" آه ، السقف "
" ارجوك إتبعيني، من هذا الطريق "
أمسكت آنا بسرعة بيد يلينا وسحبتها بعيدًا .
أخذت يلينا إلى المطبخ و حفرت في التراب تحت الفرن .
ولدهشة يلينا، ظهر باب خشبي يتجه إلى الطابق السفلي .
" إدخلي، ارجوك "
فتحت يلينا الباب بسرعة ونزلت عبر السلم .
لكنها بعد ذلك نظرت إلى الأعلى .
آنا لم تتحرك .
" آنا، تعالي معي "
" لن أذهب "
" إيه ؟ لما لا ؟ "
ماذا تعني ؟
" لا تخبريني، لأن القبو ضيق ؟ "
نظرت يلينا إلى الأسفل .
لم تفحص المكان بشكل دقيق ولكن مساحة الطابق السفلي كانت مرئية بدرجة كافية .
ضحكت آنا بصوت خافت و قالت :
" نحن بحاجة إلى شخص ليقوم بتكديس التراب مرة أخرى و إخفاء المدخل، سيكون عديم الفائدة إذا تم العثور عليك "
" لكن هانز يستطيع … "
ألا يعني ذلك إهمال شخص واحد ؟
عندما فكرت يلينا بذلك، قالت آنا :
" نحن زوجين "
" …. "
" لا نستطيع أن نولد في هذا العالم في نفس اليوم و الوقت، ولكن يجب أن نغادر معًا على الأقل "
" آنـ "
في ذلك الوقت، عندما كانت يلينا على وشك أن تناديها بآنا، سمعوا ضوضاء عالية لم يعد بإمكانهم تجاهلها بعد الآن .
" آنا ! "
أغلقت آنا الباب .
انخفضت الضوضاء قليلاً بعد إغلاق الباب الخشبي .
قليلاً فقط .
كان لايزال بإمكانها سماع صوت تحطم السقف بالكامل، و أصوات أشياء تتهشم و تتحطم .
يبدو أنه في بعض الأحيان اختلطت صرخات غريبة مع بكاء .
مع تيبس جسدها بسبب الخوف، أجبرت يلينا جسدها على التحرك ثم انزلقت قدميها عندما كانت تنزل من على السلم .
" … ارغغ ! "
سقطت يلينا من السلم عندما كانت على بعد خطوات قليلة فقط، فصرت على أسنانها .
على الرغم من أنها شعرت بألم شديد في كاحلها نظرًا لإحتمال تعرضه للإلتواء عندما سقطت، لم تستطع إصدار صوت .
كان القبو مظلمًا .
امسكت يلينا بالجدار بيديها المرتعشتين لتحمل نفسها وتصل إلى زاوية القبو .
ثم أسندت ظهرها على الزاوية و تكورت على نفسها .
أثناء قيامها بذلك، استمرت الأصوات المرعبة في الطابق العلوي بالإرتفاع .
جمعت يلينا ركبتيها ودفنت رأسها بينهما .
لم تستطع رؤية أي شيء بشكل جيد لأن القبو كان مظلم على أي حال، لكنها فعلت ذلك بشكل غريزي .
كان جسدها كله يرتجف مثل ورقة الشجر .
' أمي '
ما تذكرته يلينا أولاً كان وجه والدتها الراحلة .
عندما كانت على قيد الحياة، كانت الكونتيسة دائمًا دافئة و لطيفة مع يلينا .
لهذا السبب عندما توفيت والدتها، حبست يلينا نفسها في غرفتها لمدة أسبوع وبكت لدرجة الإرهاق .
' أبي '
التالي كان والدها .
لم تحب يلينا والدها الذي كانت عيونه فقط على عمله، ولكن كانت هناك بعض النقاط التي أحبتها فيه .
بعد أن فقد زوجته بسبب المرض، لم يتزوج الكونت سورت مرة أخرى .
لقد مرت أكثر من عشر سنوات على وفاة زوجته، ولكن كلما أتى عيد ميلادها أو ذكرى وفاتها، كان لا يزال يذهب إلى قبرها مع بعض الزهور في يده ويتحدث معها .
على الأقل أحبت يلينا هذا الجانب من والدها .
' أوني ، أوبا '
كانوا أوني و أوبا في ذكريات يلينا يتشاجران دائمًا كلما رأوا بعضهم البعض .
على الرغم من أنهم لم يكونوا كذلك عندما كانوا صغارًا، بدا الأمر كما لو أنهم كبروا، و بدأوا في رؤية بعضهم البعض كمنافسين .
من ناحية أخرى، كانوا دائمًا لطيفين مع يلينا، التي لا يمكن أن تكون منافستهم .
كان شقيقها لديه شخصية سيئة، لذلك كان يقول أحيانًا أشياء مزعجة، ومع ذلك، للتعويض عن كل ذلك، كان يشتري الفساتين و القبعات و الأحذية ليعطيها يلينا .
كذلك كانت أختها .
من حين لآخر، كانت تأخذ يلينا للتنزه لتغير من روتينها و تزينها من رأسها إلى أخمص قدميها بالمجوهرات البراقة .
" هوو …. "
قامت يلينا بإمساك دموعها بكل قوتها .
عائلتها المحبوبة، أصدقائها، طعامها اللذيذ، الجرو الذي رأته مؤخرًا في الشارع و اعتقدت أنه لطيف .
حاولت أن تملأ رأسها بأفكار مبهجة و ذكريات سعيدة .
لأنها اعتقدت إذا لم تفعل ذلك، فسوف يسيطر الرعب و الخوف على رأسها .
تساءلت كم مضى من الوقت وهي على هذا النحو .
عندما استيقظت يلينا المنهكة من سباتها القصير، كان قد ساد الهدوء بالخارج .
" ….. "
انتظرت يلينا لفترة قبل أن تقف في النهاية .
في نفس الوقت، شعرت بألم حاد من إلتواء كاحلها الأيسر .
بالكاد استطاعت يلينا أن تمسك صراخها عندما تعثرت و أمسكت بالسلم .
كان جسدها كله، وليس فقط كاحلها المصاب، يصرخ من الألم بسبب بقائها في مساحة ضيقة لفترة طويلة .
صعدت السلم خطوة بخطوة .
أخيرًا، لمست يدها الباب .
دفعت الباب بكل قوتها مستخدمة ذراعيها الضعيفتين و عندما انفتح، سطع الضوء من خلاله .
زحفت يلينا من تحت الفرن قبل أن تستقيم .
أخيرًا، خرجت من المطبخ، عندها أطلقت صرخة بدت و كأنها خرجت من بطنها .
" آآآآآه …. "
كان البار في حالة فوضى .
السقف المنهار .
الأثاث المدمر هنا و هناك .
و … الجثث .
" آآه ، آآآهه "
يمكنها أن تجد هانز و آنا بدون صعوبة كبيرة .
كلاهما كانا مستلقيين على بركة من الدم بينما كانا يمسكان يد بعضهما البعض بإحكام .
كانوا على قيد الحياة و يتحدثون معها منذ لحظات قليلة .
أعطتها آنا الماء الدافئ .
كما أعطتها بطانية و لفتها بها .
" … ارغغ ! اووغغ ! "
انحنت يلينا على الطاولة و اغلقت فمها .
ومع ذلك، فقد ذاقت فقط حمض المعدة في فمها، ولم يخرج شيء .
عندها أدركت يلينا .
أنها لم تأكل أي شيء طوال اليوم .
صرير
في ذلك الوقت، سمعت صوتًا جعل شعرها يقف .
رفعت يلينا رأسها ببطء .
كان الوحش الذي طوله يصل إلى خصرها، والذي مزق معدة خادمتها بمخالبه، يحدق في يلينا .
فتحت فمها .
" …. ها ها ها ها "
ضحكة خافتة هربت من فمها، وكأنها مصابة بالجنون .
كانت تعلم أنه لا ينبغي لها إصدار صوت، لكنها لم تستطع السيطرة على نفسها .
" اها ها ، هاهاهاها "
ضحكت يلينا عندما بدأت الدموع تنهمر .
قفز الوحش على يلينا ودخل مخالبه في قلبها .
" آآآآآآآآههه ! "
صرخت يلينا وهي تنهض من السرير فجأة .
ركضت خادمة يلينا الخاصة، التي كانت تقيم في الغرفة المجاورة لها، إلى غرفتها بتفاجئ .
" آنستي الشابة "
أضاءت الغرفة المظلمة .
نظرت يلينا بأيدٍ مرتجفة، إلى الشخص الذي كان يتحدث معها .
" ميري "
" نعم، آنستي الشابة، أنا ميري، ما الخطب ؟ "
" أين … أين هذا ؟ "
" إنها غرفة نومك بالطبع "
غرفة نوم .
اخفضت يلينا بصرها وفحصت جسدها .
شعرها الفضي الفضفاض و النظيف الذي لم يكن متشابكًا أو متسخًا على الإطلاق .
جسدها، حي و ناعم دون أي أثر للإصابة في أي مكان .
لمست يلينا دون وعي كاحلها الأيسر و المنطقة حول قلبها .
قالت ميري بهدوء، وكأنها تقنع يلينا .
" يبدو أنك حظيت بكابوس للتو "
' كابوس '
نعم، لقد كان كابوسًا .
لابد أن هذا كابوس .
نظرت خارج النافذة .
كان لايزال مظلم بالخارج .
ترددت يلينا عندما أمسكت بيد ميري .
" … إبقي معي حتى أنام "
" بالتأكيد "
دخلت ميري هذا المنزل في وقت مبكر، لذلك كانت تخدم يلينا منذ أن كانت صغيرة .
نظرًا لأنهما لم يكونا متباعدين في العمر، كانت مثل الأخت الكبرى ليلينا .
جعلت يلينا تستلقي على سريرها وداعبة جبينها بلطف .
تحت اللمسة الدافئة و الناعمة، شعرت يلينا بالأمان .
لم تكن تعرف متى حدث ذلك، لكن جسدها المرتعش هدأ .
تنفست يلينا بهدوء، وسقطت مرة أخرى في سبات .
* * * * * *
في اليوم التالي، في اللحظة التي فتحت فيها عينيها، فكرت يلينا .
' لم يكن حلمًا '
كانت متأكدة من ذلك .
الشيء الذي حدث الليلة الماضية لم يكن حلمًا .
لقد رأت المستقبل حقًا وعادت .
' ولكن كيف ؟ '
على الرغم من أنها كانت متأكدة من ذلك في ذهنها، إلا أنها تفتقر إلى الكلمات لشرح الموقف .
منذ ان استيقظت، تخطت يلينا وجبة الإفطار وقضت وقتها في التحرك ذهابًا و إيابًا في غرفتها .
وأثناء قيامها بذلك، طلبت خادمًا .
" نعم، آنستي الشابة "
" جدلي شخصًا "
الشخص الذي وصفته يلينا للخادم هو السيدة العجوز التي كانت تتسول في الشوارع أمس .
أرسلت يلينا أيضًا الفارس و الخادمة التي تعرف وجه السيدة العجوز .
بعد لحظات عاد الخادم الذي ذهب للبحث عنها .
" آنستي الشابة "
" هل وجدتها ؟ "
" آه، وجدناها، ولكن … "
التعبير على وجه الخادم يشير إلى أنه كان في مأزق .
عندما فكرت في مايمكن أن يحدث، عبست يلينا .
" هل هي بالفعل شخص مات منذ فترة ؟ "
" لا ، ليس هذا … "
" ثم ؟ "
" السيدة العجوز صرحت أنها لن تخطو خطوة خارج مكانها على الإطلاق "
" ماذا ؟ "
" كنا بصدد إحضارها إلى المنزل، لكن السيدة العجوز كانت عنيدة حقًا … "
قامت يلينا بتقويم جسدها .
وهنا فكرت أنه كان شيئًا خطيرًا .
" لنذهب "
" عذرًا ؟ "
" قلت، لنذهب إلى السيدة العجوز، ارني الطريق "
ارتدت ردائها التي اعتادت إرتدائه عند الخروج، وخرجت من الغرفة بخطوات خفيفة .
لم يستطع الخادم إخفاء نظرته المضطربة عندما كانا يتجهان نحو السيدة العجوز .
لم يشعر بالإرتياح لرؤية الآنسة التي يخدمها تتحرك من تلقاء نفسها فقط لمقابلة سيدة عجوز متسولة .
' حسنًا، من يهتم '
لقد تجاهلت يلينا مشاعره الواضحة .
هي كانت بعجلة من امرها .
لم يكن لديها وقت تضيعه للحفاظ على كرامتها .
عندما نظرت إلى خارج نافذة العربة، تصلب تعبير يلينا .
' أنا بحاجة لمقابلة السيدة العجوز، لاتوجد طريقة أخرى '
تذكرت يلينا يوم أمس .
كان طبيعيًا .
كان من الطبيعي أنها لم تجد أي شيء في غير محله .
بإستثناء شيء واحد .
عندما قامت بعمل الخير، بإعطاء الخبز و الحساء لسيدة عجوز تتسول في الشوارع .
* * * * * * *