعها ! "
بعد أن تخلصت سيرفيليا من آرتشي المتشبث بها، ربطت سيفها و عدلت ملابسها .
ارتدت الملابس التي أحضرها إيستون و عباءة سميكة . تعلق آرتشي بعباءتها رغم أنه كان يعرج .
" كلا، لا يمكنك الذهاب ! لا أريد ! إذا كنت ستذهبين، فأريد الذهاب معك "
" كيف ستتبعني بتلك الساق ؟ بريدجر وحده أكثر موثوقية من مائة شخص مثلك، فلا تتدخل "
" أنا فقط قلق عليك، أخشى أن تُصابي مرة أخرى …. "
في الواقع، سيرفيليا تعرف ذلك . تعرف لماذا يتمدد دائمًا على أريكتها، ولماذا ينام في الممر بدلاً من العودة إلى غرفته .
يبدو أنه تأثر كثيراً بحقيقة أن سيدته كانت بين الحياة و الموت بينما كان هو نائمًا مرتاحًا في غرفته . رغم أنها اعتبرته مساعداً صغيراً و غير كفء، إلا أن ولاءه لا يقل عن أي شخص آخر .
" آرتشي، أنا قلقة عليك أكثر، عد إلى القلعة و احصل على بعض الكعك من أوليفيا، سأعود سريعًا "
حتى عندما ذهب إلى العربة بين ذراعي أوريس، كان آرتشي يبكي و يثير ضجة .
" أميرة ! عليك العودة سريعاً ! وكوني حذرة ! "
لكن سيرفيليا لم تنظر إليه حتى، بل امتطت حصانها الأبيض بحركة واحدة بعد أن وضعت السرج .
" هيا "
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
بدت السماء ملبدة وكأن الرعد و البرق على وشك أن يضربا في أي لحظة .
ركب الفرسان بجانب سيرفيليا لحمايتها . وبعد فترة من الركوب، وصل موكب الأميرة إلى السور .
كان هناك علم أحمر يرفرف فوق السور يشير إلى الخطر . عندما وصلوا ببطء إلى البرج، وقف حارس البوابة في طريقها .
" أعلني عن هويتك و سبب زيارتك "
" أنا الأميرة سيرفيليا أبردين أميرة مملكة أستيريا، جئت لمضايقة … لا، أعني لأجد خطيبي لوسيان بيرنز "
عندها فقط تعرف حارس البوابة على سيرفيليا و انحنى بإحترام .
نزلت من على حصانها برشاقة، ثم ربتت برفق على أنف حصانها الأبيض الذي تعب من الركض حتى هنا .
"لماذا لا تفتح البوابة؟"
" سيدتي، هذا المكان خطير، من الأفضل أن تعودي الآن …. "
" إذا لم تفتح البوابة الآن، فحياتك ستكون في خطر أكبر "
قالت سيرفيليا بحدة، لكن حارس البوابة، رغم توتره الواضح، لم يُظهر أي نية للتراجع .
حتى رؤية الفرسان الحراس خلفها لم تخفه .
" سـ … سيدتي، إذا سمحت لك بالدخول، فسوف أقتل على يد الأرشيدوق "
" إذا كنت ستموت في كلتا الحالتين، فالأفضل أن تختار طاعة الشخص الأعلى مكانة "
هز حارس البوابة رأسه بذهول كما لو أنه اقتنع بكلامها، ثم تنحى جانباً . سلمت سيرفيليا حصانها له و صعدت الدرج الحلزوني .
أين يمكنها أن تجد الأرشيدوق ؟ بينما كانت تتجول وهي تفكر، صادفت فارسين .
"سيدتي الأميرة، ماذا تفعلين هنا؟"
اقترب منها فارس رأته من قبل في القلعة بعيون مندهشة . اسم الفارس ذو العيون البنية كان ….
" آه، تشوكو "
" أنا كونيس، يا سيدتي "
كتم الفارس الواقف بجانبه ضحكته. تجاهلت سيرفيليا ذلك و واصلت حديثها .
" حسنًا، تشوكو، أين الدوق بيرنز ؟ "
" الدوق خرج للدورية خلف السور، سيدتي، نحن في حالة طوارئ حالياً، وعلينا أن ندخل في حالة تأهب فورًا "
شعرت وكأن قلبها هوى إلى قدميها . فكرت سيرفيليا مليًا قبل أن تتحدث .
لم يكن هناك سوى حل واحد .
" حسناً، جيد، أريد الذهاب خلف السور، لذا من فضلك أرني الطريق "
تبادل كونيس و الفارس الآخر النظرات بتوتر .
" لا يمكن، حتى لو كنتِ الأميرة، لا يمكنك الذهاب خلف السور هكذا "
" أنا لست مجرد أميرة، سأصبح سيدة الشمال قريبًا، من يجرؤ على منعي من لقاء زوجي؟"
" مع ذلك لا يمكن، يا سيدتي، إذا حدث لك شيء، سنكون نحن المسؤولين "
" يبدو كما لو أنك تشكك في قدرات فرساني الحراس."
الوضع مختلف عن المرة السابقة حين سقطت وحيدة خلف السور . لا داعي للقلق الآن مع وجود أقوى فرسان القارة لحمايتها .
" لكنهم ليسوا متخصصين في قتل الوحوش، إنه خطير جداً "
احتج كونيس بشجاعة . غرقت سيرفيليا في التفكير أمام هذه المقاومة الأقوى من المتوقع.
' هل يجب أن أخبرهم أن الأرشيدوق في خطر ؟ لا، سيظنون أنني مجنونة إذا أخبرتهم أنني رأيت رؤية '
كانت تتصرف بجنون كافٍ بالفعل، فلا داعي لإضافة المزيد . قررت سيرفيليا استخدام أقوى سلاح لديها .
" انتباه "
إنه إساءة استخدام السلطة .
وقف الفارسان في وضع الاستعداد عند سماع صوتها الحازم .
" استرح ! "
وضعا ذراعيهما خلف ظهريهما، و بدأ العرق يتصبب من جبينيهما .
" لا يوجد هنا من هو أعلى رتبة مني."
سيرفيليا هي فارسة من أعلى مستوى وكانت نائبة قائد الفرسان الملكيين . هذان الاثنان مجرد فرسان عاديين على أحسن تقدير . لو كانوا في فرقة الفرسان الملكيين، لما تجرأوا على الدوس على ظلها .
" ولا يوجد من يملك سلطة أكبر مني هنا."
عندما تحدثت سيرفيليا بجدية دون ابتسامة، ساد الصمت المكان كما لو أن ماءً بارداً سُكب عليهم .
" انتهى وقت المزاح، افتحا البوابة "
أخيراً، استسلم كونيس و أخرج المفتاح من جيبه متردداً .
" وأخيرًا، فهمت ذلك "
" اتبعوني "
تبعت سيرفيليا و حراسها كونيس نزولاً على الدرج . استعادوا الخيول التي تركوها مع حارس البوابة، ثم توجهوا نحو البوابة الرئيسية للسور .
أثناء سيرهم في الممر الطويل، تردد كونيس عدة مرات قبل أن يتحدث .
" سأذهب معك أيضًا يا سيدتي "
نظرت إليه سيرفيليا بفظاظة. كان معها خمسة من أفضل الفرسان الحراس . لم تكن بحاجة إلى مساعدة تشوكو .
" لا تتدخل في ما لا يعنيك يا تشوكو، ألا تعرف أن المتدخل دائمًا هو أول من يموت ؟ "
عندما فكرت في الأمر، بدا أنها هي نفسها أكثر شخص يتدخل هنا . يبدو أن كونيس فكر بنفس الطريقة حيث تردد ولم يجب .
شعرت بالحرج و أضافت :
" أنا لن أموت لأنني البطلة "
" لكن البطلات عادةً ما يمتن "
تمتم كونيس بصوت منخفض .
" أنا لست ' بطلة '، أنا ' بطل ' لذلك سأكون بخير "
بعد عبور بابين ثقيلين، وقفوا أمام أصغر باب . تردد كونيس مرة أخرى و تحقق من الأميرة :
" هذا هو الباب الأخير، يا أميرة "
" افتحه."
أدار كونيس المفتاح وكأنه استسلم لكل شيء. فُتح الباب الثقيل مع صرير معدني .
هبت رياح الشمال الباردة بقوة، و انتشر التوتر في جسدها كله.
" سيدتي، فقط أخبرينا لماذا تريدين الذهاب "
سأل كونيس بتعبير يائس .
كانت تتفهم قلقه، لكنها لم تعرف كيف تشرح مخاوفها و قلقها .
كيف يمكنها أن تقنعهم بأنها سمعت صرخة الدوق بيرنز ؟
في النهاية، نطقت بتلك الجملة السحرية التي تحفز كل الفرسان و تشعل حماسهم :
" لإنقاذ الأميرة "
****************************
الفصل : ٤٧
هزت الرياح العاتية الغابة الكثيفة .
كان صوت حفيف أوراق الشجر في مهب الريح و الصرخات الغريبة التي يتردد صداها من بعيد، يضفي جوًا موحشًا .
شعرت سيرفيليا بقلق أكبر مما توقعت، فبلعت ريقها .
' هل سأموت أولاً ؟ '
لكن حتى لو ندمت، كان الوقت قد فات . لقد تصرفت بمظهر رائع، ولم يكن هناك مجال للتراجع .
في النهاية، قادت حصانها ببطء نحو المناظر الغريبة و الخطيرة . لحسن الحظ، لم يكن الحصان خائفًا و امتثل لتعليماتها .
" تحقق من الخريطة، يا بريدجر "
فتح بريدجر الخريطة التي قدمها كونيس، و تأكد من المكان الذي يقوم لوسيان بدوريات فيه.
" قال أنه ذهب بدوريات في الغابة السوداء … لذا، يجب أن نذهب في هذا الاتجاه."
" أرى الغابة السوداء هناك."
اتبعت سيرفيليا بريدجر بينما كانت تقود حصانها .
بدأت الشمس تغرب شيئًا فشيئًا . كان عليها العثور على لوسيان قبل أن يحل الظلام بالكامل .
" أميرة، هل حدث شيء للأرشيدوق بيرنز ؟ "
سأل أوريس الذي كان يتبعهم، بصوت مليء بالفضول . فكرت سيرفيليا للحظة ثم قررت أنه ليس من الضروري إخبارهم بأمور غير مهمة .
" لا يوجد شيء، أنا فقط أريد أن أقضي بعض الوقت مع الدوق "
" لا أوصي بمكان مثل هذا كموعد "
أضاف بريدجر وهو ينظر إلى جثة وحش متعفنة ملقاة على الأرض .
كان يراقب بحدّة حوله ليحميها، مما جعل سيرفيليا تشعر بالأمان أكثر من أي وقت مضى . لم يكن مهمًا أنها كانت وراء الحاجز، فخمسة رجال موثوقين كانوا يحرسونها .
" أنت تعرف، لدي ذوق خاص، إنه مثير و ممتع "
وسرعان ما دخلت المجموعة الغابة السوداء . بينما كانت تسير في الغابة الرطبة، لم تستطع سيرفيليا أن تخفف من توترها .
كانت تشعر أن وحشًا قد يظهر من أي مكان، أو أنها قد تجد جثة لوسيان .
" هناك شيء ما، يا أميرة "
نزلت المجموعة من خيولهم و شقوا طريقهم ببطء إلى مساحة واسعة .
وقفت سيرفيليا في وسط المكان تحت حماية بريدجر . كان ضوء القمر الضعيف يتسلل إلى المساحة الخالية المحاطة بالأشجار الكثيفة .
شعرت سيرفيليا بشيء من القلق .
" ماذا تقصد بوجود شيء هنا ؟ "
فجأة، شعرت بشيء حاد يقترب من خلفها، مما جعلها تشعر بالبرودة .
استدارت سيرفيليا بسرعة، ولكنها سقطت على الأرض بسبب شعور قوي بالحرقة في جانبها .
انفجر الدم من جانبها كالشلال، نهضت بسرعة فلم يكن لديها الوقت لتصدر أنينًا .
" ما هذا …. ؟! "
ظنت أن عينيها تخدعانها . كانوا فرسانها يوجهون سيوفهم نحوها .
" يجب أن أسمع تفسيرًا "
سحبت سيرفيليا سيفها بشكل تلقائي من خصرها .
' آآه '
بدأت يدي اليمنى تتخدر مرة أخرى، لقد ظهرت الأعراض في أسوأ لحظة ممكنة، مما جعل الوضع أكثر سوءًا .
كانوا الفرسان يدورون حولها، مهددين إياها. حاولت سيرفيليا أن تتحرك بسرعة لتجنب أن تكون محاصرة، لكنها كانت وحدها مقابل خمسة .
" لو كنتِ قد بقيت هادئة، لما كان هناك حاجة للتفسير "
قال بريدجر وهو يضحك بطريقة غير معتادة . لم تستطع سيرفيليا تصديق الوضع الذي كانت تواجهه .
كان إيستون، أكسي، جون، أوريس، وقائد الحرس بريدجر، بالنسبة لها، كانوا فرسانًا مخلصين و أصدقاء أعزاء .
انفجر الدم من جرحها في جانبها، و لطخ زي الفارس الأبيض النقي باللون الأحمر، لكن حتى الشعور بالألم كان ترفًا في تلك اللحظة .
" قائد، ماذا يجب أن نفعل ؟ "
" اترك الأمر لي "
بدون تردد، وجه بريدجر سيفه نحوها . تردد صدى الصوت المعدني الحاد لسيفين يلتقيان في الغابة الهادئة .
حاولت سيرفيليا كسب الوقت وسرعان ما أطلقت كلمات عشوائية .
" هل تعتقد أنك ستتمكن من هزيمتي باستخدام فنون السيف التي تعلمتها مني؟"
" لم أتعلم منك فقط "
تباعد الشخصان بعد أن اصطدم سيفاهما بقوة، و راقب كل منهما الآخر لبعض الوقت .
" توجيه سيفك نحوي هو بمثابة توجيه سيفك نحو العائلة الملكية، هل يمكنك تحمل ذلك؟"
ضحك بريدجر بضحكة مرعبة عند سماعه تلك الكلمات .
لقد عرفت سيرفيليا بريدجر لفترة طويلة، لكن هذه كانت المرة الأولى التي تراه فيها يضحك بهذه الطريقة …. لا، لم تكن تعلم أنه رجل يستطيع الضحك ….
" هذا يكفي من الشفقة، جون، إيستون ! امسكوا بها ! "
بأمر من بريدجر، اندفع الاثنان نحوها دون تردد. حاولت سيرفيليا أن تتفادى للجانب لكن أكسي كان هناك .
امسكتها ذراعه الكبيرة و القوية، فلم تستطع الحركة . بينما كانت سيرفيليا تتخبط، صفعها إيستون بقوة على خدها .
في تلك اللحظة شعرت برأسها يدور .
" ألا يمكنك فهم ما يحدث ؟ ابقي هادئة "
غطى إيستون رأس سيرفيليا بقطعة قماش سوداء . حاولت المقاومة، لكن قوة قبضتهم كانت شديدة جدًا، ومع عدم قدرتها على الرؤية، شعرت بالقلق يتسلل إليها .
ما هو نوع هذا الوضع، وأين بدأ الخطأ ؟
حاولت سيرفيليا المقاومة، لكن مع السيطرة على أطرافها، كان الأمر صعبًا .
" آآآه ! "
فجأة، فقدت أذرع أكسي قوتها، و سقطت سيرفيليا على الأرض دون أن تعرف ما يحدث .
في نفس الوقت الذي صرخ فيه الفرسان، رن الضجيج المعدني لاشتباك السيوف .
زحفت سيرفيليا على ركبتيها لتفادي الأذى، و عندما سحبت القماش عن رأسها، ظهر مشهد غير متوقع على الإطلاق .
" …. الأرشيدوق ؟ "
كان لوسيان يقاتل وحده ضد خمسة فرسان .
ركل إيستون بساقه القوية، مما أدى إلى دفعه بعيدًا . اصطدم إيستون بجذع شجرة و سقط فاقدًا للوعي .
استولت سيرفيليا على سيف إيستون و اندفعت نحو لوسيان .
" أرشيدوق ! "
"أميرة، هل أنت بخير؟"
تراجع الاثنان معًا في وضع قتالي .
" آه، يبدو أن الأمور تتفاقم."
تمتم بريدجر وهو يخدش رأسه، ثم أعطى إشارة للفرسان .
" سأعتني بالأميرة، وعليكم أن تتعاملوا مع الدوق."
" هل يمكننا قتله ؟ "
سأل أكسي بسخرية .
" لا يهم "
عندما قال ذلك، اندفع ثلاثة فرسان نحو لوسيان، بينما وجه بريدجر سيفه نحو سيرفيليا وحده .
" تدعون بأنكم فرسان، بينما الفرسان لا يهاجمون بهذه الطريقة المخزية "
" أعتقد أنك علمتني أن أفعل كل ما يلزم للفوز ؟ "
لم يكن لديها ما تقوله . في الواقع، كانت قد علمتهم أن الأولوية الأولى هي الضربة الأولى، و الثانية هي الهجوم الجماعي .
" لقد علمتك بهذه الطريقة دون أن أعرف أنك لقيط "
بريدجر كان مصممًا على استهداف نقاط سيرفيليا الضعيفة . مع إصابتها، أصبحت حركتها بطيئة، مما جعل من الصعب عليها تجنب سيفه . ومع اقتراب الليل، أصبح من الصعب رؤية ما حولها .
" آآآه ! "
استغل بريدجر لحظة ضعفها بسبب الألم، و قطع سيفه كاحلها . كما لو أن الوتر قد قطع، سقطت على الأرض بقوة.
" استسلمي، الهروب من هنا لن يحل أي شيء "
كانت سيرفيليا في حيرة من أمرها بشأن ما يجب فعله .
آه، ماذا قالت معلمتي ؟
تذكرت سيرفيليا ما قالته السير ليا روثوايلد دائمًا .
" سيرفيليا، أنت فقط تفعلين ما تفكرين فيه "
نعم، لا داعي للتفكير كثيرًا …
أغمضت سيرفيليا عينيها. شعرت بوجود شخص يقترب منها، كانت أصوات الأحذية الخشنة تدوس على العشب .
أمسكت سيرفيليا بالسيف الحاد بيدها العارية، ثم ألقت قطعة القماش السوداء على وجه بريدجر .
سال الدم من يدها، لكن لم يكن هناك وقت للألم .
في اللحظة التي كان فيها مشوشًا بسبب الرؤية المحجوبة، وجهت ضربة قوية إلى وجهه، ثم ركلته مما أدى إلى سقوطه أرضًا .
عندما سقط، صعدت سيرفيليا على صدره، ثم وضعت السيف على حلقه .
" كـح ! "
" أخبرني من الذي حرضك على فعل ذلك، إذا كنت لا تريد أن ينقسم رأسك إلى نصفين "
كانت تضغط السيف بشكل متزايد كتهديد، لكنها لم تكن قادرة حقًا على إيذائه .
" إنها أوامر سيدي "
متى أصبح لبريدجر سيد غيري ؟
مرت أمام عينيها ذكريات الأيام التي أقسم فيها بريدجر الولاء لها، و بذل كل ما في وسعه لحمايتها .
" ماذا ؟ يبدو أنك نسيت الوعد الذي قطعته لي، إنها ليست حتى بضعة أسطر "
تجمدت تعابير بريدجر، و تمتم بشيء غير مفهوم، ثم نظر إليها مباشرة و تحدث :
" أقسم أمام النور و الفوضى و الظلام، أن إرادة سيدي هي إرادتي، و أنفاس سيدي هي أنفاسي "
نعم، كان هذا هو القسم … وثقت سيرفيليا في قسمهم، ولم تشك قط في ولائهم .
" هل من الممكن، أنه منذ البداية …. ؟ "
ظهرت ابتسامة جنونية على وجه بريدجر، ثم وسع عينيه بحماس، كما لو أنه عاش كل هذا الوقت ليقول هذه الكلمات .
" سيدي هو فقط ذلك الشخص "
" تبًا، كنت أعتقد أنكم في جانبي "
عند سماع ذلك، بدأ بريدجر يضحك حتى كاد يختنق .
****************************