وقف تشاي، رئيس الشركة، غارقاً في أفكاره كعادته بعد وصوله إلى المكتب .
على مكتبه كانت هناك وثائق تركتها يي سيو .
" آه …. "
نظر بعينين شاردتين إلى الكلمات المكتوبة، ثم ضغط على صدغيه كما لو كان متعباً.
قامت يي سيو بوضع خط أحمر تحت البنود الخاصة في العقد كما لو كانت تؤكد على عدم إغفال أي شيء مهم .
< البند الخاص 1 : جميع الإجراءات المذكورة في العقد يجب أن تتم تحت إشراف و تقرير مباشر من تشاي يي سيو، مديرة التخطيط الاستراتيجي، في حال عدم الالتزام بهذا البند، يمكن إلغاء العقد.>
بمجرد رؤية النص المكتوب باللغتين الألمانية و الكورية، بدأ الصداع يتسلل إلى رأس الرئيس تشاي.
بجملة واحدة، أظهرت شركة نوكس أنها تثق بـيي سيو وليس بشركة جي كيو . كان الرئيس تشاي يدرك تماماً أن هذا العقد سيصبح هباءً منثوراً بدون يي سيو . لذلك، حاول أن يتتبع أين بدأت المشكلة مع يي سيو .
هل سبق له أن رآها تقول كل ما تريد قوله رغم خوفها ؟
كانت دائماً فتاة ذكية و طيبة تلبي توقعاته. لم تكن تتذمر أبداً، لذلك كان حائراً أكثر.
طرق على الباب قطع أفكاره، و دخل مساعده . عندما رأى الرئيس تشاي جامداً ينظر إلى العقد فقط، سأل بحذر :
"هل ما زلت تنظر إليه؟"
" لا أجد حلاً على الإطلاق، من كان يظن أنها ستمسك برقبتي بهذه الطريقة."
هل خططت لهذا منذ البداية عندما أضافت شروطاً تعاقدية لم تكن ضرورية ؟ ربما فعلت ذلك لأنها فتاة ذكية للغاية.
هل كانت المشكلة في الزواج، أم في جو وون ؟
" سيدي الرئيس، ألا تعتقد أنه من الأفضل احترام رأي المديرة تشاي أولاً ؟ في الواقع، لا أفهم لماذا تقلق إلى هذا الحد."
لم يفهم مساعده سبب قلق الرئيس تشاي، فهي لم تعلن أنها ستتزوج من دوجين، وإنما طلبت فقط أن تصبح المديرة التنفيذية .
موضوعياً، لم يكن يي جون غير كفؤ، لكن يي سيو حققت إنجازات أكثر . رغم أن الجميع يحاول إخفاء الأمر، إلا أن معظم المديرين التنفيذيين كانوا يعرفون ذلك .
حتى مجلس الإدارة، رغم دعمهم ليي جون بسبب معرفتهم بمزاج الرئيس تشاي الحاد، كانوا بالتأكيد يفكرون نفس التفكير في أعماقهم .
" تعيين المديرة تشاي كمديرة تنفيذية لن يضر الشركة، على الأقل، يمكننا تأجيل …. "
" لا."
كان الرئيس تشاي حاسماً . رغم الهموم التي تثقل كاهله، لم يكن لديه أدنى نية لتغيير قراره الحازم .
" بدلاً من ذلك، هل أنت متأكد من أنهما يتواعدان حقاً ؟ "
" نعم، يبدو أنهما يقضيان الوقت معاً صباحاً و مساءً لأنهما يسكنان في نفس المبنى."
عرض مساعده الصور التي تلقاها من الأشخاص وفقاً لتعليمات الرئيس تشاي . في الصور، كان دوجين و يي سيو يتصرفان بطريقة حميمة لا يمكن تصورها إلا إذا كانا يتواعدان .
" و سيدي الرئيس، هذا أيضًا …. "
تردد مساعده قبل أن يقدم شيئاً لم يكن قادراً على إظهاره .
قبل أن يسأل الرئيس تشاي عما يكون، تجعد جبينه .
[ رسالة : " أبي في القانون، أنا دوجين، لا تقلق كثيراً على يي سيو، نحن نعيش بسعادة كالمعتاد ^^ " ]
" ما هذا ؟ "
" يبدو أن أحد الأشخاص الذين كلفناهم بالمهمة قد اكتشفه المدير هان دوجين، وصلتنا هذه الرسالة …. "
احمر وجه الرئيس تشاي كما لو كان على وشك الانفجار . كلما قرأ الرسالة مراراً، لم يشعر بشيء سوى أن دوجين كان يستفزه عمداً .
استخدامه لكلمة "أبي في القانون" لم يكن كافياً، بل أضاف ابتسامة في نهاية الجملة - ما هذا إن لم يكن سخرية ؟
قام الرئيس تشاي بتجعيد الأوراق على مكتبه بقوة .
" …. كيف يجرؤ هذا الوغد."
خرجت الشتائم أولاً لأنه لم يستطع كبح غضبه.
كان مساعده قلقاً من أن غضبه تجاه دوجين قد يمتد ليصل يي سيو أيضًا .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
على عكس الرئيس تشاي، كان الجو في مجموعة ديان مختلفاً تماماً .
"هل رأيتم المدير اليوم؟"
"نعم، نعم، كان يبدو في مزاج رائع!"
"بالضبط ! عادةً كان يرد على تحياتنا برأسه فقط، لكن اليوم كان يبتسم كأشعة الشمس!"
بمجرد وصول دوجين، حياه الموظفون في البهو و الممرات كالمعتاد .
كان دوجين معروفاً بصعوبة مزاجه، وحتى تحيته لم تكن أمراً سهلاً . في العادة، كان يكتفي بإيماءة صامتة برأسه رداً على التحيات، لكن اليوم ….
" نعم، صباح الخير."
بدأت الشائعات تنتشر بين الموظفات عن كيف رد على تحية الصباح مبتسماً . و وصل هذا الخبر إلى مسامع السكرتير بايك جونغ هوو الذي كان نازلاً من مكتب الرئيس .
بينما كان الرئيس هان يتنهد من صداع تصرفات دوجين المتمردة كمراهق، كان دوجين يبدو في جو مختلف تماماً .
تنحنح السكرتير بايك و طرق باب مكتب دوجين. عندما دخل، كان دوجين قد عاد للتو من الخارج وهو يعلق سترته الأنيقة، فنظر إليه بطرف عينه .
" هل أتيت ؟ "
" تبدو في مزاج جيد حقًا "
"حقاً؟"
سأل دوجين باستغراب وهو يعدل قميصه و يجلس على مقعده . ابتسم السكرتير بايك قليلاً و نقل ما كان الموظفون يتحدثون عنه.
" انتشرت شائعات في الشركة بأن المدير يبدو سعيداً، حتى أنهم يتكهنون بأنك ربما تواعد شخصاً ما."
" موظفونا لديهم بصر حاد، ربما لهذا السبب جميعهم سريعو البديهة "
أبتسم دوجين وهو يمسك قلمه و يوقع على الأوراق المتراكمة . كانت ابتسامة لم يرها أحد منذ زمن طويل .
نظر إليه السكرتير بايك بغرابة وشيء من الشك، صامتاً .
' هل هو حقًا يحبها، أم أن …. '
شعر دوجين بنظراته، فرفع عينيه و ابتسم قائلاً : " لا تنظر إليّ هكذا، أنا أعرف تماماً ما الذي فعلته."
"رغم معرفتك، سمعت أنك لم تقدم أي تفسير للرئيس."
" أعرف أنني ارتكبت شيئاً كبيراً، لكنني لم أشرح لأنني لا أعتبره شيئاً سيئاً، فالمواعدة ليست جريمة."
" المواعدة جيدة، لكن عندما يكون الطرف الآخر هو المديرة تشاي يي سيو، فالأمر مختلف."
— طاق !
أغلق الملف بعد التوقيع .
أخذ دوجين ملفاً آخر بشكل آلي، ومحا ما تبقى من ابتسامته وقال : " عندما تُقحم الشركة في العلاقات الشخصية، تصبح غير مقبولة "
" …. هذا منطقي أيضاً."
"هل قال والدي شيئاً؟"
"حسنًا … إنه يفكر في ما إذا كان سيكسر ساقيك، أو يضربك على مؤخرة رأسك، أو يصب عليك سيلاً من الشتائم"
عندما نقل السكرتير بايك هذه المزحة بوجه جدي، عادت الابتسامة إلى وجه دوجين . حتى مع هذا الكلام، لم يكن الرئيس هان، الذي يحب دوجين، ليفعل ذلك .
فحتى عندما كانا يتشاجران، لم يضرب ابنه ولو مرة واحدة .
" أخبرني عندما يقرر فعل ذلك، يجب أن أستعد للدفاع "
أومأ السكرتير بايك موافقاً و استدار ليغادر المكتب، لكنه لم يستطع التخلص من شكوكه، فالتفت مجدداً نحو دوجين .
نظر بتمعن إلى الخاتم في يده اليسرى و سأل : " سيدي المدير "
" نعم."
"هل أنت حقاً تواعد المديرة تشاي لأنك تحبها؟"
السكرتير بايك، الذي عرف دوجين منذ طفولته، لم يصدق أنه تورط مع يي سيو دون أي نية . فهو من ساعد دوجين في التحقيق عن خلفية يي سيو .
لم يستطع، ولم يرد، أن يصدق أنهما أصبحا عاشقين في أقل من ثلاثة أشهر . وحتى دوجين اهتز قلم الحبر في يده عند سماع السؤال .
" ألم ننتهي للتو من الحديث عن يي سيو ؟ "
كان هذا يعني أنه لا يريد الحديث عن الموضوع. لم يستطع تعريف مشاعره تجاه يي سيو أو شعوره عندما يكون معها بكلمة واحدة. لذلك لم يرد دوجين أن يجيب على هذا السؤال .
"هل تظن أنني لا أحب يي سيو؟"
"عادةً، الناس لا يحققون عن خلفية من يحبون."
" الترتيب مختلف."
لم يكن قد حقق عن خلفيتها لأنه أحبها . بل إن المشاعر المضطربة نشأت بعد أن عرف عنها.
" عندما عرفت عنها، نشأت هذه المشاعر."
ابتسم دوجين بزاوية فمه و نهض من مكانه.
نظر إلى النبتة الموضوعة على خزانة الزينة على الحائط و نزع الشريط الوردي المعلق عليها .
نظر بحدة إلى الكلمات المكتوبة [ تهانينا على الترقية، من تشاي يي جون من مجموعة JQ ].
كانت هدية وصلت بعد عام من ترقيته . لم يكن دوجين غافلاً عن السخرية المضمنة فيها، والتي تعني " الآن فقط نتعامل معك لأنك وصلت إلى هذا المستوى ".
" أنا معجب بها، يي سيو جميلة، و ذكية …. "
وعلى عكس 'ذلك الشخص'.
" نقاؤها بشكل خاص يعجبني كثيرًا "
صدر صوت تمزيق مخيف . الشريط الذي من المفترض أن يكون صعب التمزيق، تمزق إلى نصفين بيد دوجين الذي أحدث فيه شقاً صغيراً ثم وسعه .
الآن بعد أن حصل على يي سيو، لم يعد بحاجة إلى ما كان يثير غضبه .
" لذلك لا بد أن أحبها "
عندما رأى السكرتير بايك الشريط الممزق، لم يستطع إلا أن يصدق تعبيرات وجه دوجين أكثر من كلماته .
في نظراته المليئة بالازدراء، كانت الكراهية تجاه يومين و يي جون لا تزال تحتل مساحة أكبر من حبه لـيي سيو .
— الصورة التوضيحية : هـنـا .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
لم تذهب يي سيو إلى العمل، و أنهت تناول حساء علاج الثمالة الذي أحضره دوجين. وبعد أن انتهت من غسل الأطباق بمهارة، بدأت تعبث بهاتفها المحمول الموضوع على طاولة الطعام .
فكرت مراراً و تكراراً في توجيه الشكر لدوجين، لكن الخجل لم يتلاشى بسهولة وظل قلبها يخفق بشدة .
" ربما علي تجنبه، نعم ! هذا سيكون أفضـ …. "
لكن هذا مستحيل … إنه جارها المجاور ! يكفي أن يضغط دوجين على جرس الباب !
لم تجد حلاً رغم تفكيرها . وأخيراً، توقفت عن التفكير في دوجين، دون أن تدرك أنه يحتل تفكيرها باستمرار .
" واو، كم هذا مخيف "
عندما فتحت هاتفها المليء بالرسائل، خرج صوت إعجاب من فمها .
لم تكن هناك أي رسالة من والدها الذي كانت تنتظره . الشخص الوحيد الذي كان يبحث عنها كانت سكرتيرتها جينسو .
[متى ستأتين إلى العمل، يا مديرة؟]
[هل ستأتين في فترة ما بعد الظهر؟]
[ مديرة تشاي، سأقتلك إذا استمررت في عدم الرد.]
رسائل جينسو بدأت مؤدبة ثم تحولت تدريجياً إلى كلمات حادة مع نفاد صبرها.
كانت جينسو الشخص الوحيد الذي يمكنه التحدث مع يي سيو بهذه الطريقة. فهي كانت زميلتها الكبرى في الجامعة و الشخص الذي كان دائماً بجانبها في أوقات الصعاب.
عندما تورطت يي سيو في فضيحة قذرة، حمتها جينسو التي عرفتها منذ الصغر، ولم تتردد في وصف جو وون بالقمامة لتجاهله الشائعات .
كانت وفية لدرجة أنها شجعت يي سيو المعزولة على الانضمام إلى برنامج التدريب في الخارج الذي شاركت فيه من قبل .
كانت تعرف أيضاً أن يي سيو لديها قلب رقيق خارج نطاق العمل . لذلك، حتى عند سماع مثل هذه الكلمات، ارتسمت ابتسامة على شفتي يي سيو، لأنها واحدة من القلة القليلة التي تهتم بها.
" لقد جعلتها تقلق مرة أخرى."
كانت يي سيو قلقة للغاية لأنها لم تشرح حتى لـجينسو سبب إمساكها يد دوجين.
لم تستطع أن تخبرها أنها تُستخدم كأداة لنجاح شقيقها .
لو أخبرتها أنها قبلت اقتراح دوجين السخيف للتظاهر بالحب …. من الواضح أن الأمر لن ينتهي بمجرد ضربة على الظهر .
" لكن ماذا يمكنني أن أفعل، من المؤكد أنها ستمنعني …. "
لم أستطع التفكير في طريقة أخرى لإظهار رغبتي في نيل الاعتراف . رغم أن العواقب مخيفة، لكن ما بدأته يجب أن أكمله .
وبسبب وقت الفراغ الذي أمضته في التمرد على نفسها، شعرت يي سيو بالحماس و ذهبت للتمرين .
" أشعر بالانتعاش "
لم تستطع البقاء ساكنة لأنها كانت معتادة على الانغماس في العمل كمدمنة.
شعرت بالرضا بعد إنجاز الأعمال المنزلية التي كانت عادةً تقوم بها عاملة المنزل مرة أو مرتين في الأسبوع .
وعندما قارب النهار على الانتهاء، رن هاتفها الموضوع على الطاولة، فتحققت يي سيو من الرقم أولاً .
" آه ! سيدي ! "
[يي سيو، هل عدت إلى المنزل بسلام أمس؟]
"نعم، سمعت أنك أوصلتني، شكراً لك."
[لقد شربتِ كثيراً لأنك كنتِ في مزاج جيد.]
ابتسمت يي سيو عندما سمعت صوته المرح.
في الصباح، أخبرها دوجين أنه شرب كثيراً أيضاً، وأن المدير أوصلهما بالسيارة لأنها كانت تترنح .
كان الأمر محرجاً قليلاً، لكن لأنهم أشخاص مقربون، تلاشى شعورها بسهولة على عكس ما حدث أمام دوجين .
" لكن ما الأمر ؟ "
[ لقد نسيتِ محفظتك هنا ! ]
" آه ! كانت هناك إذن "
[يا إلهي، لم تكوني مهملة هكذا من قبل، لماذا تتصرفين كالمشتتة، يا عزيزتي ؟ ]
"يبدو أنني كنت ثملة حقاً بالأمس."
[هل أحتفظ بها هنا؟ أم ستأتين لأخذها؟]
"نعم، سآتي قبل أن يزداد عدد الزبائن، لأنه وقت التحضير للافتتاح."
أسرعت يي سيو لتأخذ معطفها المعلق في غرفة الملابس فور إنهاء المكالمة . وبينما كانت تعدل شعرها أمام المرآة، لفت انتباهها علبة خاتم موضوعة على طاولة الزينة.
وكأنها مسحورة، فتحت العلبة ليتلألأ الخاتم الذي أهداه لها دوجين.
' كان شعوراً وكأنني مقيدة بالأصفاد '
لم تكن تضع المجوهرات عادةً، لكنها لم ترتدي الخاتم لأنه بدا وكأنه يقول لها ألا تهرب وأن تصبح ملكاً لدوجين. رغم أنه كان شيئاً كافياً لجذب أنظار الآخرين .
" همم، حسناً، طالما قررت، فلأفعلها بشكل صحيح."
تذكرت يي سيو الخاتم الذي كان يرتديه دوجين دائماً، بالأمس و اليوم صباحاً. حتى لو كان تمثيلاً، فهو ليس رجلاً يفعل الأشياء بإهمال، لذا يجب أن أجاريه . فأنا لست الوحيدة التي ستُقيَّد .
" ليس له معنى على أي حال."
قررت يي سيو ألا تفكر في دوجين بعمق بعد الآن. فكلما تعمق التفكير، نشأت مشاعر عميقة.
سواء كانت تلك المشاعر إعجاباً أو شكاً أو أي شيء آخر . إذا كانت ستحافظ على المسافة، فالأفضل أن تدع الأمور تجري كما هي.
بهذا التفكير، وضعت يي سيو الخاتم مرة أخرى في إصبعها الأيسر حيث وضعه دوجين .
" على أي حال، هذا يظهر أنه صعب الإرضاء "
ضحكت بخفة وهي تنظر إلى الخاتم البسيط الذي يبدو 'كخاتم للعشاق!' من النظرة الأولى .
أصبح قلبها أخف كثيراً، لدرجة أنها لم تدرك أن معناه لم يكن خفيفًا أبداً في عيون الآخرين .
****************************