الفصل 3 و 4 : ‏I’ll Be The Warrior’s Mother


مع شحوب وجه يلينا، قال هانز بيأس .

" آه ، السقف "

" ارجوك إتبعيني، من هذا الطريق "

أمسكت آنا بسرعة بيد يلينا وسحبتها بعيدًا .

أخذت يلينا إلى المطبخ و حفرت في التراب تحت الفرن .

ولدهشة يلينا، ظهر باب خشبي يتجه إلى الطابق السفلي .

" إدخلي، ارجوك "

فتحت يلينا الباب بسرعة ونزلت عبر السلم .

لكنها بعد ذلك نظرت إلى الأعلى .

آنا لم تتحرك .

" آنا، تعالي معي "

" لن أذهب "

" إيه ؟ لما لا ؟ "

ماذا تعني ؟

" لا تخبريني، لأن القبو ضيق ؟ "

نظرت يلينا إلى الأسفل .

لم تفحص المكان بشكل دقيق ولكن مساحة الطابق السفلي كانت مرئية بدرجة كافية .

ضحكت آنا بصوت خافت و قالت :

" نحن بحاجة إلى شخص ليقوم بتكديس التراب مرة أخرى و إخفاء المدخل، سيكون عديم الفائدة إذا تم العثور عليك "

" لكن هانز يستطيع … "

ألا يعني ذلك إهمال شخص واحد ؟

عندما فكرت يلينا بذلك، قالت آنا :

" نحن زوجين "

" …. "

" لا نستطيع أن نولد في هذا العالم في نفس اليوم و الوقت، ولكن يجب أن نغادر معًا على الأقل "

" آنـ "

في ذلك الوقت، عندما كانت يلينا على وشك أن تناديها بآنا، سمعوا ضوضاء عالية لم يعد بإمكانهم تجاهلها بعد الآن .

" آنا ! "

أغلقت آنا الباب .

انخفضت الضوضاء قليلاً بعد إغلاق الباب الخشبي .

قليلاً فقط .

كان لايزال بإمكانها سماع صوت تحطم السقف بالكامل، و أصوات أشياء تتهشم و تتحطم .

يبدو أنه في بعض الأحيان اختلطت صرخات غريبة مع بكاء .

مع تيبس جسدها بسبب الخوف، أجبرت يلينا جسدها على التحرك ثم انزلقت قدميها عندما كانت تنزل من على السلم .

" … ارغغ ! "

سقطت يلينا من السلم عندما كانت على بعد خطوات قليلة فقط، فصرت على أسنانها .

على الرغم من أنها شعرت بألم شديد في كاحلها نظرًا لإحتمال تعرضه للإلتواء عندما سقطت، لم تستطع إصدار صوت .

كان القبو مظلمًا .

امسكت يلينا بالجدار بيديها المرتعشتين لتحمل نفسها وتصل إلى زاوية القبو .

ثم أسندت ظهرها على الزاوية و تكورت على نفسها .

أثناء قيامها بذلك، استمرت الأصوات المرعبة في الطابق العلوي بالإرتفاع .

جمعت يلينا ركبتيها ودفنت رأسها بينهما .

لم تستطع رؤية أي شيء بشكل جيد لأن القبو كان مظلم على أي حال، لكنها فعلت ذلك بشكل غريزي .

كان جسدها كله يرتجف مثل ورقة الشجر .

' أمي '

ما تذكرته يلينا أولاً كان وجه والدتها الراحلة .

عندما كانت على قيد الحياة، كانت الكونتيسة دائمًا دافئة و لطيفة مع يلينا .

لهذا السبب عندما توفيت والدتها، حبست يلينا نفسها في غرفتها لمدة أسبوع وبكت لدرجة الإرهاق .

' أبي '

التالي كان والدها .

لم تحب يلينا والدها الذي كانت عيونه فقط على عمله، ولكن كانت هناك بعض النقاط التي أحبتها فيه .

بعد أن فقد زوجته بسبب المرض، لم يتزوج الكونت سورت مرة أخرى .

لقد مرت أكثر من عشر سنوات على وفاة زوجته، ولكن كلما أتى عيد ميلادها أو ذكرى وفاتها، كان لا يزال يذهب إلى قبرها مع بعض الزهور في يده ويتحدث معها .

على الأقل أحبت يلينا هذا الجانب من والدها .

' أوني ، أوبا '

كانوا أوني و أوبا في ذكريات يلينا يتشاجران دائمًا كلما رأوا بعضهم البعض .

على الرغم من أنهم لم يكونوا كذلك عندما كانوا صغارًا، بدا الأمر كما لو أنهم كبروا، و بدأوا في رؤية بعضهم البعض كمنافسين .

من ناحية أخرى، كانوا دائمًا لطيفين مع يلينا، التي لا يمكن أن تكون منافستهم .

كان شقيقها لديه شخصية سيئة، لذلك كان يقول أحيانًا أشياء مزعجة، ومع ذلك، للتعويض عن كل ذلك، كان يشتري الفساتين و القبعات و الأحذية ليعطيها يلينا .

كذلك كانت أختها .

من حين لآخر، كانت تأخذ يلينا للتنزه لتغير من روتينها و تزينها من رأسها إلى أخمص قدميها بالمجوهرات البراقة .

" هوو …. "

قامت يلينا بإمساك دموعها بكل قوتها .

عائلتها المحبوبة، أصدقائها، طعامها اللذيذ، الجرو الذي رأته مؤخرًا في الشارع و اعتقدت أنه لطيف .

حاولت أن تملأ رأسها بأفكار مبهجة و ذكريات سعيدة .

لأنها اعتقدت إذا لم تفعل ذلك، فسوف يسيطر الرعب و الخوف على رأسها .

تساءلت كم مضى من الوقت وهي على هذا النحو .

عندما استيقظت يلينا المنهكة من سباتها القصير، كان قد ساد الهدوء بالخارج .

" ….. "

انتظرت يلينا لفترة قبل أن تقف في النهاية .

في نفس الوقت، شعرت بألم حاد من إلتواء كاحلها الأيسر .

بالكاد استطاعت يلينا أن تمسك صراخها عندما تعثرت و أمسكت بالسلم .

كان جسدها كله، وليس فقط كاحلها المصاب، يصرخ من الألم بسبب بقائها في مساحة ضيقة لفترة طويلة .

صعدت السلم خطوة بخطوة .

أخيرًا، لمست يدها الباب .

دفعت الباب بكل قوتها مستخدمة ذراعيها الضعيفتين و عندما انفتح، سطع الضوء من خلاله .

زحفت يلينا من تحت الفرن قبل أن تستقيم .

أخيرًا، خرجت من المطبخ، عندها أطلقت صرخة بدت و كأنها خرجت من بطنها .

" آآآآآه …. "

كان البار في حالة فوضى .

السقف المنهار .

الأثاث المدمر هنا و هناك .

و … الجثث .

" آآه ، آآآهه "

يمكنها أن تجد هانز و آنا بدون صعوبة كبيرة .

كلاهما كانا مستلقيين على بركة من الدم بينما كانا يمسكان يد بعضهما البعض بإحكام .

كانوا على قيد الحياة و يتحدثون معها منذ لحظات قليلة .

أعطتها آنا الماء الدافئ .

كما أعطتها بطانية و لفتها بها .

" … ارغغ ! اووغغ ! "

انحنت يلينا على الطاولة و اغلقت فمها .

ومع ذلك، فقد ذاقت فقط حمض المعدة في فمها، ولم يخرج شيء .

عندها أدركت يلينا .

أنها لم تأكل أي شيء طوال اليوم .

صرير

في ذلك الوقت، سمعت صوتًا جعل شعرها يقف .

رفعت يلينا رأسها ببطء .

كان الوحش الذي طوله يصل إلى خصرها، والذي مزق معدة خادمتها بمخالبه، يحدق في يلينا .

فتحت فمها .

" …. ها ها ها ها "

ضحكة خافتة هربت من فمها، وكأنها مصابة بالجنون .

كانت تعلم أنه لا ينبغي لها إصدار صوت، لكنها لم تستطع السيطرة على نفسها .

" اها ها ، هاهاهاها "

ضحكت يلينا عندما بدأت الدموع تنهمر .

قفز الوحش على يلينا ودخل مخالبه في قلبها .

" آآآآآآآآههه ! "

صرخت يلينا وهي تنهض من السرير فجأة .

ركضت خادمة يلينا الخاصة، التي كانت تقيم في الغرفة المجاورة لها، إلى غرفتها بتفاجئ .

" آنستي الشابة "

أضاءت الغرفة المظلمة .

نظرت يلينا بأيدٍ مرتجفة، إلى الشخص الذي كان يتحدث معها .

" ميري "

" نعم، آنستي الشابة، أنا ميري، ما الخطب ؟ "

" أين … أين هذا ؟ "

" إنها غرفة نومك بالطبع "

غرفة نوم .

اخفضت يلينا بصرها وفحصت جسدها .

شعرها الفضي الفضفاض و النظيف الذي لم يكن متشابكًا أو متسخًا على الإطلاق .

جسدها، حي و ناعم دون أي أثر للإصابة في أي مكان .

لمست يلينا دون وعي كاحلها الأيسر و المنطقة حول قلبها .

قالت ميري بهدوء، وكأنها تقنع يلينا .

" يبدو أنك حظيت بكابوس للتو "

' كابوس '

نعم، لقد كان كابوسًا .

لابد أن هذا كابوس .

نظرت خارج النافذة .

كان لايزال مظلم بالخارج .

ترددت يلينا عندما أمسكت بيد ميري .

" … إبقي معي حتى أنام "

" بالتأكيد "

دخلت ميري هذا المنزل في وقت مبكر، لذلك كانت تخدم يلينا منذ أن كانت صغيرة .

نظرًا لأنهما لم يكونا متباعدين في العمر، كانت مثل الأخت الكبرى ليلينا .

جعلت يلينا تستلقي على سريرها وداعبة جبينها بلطف .

تحت اللمسة الدافئة و الناعمة، شعرت يلينا بالأمان .

لم تكن تعرف متى حدث ذلك، لكن جسدها المرتعش هدأ .

تنفست يلينا بهدوء، وسقطت مرة أخرى في سبات .


*    *    *    *    *    *     

في اليوم التالي، في اللحظة التي فتحت فيها عينيها، فكرت يلينا .

' لم يكن حلمًا '

كانت متأكدة من ذلك .

الشيء الذي حدث الليلة الماضية لم يكن حلمًا .

لقد رأت المستقبل حقًا وعادت .

' ولكن كيف ؟ '

على الرغم من أنها كانت متأكدة من ذلك في ذهنها، إلا أنها تفتقر إلى الكلمات لشرح الموقف .

منذ ان استيقظت، تخطت يلينا وجبة الإفطار وقضت وقتها في التحرك ذهابًا و إيابًا في غرفتها .

وأثناء قيامها بذلك، طلبت خادمًا .

" نعم، آنستي الشابة "

" جدلي شخصًا "

الشخص الذي وصفته يلينا للخادم هو السيدة العجوز التي كانت تتسول في الشوارع أمس .

أرسلت يلينا أيضًا الفارس و الخادمة التي تعرف وجه السيدة العجوز .

بعد لحظات عاد الخادم الذي ذهب للبحث عنها .

" آنستي الشابة "

" هل وجدتها ؟ "

" آه، وجدناها، ولكن … "

التعبير على وجه الخادم يشير إلى أنه كان في مأزق .

عندما فكرت في مايمكن أن يحدث، عبست يلينا .

" هل هي بالفعل شخص مات منذ فترة ؟ "

" لا ، ليس هذا … "

" ثم ؟ "

" السيدة العجوز صرحت أنها لن تخطو خطوة خارج مكانها على الإطلاق "

" ماذا ؟ "

" كنا بصدد إحضارها إلى المنزل، لكن السيدة العجوز كانت عنيدة حقًا … "

قامت يلينا بتقويم جسدها .

وهنا فكرت أنه كان شيئًا خطيرًا .

" لنذهب "

" عذرًا ؟ "

" قلت، لنذهب إلى السيدة العجوز، ارني الطريق "

ارتدت ردائها التي اعتادت إرتدائه عند الخروج، وخرجت من الغرفة بخطوات خفيفة .

لم يستطع الخادم إخفاء نظرته المضطربة عندما كانا يتجهان نحو السيدة العجوز .

لم يشعر بالإرتياح لرؤية الآنسة التي يخدمها تتحرك من تلقاء نفسها فقط لمقابلة سيدة عجوز متسولة .

' حسنًا، من يهتم '

لقد تجاهلت يلينا مشاعره الواضحة .

هي كانت بعجلة من امرها .

لم يكن لديها وقت تضيعه للحفاظ على كرامتها .

عندما نظرت إلى خارج نافذة العربة، تصلب تعبير يلينا .

' أنا بحاجة لمقابلة السيدة العجوز، لاتوجد طريقة أخرى '

تذكرت يلينا يوم أمس .

كان طبيعيًا .

كان من الطبيعي أنها لم تجد أي شيء في غير محله .

بإستثناء شيء واحد .

عندما قامت بعمل الخير، بإعطاء الخبز و الحساء لسيدة عجوز تتسول في الشوارع .

*    *    *    *    *    *    *  


*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان