الفصل ١١٤ و ١١٥ : ذهبت الأميرة إلى الشمال و أفسدت الأمور

وقفت سيرفيليا أولاً أمام أقرب باب .

كانت على وشك الإمساك بالمقبض المغبر، لكنها توقفت و ركلت الباب بدلاً من ذلك .

مع صوت ارتطام، سقط الباب . دخلت سيرفيليا بحذر إلى الداخل عبر الغبار الكثيف .

كانت الغرفة مجرد غرفة استقبال عادية، باستثناء أنها كانت قديمة جدًا و متهالكة .

" …. لا يوجد شيء مميز هنا ؟ "

تجولت سيرفيليا في الغرفة الكبيرة، لكنها لم ترى أي شيء مميز . بدلاً من ذلك، اكتشفت شمعة و شمعدان على الطاولة .

" هذا سيكون مفيدًا "

أخذت سيرفيليا الشمعة و الشمعدان ثم غادرت الغرفة و توجهت إلى الغرفة المجاورة .

هذه المرة، كادت تتعثر و تسقط على كرسي ملقى على الأرض بمجرد دخولها . بعد أن استعادت توازنها بصعوبة، نظرت إلى المشهد الذي أمامها معتمدة على ضوء الشمس المتسرب من النافذة .

كان هناك العديد من المكاتب و الكراسي متناثرة في كل مكان، وكان هناك منبر في المقدمة .

كانت الجدران مغطاة برموز و معادلات غامضة، وبدا الأمر وكأنه قاعة محاضرات، حيث كانت هناك ألواح حجرية مكسورة على كل مكتب .

فحصت سيرفيليا جميع السجلات بعناية و قلبتها كلها للتأكد من عدم وجود أي شيء مخفي .

بهذه الطريقة، دخلت و خرجت من جميع الغرف في الطابق الأول و قامت بالتحقيق .

أخيرًا، عندما خرجت من آخر غرفة، كانت الشمس تغرب بالفعل .

"همم، يستغرق الأمر وقتًا أطول مما توقعت."

نفضت سيرفيليا الغبار عن كتفها و مددت جسدها المتصلب . دون أن تضيع أي وقت، وضعت قدمها على الدرج الحلزوني للصعود إلى الطابق الثاني .

عند النظر إلى الأعلى، رأت مجموعة لا نهاية لها من الدرجات . شعرت بالدوار عندما نظرت إلى الدرج الحلزوني .

"آه، كم من الوقت سيستغرق البحث في كل هذا؟"

أمسكت سيرفيليا برأسها الذي كان يؤلمها وهي تصعد . على الرغم من أنها دخلت بمحض إرادتها، إلا أن التحقيق في هذا البرج الشاسع بمفردها لم يكن مهمة سهلة .

' قالوا إن هناك 22 طابقًا إجمالاً … '

علاوة على ذلك، قالوا إنهم لا يستطيعون تحديد مدى عمقه تحت الأرض .

نظرت سيرفيليا إلى غروب الشمس من النافذة و انغمست في التفكير .

سمعت ضوضاء مكتومة من بعيد . بدا الأمر وكأن الفرسان ما زالوا يحاولون كسر الدرع .

' سأتركهم يتعاملون مع ذلك، يجب أن أقوم بعملي '

بعد أن اتخذت هذا القرار وكانت على وشك الصعود إلى الدرج مرة أخرى، خطرت فكرة فجأة في ذهنها .

' همم، ألا يخفون عادةً الأشياء المريبة في الطابق السفلي ؟ '

نظرت سيرفيليا إلى أسفل الدرج . كان هناك ظلام دامس .

بدا وكأن هناك جوًا مشؤومًا للغاية ينبعث منه حتى بالعين المجردة، لذا ترددت للحظة .

في تلك اللحظة، سمعت مرة أخرى صوتًا مدويًا أقوى بكثير و صراخ الفرسان من بعيد .

حسنًا، الجميع يبذلون قصارى جهدهم، ولم تستطع أن تبقى مكتوفة الأيدي بسبب مجرد شعور مريب .

تجرأت و نزلت إلى الطابق السفلي . ولم تنسى إشعال الشمعة التي وجدتها سابقًا .

' سيكون من الأفضل التحقيق من الطابق السفلي إلى الأعلى '

كان الدرج المغمور في الظلام رطبًا و زلقًا. اعتمدت سيرفيليا على ضوء الشمعة الخافتة و خطت خطوة بخطوة بصعوبة .

استمرت في النزول لفترة دون أي فكرة عن مدى عمق ذلك .

بحلول هذا الوقت، كان من المفترض أن تكون قد وصلت إلى مكان ما، لكن الدرج الحلزوني الذي لم يكن به أي هبوط استمر بلا نهاية .

' هل هذا صحيح ….؟ '

ابتلعت سيرفيليا قلقها و استمرت في النزول. بما أنها دخلت بالفعل، لم تكن تنوي التراجع .

عندما نزلت أخيرًا من آخر درجة، شعرت سيرفيليا ببرودة في جسدها كله . شعرت بخوف طفيف عند دخول الطابق السفلي المهجور لفترة طويلة .

' لا، لا يمكنني أن أخاف في هذا الوضع '

ابتلعت سيرفيليا ريقها و تقدمت إلى الأمام .

وبينما كانت تمشي على طول الطريق مثل المتاهة، ظهر باب عملاق في النهاية .

ركلته أولاً، لكنه لم يفتح . حاولت تدوير المقبض من جميع الجوانب و دفعت الباب بجسدها، لكن الباب لم يتحرك، ثم تذكرت فجأة كلمات ايجيكل التي قال فيها أن تأمر باللغة الإمبراطورية .

نظفت سيرفيليا حلقها و تحدثت .

" افتح الباب."

" … اذكر انتمائك و اسمك."

فزعت سيرفيليا من الصوت المنخفض الذي سمعته فجأة .

' هل هذا ممكن ؟ '

كادت تصرخ من بتفاجؤ، لكنها تمكنت من كبح نفسها و اقتربت من الباب .

" … أرنست، من الجامعة الكبرى "

ذكرت الاسم الذي رأته في الكهف في المرة الأخيرة مرة أخرى . لم تكن متأكدة مما إذا كان سينجح، لكنها لم تخسر شيئًا بالمحاولة .

"ماذا تحمل في يدك؟"

" كتاب خرائط و سيف …؟ "

تذكرت سيرفيليا ما كان تمثال أرنست يحمله و أجابت بسرعة، ثم، مع صوت مدوٍ، بدأ الباب ينفتح ببطء .

اخترقت رائحة عفن رطبة أنفها، وكان هناك غبار خفيف منتشر، مما أعطى شعورًا بالرطوبة و الظلام، لكن بدا أن ضوءًا خافتًا يتسرب من الشق الذي بدأ يظهر في الباب .

دفعت سيرفيليا الباب بحذر وهي تحمل الشمعة أمامها .

في تلك اللحظة، هبت رياح قوية و انطفأت شمعتها . أضاءت المشاعل المعلقة على الحائط بالترتيب .

اضطرت سيرفيليا إلى العبوس من الضوء المفاجئ . بعد لحظات قليلة، دخل مشهد لا يصدق إلى عينيها اللتين اعتادتا على الضوء .

" واه، هذا …… "

ما استقبلها كان قاعة واسعة .

في منتصف القاعة الشاسعة، كان هناك شيء يشبه جوهرة مستديرة تنبعث منها ضوء أزرق غريب . و أمامها، كانت هناك دائرة سحرية معقدة مرسومة بحجم كبير جدًا .

علاوة على ذلك، كانت الجدران مغطاة بالكامل بجوائز صيد محنطة لجثث وحوش .

عند رؤية أن صدورها كانت ممزقة، بدا الأمر وكأن هذه الوحوش قد تم تحنيطها بعد استخراج حجر المانا منها .

كان مشهدًا مروعًا حقًا يصعب النظر إليه .

كان من بينها وحوش سمعت بها سيرفيليا، لكن كان هناك العديد من الوحوش التي لم ترها من قبل . بدت وكأنها زحفت للتو من الجحيم، بمظهر مروع .

علاوة على ذلك، كانت أفواهها مفتوحة على مصراعيها وكانت تعبس كما لو كانت في ألم، مما زاد من غرابتها .

بدا الأمر وكأن صرخات الوحوش كانت على وشك تمزيق طبلة أذنها في أي لحظة .

' تساءلت لماذا وضعوا درعًا كهذا، لكنهم كانوا يخفون شيئًا فظيعًا كهذا ؟ '

شعرت بالقشعريرة في جسدها كله. كان على سيرفيليا أن تكبح بشدة الرغبة في الهروب من هنا على الفور .

حركت خطواتها الثقيلة ببطء، ثم التقطت أحد الألواح الحجرية المتناثرة على الأرض .

[ تم استخراج 26 حجر مانا من 37 وحشًا تم استدعاؤهم اليوم، من الضروري استدعاء وحوش أقوى للحصول على أحجار مانا ذات نقاء أعلى ]

بالتأكيد، كما هو مكتوب في السجل، كانت هناك دائرة استدعاء سحرية ضخمة مرسومة على الأرض .

' هذا … لقد رأيت هذا من قبل '

عندما استرجعت ذاكرتها، كان نفس الدائرة السحرية التي رأتها في الجامعة .

انغمست سيرفيليا في التفكير بهدوء. كانت الأدلة التي عثرت عليها حتى الآن تتجمع ببطء في قصة واحدة في ذهنها .

' … علماء الجامعة كانوا يدرسون دوائر الاستدعاء السحرية، و استخدم السحرة تلك الدوائر لاستدعاء الوحوش من عالم الشياطين '

وتم إجراء هذا الاختبار هنا بالضبط، في الطابق السفلي من البرج السحري .

وفقًا للتاريخ، ظهرت الوحوش لأول مرة في الشمال قبل مئات السنين فجأة . لغز الوحوش، التي لم يعرف أحد سبب ظهورها أو من أين أتت .

يبدو أن بدايتها كانت هنا بالضبط، في برج الشمال السحري .

شعرت سيرفيليا بشؤم كما لو كان شيء ما على وشك الزحف، لذا فركت الأرض بقدمها و مسحت جزءًا من الدائرة السحرية .

' السبب هو … حسنًا، إنه واضح '

أدارت سيرفيليا نظرها و نظرت إلى كتلة الحجر السحري الضخم المترسخ في منتصف القاعة .

كانت تشع ضوءًا هائلاً مثل الشمس . عند الاقتراب، رأت أنها كانت مجموعة من مئات أحجار المانا مجتمعة معًا .

حجر المانا، هو تجمع للطاقة السحرية، يكاد يكون من المستحيل العثور عليه في الطبيعة، لكن الوحوش تحمله دائمًا كنواة .

رتبت أفكارها ببطء .

' استدعى السحرة وحوشًا من العالم الشيطاني بهدف الحصول على حجر المانا، لكن هل كانوا يجهلون حقيقة أنها ستلوث المنطقة المحيطة ؟ '

فكرت سيرفيليا في العلماء الذين رأتهم في الكهف و الذين تحولوا إلى وحوش تماثيل .

لم تكن متأكدة تمامًا، لكنها توصلت إلى فكرة أن سحرة برج الشمال ربما واجهوا نهاية مماثلة .

ما الذي كانوا يأملون في تحقيقه من خلال هذا الاختبار المدمر للذات ؟

' ماذا كانوا يخططون للقيام به مع هذا العدد الكبير من الأحجار السحرية ؟ '

عبست سيرفيليا و تخيلت ما فعله سحرة الإمبراطورية القديمة هنا .

رسموا دائرة استدعاء ضخمة و استدعوا الوحوش من العالم الشيطاني، و استخرجوا حجر المانا منهم، ثم جمعوا حجر المانا و ضغطوا قوته .

في هذه العملية، تعرضوا للطاقة الشيطانية و تحولوا إلى وحوش، ولم يتخيلوا أبدًا أن الشمال بأكمله سيتلوث بالطاقة الشيطانية في النهاية …

" انهارت الإمبراطورية العظيمة بسبب جشع السحرة الحمقى "

أطلقت سيرفيليا تنهيدة طويلة و هزت رأسها .

هل كانت اللعنة التي غطت الشمال لمئات السنين كارثة ناتجة عن جشع البشر ؟

" بسبب هؤلاء الحمقى، اضطر الدوق إلى البقاء عالقًا في الحاجز طوال حياته "

ارتفع الغضب داخل سيرفيليا تجاه السحرة الذين ماتوا بالفعل و تحولوا إلى غبار، لكنهم في النهاية أدركوا خطأهم و بنوا جدار الشمال لحبس الوحوش، لذا يجب أن تكون هناك مخططات لهذا الجدار مخبأة في مكان ما في هذا البرج .

اكتشفت شيئًا مهمًا و وجدت بعض الأمل، لكن سيرفيليا أرادت الخروج من الطابق السفلي الآن .

شعرت بالاختناق تدريجيًا بسبب الطاقة الشيطانية الكثيفة، و شعرت بأن أطراف جسدها تتلوث ببطء .

" هل تعتقدين حقًا أن السحرة كانوا حمقى ؟ "

في تلك اللحظة، ضرب صوت مألوف أذنها، قادمًا من مكان ما .

أدارت سيرفيليا رأسها ببطء، و التقت بشخص لم تتوقع أبدًا مقابلته هنا .

همست سيرفيليا بتنهيدة .

" ليونارد "

****************************

الفصل : ١١٥


كان هناك شخص يرتدي قناعًا على شكل غراب طويل المنقار، و يقف متكئًا على عصا .

على الرغم من أن وجهه غير مرئي، إلا أنها استطاعت أن تعرف من هو من صوته وحده، أو حتى من وقفته .

" لقد أتيتِ يا سيرفيليا "

بينما كان ليونارد يسير ببطء نحوها متكئًا على عصاه، تراجعت سيرفيليا خطوة إلى الوراء .

توقف في منتصف الطريق و وقف أمام حجر المانا الضخم . أشرق ضوء خافت على القناع الأسود .

كانت سيرفيليا مرتبكة بشأن هذا الوضع . لم تتوقع وجود أي شخص آخر غيرها في هذا البرج، ناهيك عن ليونارد ؟

" ماذا تفعل هنا ؟ لا، منذ متى و أنت هنا ؟ وما هذا …… ؟ "

تحدثت بتلعثم بصوت مرتجف، لكن ليونارد، على العكس من ذلك، بدا غير مبالي، وهو ينظر بهدوء إلى حجر المانا .

"حسنًا، كنت أتبع خطى الحكماء القدماء."

"ما هذا الهراء؟ كيف وصلت إلى هنا؟"

بعد مقابلته في قلعة لانغفول في المرة الأخيرة، افترضت أنه عاد إلى برج الشرق السحري أو إلى العاصمة .

لكن ماذا يفعل هنا ؟

استدار ليونارد مرة أخرى و سار نحو سيرفيليا. كانت مشيته المتعثرة التي رأتها طوال حياتها، تبدو غير مألوفة بشكل غريب .

" همم … لأكون أكثر دقة، كنت هنا في الأصل، كنت أدرس بحثًا عظيمًا ظل مدفونًا لسنوات عديدة "

تابع حديثه وهو ينظر ببطء إلى الوحوش المحنطة المعلقة على الحائط .

" أليس هذا مدهشًا ؟ لقد قاموا بهذا البحث المذهل في تلك الأيام البعيدة، التفكير في استدعاء الوحوش من العالم الشيطاني لاستخراج حجر المانا."

عند النظر إلى تلك المحنطات مرة أخرى، شعرت بالغثيان، لكن صوت ليونارد كان مليئًا بالإعجاب الخالص .

شعرت سيرفيليا بالاشمئزاز من سلوك أخيها الغريب، فصرخت بغضب .

" ما هو المدهش في الأمر ؟ انظر إلى ما حدث في النهاية ! لم يدمروا بلدًا فحسب، بل حوّلوا القارة الشمالية إلى أرض للوحوش، في نظري، يبدو الأمر قذرًا و وضيعًا للغاية."

نظرت سيرفيليا حولها بنظرة اشمئزاز .

استدعاء الوحوش من العالم الشيطاني لمجرد إجراء بعض الأبحاث السحرية ! علاوة على ذلك، لم تستطع تصديق أن هناك العديد من هؤلاء المجانين، لكن ليونارد بدا وكأنه يفكر بشكل مختلف عنها .

" هل هذا صحيح ؟ لكن هذا الحجر السحري، إنه على مستوى مختلف تمامًا عن الأحجار السحرية التي نتعامل معها عادةً، إنه متفوق تمامًا في جميع الجوانب، من النقاء إلى القوة، لدرجة أن تقسيمها إلى الدرجة الأولى أو الثانية لا معنى له، حتى بعد مرور وقت طويل جدًا، فإنه لا يزال يحتفظ بقوته السحرية بالكامل "

كما قال، كان حجر المانا أكثر وضوحًا من تلك التي كانت تتعامل معها عادةً وكان يشع ضوءًا هائلاً حقًا .

انجذب نظر سيرفيليا لا إراديًا إلى الضوء المنبعث من الحجر السحري . نظرت إليه كما لو كانت مسحورة، ثم تمكنت أخيرًا من إبعاد عينيها و استعادة وعيها .

" …… ما الذي تحاول قوله ؟ "

" أعني أن ذلك البحث القذر كان ناجحًا، يا سيرفيليا، ألا تتساءلين عما يمكننا فعله بهذا؟"

" ما فائدة معرفة ذلك ؟ حالما أنتهي من البحث، سأُفجّر البرج بأكمله و أدفنه للأبد "

مجرد وجودها في هذا المكان جعلها تشعر بأنها ملوثة بخطيئة قديمة . حتى لو كان حجر المانا الضخم هذا كنزًا عظيمًا حقًا، فإنه لن يكون ذا قيمة لدرجة أنه يستحق التضحية بعدد لا يحصى من الأرواح .

" مهلاً، أليس هذا خسارة كبيرة ؟ في الواقع، هذا الحجر المانا مختوم تمامًا وهو الآن مجرد صخرة متوهجة."

تراجع ليونارد خطوة إلى الوراء، ثم وضع يده على ذقنه و أمال رأسه كما لو كان يفكر في شيء مهم للغاية .

" لماذا قاموا بختم مثل هذا الإنجاز العظيم خلف الجدار ؟ بل وحتى التضحية بأنفسهم … لا أفهم ذلك جيدًا "

ظهرت خريطة قديمة تصور جدار الشمال في ذهن سيرفيليا . كان يحيط بقارة الشمال في دائرة، و يبدو وكأنه دائرة سحرية ضخمة .

' لم يكن الجدار يحجز الوحوش، كان يختم حجر المانا هذا '

تخيلت ما حدث في تلك الأيام البعيدة بوضوح كما لو كان يحدث أمام عينيها .

إمبراطورية الشمال العظيمة جاياس، التي ازدهرت بقوة السحر .

أولئك الذين كانوا يتمتعون بالسلطة و أرادوا الاستمتاع بهذا المجد إلى الأبد أعطوا السحرة الضوء الأخضر لفعل أي شيء من أجل البحث .

استمروا السحرة في إجراء أبحاث غير أخلاقية، ولم يدركوا خطأهم إلا بعد أن غطت الوحوش القارة .

كان من المؤكد أن الكثير من الفوضى قد حدثت . مات عدد لا يحصى من الناس، و هربوا، و انهارت الإمبراطورية التي بدت أبدية …

في النهاية، ضحى بعض السحرة بحياتهم لبناء جدار الشمال، وهو دائرة سحرية ضخمة. كانوا يأملون في التوبة عن خطاياهم من خلال حجز الوحوش و الأبحاث السحرية بالكامل داخلها .

بفضل تضحياتهم، بدأ إنجاز البحث القبيح الذي نُسي في طيات الزمن الطويل يظهر وجوده مرة أخرى .

' حقيقة أن جدار الشمال ينهار تعني أن شخصًا ما يحاول استخدام ذلك البحث مرة أخرى، وذلك الشخص هو …… '

نظرت سيرفيليا إلى أخيها .

بصفته رئيس برج الشرق السحري، كان ساحرًا يتمتع بمهارات لا مثيل لها، و شخصًا مهتمًا بالسحر القديم لدرجة أنه أتقن لغة جاياس الإمبراطورية القديمة التي أصبحت لغة ميتة .

وشخص جاء إلى هذا المكان الرهيب ليمدح أخطاء السحرة القدماء ……

همست سيرفيليا بألم .

" لقد كنت الشخص الذي لمس الحاجز، يا ليونارد "

ولكن للأسف لم ينكر ذلك . لقد نظر إليها بهدوء مع المودة التي يمكن الشعور بها من خلال القناع .

"هذا صحيح."

" هل تحاول كسر الحاجز لفك ختم حجر المانا ؟ "

"أجل، لم يتبقى الكثير."

صعد الغضب من أعماق صدرها . سارت مباشرة و أمسكت بياقة ليونارد .

بدا وكأنه لا ينوي المقاومة على الإطلاق، و تأرجح ذهابًا و إيابًا مع حركاتها .

"هل أنت مجنون ؟ ألا تعرف ما حدث للشمال بسبب ذلك ؟ إذا استمر هذا، فقد يتحول حتى الناس إلى وحوش ! "

" حسنًا، لا يبدو أن هذا من شأني "

فوجئت سيرفيليا برد فعله .

لا أعتقد أنني يمكن أن أكون غير مبالية إلى هذا الحد حتى لو قتلت نملة واحدة .

" ليو ! أنت أمير هذا البلد، كيف يمكنك أن تقول شيئًا كهذا ؟ شعب الشمال سيكون شعبك قريبًا ! "

ضربت سيرفيليا ليونارد على ذقنه بغضب، فسقط قناعه على الأرض . أطلق ضحكة مكتومة.

" … الآن أنتِ تضربين أخاكِ، لقد كبرتِ حقًا."

عند رؤية وجه أخيها مرة أخرى، شعرت بالذهول و تراجعت. تحولت عيناه الخضراوان، اللتان كانتا تشبهان عيني سيرفيليا تمامًا ذات يوم، إلى اللون الأحمر تمامًا .

عندما نظرت إليها تلك العينان بثبات، شعرت سيرفيليا بقشعريرة تسري في جسدها كله.

دوى صوت "ارتطام" آخر من فوق الأرض . تنهد ليونارد تنهيدة طويلة وهو يلمس ذقنه الذي أصيب .

" لقد وضعت سحرًا قديمًا لمنع الدخول، لذا يجب أن يفهموا، لكنني لا أفهم لماذا يثيرون كل هذه الضجة "

" هل أنت من وضعت ذلك الدرع يا ليو ؟ "

"أجل، لم أكن أريد أن يدخل أي شخص آخر."

تذكرت سيرفيليا فجأة القوة الغريبة التي سحبتها إلى داخل الدرع .

" …… إذن لماذا سمحت لي بالدخول ؟ "

" لقد أتت أختي الثمينة إلى هنا، فكيف يمكنني أن أدعها تذهب هكذا ؟ يجب أن أقول مرحبًا، ولدي شيء أريد أن أتحدث معكِ بشأنه على أي حال، هيا، اقتربي."

وقفت سيرفيليا في مكانها ولم تخفف حذرها. تنهد ليونارد بخيبة أمل طفيفة من موقفها الحاد .

" هناك شيء أريد أن أخبركِ به، إنها قصة مرتبطة بكِ ارتباطًا وثيقًا، آه، وبالطبع، لا يمكننا استبعاد الدوق بيرنز "

عندما ذكر اسم لوسيان، أدركت سيرفيليا أنها لا تستطيع الاستمرار في التظاهر بالجهل .

عندما تقدمت خطوة واحدة بحذر، ابتسم ليونارد برضا و أومأ برأسه نحو حجر المانا .

" استمعي جيدًا، ألا تسمعين شيئًا ؟ "

استمعت بهدوء، و سمعت صوتًا خفيفًا يشبه الهمس . شعرت بالفضول و اقتربت أكثر، وبدا الأمر وكأنه همس منخفض لمئات الأشخاص .

فزعت سيرفيليا و تراجعت .

"ما هذا؟"

" الأرواح، على وجه التحديد، أرواح أولئك الذين ماتوا خلف الجدار، جميع أرواح أولئك الذين ماتوا خلف الجدار يتم امتصاصها في حجر المانا هذا، تلك الأرواح أصبحت غذاءً ممتازًا و أعطت حجر المانا قوة مذهلة."

عند النظر إلى حجر المانا مرة أخرى، بدا الأمر وكأنه يتموج .

" إذا كان هذا صحيحًا، فيجب أن يكون هناك الكثير من الأرواح مجتمعة هنا."

تذكرت سيرفيليا العديد من جنود الشمال الذين ماتوا في المعركة، و حراسها أيضًا .

" صحيح، الكثير من الأرواح المتراكمة على مدى مئات السنين، لكن للأسف، لم يكن هناك سوى عشرات الآلاف، ولم تكن هناك أيٌّ من المواد التي أحتاجها "

" ما هي المكونات التي تحتاجها ؟ وأين هي ؟ "

رفع ليونارد يده بهدوء و وضعها على خدها. التقت سيرفيليا بعينيه الحمراوين المتوهجتين مرة أخرى .

"هنا."

"ماذا؟"

" لو مت بهدوء كما فعلتِ من قبل، لما اضطررت إلى استخدام يدي، يؤسفني أن الأمور سارت هكذا."

نزلت يد ليونارد ببطء ثم أمسكت بعنق سيرفيليا . دفعت يده بسرعة و تراجعت .

" ليو، لا تقل لي …… ! "

في تلك اللحظة، دوى صوت "ارتطام" و اهتز البرج بأكمله بشدة . تبع ذلك هتافات و صوت خطوات جعل الأرض تهتز .

لم تستطع رؤية ما حدث، لكنها عرفت ما حدث .

" يا إلهي، لقد كسر حاجزًا مصنوع من السحر القديم ؟ إنها دائرة سحرية لم تنكسر مرة واحدة في التاريخ "

تنهد ليونارد بإعجاب كما لو كان مندهشًا .

" الدوق بيرنز ليس شخصًا عاديًا بعد كل شيء، سيأتي ضيوف غير مدعوين قريبًا، يجب أن ننهي ما نفعله بسرعة قبل ذلك."

رفع ليونارد كلتا يديه . سحبت سيرفيليا سيفها لا إراديًا من خصرها .

لم تتوقع أبدًا أن يأتي يوم تضطر فيه إلى توجيه سيفها إلى أخيها .

كانت هناك أوقات اعتقدت فيها أنه الوحيد الذي سيكون بجانبها حتى لو أدار العالم كله ظهره لها .

كانت سيرفيليا تشعر بالحزن الشديد، لكن ليونارد بدا سعيدًا .

" إذن … سأطلب تعاونكِ "

****************************

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان