الفصل ٦ : ‏Do Your Best to Regret


معنى الزهور


غادر الرجل الطريق الضيق و دخل حديقة الفصول الأربعة .

الرجل الذي كان ينظر حوله وكأنه جاء إلى هنا للمرة الأولى، وجد شخصًا ما و ركض إليه بسرعة .

ركض إلى رجل ذو شعر بني يرتدي زيًا فارسيًا مميزًا، فقد بدت الزخارف الرائعة و الدانتيل الملون على الزي وكأنه شيء تراه في مسرحية لكن الرجل عانق الرجل ذو الشعر البني كما لو كان يشير إلى أن ما قاله كان صحيحًا بأنه أتى مع فارسه .

ارتفعت إبتسامة باهتة و أختفت من وجه أوليڤيا أثناء مشاهدته .

" سالي دعينا نذهب الآن "

" نعم آنستي "

عادت أوليڤيا من الطريق التي جاءت منها، و أستمرت سالي في الثرثرة حول مظهر الرجل كما لو كان قد أثارإعجابها .

" بالتفكير في الأمر، ذلك الرجل لم يكشف حتى عن اسمه، قال فقط أنه سيقدم لك هدية ثمينة "

" لا بأس، فنحن لن نرى بعضنا مرة أخرى على أي حال "

" مع ذلك من يدري، إذا التقينا مرة أخرى فقد يجلب لك هدية ثمينة حقًا "

تألق شعر أوليڤيا الفضي بشكل جميل مع ضوء الشمس الساطع .

حدقوا بها المارة في الطريق وهم يرمشون بغير تصديق .

من هذه التي تمتلك هذا الشعر اللامع الجميل ؟

وجه أبيض جميل بشكل مبهر بجو غريب يلفت الأنظار كلما نظرت إليه أكثر، بالإضافة إلى الشعر الفضي و العيون الخضراء وهما من السمات المميزة لعائلة مادلين …. !

اتسعت عيون أولئك الذين تعرفوا على أوليڤيا .

سارت أوليڤيا برشاقة، وكانت النظرات المتدفقة متباينة، العيون الباردة و الحادة التي تنخز مثل الإبر و عيون فضولية .

" …. تلك الآنسة هي … تلك الأميرة ؟ "

كانت هناك نظرات قذرة تفحصني .

أعتقدت أنني أعتدت على ذلك، أميرة نبيلة و خطيبة ولي العهد التي وعدت بمنصب ولية العهد .

شخص كان على لوح التقطيع لعدة سنوات في نفس الوقت، هذه أنا أوليڤيا مادلين .

نظرت أوليڤيا إلى ضوء الشمس الحارق .

أعتقد أنني يجب أن أذهب إلى المكتبة في المرة القادمة .

.
.

تحركت عربة مادلين ببطء .

الأشخاص الذين كانوا ينظرون إلى العربة و يتحدثون من وراء ظهرها حتى النهاية تفرقوا بشكل طبيعي .

وقف الرجلان في زقاق حديقة الفصول الأربعة التي عادت إلى الحيوية .

قام وينستر كالتر بزيه المصنوع من الدانتيل بإعادة شعره البني إلى الخلف بعنف و نظر إلى ملابسه .

الدانتيل لزي فارس !

نظر وينستر إلى الجانب بعيون مستاءة لكن بدلاً من الإشارة إليه كالعادة بأن نظراته كانت غير محترمة، كان سيده يحدق فقط في العربة التي كانت تتحرك بعيدًا .

عند رؤية هذا التعبير، صُدم وينستر و نسي الشكوى من زي الفارس .

يا إلهي، إذا لم أرى الأمر بشكل خاطئ، فإن التعبير على وجه سيدي كان شوقًا … يا له من شوق للمنتصر في ساحة المعركة، سيد الشمال الذي لا يرحم الأرشيدوق إدوين لويل ڤيكاندر الذي فاز في كل حرب شارك فيها !

لقد مر أكثر من خمس سنوات منذ أن كنا في ساحة المعركة معًا، لكنها المرة الأولى التي أرى فيها الأرشيدوق يظهر مثل هذا التعبير .

كيف يمكن لشخص لا يرحم لدرجة أن يطلق عليه قاتل بدم بارد، أن يكون له مثل هذا التعبير الحزين ؟

كما أنه كان موجهًا إلى ابنة دوق مادلين، رئيس فصيل الإمبراطور الذي يكرهه كثيرًا .

شعرت بالقشعريرة في العمود الفقري ثم قال وينستر بحذر .

" سموك، هل تعرف أي شخص آخر في عائلة مادلين ؟ "

لم يقل الأرشيدوق شيئًا، و هز وينستر رأسه .

لقد مر بالفعل 10 سنوات منذ أن تدحرج صاحب السمو الأرشيدوق في ساحة المعركة بسبب ذلك الإمبراطور اللعين .

كان من الواضح أنه لن يكون على اتصال بالأميرة مادلين التي نشأت في العاصمة .

أتساءل عما إذا كان ذلك من خلال نائب القائد جايد مادلين الابن الثاني لعائلة مادلين، في ساحة المعركة .

هز وينستر رأسه، كانت فكرة سخيفة حتى وينستر كان مدركًا جيدًا لجايد مادلين المتهور الذي تجاهل أوامر التراجع واندفع إلى الأمام .

إنه لمن السخف أن يقدمه إلى أخته الصغرى عندما يتجاهل أوامر الأرشيدوق في كل مرة .

كانت قدرته جيدة جدًا لكن مزاجه الناري لا يمكن أن ينكسر إلا أمام الأرشيدوق .

لولا أنه من فرسان القصر الإمبراطوري لكنت طردته منذ فترة طويلة .

صر وينستر على أسنانه ثم ارتدى الأرشيدوق رداءه الجديد و استدار قليلاً نحو وينستر .

لمحت خط الفك الأبيض الحاد تحت الرداء .

" …. وينستر "

سمع صوت الرجل المنخفض و الأنيق، عند سماع الصوت القوي الذي بدا وكأنه يضغط على شخص ما، قام وينستر بتعديل وضعيته بشكل لا إرادي .

" نعم "

" …. لا أريد الذهاب إلى القصر الإمبراطوري "

" ماذا ؟ "

" حتى لو ذهبت فإنهم سيتحدثون فقط عن هراء حول القسم أو حلف اليمين، لماذا لا يموت الإمبراطور فقط ؟ "

" لاا ، سيدي !!! "

عندما اشتكى الرجل بصوت واضح، ارتجف وينستر وصرخ بشكل لا إرادي .

نظر عدد قليل من المارة إلى وينستر عند الضوضاء العالية لكن ما كان يهم وينستر لم يكن أعين الآخرين، كان قلبه ينبض بقوة لدرجة أنه شعر وكأنه على وشك أن يخرج من صدره .

يا إلهي، لا أصدق أنه يقول ذلك عن الإمبراطور في هذا المكان المزدحم بالناس .

تحدث الدوق الأكبر بصوت منخفض دون تردد .

" هذا فظ وينستر، كيف تقاطع كلمات سيدك الشاب و الصراخ بصوت عالٍ لدرجة أن الآخرين حدقوا بنا، إذا رأت بيثاني هذا ستصاب بالصدمة و سترفع حاجبيها "

هز الدوق الأكبر رأسه و شعر وينستر بالظلم .

" سيدي من فضلك اعتني بي ولو قليلاً، هذا المكان ليس معسكرًا أو الدوقية، قد يكون الأمر على ما يرام لكبيرالخدم أو لشخص غير عادي لكنني شخص عادي جدًا "

" شخص عادي ؟ حتى عندما تشرب ؟ "

عند هذه الكلمات، هز وينستر رأسه .

كلما أشرب الكحول، آخذ زمام المبادرة في لعن الإمبراطور .

" لست أنا فقط، حتى رئيس الطهاة يفعل ذلك أيضًا "

هاه … شخر الأرشيدوق بسخرية ثم غير وينستر موقفه بسرعة .

" .… بالتفكير في الأمر، ألم تقل أنك لا تريد الذهاب ؟ "

" لكن ليس بقدر ما كان من قبل "

قال وينستر بوجه حازم  " بالتأكيد، ألسنا جميعًا جاهزين الآن ؟ ما مدى قوة الأرشيدوق ؟ طالما أنك ستستعيد منجم الكريستال الأبيض الخاص بالدوقة الكبرى الراحلة، فستفعل كل شيء كما يحلو لك "

ظهر وجه الأرشيدوق المبتسم تحت رداءه، بينما كان وينستر الذي كان يواجهه، سعيدًا بالتفكير في الدوق الأكبر الذي ازدهر بعد أيام صعبة .

نظر الدوق الأكبر إلى المكان الذي أختفت فيه العربة مرة أخرى .

كان هناك ترقب في عيونه الحمراء، وكأنه واعد للقاء مرة أخرى قريبًا .

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

" أخيرًا وصلتي آنستي "

" هاه، هل حدث شيء مميز أثناء ذهابي ؟ "

بناء على كلمات أوليڤيا، تحدث كبير الخدم كما لو كان ينتظر .

" نعم، منذ فترة وجيزة وصلت الزهور و البطاقة من القصر الإمبراطوري، و كالعادة وضعته في غرفتك "

" شكرًا لك "

هل يمكن أن يكون ذلك لأنها رأته مع ماريا إثيل في وقت سابق ؟

" هل أرسل لك سمو ولي العهد الزهور اليوم ؟ هل طلبتي العودة مبكرًا بسبب الزهور ! "

ابتسمت سالي وصعدت على الدرج بسرعة وفتحت الباب .

عند دخول الغرفة، كان الأمر كما قال كبير الخدم، كانت هناك باقة من الزهور على المنضدة .

على عكس الباقات الملونة المعتادة، كانت الزهور اليوم عبارة عن زهور أرجوانية صغيرة .

ثم تحدثت سالي بدهشة  " تلك الزهور …. "

أومأت أوليڤيا برأسها كما لو كانت على حق .

كانت نفس الزهور التي تلقيتها مع رسالة من ذلك الفارس في صندوق البريد قبل عام .

كيف حصلت على نفس الزهور هكذا ؟

رفعت أوليڤيا باقة الزهور، داخل الباقة كانت هناك بطاقة .

ما الذي كتبه اليوم ؟

كما هو الحال دائمًا، يجب أن يكون تفسيرًا للوضع الذي حدث اليوم .

اتسعت عيون أوليڤيا التي كانت تحاول جاهدة كبت توقعاتها بعد أن فتحت البطاقة .

- سيكون من الجميل أن تعرف الأميرة معنى هذه الزهرة، سأكتبها لك في حالة عدم معرفتك، معنى هذه الزهرة هي  " في النهاية قلبي سيذهب إليك "  أتطلع إلى يوم الاثنين المقبل .

يبدو أن العبارة المكتوبة على البطاقة مسموعة بنبرة ليوبارد .

كانت هذه هي المرة الأولى، بطاقة ليوبارد التي تحاول تحرير ذهني وليس عذراً ليوم لم يستطع الحضور فيه .

عندما قرأت البطاقة عدة مرات، ذابت الكتلة الصلبة مثل الثلج .

و أستمرت زوايا فمها بالارتفاع و انحنت عيناها مثل الهلال .

— الصورة : هنا

تحدثت سالي وهي تحاول إغاظتها .

" ماذا أرسل لك اليوم، لماذا وجه الآنسة ملون بالورود ؟ "

كان وجهي في المرآة الذي ألقيت نظرة خاطفة عليه محمرًا حقًا .

ابتسمت أوليڤيا بسعادة .

" سموه علمني معنى الزهور "

" معنى الزهور ؟ معنى هذه الزهور هي  " سأرسل لك انتصاري "  أليس كذلك ؟ "

قالت سالي تتلعثم بينما كانت تحاول تذكر ذلك .

قرأت أوليڤيا ذات مرة معنى الزهور المكتوبة في خطاب الفارس .

ضحكت أوليڤيا بدلاً من الإجابة .

يبدو أن هذه الزهرة الأرجوانية لها معنى مختلف عما كنت أعرفه بالأصل، معنى الزهور التي قالها ليوبارد هي  " في النهاية قلبي سيذهب إليك "  كانت مؤثرة أيضًا .

حسنًا، هذا هو ليوبارد الذي كنت أعرفه، شخص لطيف أنقذني عندما كنت في مشكلة في ذلك اليوم و رجل يهتم بمعاني الزهور و يقوم بإرسال الزهور لي أيضًا .

وضعت أوليڤيا أنفها على الباقة، كانت هناك رائحة خافتة من الزهور .

و لأن مزاجها تحسن قامت أوليڤيا بإعطاءه أسبابًا لأفعاله التي جعلتها تشعر بالضيق .

لابد أن هناك سبب ما جعل ليوبارد لا يحضر لموعدنا و ذهب مع ماريا إثيل، لابد أنه لا يزال غاضبًا لأنه أضطر إلى الانفصال عن حبيبته، أو ربما بسبب أن قلبه لا يزال يتألم وليس مستعدًا بعد ليحبني، عندما يصبح مستعدًا سيحبني ليوبارد لأنني ما زلت أحاول بذل قصارى جهدي للقيام بذلك .

أوليڤيا التي كانت تواسي نفسها فتحت درج المكتب، كانت هناك ست بطاقات ظاهرة في الدرج .

وضعت أوليڤيا بطاقة جديدة عليهم، بالنظر إلى البطاقات المكدسة تذكرت المواعيد التي لم يحضر إليها لكن أوليڤيا بذلت قصارى جهدها لتجاهل ذلك .

نظرت إلى الباقة مرة أخرى و حاولت تجاهل الوحدة التي لم تهدئها الزهور و البطاقات .

المواعيد الماضية ليست مهمة، القلب الذي يعتني بي هكذا هو المهم .

يومًا ما سيكون كل شيء على ما يرام إذا بذلت قصارى جهدي، فسوف ينظر لي ليوبارد يومًا ما .

ابتسمت أوليڤيا بتكلف ولمست الزهرة .

قالت سالي التي كانت تنظر إليها بسعادة .

" بالمناسبة يا آنستي يقولون أن العشاء جاهز، ستذهبين على الفور، أليس كذلك ؟ "

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

بالعادة كان هناك ثلاثة أشخاص فقط يتناولون العشاء في قصر الدوق مادلين .

كونراد و أوليڤيا و إيسيلا .

إيسيلا التي كانت تأكل السلطة بوجه متجعد، وضعت شوكتها في النهاية .

" أخي لقد أنتهيت حقًا من تناول الطعام "

" لم تأكلي حتى النصف بعد ؟ "

نظر كونراد إلى طبق إيسيلا، وسرعان ما تظاهرت إيسيلا بأكل مقبلات شريحة اللحم والتي بدت وكأنها لم تلمسها .

" لقد أكلت كل شيء حقًا، في الأصل يجب أن تأكل هذه الكمية فقط عندما تستعد للظهور في المجتمع لأول مرة "

" …. وصلت رسالة من جايد عند الفجر، ألا تريدين رؤيتها ؟ "

اتسعت عيون إيسيلا عند سماع كلمات كونراد التي بدت وكأنها تحذير .

ابتسم كونراد و نظر إلى طبق إيسيلا ثم بدأت إيسيلا تأكل على عجل شريحة لحم السلمون الذي بالكاد لمسته .

" أخي شريحة لحم اليوم لذيذة حقًا، لذا هل ستعطيني الرسالة ؟ "

أبتسم كونراد بمودة من تمثيلها الأخرق و أومأ برأسه .

بمجرد أن تلقت إجابة محددة، نظرت إيسيلا إلى كونراد بطريقة لم تجعلها مكروهة .

" جديًا، أنت أيضًا يا أخي، لقد كنا ننتظر طويلاً لنسمع أخبار شقيقي جايد ! صحيح يا أختي ؟ "

أومأت أوليڤيا برأسها دون وعي للكلمات المفاجئة ثم عبس كونراد .

كان الوقت قد فات لكن لم يكن بيدي حيلة .

لقد مر وقت طويل منذ أن سمعت من جايد، جايد مادلين نائب رئيس فرسان القصر الإمبراطوري الثالث .

لم ترى جايد الفارس العظيم منذ عام ونصف، عندما تطوع للقتال ضد هڤرتي و غادر إلى الحدود الجنوبية .

يعود الفرسان الآخرين في إجازة في بعض الأوقات لكن جايد يرسل أخباره فقط من خلال الرسائل .

أتساءل هل قام بإرسال رسالة لي هذه المرة ؟

قالت أوليڤيا وهي تهدئ قلبها المرتعش .

" المعذرة يا أخي، هل يمكنني الحصول على الرسالة أيضًا ؟ "

" …. لا أعلم، هل كان هناك رسالة منفصلة لتستلميها ؟ "

" ماذا ؟ "

شعرت أوليڤيا بطريقة ما بأنها مضطرة إلى حبس أنفاسها من الكلمات القاسية .

انحنت عيون كونراد كما لو كان يمزح، ومع ذلك كانت عيونه المنحنية باردة .

" لسوء الحظ، ليس هناك رسالة لك "

" …… يبدو أنه مشغول للغاية "

أجابت أوليڤيا دون تردد، و ارتفع أحد حاجبي كونراد بشكل حاد لكن لا بأس بهذا .

بدأت إيسيلا التي كانت تدحرج عينيها في الجو المحرج، تغضب .

" آه كلا ! سأتحدث إليه عندما يأتي، لن يفلت بفعلته هذه إلا إذا كان قد آذى يده، هل فهمتم ؟ "

بطبيعة الحال، لم يجب أحد ثم غيرت إيسيلا الموضوع على عجل .

" بالمناسبة يا أختي ! من فضلك أخبريني عن ظهورك الأول في المجتمع، لابد أن ظهورك الأول كان مثاليًا ! "

ظهوري الأول في المجتمع ….

ضحكت أوليڤيا داخليًا .

سيكون من الأنسب أن أقول إن حفل ظهوري الأول كان في حالة فوضى .

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان