هل من المفترض أن يكون اعتراف الحب حزينًا هكذا ؟
لم تفهم سيرفيليا جيدًا . لماذا بدا لوسيان حزينًا للغاية ؟
" أيها الدوق، لماذا تبكي ؟ "
" …… أنا آسف، أنا لا أستحق ذلك، وأشعر بالخجل من جرأتي على أن أحمل مشاعر تجاهكِ."
آلمها قلبها بطريقة ما لرؤية حارس جدار الشمال العظيم هذا ينظر إليها بحزن . أرادت سيرفيليا أن تهدئه بأي ثمن .
مدت يدها أولاً و مسحت الدموع التي كانت تنهمر على وجنتيه . اتكأ لوسيان بهدوء بوجهه على يدها .
" ما الحاجة إلى مؤهلات حتى يحب شخص شخصًا آخر ؟ "
" لكني ما زلت …… "
" حسنًا، لقد قررت، سأسمح لك رسميًا بأن تحبني بقدر ما تريد من الآن فصاعدًا."
ضحك لوسيان أخيرًا عند سماع كلماتها الواثقة، ثم رفع رأسه بخفة و نظر إليها مباشرة . سقطت الدموع المتجمعة مثل ندى الصباح .
بدا مترددًا للحظة ثم فتح فمه بحذر .
" هل … هل تسمحين لي بسؤالكِ ؟ ما رأيكِ بي يا أميرة ؟ "
بعد أن سمعت صدقه المؤثر، حان الوقت لتكون صادقة هي الأخرى . كان عليها أن تعترف بمشاعرها الخاصة تجاهه، والتي أدركتها أثناء وجودها بمفردها في الكهف، لكنها شعرت بالخجل لدرجة أنها لم تستطع فتح فمها بسهولة .
أدارت سيرفيليا عينيها و تأخرت للحظة، ثم أجابت بطريقة ملتوية قليلاً .
" الأمر هو أنني فكرت فيك كثيرًا بينما كنت بمفردي، حتى في اللحظات التي شعرت فيها أنني سأموت، كنت أكثر من اشتقت إليه "
تجمد وجه لوسيان الدامع كما لو كان مصدومًا .
شعرت سيرفيليا بخجل غير ضروري و ارتفع الدم إلى وجهها . كانت على وشك إبعاد يدها عن وجنتيه، لكنه أمسك بها بسرعة مرة أخرى .
أمسك بيد سيرفيليا بإحكام تحت يده الخشنة و سأل بجدية .
"هل يمكنكِ تكرار تلك الكلمات مرة أخرى من فضلك؟"
" …… اشتقت إليك حقًا، أيها الدوق."
أجابت سيرفيليا ببطء و ابتسمت بخجل .
استمع لوسيان بتركيز كما لو كان يحاول ألا يفوت أي اهتزاز في الصوت، ثم أطلق تنهيدة مكتومة و غطى وجهه بيديه .
" لماذا أنت متفاجئ هكذا ؟ لقد قلت لك كلمات أكثر من هذا من قبل "
حتى أنها قدمت له عرض زواج، فهل كان من المفترض أن يكون متأثرًا هكذا بكلمة "اشتقت إليك" فقط ؟
"على عكس ذلك الوقت، يبدو أنكِ صادقة هذه المرة."
لقد كان هذا هو التعبير الأكثر إشراقًا الذي رأيته على وجه لوسيان. لقد أعطى هذا المظهر شعورًا نقيًا، تمامًا مثل الصبي الذي يقع في الحب لأول مرة.
' يا إلهي، إذا سمع أنني أحبه، فسيغمى عليه '
في الواقع، لم تكن سيرفيليا تنوي الاعتراف بكل مشاعرها هنا و الآن . كان السبب بسيطًا، كان اعترافها الأول ( إذا كان يمكن تسميته اعترافًا ) فوضويًا للغاية، ولم تكن تريد أن يكون الثاني هكذا أيضًا .
' على الأقل يجب أن أتزين قليلاً، وأُعد بعض الزهور، وإذا أمكن، يجب أن أعترف بينما نقرع كؤوس النبيذ '
علاوة على ذلك، ألم يكن لدى لوسيان المزيد ليقوله لها ؟
لا تزال هناك أجزاء لا يمكن تفسيرها باعترافه الحالي وحده .
نظرت إليه سيرفيليا، لكنه لم يبدُ وكأنه سيقول المزيد، لكنها لم تكن محبطة .
' حسنًا، ربما لديه قصة لا يستطيع قولها في الوقت الحالي، الوضع ليس مناسبًا الآن، والمكان على الطريق أيضًا … '
إذا اعترفت سيرفيليا بمشاعرها بصدق، ألن يشرح لوسيان لها كل شيء ؟ نعم، ستكون هناك فرصة بالتأكيد .
تخيلت سيرفيليا مشهدًا رومانسيًا في ذهنها و صعدت على الفور إلى سرج الحصان .
ركب الاثنان معًا على طول النهر الواسع . اصطدمت المياه الهائجة بالصخور و تحطمت، و داعب نسيم النهر الرطب آذانهما .
" مهلاً "
كم من الوقت مر بعد عبور الجبال و المنحدرات ؟
أوقف لوسيان حصانه ببطء . لم يكن هناك حاجة لشرح السبب .
كانت هناك نار مطفأة في عدة أماكن، و شوهدت بعض الأمتعة المتروكة . علاوة على ذلك، كانت هناك حفرة عميقة، وكان من الواضح أنها كانت موقعًا لمعسكر .
" هذا … أثر معسكر."
وعرفت سيرفيليا أن الفريق المجنون الوحيد الذي يعسكر خلف الجدار كان فريقًا واحدًا فقط في التاريخ .
" يبدو أنه لم يمر وقت طويل منذ أن غادروا فريق الاستكشاف "
تنهدت سيرفيليا بارتياح . إذا استمروا هكذا، فسيتمكنون من الانضمام إلى فريق الاستكشاف .
شعرت وكأن التوتر في جسدها كله يذوب عند التفكير في أن الهدف كان قريبًا .
نزل الاثنان من حصانيهما وفحصا المنطقة المحيطة بهما . جمعا الأشياء المفيدة من الأمتعة المتروكة و تحققا مرة أخرى من الاتجاه الذي يجب أن يسلكاه .
" يا أميرة "
ركض لوسيان، الذي ذهب للتحقق من الجانب الآخر، بابتسامة سعيدة .
" يوجد بحيرة صغيرة في الداخل، ويبدو أنهم قاموا بتطهيرها "
" حقًا ؟ إذن هل يمكننا الاغتسال ؟ "
صرخت سيرفيليا بصوت مليء بالأمل . فقد استطاعت أن تتخيل مدى فظاعة مظهرها الحالي حتى بدون مرآة .
تبعت سيرفيليا لوسيان بحماس على الفور . لم يكن ينبوعًا حارًا دافئًا كما كان من قبل، لكنه كان لا يزال بحيرة صافية .
أخذ لوسيان بعض الماء من البحيرة و فحصه من جميع الزوايا، و شرب منه قليلاً أيضًا، ثم دخل البحيرة بنفسه و تحقق منها، ثم أومأ برأسه .
" المكان آمن "
اغتسلت سيرفيليا أولاً بشكل نظيف ثم ارتدت الملابس الجديدة التي أحضرها لوسيان. شعرت بالانتعاش من رأسها إلى أخمص قدميها وكانت سعيدة للغاية لدرجة أنها شعرت وكأنها تطير.
" تفضلي هذا أيضًا."
أخرج لوسيان، حذاءً جديدًا و قدمه لها. كان حذائها الأصلي قد اهترأ بالفعل . سألت سيرفيليا بنظرة مندهشة .
"متى أخذت كل هذا معك؟"
"لقد أخذت كل ما رأيته تقريبًا."
خدش لوسيان مؤخرة رأسه بخجل و أشار إلى حقيبته الضخمة و الثقيلة. حتى من ذلك وحده، بدا تصميمه على العثور عليها واضحًا .
" لو رآك أحد، لظن أنك تحمل شخصًا ما "
أطلقت سيرفيليا نكتة غير ضرورية، لكن في الواقع، كانت ممتنة بقدر الثقل الذي حمله طوال الوقت .
" إذن سأذهب للاغتسال "
" حسنًا، سأختلس النظر إليك من وقت لآخر، لذا اغتسل براحة."
" يا أميرة ! "
ضحكت سيرفيليا على احتجاج لوسيان و غادرت . ابتعدت عن ضفة البحيرة و جلست على الأرض تحت شجرة ضخمة، ثم أخرجت جزرة و وضعتها على يدها .
راقبت سيرفيليا عيني جزرة الخضراوين بهدوء . بشكل غريب، لم يظهر أي من اللون الأحمر المعتاد للوحوش العادية .
فجأة، تذكرت نظرة لوسيان المشبوهة إلى جزرة .
" صحيح، كيف تبدو بخير في هذه الأرض الملوثة ؟ "
بدلاً من الإجابة، فتحت جزرة فمها و عضت إصبع سيرفيليا . بالطبع، لم تؤلمها على الإطلاق .
على أي حال، لقد مرت مئات السنين منذ أن أصبحت قارة الشمال منطقة ملوثة، لذا ربما طورت الكائنات الحية طرقها الخاصة للبقاء على قيد الحياة في هذه الأرض الملوثة .
توصلت إلى هذا الاستنتاج بمفردها وكانت تقضي الوقت في قطف العشب بجانبها .
فجأة، سمعت ضوضاء غريبة من الجانب الآخر .
قفزت سيرفيليا من مكانها و سحبت سيفها. وكما هو متوقع، رأت وحشًا يقترب من مكان ليس بعيدًا .
نظرت خلسة و رأت أن لوسيان لا يزال يغتسل على ما يبدو .
لم ترد أن تطلب المساعدة، وفي الواقع، على عكس النكتة التي ألقتها للتو، لم تكن تريد التجسس عليه وهو يستحم .
تذكرت مشهد استحمامه الذي رأته في المرة الأخيرة و شعرت بالخجل .
' حسنًا، أعتقد أنني أستطيع التعامل مع هذا بمفردي '
وهكذا، قررت سيرفيليا و ركضت نحو الوحش على الفور .
لكن ……
" …… همم ؟ "
توقف الوحش في مكانه كما لو أنه تجمد . ليس هذا فحسب، بل كان يرتجف كما لو كان خائفًا .
عندما اقتربت سيرفيليا خطوة أخرى، فزع الوحش و هرب إلى الجانب الآخر .
" هرب …… ؟ "
أين يوجد في العالم حيوان مفترس يهرب بعد العثور على فريسة ؟ لا، بل إن سيرفيليا عانت طوال الوقت لأن الوحوش كانت تطاردها فقط كما لو كانت تستهدفها تحديدًا .
توقفت في مكانها، ناسية حتى أن تخفض سيفها، بسبب الظاهرة غير المفهومة .
في ذلك الوقت، شعرت بجزرة تنزل من فوق رأسها و تجلس على كتفها. بدت جزرة فخورة جدًا بنفسها لدرجة أنها رفعت رأسها نحو السماء و فتحت فمها على اتساعه .
" …… هل هذا حقًا بسببك يا جزرة ؟ "
بدلاً من الإجابة، داعبت جزرة عنقها بذيلها الطويل .
في المرة الأخيرة، قالت أن هذا المخلوق هو تميمة حظها أو ما شابه، لكنها لم تكن جادة، لكن الآن، بدا الأمر وكأن هناك شيئًا مريبًا حقًا .
" ماذا تكونين حقًا ؟ "
لكن جزرة نظرت إلى سيرفيليا بنظرة بريئة . لا يمكن لسحلية أن تجيب بكلام البشر، لذلك اكتفت بهز كتفيها .
" حسنًا، مهما كان الأمر، فهو جيد "
إذا كانت جزرة حقًا لديها القدرة على طرد الوحوش، فستكون ممتنة . ربتت سيرفيليا على رأس جزرة ثم عادت إلى مكانها .
صعد الاثنان على حصانيهما مرة أخرى بعد أن اغتسلا و استراحا تمامًا. بفضل الآثار التي تركها فريق الاستكشاف في كل مكان، تمكنا من اتباعه بشكل صحيح دون أن نضيع .
"يبدو أنهم تركوها عمدًا، أليس كذلك؟"
عثرت سيرفيليا على اسم ماكروم في صندوق مهجور و شعرت بسعادة غامرة .
بعد السير قليلاً، وجدوا خيمة كاملة متروكة هذه المرة . وبما أن المطر كان يهطل، فقد قرروا قضاء الليلة في تلك الخيمة .
لم يكونوا سعداء فقط بحظهم في العثور على مأوى من المطر، بل كانوا ممتنين للغاية للإشارة التي مفادها أن فريق الاستكشاف كان ينتظر عودتهم .
حتى أن داخل الخيمة كان مطهرًا تمامًا، لذلك تمكن الاثنان من الحصول على قسط كامل من الراحة للمرة الأولى منذ وقت طويل .
أخذت سيرفيليا نفسًا عميقًا و منعشًا و تجولت في الخيمة .
" …… لكن ألم يعتقدوا أن شخصين سيعودان ؟ "
لم يكن في الخيمة سوى موقد قديم و سرير بسيط .
" يمكنني النوم في كيس النوم، لذا سرير واحد يكفي."
ربط لوسيان حصانه في أحد الجوانب و أفرغ حقائبه استعدادًا لقضاء الليلة .
ازداد صوت المطر بالخارج تدريجيًا . همهمت سيرفيليا أغنية بصوت منخفض على صوت المطر وهي تجلس على السرير .
" يا له من شعور رائع "
لم تستطع أن تتذكر متى شعرت بهذا النعيم آخر مرة. كانت تنام القرفصاء في كهف أو تحت شجرة طوال الوقت، لذا كان هذا السرير البسيط جنة على الأرض بكل معنى الكلمة .
من ناحية أخرى، لم يبدو لوسيان سعيدًا جدًا. كان المطر يهطل بغزارة، لذلك كان الحطب مبللاً تمامًا ولم يتمكن من إشعال النار .
قطع الأجزاء المبللة من الحطب بخنجره و ألقى بها في الموقد، لكن الحطب الذي كان مليئًا بالرطوبة لم يُظهر أي علامات على الاشتعال .
تلك الشعلة الصغيرة التي أشعلها لوسيان بعد وقت طويل تذبذبت بشكل خطير ثم انطفأت تاركة وراءها دخانًا كثيفًا فقط .
في النهاية، اكتفى لوسيان بتغطية سيرفيليا بعدة بطانيات بعناية، ثم فرد كيس النوم الخاص به على الأرض الرطبة .
استلقت سيرفيليا على السرير على جانبها و نظرت إليه بهدوء .
" يا أميرة، سننطلق مبكرًا غدًا، لذا عليكِ أن تنامي مبكرًا."
" أجل."
كانت سيرفيليا تستمع بهدوء إلى صوت المطر في الظلام . بدا الأمر وكأن المطر سيهطل طوال الليل، وكانت قلقة بشأن ذلك .
" أيها الدوق "
" نعم، يا أميرة "
فتح لوسيان عينيه و أدار رأسه نحوها . سألت سيرفيليا بصوت هادئ .
" أليست الأرضية الترابية صلبة جدًا ؟ تبدو مليئة بالصخور."
" آه، لا بأس، هذا لا شيء."
أجاب لوسيان بهدوء، لكن سيرفيليا لم تستسلم وسألت مرة أخرى .
" لكن، لا يزال الجو رطبًا ويبدو أن البرد يتصاعد."
هذه المرة لم تسمع إجابة . بدلاً من ذلك، حدق فيها كما لو كان يحاول فهم ما تقصده .
لم تخفي سيرفيليا أفكارها و سألت مباشرة .
" لماذا لا تصعد إلى هنا ؟ "
****************************
الفصل : ١١١
كان المطر يهطل بغزارة متزايدة .
نظرت سيرفيليا إلى مياه الأمطار المتجمعة وهي تتسرب إلى داخل الخيمة .
كانت تلك المياه تشق طريقها ببطء نحو لوسيان . إذا نام هكذا، فربما يستيقظ لوسيان غدًا وهو غارق في مياه موحلة طوال الليل .
نظرت سيرفيليا إلى لوسيان المرتبك و قالت مرة أخرى .
" المطر يتسرب و الجو بارد، و البرد يتصاعد من الأرض، لذا أقترح عليك أن تنام هنا."
زحفت سيرفيليا ببطء و أفسحت مكانًا ثم ربّتت على السرير الفارغ . حتى أنها أخذت إحدى البطانيات التي كانت تغطيها و قدمتها له.
" أنا بخير، ستكونين أنتِ غير مرتاحة يا أميرة "
"أنا حقًا بخير، هناك مساحة كبيرة هنا، لا بأس "
بالطبع، كان السرير بسيطًا لشخص واحد ولم يكن واسعًا على الإطلاق، و إذا استلقى الاثنان عليه، فسيتعين عليهما النوم بجانب بعضهما البعض .
علاوة على ذلك، كان لوسيان أطول و أكبر من معظم الناس، لذا سيكون أكثر إزعاجًا إذا ضغط نفسه على هذا السرير البسيط الضيق .
لم تكن سيرفيليا غافلة عن ذلك، لكنها استعجلته مرة أخرى لأنه كان من الأفضل أن ينام على السرير بدلاً من أن يبلله المطر و يصاب بالبرد .
" بسرعة."
أدار لوسيان رأسه تمامًا، و تجنب نظراتها. تساءلت فجأة عن التعبير الذي كان على وجهه المخفي .
" لا بأس حقًا، لا تقلقي بشأني …. "
" أنا قلقة، قلقة للغاية و قلقة لدرجة أنني لن أستطيع النوم."
" لكن كيف يمكنني …… "
" أيها الدوق، هل تخاف أن أفعل شيئًا ؟ لا تقلق، لن ألمس شعرة واحدة من رأسك "
سمعت سيرفيليا صوت لوسيان يكتم ضحكته . لم تكن تمزح، بل كانت جادة … أضافت سيرفيليا كلمة أخرى .
" أنا جادة."
عندها نهض لوسيان أخيرًا من مكانه و طوى كيس النوم و رتبه بعناية . تسرب الماء من كيس النوم المطوي. لم تستطع تركه ينام على الأرض الرطبة هكذا بعد كل شيء .
" حسنًا."
لكنه قال ذلك فقط، ولا يزال يبدو وكأنه مترددًا بشأن الموقد المنطفئ، فأضاف بعض الأغصان الأخرى .
بالطبع، لم يكن للأغصان الرطبة أي فائدة كبيرة .
فتح حقيبته التي كانت مرتبة بالفعل مرة أخرى هذه المرة، و أخرج رأسه بلا داعي من الخيمة الممطرة، وهو يضيع الوقت .
راقبت سيرفيليا المشهد بهدوء بصبر .
عندما لم يعد لديه ما يفعله، جلس لوسيان أخيرًا على حافة السرير بشكل محرج .
ساد صمت محرج .
كان صوت صرير السرير مسموعًا حتى مع أدنى حركة، لذا كانت كل حركة حذرة . ملأ صوت اهتزاز الخيمة في مهب الريح و صوت قطرات المطر المتساقطة، الخيمة بدلاً من الصمت .
شعرت سيرفيليا بالحرج قليلاً عندما اقترب منها حقًا، على الرغم من أنها طلبت منه الصعود إلى السرير بسبب قلقها . استدارت سيرفيليا و أعطته ظهرها .
" إذن … ليلة سعيدة."
شعرت بلوسيان يستند ببطء على السرير . استلقى الاثنان جنبًا إلى جنب على السرير البسيط الضيق .
أغمضت سيرفيليا عينيها بإحكام و حاولت النوم . فكرت في الأغنام في مرعى الأغنام و عدّت الأرقام واحدًا تلو الآخر، لكن عقلها استمر في الوضوح أكثر فأكثر، ولم تستطع النوم ولو قليلاً .
يبدو أن صوت المطر كان صاخبًا للغاية .
" يبدو أن المطر يهطل بغزارة، أليس كذلك ؟ كنا سنكون في ورطة كبيرة لو لم تكن هذه الخيمة موجودة."
قالت ذلك و أدارت رأسها بخفة. كان لوسيان ينظر إليها بنظرة ساخنة . بمجرد أن تلاقت أعينهما، أدارت سيرفيليا رأسها فجأة دون أن تدرك ذلك .
' أعتقدت أنه يدير ظهره '
أصبح وجهها ساخنًا . شعرت بالحرارة كما لو كانت في غرفة بها مدفأة مشتعلة .
" الجو حار بعض الشيء "
لم يجب لوسيان، لكنها استطاعت أن تشعر بنظراته المستمرة عليها .
كانت سيرفيليا قلقة بشأن ما إذا كان صوت نبضات قلبها مرتفعًا جدًا . لم يكن لديها خيار سوى أن تأمل أن يخفي صوت المطر الغزير نبضات قلبها السريعة .
وضع لوسيان يده ببطء على كتفها . عندما وصل أنفاسه المرتعشة إلى رقبتها، انتشر التوتر في جسدها كله و تجمدت .
" آه، لقد قلت لا للمس "
" … هذا ما قلته أنتِ يا أميرة، وليس ما قلته أنا."
كان ذلك صحيحًا . فهمت سيرفيليا على الفور و أومأت برأسها . سمعت ضحكة خافتة من لوسيان من الخلف .
" لا تقلقي، لست شخصًا وقحًا، لكن …… "
أصبح لوسيان أكثر جرأة قليلاً هذه المرة، و عانقها . حبست سيرفيليا أنفاسها .
وصل صوت همسه إلى أذنها .
" أنا أفعل هذا فقط لأنكِ قد تشعرين بالبرد، البقاء قريبين هكذا جيد للحفاظ على درجة حرارة الجسم."
بالتأكيد، كان جسده دافئًا مثل مدفأة كبيرة . مد لوسيان يده و أمسك بيدها الشاحبة بإحكام .
' لماذا أشعر بالتوتر هكذا بشأن شيء بسيط كهذا ؟ '
في الواقع، قضى الاثنان بالفعل العديد من الليالي الطويلة معًا . وبالطبع، لم يحدث شيء .
علاوة على ذلك، قضت سيرفيليا العديد من الليالي خلال الرحلة وهي تنام جنبًا إلى جنب مع فرسان الشمال الذكور .
لذا، لم يكن النوم بجانب رجل أمرًا كبيرًا بالنسبة لسيرفيليا .
على الأقل هذا ما كانت تعتقده حتى الآن .
" أنا بخير …… "
أصبحت مرتبكة لأن عقلها و قلبها لم يتفقا .
كانت على وشك أن تمزح و تغازله كما فعلت من قبل لتخفيف هذا الجو المحرج، لكنها لم تستطع فتح فمها على الإطلاق .
بدلاً من ذلك، استدارت سيرفيليا نحو لوسيان. كانت قريبة لدرجة أن شعرها كاد يلامس ذقنه.
تظاهرت بأنها غير مبالية و غطته ببطانيتها . بدا أنه لم يمانع في أن يكون تحت نفس الغطاء معها، ولم يرفض .
بعد ذلك، استندت بجبهتها على صدر لوسيان. شعرت بوضوح بصدره يرتفع و يهبط .
كان لوسيان متوترًا مثلها . لم تكره سيرفيليا ذلك، لذا قررت أن تكون أكثر جرأة .
مدت يدها و عانقت خصره. شعرت به ينتفض و سمعت صوت ابتلاعه ريقه .
صعدت يده على عمودها الفقري و استقرت على مؤخرة عنقها . كانت يده دافئة . داعب بأطراف أصابعه الخشنة شعرها المتطاير بلطف .
شعرت سيرفيليا بإحساس بالوخز ينتشر في أصابع قدميها .
" أيها الدوق، لحظة من فضلك …… "
" هل تكرهين ذلك ؟ "
" لا، ليس الأمر أنني أكرهه."
" إذن لا بأس "
كان صوته أقرب إلى الهمس، وكان أنفاسه التي لامستها مثل لمسة يد دافئة . نظر إليها بعينين زرقاوين قويتين طاغيتين على كل شيء .
لم تستطع سيرفيليا التحرك، كما لو كانت قد سقطت في بحيرة متجمدة .
لم تستطع الهروب من هذه اللحظة . لا، بل كانت تتساءل عما إذا كانت ترغب في ذلك .
داعبت يد لوسيان الخشنة أذنها بلطف . على الرغم من اللمسة الخفيفة، بدا الأمر في أذنيها وكأنه رعد .
ارتجفت رموشه ثم اقترب وجهه ببطء . ملأت عيناه الزرقاوان رؤيتها بالكامل .
في تلك اللحظة، عندما شعرت بصعوبة في التنفس و نسي قلبها أن ينبض، تداخلت شفتي لوسيان بلطف مع شفتيها .
ضغطت شفتاه الخشنتان و الجافتان على شفتيها، ثم غزا شيء ما فمها دون تردد .
مر أنفاس ساخنة بين شفتيها المفتوحتين .
شعرت سيرفيليا بإحساس مذهل يدغدغ سقف حلقها، فأمسكت بكتفه بإحكام .
عندها أطلق لوسيان تأوهًا مرتعشًا . تحرك تفاحة آدم الخاصة به بشكل كبير ثم قبلها بشدة كما لو كان سيبتلعها .
بدا صوت المطر الذي يضرب الخيمة وكأنه صوت أجراس .
بينما انفصلت شفتاهما قليلاً، همس لوسيان كما لو كان يحلم .
" هذه المرة … لا يمكنكِ أن تقولي أنك لا تتذكرين "
لم تعرف سيرفيليا ما الذي كان يقصده لوسيان .
" ماذا …… ؟ "
في تلك اللحظة، مرت ذكرى مذهلة مثل البرق عبر ذهنها . كانت ذكرى ذلك اليوم عندما كانت مخمورة و قبلت لوسيان.
" آآآه ! "
صرخت سيرفيليا و اختبأت تحت البطانية . ضحك لوسيان بسعادة و ربت على ظهرها .
لم تستطع سيرفيليا رفع رأسها من الإحراج .
في ذلك الوقت، لم تكن تدرك حتى أنها تحب لوسيان، فما الذي كانت تفكر فيه عندما فعلت ذلك ؟
" ماذا ؟ لا أتذكر أي شيء على الإطلاق، أنا … أنا … سأنام الآن، لذا لا تلمسني."
" …… هل ستنامين هكذا؟"
"أجل."
تكوّرت سيرفيليا و انكمشت في حضن لوسيان . شعرت بيده تربت على ظهرها برفق، فاستسلمت للنوم قسرًا .
لم يكن لديها أي فكرة أن لوسيان ظل مستيقظًا طوال الليل .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
في اليوم التالي .
عندما فتحت سيرفيليا عينيها، كان لوسيان قد نهض بالفعل وكان يستعد للمغادرة .
"هل استيقظتِ؟"
حيّاها لوسيان بينما كانت تجلس على السرير، لكن بدا أنه يتجنب النظر إليها بطريقة غريبة .
" آه …… أجل "
خدشت سيرفيليا مؤخرة عنقها . عندما غادر لوسيان، لم تستطع منع نفسها من تمرير إبهامها ببطء على شفتيها، ثم أخفت يدها خلف ظهرها بتفاجؤ .
كانت بحاجة إلى الخروج و مساعدة لوسيان في الاستعداد للمغادرة، لكنها شعرت بالحرج الشديد من مواجهة وجهه .
ترددت لفترة طويلة ثم أخرجت رأسها أخيرًا من الخيمة .
لحسن الحظ، توقف المطر الذي كان يهطل بغزارة في الليلة السابقة، وكان الجو مشمسًا و صافيًا .
كان لوسيان يعمل بلا توقف كما لو كان مشغولاً للغاية، لكن عند التدقيق، كان يعيد ربط الأمتعة المربوطة بالفعل بإحكام عدة مرات، وكان يمشط عرف حصانه الذي كان مرتبًا بالفعل عدة مرات .
ضحكت سيرفيليا بخفة . لم يذكر أي منهما أي شيء عن الليلة السابقة، لكن كان من الواضح أنهما كانا متوترين بشأن ذلك .
" لم يتبقى الكثير حتى نصل إلى وجهتنا، لذا من الأفضل أن نذهب بسرعة دون توقف."
تحدث لوسيان أخيرًا، وهو ينظر بعيدًا مرة أخرى . أومأت سيرفيليا برأسها بخفة .
مد لوسيان يده إليها ليشير إليها بالنهوض . أمسكت سيرفيليا بيده بشكل طبيعي، ثم صرخت من المفاجأة من الإحساس المذهل و سحبت يدها، لكنها سرعان ما ندمت على فعلتها .
' يا إلهي، لماذا أبالغ في رد فعلي بشأن الإمساك باليد ؟ هذا يجعل الجو أكثر إحراجًا '
أدار لوسيان رأسه و سعل بخجل . لم تستطع سيرفيليا تحمل هذا الإحراج أكثر من ذلك، فاندفعت خارج الخيمة كما لو كانت تهرب .
بعد ذلك بوقت قصير، عندما ركبوا الخيل معًا، حاولت جاهدة ألا تفكر في الأمر وأن تتجاهله .
وهكذا، ركض الاثنان على الحصان دون توقف . تناولوا وجبة سريعة، ولم يتوقفوا إلا لإعطاء الماء للحصان .
وأخيرًا، أوقف لوسيان حصانه ببطء، ثم نظر بالتناوب إلى الخريطة وإلى ما وراءها و أومأ برأسه .
" أعتقد أننا سنراه وراء تلك التلة "
عند سماع تلك الكلمات، اندفعت سيرفيليا نحو التلة مباشرة، متجاهلة الصوت القلق الذي سمعته من الخلف .
وقفت على قمة التلة وهي تلهث، ثم عبست وهي تنظر إلى المشهد الذي أمامها .
مدينة قديمة لم تمسها يد الإنسان لفترة طويلة، تحتفظ بمجدها القديم، مدينة كانت ذات يوم رائعة، امتدت بلا نهاية .
" انتظر، هذا …… "
وراء تلك المدينة المدمرة، ظهر برج ضخم معلق على حافة الجرف .
كان البرج الرمادي أسود اللون في كل مكان كما لو كان متعفنًا، وبدا وكأنه مخنوقًا بفروع الأشجار الجافة التي كانت تتسلق جدرانه الحجرية .
أعطى البرج شعورًا مشؤومًا كما لو كان على وشك الانتحار من الهاوية . على الرغم من أنه كان لا يزال بعيدًا، إلا أنها شعرت بالفعل ببرودة تزحف عليها .
" أميرة "
مد لوسيان، الذي اقترب، يده و أمسك بكتفها بإحكام. نظرت إليه سيرفيليا و أومأت برأسها .
لم يكن بحاجة إلى قول أي شيء، فقد عرفت ما هو هذا البرج .
أخيرًا، وصلوا إلى المكان الذي يحمل كل الأسرار، برج الشمال السحري .
****************************