أريد أن أعرف عن هذا الرجل .
أغمضت آرني عينيها ببطء و فتحتهما .
من خلال ضوء الشمس المتدفق يمكنها أن ترى كاسيان يقترب منها ببطء .
' إنه هادئ …. '
جميع الكائنات الحية لها حضور مميز، من صوت يمكن لأي شخص التعرف عليه من خلال الشعور بالحركة و صوت الخطوات و حتى صوت التنفس .
لم يكن هناك شخص حي في هذا العالم لم يكن له وجود .
فقد كانت تشعر بوجود كريڤ الذي يقوم بتلميع نيڤرمور، وفي الردهة في الطابق الأول يمكنها الشعور بحضور مارتي و إيريكا وفي الطابق الثاني يمكنها الشعور بحضور جورج و راشالوس، كانت تشعر بحضورهم دون أن تحاول حتى .
ومع ذلك، كان كاسيان مختلفًا عنهم .
" آرني ؟ "
لماذا هذا الرجل هادئ جداً ؟
نظرت إليه آرني، كان يقف أمامها لذلك كانت تعلم بوجوده لكنها لم تكن متأكدة من وجوده .
إنه غامض و هادئ لدرجة أنها تدرك وجوده بشكل متأخر دائمًا .
فجأة، تبادرت إلى ذهنها الكلمات التي تبادلتها مع كريڤ .
" بالنسبة للدوق الأكبر، في بعض الأحيان لا أشعر بأنه شخص حي "
" كلا، أيجب أن أقول أنه لا يمتلك الوجود الذي يمتلكه الشخص الحي …. ؟ "
قال كريڤ أيضًا أنه كان من الصعب الشعور بوجود كاسيان لكن آرني فهمت أخيرًا ما كان يقصده .
مدت آرني يدها و وضعتها على صدر كاسيان .
— نبضات .
شعرت بقلبه ينبض بإنتظام .
' إنه على قيد الحياة '
تفاجأ كاسيان من حركتها المفاجئة لكنه لم يوقف أفعالها .
شعرت آرني بهدوء بوجود كاسيان .
كانت تحاول الشعور بوجوده فقط لكنها لاحظت الكثير من الأشياء عنه .
كان من المؤكد أن كاسيان يستخدم السيف، كان الموقف المنضبط الفريد لأولئك الذين تعلموا إستخدام السيف متأصلاً في أجسادهم .
لم أره أبدًا يستخدم سيفًا لذلك لا يمكنني أن أعلم تمامًا إلى أي مدى وصل إليه لكنه لم يتعلمه أبدًا من خلال الدروس البسيطة .
' لهذا السبب هو معتاد على محو وجوده '
لم تكن آرني من النوع الذي يخفي حضوره عن عمد .
يتعرف الوحش على الوحوش الأخرى، وفي بعض الأحيان يمكن تجنب المعارك غير الضرورية من خلال الشعور بالحضور فقط .
في وقت القتال تمحو وجودها ولكن في الحياة اليومية تكون مثل الشخص العادي .
لكن كان من الصعب الشعور بوجود كاسيان .
كانت طريقته لمحو وجوده مشابهة لتلك التي يستخدمها القاتل .
ومع ذلك، كان من السهل تحديد مكان القاتل بسبب عداءه اللحظي لكن كاسيان لم يكن كذلك .
دائمًا ما يكون هادئًا مثل شخص غير موجود .
' هل هناك سبب لإضطراره لمحو وجوده حتى في حياته اليومية ؟ '
إذا كان يعيش على هذا النحو، فسيكون متعبًا أكثر … فجأة، تذكرت كلمات الماركيزة جيانا .
فقد كاسيان والديه و نشأ وحيدًا في القلعة، كان الطفل الذي قيل أنه نشأ بهدوء وهو يحبس أنفاسه شخصية لا يمكن العثور عليها في كاسيان اللطيف و المشرق اليوم .
هل يمكن أن هذه الأشياء هي التي أثرت عليه ؟
كان الجواب غير معروف .
ومع ذلك، أستطاعت تخيل طفولة كاسيان في ذهنها .
" آرني هل يعجبك وجهي بما يكفي للتحديق فيه لفترة طويلة ؟ "
سألها كاسيان بتعبير ضاحك عندما أطالت آرني النظر إليه دون أن تقول أي شيء .
سأل هذا السؤال لمضايقة آرني .
بالعادة كنت سأجيب بالنفي لكن ….
" نعم، أنت وسيم جداً "
عندما أجابته بهدوء، وسع كاسيان عينيه بدهشة .
وسرعان ما بدأ بالضحك، بدا الأمر أكثر متعة .
" إذن علي أن أعتز بوجهي لأن آرني تحبه "
" فلتفعل ذلك، فقد أدركت لأول مرة أنني أحب الوجوه البشرية بعد أن رأيت وجهك "
جوابها الصادق جعل كاسيان أكثر سعادة لكنها شعرت بشيء غريب .
كان كاسيان يضحك لكن لماذا لم تشعر بأنه سعيد ؟
عندما أدركت آرني أن حالته كانت مختلفة عن المعتاد، شعرت بنبضة في قلبها الذي كان غير مبالٍ بالأشخاص من حولها كما لو كان مخمورًا بالكحول فقط يعيش وفقًا للتيار .
' أريد أن أعرف '
اليوم هو اليوم الذي سيقام فيه الحفل في القصر الإمبراطوري .
كانت غرفة ملابس آرني ممتلئة اليوم أيضًا، وذلك بفضل استعداد الجميع لإختيار فستان لها .
كانت آرني ترتدي الفستان التي أختارته الدوقة المتحمسة بريلهيت و المربية إيڤا ثم راقبتهما وهما يتناقشان عن نوع الأحذية و الإكسسوارات التي عليها ارتداؤها .
- [ لا يا إيڤا فكري في الأمر، ألن يكون الياقوت الذي يتناقض مع عيون آرني أفضل ؟ ]
" الياقوت رائع لكنني أعتقد أن هذا الألماس سيكون جيدًا أيضًا "
- [ الألماس جيد ! لكن يجب أن يكون هناك شيء أفضل … هذا صحيح، قلادة اللهب القرمزي تلك ستبدو رائعة أيضًا ]
" قلادة اللهب القرمزي جيدة ! إذن ماذا عن روبي ؟ "
توضيح : حجر الياقوت روبي هو أحد الأحجار الكريمة التي يتدرج لونها من اللون الوردي حتى اللون الأحمر الدموي، وهو جوهرة مرغوبة للغاية بسبب صلابتها و متانتها و بريقها و ندرتها و كلمة روبي أتت من كلمة ruber باللاتينية والتي تعني اللون الأحمر، والذي يكتسبه الحجر بفعل عنصر الكروم .
- [ لكن … لماذا أشعر أن هناك شيء ما مفقود ]
بغض النظر عن المجوهرات التي سترتديها، في النهاية سترتديها فقط لبضع ساعات لكن آرني لم تستطع فهم الشخصين المتحمسين .
بعد ذلك، فُتحت غرفة الملابس و دخل كاسيان .
" هل أنت جاهزة ؟ "
بدلاً من الإجابة، أشارت آرني إلى الجانب الآخر .
استقبلت الدوقة بريلهيت في الكرة السحرية كاسيان بحرارة .
- [ كيااا ! أليس هذا صهرنا ! الشخص الذي يلمع، إنه يلمع حقًا ! ]
" شكرًا لك و أنت أيضًا حماتي تبدين جميلة جدًا اليوم "
- [ هوهوهو، أعلم أنها مجاملة لكن من الجيد حقًا سماع ذلك، صهري هل هناك أي شيء تريده ؟ هل تريدني أن أفعل شيئًا من أجلك ؟ ]
" هاها، لا "
- [ ماذا تعني بلا ~ إذا أراد صهري شيئًا ما، فعليك أن تقوله فقط، قلها فقط ! أيضًا أنتشرت الشائعات بالفعل عن مكانة صهري وكم أنت شخص عظيم لذلك يرغبن صديقاتي برؤيتك، هوهوهو، عندما تأتي إلى الإمبراطورية الغربية في يوم ما، سأقيم حفلة كبيرة و أتفاخر بصهري …. ]
أندفعت آرني بسرعة إلى الكرة السحرية بسبب والدتها .
وبعد أن انطفأ الضوء من الكرة السحرية، نظر كاسيان إلى آرني التي سرعان ما أعتذرت إليه .
" آسفة "
" ليس عليكِ أن تكوني آسفة "
شعرت آرني بالأسف تجاه كاسيان كلما يحدث هذا لكن كاسيان وجد حقًا أن الدوقة بريلهيت ممتعة .
و كان من المثير للإهتمام أنها كانت مشابهة للماركيزة جيانا .
إضافة إلى ذلك، أليس من الأفضل بكثير أن يكون صهرًا تريد التباهي به بدلاً من صهر تريد إخفاءه ؟
" لا، أنا آسفة حقًا، أيضًا ليس عليك أن تتفاعل مع تعليقات والدتي السخيفة "
ضحك كاسيان لأن آرني كانت جادة للغاية .
إنها تبدو لطيفة وهي تحاول بشكل يائس حمايته من والدتها .
" تبدو عائلتك منسجمة للغاية "
" هل يبدو الأمر هكذا ؟ "
" نعم و يبدو أنك تتمتعين بعلاقة جيدة بشكل خاص مع والديك "
" ليس هناك سبب لعدم إعجابي بهما، أليس كذلك ؟ فهما من قاما بتربيتي "
" لم أرى أبدًا شخصًا يتعامل بشكل جيد مع والديه "
حقًا ؟
حاولت آرني دحض ذلك لكنها سرعان ما قطبت حاجبيها .
عندما فكرت في الأمر، كان هناك عدد قليل من العائلات التي تربط بين الوالدين و الأطفال علاقة جيدة .
فقد كانت هناك عائلة أرستقراطية عادية تقوم بتربية جميع بناتها كوسيلة للزواج السياسي و الأبن الأكبر كوريث لهم و إرسال الأبناء الثلاثة أو أقل إلى ساحة المعركة .
" أيضًا اتصلت بي حماتي بشكل منفصل و طلبت مني مرارًا و تكرارًا أن أهتم بك "
صُدمت آرني .
" أمي مصدر إزعاج حقًا …… "
" كلا ليست مزعجة، هذا طبيعي لأن ابنتها التي نشأت جيدًا قد غادرت بعيدًا، بدلاً من ذلك، لقد أستمتعت حقًا "
لم تكن كلمات فارغة من باب الأدب لقد كان صادقًا، و للحظة أصبحت آرني عاجزة عن الكلام .
هل أستمتع بذلك …. ؟
" أخبرتني بما تحبينه وما تكرهينه "
" هذه الأشياء عديمة الفائدة …. "
" ماذا تعنين بعديمة الفائدة، كانت هذه هي أكثر الأشياء التي كنت أرغب في معرفتها "
بعيون متلألئة، رفع كاسيان يد آرني و وضعها على خده .
" حماتي علمتني بلطف ماذا أفعل عندما تغضبين "
" …. ماذا أخبرتك أن تفعل ؟ "
" إنه سر "
" …… "
عبست آرني من إجابته و ضحك كاسيان الذي نجح في مضايقتها و عندما انزعجت آرني وحاولت سحب يدها، لف كاسيان يده حول خصرها و عانقها .
قام كاسيان الذي عانقها بسهولة بين ذراعيه، بدفن وجهه في عنقها .
" لقد أخبرتني أن أفعل هذا "
ترددت آرني التي كانت تحاول دفع كاسيان .
عانقها كاسيان بشدة ثم أخذ نفساً عميقاً و أبتعد قليلاً .
" أخبرتني أنه إذا عانقتك بهذه الطريقة قبل أن تنفجري و أخبرتك أنني آسف جدًا، فسوف أنقذ حياتي، والدتك ممتعة حقًا "
" …… "
نظرت آرني إلى كاسيان المبتسم و أنزعجت من والدتها لإخباره بشيء غريب .
أنا لا أكون عادةً هكذا لكن عندما تحدث كاسيان عن والدتي شعرت ببعض الغرابة …. هل يعجبه ذلك لأنه لم يشعر أبدًا بالعاطفة العائلية ؟
سواء كان ذلك صحيحاً أم لا، لقد شعرت بالحزن قليلاً لسبب ما .
مدت يدها و ربتت على رأس كاسيان .
" لقد نشأت بشكل جيد "
" …… ؟ "
كان كاسيان في حيرة من أمره لكن آرني لم تعبر عن أفكارها .
بدا أنه يتمتع بتقدير قوي للذات لذلك لن يعجبه إذا أخبرته بأنها تتعاطف معه .
— تربيت، تربيت .
ربتت آرني على شعره الممشط بدقة و أبتسم كاسيان الذي كان ثابتًا في مكانه ثم خفض رأسه ليسهل عليها التربيت .
لماذا يريد هذا الرجل بحق خالق الجحيم أن أستمر بفعل هذا ؟
بمجرد أن توقفت آرني، ركضت مارتي خادمة الشرف فجأة بصدمة .
" عليكما الذهاب إلى حفل القصر الإمبراطوري قريبًا لكن ماذا تفعلين ؟ "
بينما كانت مارتي مصدومة من شعر كاسيان المبعثر، تراجعت آرني بخجل .
كان على وشك أن يتم سحبه لإصلاح شعره لكن يبدو أن كاسيان لم يهتم كثيراً .
و قبل أن يُجر بعيدًا، أخرج شيئًا ما .
" إنها هدية "
" هذا …… ؟ "
ما أخرجه كاسيان كان خاتمًا صغيرًا .
أبتسم كاسيان الذي وضع الخاتم مباشرة على إصبعها الطويل و الرقيق .
" إنه شيء أستخدمته من قبل و أعتقد أنه أعجبك كثيرًا "
بمجرد أن لمست جوهرة الخاتم اللامعة، تغير لون شعر آرني .
عندما أدركت هذا نظرت إلى كاسيان الذي أومأ برأسه .
" سبب تغير لون شعرك في كل مرة رأيتك فيها في الإمبراطورية الغربية …. "
" نعم، إنه بفضل هذه الأداة "
حدقت آرني بالخاتم بفضول .
تعمقت إبتسامة كاسيان عندما نظر إلى آرني التي أحبت ذلك كطفلة .
" ستكون الحفلة في القصر الإمبراطوري اليوم صاخبة بعض الشيء "
" نعم ؟ لماذا ؟ "
أبتسم كاسيان إبتسامة ذات مغزى .
ضيقت آرني عينيها لأنه بدا غير راغب في الإجابة لكنه ما زال يبتسم فقط .
بعد التحديق فيه لفترة، خف تعبير آرني فحتى مع شعره المبعثر لا يزال يبدو وسيمًا …
أدركت آرني لماذا لا تزال قوة الجمال تعمل بشكل جيد .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
كان حفل القصر الإمبراطوري الذي أقيم اليوم مختلفًا عن الحفلة التي حضرتها من قبل .
الشيء الأكثر اختلافًا هو أنه لم يكن كل من في الحفلة يعرف سبب إقامة حفلة اليوم .
" هاها، ألا يعرف الكونت شيلدرنج السبب ؟ في الحقيقة لقد فوجئت أيضًا بالدعوة المفاجئة "
" هذا نادر، حتى الفيكونت لا يعرف لماذا أيضًا ؟ "
" أليست الحفلات التي تقام بهذه الطريقة تكون أفضل ؟ "
" مهما كان السبب نحن نستمتع جميعًا برؤية بعضنا البعض هكذا "
" هذا صحيح، هاهاها "
مهما كان السبب كانوا الأرستقراطيين مهتمين فقط بالتركيز على بناء الصداقات قدر إستطاعتهم .
آرني بالطبع كانت بعيدة عن هذه الأجواء بسبب شخص واحد وهو الأمير إدوارد .
' هذا الوغد، إنه يفعل ذلك مرة أخرى '
بمجرد أن رآها إدوارد الذي حضر الحفلة قام بمطاردتها مرة أخرى و بدأ في التحدث إليها .
قام كاسيان بمساعدتي في إبعاده لكن إذا كنت وحدي كنت سأفكر في كيفية ضرب مؤخرة عنقه ليفقد وعيه لفترة طويلة .
على أي حال، بناءً على سلوك الشخص الذي يُدعى ولي العهد لن تجد قمامة أسوأ منه .
كان إدوارد لا يزال يحدق بآرني التي كانت تحاول تجنب نظره بيأس .
" أهذا الشخص هو الرجل الزاني من ذلك الوقت ؟ "
" نعم، إنه هذا الشخص "
كريڤ الذي تبعها بصفته فارسًا مرافقًا نقر على لسانه عندما رأى الشخص الذي أدلى بهذه المقولة السخيفة بأن " الزواج سياسي أما الحب زنى "
" يبدو طبيعيًا من الخارج لكن …… "
أومأت آرني متفقة مع كلمات كريڤ .
' على أي حال، أعتقدت أنني سأتمكن من رؤية وجه الإمبراطور اليوم … '
عبست آرني عندما نظرت إلى الكرسي الفارغ .
كان من المفترض أن يحضر الإمبراطور لكن كان من المدهش أن تغيب الإمبراطورة أيضًا .
هل يمكن أن تكون قد وضعت تحت المراقبة بسبب الحادث الأخير ؟
الأفكار بشأن الإمبراطورة لم تدم طويلاً، فقد وقعت نظراتها على كاسيان .
كان مشهد كاسيان الذي كان محاطًا بالناس غير مألوف .
في تلك اللحظة، همس كريڤ في أذن آرني .
" قائدتي هل حدث شيء ما اليوم ؟ "
إنه رجل كالشبح، نظرت آرني إلى كريڤ و أجابت .
" لدي شيء لأقلق بشأنه "
" هل أنتِ قلقة ؟ "
" أوه "
" ما الذي يقلقك ؟ "
إنه ليس شيئًا أود قوله بسهولة لكن في الحقيقة شعرت أنني أريد إخبار شخص ما .
بشكل غير متوقع، فتحت آرني فمها بطاعة .
" هناك شيء أريد أن أعرفه عن شخص ما …. "
" إيه ؟ إذا كنت تريدين أن تعرفي يمكنك معرفة ذلك فقط، أليس كذلك ؟ "
" لكن لا يمكنني تحمل المسؤولية إذا عرفت ذلك، فأنا متأكدة من أنه سيزعجني فقط، وما يقلقني أكثر هو …. "
" ما أكثر ما يقلقك ؟ "
" …. هل يمكنني أن أهتم ؟ "
تفاجأ كريڤ من كلمات آرني المنخفضة .
****************************